المؤتمر العالمي الثاني عشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي بمدينة مراكش

0

motamar c4cdc

انعقد “الشباب في عالم متغير”، بمدينة مراكش أيام 8 – 9 -10 ربيع الثاني 1436 موافق 29 – 30 – 31 يناير 2015 وقد قدمت خلاله نخبة من الباحثين الكثير من الرؤى والأفكار التي من شأنها النهوض بالعمل الشبابي في العالم الإسلامي من خلال جلسات علمية مفتوحةناقشت 42 بحثاً و5 ندواتٍ علمية وبرامج أخرى شملت محاضرات ولقاءات شبابية.

كما شهد المؤتمر تنظيم خمس ندوات متخصصة، همت دور العلماء والمفكرين في ترشيد الحراك الشبابي، والانتماء الوطني لدى الشباب، والعلاقة بين العلماء والشباب، وملامح مستقبلية لدور الشباب، إضافة إلى عرض تجارب شبابية في صياغة المستقبل، واختتم المؤتمر بسمر ليلي قدمت فيه منوعات فنية ومسابقات ثقافية بشكل جميل وجذاب.

ودارت توصياته على ثلاثة أفكار رئيسة، هي كيفية التعامل مع الهجوم على الإسلام وبناء جسور الحوار مع الغرب، وسد الفجوة الكبيرة بين الشباب والعلماء والمفكرين، وتأهيل الشباب في كافة المجالات من أجل ممارسة دوره في بناء نهضة بلاده، دون نسيان أهم قضية تشغل بال المسلمين جميعاً، وهي قضية فلسطين الخاضعة للاحتلال الصهيوني الغاشم.

توصيات عامة

عبر التوصيات التي تليت خلال الجلسة الختامية للمؤتمر العالمي 12 للندوة العالمية للشباب الإسلامي عن قلق المشاركين واستنكارهم للممارسات غير المسؤولة التي تهاجم ثوابت الأمة الإسلامية، ومنها التطاول على مقام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والنيل من مقام الصحابة الكرام عبر التصريحات وسائل الإعلام، والهجوم على الإسلام عامة، وأعلن المؤتمرون عن أسفهم لما يجري من أحداث جسام واحتراب داخلي في كثير من بلدان العالم الإسلامي، مطالبين الساسة والعلماء والمصلحين بتقديم المبادرات العاجلة لتعزيز جهود المصالحة الوطنية في تلك الدول.

كما عبر المشاركون بقلق بالغ الأوضاع المأساوية في فلسطين، ولاسيما المخططات الصهيونية لتهويد القدس الشريف وتكريس حالة الحصار والاحتقار والتجويع للشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه.

توصيات في التغيير الاقتصادي

دعت توصيات الندوة العالمية للشباب الإسلامي إلى الاستثمار الأمثل لقدرات الشباب ومواهبهم، وتشجيع مبادراتهم؛ من أجل السير بخطوات ثابتة نحو نهضة اقتصادية شاملة، مؤكدة على ضرورة أن تتصدى الدول الإسلامية لقضية البطالة والفقر بين الشباب؛ بالتوسع في الأنشطة الاقتصادية التي توفر العمل وتعزيز دور مؤسسات التدريب المهني؛ لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل؛ انطلاقاً من الرؤية الاقتصادية في الإسلام.

وشددت التوصيات في موضوع “الشباب والمتغيرات الاقتصادية” على وضع تصورات منهجية لإدارة الأوقاف لتحقيق الاستفادة المثلى في الأعمال الخيرية، وأكدت العمل على تدريب الشباب وتأهيلهم للدخول في سوق العمل، وتحويلهم من مجرد متلقين للمساعدة إلى ساعين إلى الرزق، كما دعت رجال الأعمال والأثرياء إلى تحمل مسؤولياتهم في تنمية مجتمعاتهم بتشغيل رؤوس الأموال في بلدانهم بدلاً من توظيفها في الخارج.

توصيات التغيير المجتمعي

وفي موضوع “الشباب والتغيير”، دعت التوصيات إلى ضرورة أن تستمد معالم التغيير وضوابطه تعاليم الدين السمحة، وأن تهدف إلى الانتقال بالأمة والمجتمع إلى وضع أفضل في حالات الحياة جميعها، بمنهجية علمية، تقدِّر الطبيعة البشرية للإنسان، وتقوم على التدرج والسلمية بصفتها قيماً حضارية يجب الاعتزاز بها، والثبات عليها.

وأكدت التوصيات أن يشارك الشباب مشاركة فاعلة في التغيير، بأن يغيروا ما بأنفسهم أولاً، متسلحين بعد الإيمان بالله تعالى بالعلم، والقيم والمهارات، التي يتطلبها التغيير العملي والمتغيرات العالمية، ونبهت التوصيات إلى أهمية دور المؤسسات الإعلامية في توضيح سماحة الدين الإسلامي للشباب.

توصيات الشباب والمستقبل

وفي موضوع “الشباب.. آفاق مستقبلية”، دعت الندوة إلى تعزيز التعاون الدولي، وتنمية العلاقات والارتباطات بين المؤسسات التعليمية المختلفة في العالم الإسلامي ومثيلاتها في الدول المتقدمة،وإعطاء الصلاحيات الكاملة للجامعات لتفعيل اتفاقيات التعاون العلمي بين الجامعات الإسلامية والجامعات العالمية، وضرورة تضافر جهود أعضاء لجنتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، كما دعت إلى الاهتمام بالعمل الموجه للمرأة عموماً والشابات خصوصاً في مجال المنح الدراسية، والبرامج التنموية والتأهيلية.

وفي مجال الشباب والمتغيرات الثقافية والاجتماعية، دعت الندوة إلى اعتماد الوسائل التربوية الصحيحة في التعامل مع الشباب، وفتح قنوات للحوار معهم ومناقشة مشكلاتهم، كما طالبت الجامعات لتبني مقررات دراسية تتضمن تعزيز مفاهيم أساسية مثل الإيمان بالله، وحرية التعبير عن الرأي، والانتماء، والحوار، وتأسيس هيئات علمية عليا تجمع العلماء وأهل التربية والخبرة للإشراف على خطط التعليم في المدارس والجامعات.

ميثاق شرف العلماء

دعا المفكر المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد إلى وضع ميثاق شرف للعلماء المسلمين، يحدد علاقتهم بالحكام والشعوب، وعلاقتهم بالسياسة والإعلام ومختلف المجالات.

وأكد المقرئ في ندوة بعنوان “الشباب والعلماء.. تجاذب في العلاقة” أن هذا الميثاق سوف يشكل جواباً على الانتقادات الموجهة للعلماء بكونهم ينخرطون في العمل السياسي، أو العمل على التبرير للحكام أو أنهم تابعون للحكام.

وأشار إلى أن هناك أزمة قدوة لدى الشباب المسلم، والذي أصبح مستهدفاً بالغزو الفكري وبالغزو الإلكتروني وبالمخدرات وبالتجسس، والاختراق الأمني الذي يحول الشاب إلى مشروع تفجير بدلاً من مشروع تطوير.

وأكد أن مثل هذا الميثاق أبان عن جدواه مثل ما حصل في أوروبا؛ حيث وقّعت أكثر من 400 منظمة إسلامية في بروكسل على ميثاق، يحدد قواعد مشتركة لسلوك المسلمين في أوروبا، خلال يناير 2008م، ونص الميثاق على ضرورة مشاركة المسلمين في بناء المجتمع الأوروبي الديمقراطي، كذلك نصت على التفاهم المتبادل والحوار التفاعلي بين الثقافات، واستنكر التطرف والإرهاب.

وأكد المقرئ أن الشباب يعانون من أزمات عدة، أولها أنهم يعانون تناقصاً وتناقضاً، كما يعانون من علماء لا يصنعون لهم القدوة التي إليها يتطلعون فضلاً عن أنهم لا يرون في كثير من العلماء مرجعية تملأ العين، مبيناً أن هناك أسباباً عدة أوجدت الفجوة بين الشباب والعلماء، منها عدم إقامة حلقات درس والاكتفاء بالمحاضرات، وعدم خفض الجناح من قبل العلماء، وعدم العمل على إيجاد الخلف.

سنن التغيير

تحدث د. عصام البشير، رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالسودان، عن الشباب ومتغيرات العصر، وبين أن هناك ثلاثة أمور نرشد الشباب في ضوئها؛ وهي العلم والتربية والبصر بالواقع، وأن التغيير سُنة كونية وسُنة في الخلق، ويتميز عصرنا بأنه عصر ثورات الاتصال والتكنولوجيا والجينات والإعلام الذي غير عادات الناس وسلوكياتهم وأذواقهم وأفكارهم، ومسلسل واحد يشاهده الملايين يستطيع أن يبلغ من التأثير ما لم تبلغه ملايين الخطب للعلماء والدعاة.

ومن خصائص هذا العصر، يقول البشير: إنه عصر التكتلات والأحلاف، فلم يعد بعد هناك مجالاً للفردية والدكتاتورية.

مناهج التغيير

من جانبه، أكد الشيخ الموريتاني محمد بن الحسن الددو في محاضرة حول “مفهوم التغيير في الإسلام ضوابطه وآلياته” أن الإنسان يتغير وينتفع بالمتغيرات من حوله، وأنه ليس من الطبيعي أن يأتي الإنسان للحياة ثم يذهب عنها دون أن يترك فيها أثراً، فلابد لكل إنسان أن يترك بصمته في الحياة.

وأضاف الشيخ أن التغيير سُنة كونية، منها الإيجابي ومنها السلبي، وعلى الإنسان أن يسعى لتغيير نفسه نحو الأفضل، وأن يعمل على تكميل نفسه علماً وعملاً وخلقاً وإيماناً وسلوكاً ودعوة وإصلاحاً، وكما يكون التغيير في الأشخاص فإنه يكون في المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان؛ فيسعى لتغييره نحو الأفضل في أمنه وسلمه وهدايته وإصلاحه.

وشدد على أن ضوابط التغيير الإيجابي تكمن في عدم مناقضة السنن الكونية، فمن يريد العمل ضد السنن الكونية لا يمكنه التغيير، وأن يكون التغيير بالأيسر والأخف، فمن يميل للعنف في التغيير ولديه الوسائل السلمية التي يغير بها فهو مخالف لهذا الضابط، وأن تكون الحال الجديدة أحسن من الماضي، فإذا كان خلافاً لذلك كان التغيير غير لائق أو مفيد، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم بمبادرة حربية لهدم الأصنام أو قتل زعماء المشركين في العهد المكي؛ لأن هذه المرحلة لها طبيعتها التي قد تثير عليه ثائرة المشركين، لكن حينما جاء وقت الفتح والتمكين هدم هذه الأصنام بأيدي بناتها وأهلها.

وأكد أن يكون التغيير بأقل تكلفة، فمن يريد سلوك الطريق الطويل المكلف فإنه يخالف السنن الكونية فتغلبه؛ لأنها أقوى منه، فلا يقع التغيير، وأن يميل التغيير إلى زيادة الإنتاج وإسعاد الآخرين، وأن يناسب العصر الذي يعيش فيه ولا يبتعد عن هذا العالم إلى عوالم أخرى وأزمان مغايرة.

من جهته، اعتبر العالم السعودي خالد بن عبدالله المزيني، عضو الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل بالرياض، أن الصورة التي رسمت في أذهان الأمة عن علماء السلف، تتجاوز ما كانوا عليه من التبجيل والإمامة، وترسمهم كأنهم ليسوا كباقي البشر يصيب ويخطئ، ودعا المزيني، أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالمملكة العربية السعودية، علماء الأمة الإسلامية إلى امتلاك قدرة التراجع عن الأخطاء، أو ما تبين لهم عدم صوابه وصحته، وإلى السمو على الذات والابتعاد عن شخصنة القضايا والنقاشات.

واعتبر المتحدث أن الشباب من طبيعته المبادرة والفاعلية، وإذا لم يتقدم العلماء إلى الأمام ويعاصروا قضايا الشباب، تجاوزوهم وتركوهم في الخلف.

تجارب شبابية

استعرض المؤتمر العالمي الثاني عشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي تجارب شبابية عدة، قدمها عدد من الباحثين من مختلف بلاد المسلمين.

وتناول د. يونس عبدالله ماتشينج تجربة “التعليم الإسلامي في الصين وتحدياته المعاصرة”، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها التعليم الديني في الصين.

وأوضح د. يونس أن التعليم الديني في الصين يواجه تحديات داخلية وخارجية، أهمها العولمة والإعلام المفتوح الذي ينثر حممه الإلحادية وشبهاته الخبيثة عبر الفضاء المفتوح، وكذلك الانفتاح الاقتصادي للصين الذي أصبح يشكل هاجساً كبيراً للشباب الصيني المسلم؛ بسبب تنامي قيم الربح المادي السريع وغير المنضبط بضوابط أخلاقية.

وأكد يونس أن التحدي الأكبر يتمثل في إيجاد جيل مسلم واعٍ للتحديات التي تواجهها مدارس اللغة العربية في الصين بعصر الانفتاح الإعلامي غير المسبوق لمحدودية انتشار هذه المدارس في الصين، كما أن عدم وجود رابطة للعلماء في الصين يشكل تحدياً لا يقل أهمية حيث أصبحت جهودهم مشتتة الأمر الذي أضعف مفهوم القدوة لدى الشباب الصيني المسلم.

واستعرض الباحث المهندس يوسف إبراهيم جلال تجربة “ثقافة العمل الحر وحاضنات المشاريع” في دولة تشاد؛ حيث سلط الضوء على تجربته الشخصية التي اسماها “مؤسستي” من أجل نشر الوعي لدى المستثمرين من الشباب وتجهيزهم لسوق العمل.

كما تناول كل من د. مشهور الحباري، ود. أحمد عبدالرزاق تجاربهم كذلك.

حضور نسائي متميز

شهد المؤتمر حضوراً نسائياً لافتاً, ممثلاً في مسؤولات العمل النسوي والشبابي في مختلف دول العالم، وتضمنت البحوث العلمية المقدمة في المؤتمر مساهمات نسائية مميزة؛ حيث قدمت د. عالية صالح القرني في اليوم الأول من أيام المؤتمر بحثاً بعنوان “الشباب والحريات العامة حقيقتها وضوابطها”، أشارت من خلالها إلى أن الفهم الخاطئ للحرية يؤدي إلى التسيب الأخلاقي والإلحاد الفكري والخروج على الأمن الاجتماعي.

وأضافت د. عالية أن مفهوم الحرية هو التصرف بحرية في كل أمر مشروع، وتحت مفهوم العبودية لله، دون اعتداء على حقوق الآخرين.

كما قدمت د. نورة بنت عبدالله العدوان ورقة في محور الشباب والانتماء الوطني، ناقشت من خلالها “منظومة حقوق الإنسان الدولية في جوانبها الثقافية والاجتماعية واستحقاقاتها على الهوية والانتماء والمواطنة”.

إعادة انتخاب الوهيبي

أعلنت الندوة الإسلامية للشباب الإسلامي انتخاب صالح بن سليمان الوهيبي أميناً عاماً لها لولاية أخرى، على هامش انعقاد المؤتمر، ليحافظ على منصبه الذي يشغله منذ عام 2002م، وشغل الوهيبي الذي يبلغ عمره 65 عاماً عضوية الأمانة العامة للندوة العالمية للشباب الإسلامي منذ عام 1985م، ثم أصبح أميناً عاماً مساعداً لها عام 1998م، قبل أن ينتخب عام 2002م أميناً عاماً للهيئة الخيرية السعودية، ذات الأنشطة العالمية المتنوعة، ويشغل الوهيبي الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية أيضاً عضوية عدد من الهيئات الدعوية والعلمية والخيرية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

                             عن موقع المجتمع بتصرف خفيف

                                               http://www.mugtama.com

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.