الدكتور خالد الصمدي يبرز مقاربات لمحاربة ظاهرة الغش في الامتحانات

0

أكد  الدكتور خالد الصمدي رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية،في تصريح لـpjd.ma أن المقاربة التربوية وحدها غير كافية لمحاربة ظاهرة الغش في الامتحانات، مفيدا أنه توجد ثلاث مقاربات من الضروري اعتمادها في قطاع التربية الوطنية حتى نتمكن من التخفيف من حدتها في أفق محاربتها مستقبلا.

المقاربة الأولى، حسب الصمدي، تربوية، قائلا “إذا تكلمنا عن ظاهرة الغش في الامتحانات بصفة عامة من الناحية التربوية الصرفة، لا يجب أن تبقى برامج ومناهج الوزارة معتمدة على النقل وعلى الاستظهار والاسترجاع، وما إلى ذلك”، موضحا “لأن ظاهرة النقل والاسترجاع، والتركيز على الذاكرة هو الذي يقوي ظاهرة الغش”.

ودعا الصمدي، إلى اعتماد مقاربة تنمية المهارات واختبارها في هذا الصدد، “لأننا نستهدف في المنظومة التربوية المعارف والمهارات والقيم”، مسترسلا “مع كامل الأسف نقوم بتقويم المعارف وحدها، ​ولا نقوم بتقوية المهارات والقيم”. وأبرز أن تقويم المعارف في جزء كبير منه، يعتمد على الذاكرة والحفظ، وهذا هو مجال الغش بامتياز، وبالتالي، فالمقاربة التربوية يجب أن تتغير على المستوى التدريس والتكوين والتقويم.

نمط الامتحانات المعتمد حاليا يساعد على الغش، يقول الصمدي، “لأنه ​يرتكز على الأسئلة المرتبطة بالمجال المعرفي، في حين أن الأسئلة التي يجب أن تطرح على التلاميذ لا يجب أن تكون طبيعتها معرفية صرفة”، بل من الضروري أن تتضمن الامتحانات أسئلة مرتبطة بالمقارنة والتحليل، وإبداء الرأي والمواقف، مبينا أنه إذا كانت الأسئلة من هذه الطينة سيقل بالتأكيد الغش في الامتحانات، يؤكد الصمدي.

أما المقاربة الثانية فهي إدارية يقول الصمدي، “هذه المقاربة من الضروري أن يراجعها المغرب بشكل شمولي، كما فعلت عدد من الدول، مثلا إلغاء الامتحانات الاشهادية العامة، واعتماد الاختبارات على صعيد المؤسسات، وعلى صعيد مندوبية إقليمية معينة على أبعد تقدير”، مفيدا أنه ثمة تجارب دولية ناجحة تخلت عن الامتحانات الوطنية، التي تصاحبها هالة تنظيمية وتشحن الأسر وتجعلها تعيش حالة استنفار، واعتمدت امتحانات على صعيد المؤسسات فقط.

ويرى الصمدي، أن الامتحانات الحقيقية تكون في الولوج إلى التعليم العالي وليس الحصول على البكالوريا، “يعني أن الحاجز لا يجب أن يكون في البكالوريا، بل في الولوج إلى مؤسسات التعليم العالي”، مبرزا أن التلميذ الحاصل على البكالوريا على صعيد مؤسسته، إن لم يكن كفئا لا يمكن أن يجتاز امتحان الولوج إلى مؤسسة التعليم العالي التي اختارها، منتقدا في الوقت ذاته وجود حاجزين أمام التلميذ الأول في البكالوريا والثاني خلال الولوج إلى مؤسسات التعليم العالي.

المقاربة الثالثة قانونية، وهي ردعية وزجرية بتعبير الصمدي، موضحا أن هذه المقاربة “لا نقصد بها جميع التلاميذ، وإنما المتورطون في ظواهر تهدد الأمن العام للمؤسسات التعليمية، من قبيل تهديد حق التلاميذ في اجتياز الامتحانات في ظروف عادية، وتهديد وممارسة العنف على الأساتذة، قائلا “لأن المتضرر​ين من عدم اجتياز الامتحانات في الظروف العادية هم الذين استعدوا لها جيدا”.

​وتابع أن ​هذه المقاربة موجهة “ضد التلاميذ الذين تورطوا في مثل الظواهر المذكورة”، ومن الضروري أن تعتمد على عقوبات زجرية صارمة بما فيها السجن​،​ مفسرا “لأن قضايا تهديد حق التلاميذ في اجتياز الامتحانات في ظروف عادية، وخلق الفوضى والغش في الامتحانات، والاعتداء على الأساتذة، لا تتعلق بوزارة التربية الوطنية، وإنما ينظم مقتضياتها القانون الجنائي”.

هذه المقاربات الثلاث يسترسل الصمدي، تُفعل بالتعاون مع القطاعات الحكومية المعنية وزارة التربية الوطنية، والداخلية والعدل والحريات.

 وشدد الصمدي، على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية لمعالجة هذه الظاهرة على مستوى المجتمع برمته، قبل الحديث عن محاربتها في قطاع التربية الوطنية، “لأن التلميذ وليد ثقافة سائدة في المجتمع، وهو يرتكب الغش في الامتحانات، نتيجة ثقافة مجتمعية سارية”.

ظاهرة الغش تظهر في كل مناحي الحياة في البناء في الهندسة في الطرقات، يقول الصمدي، “لذا من الضروري اعتماد وسائل وآليات من أجل التخفيف من حدة الظاهرة”، مثلا تنظيم حملات وطنية تحسيسية تحذر من خطورة الظاهرة في جميع القطاعات، ​إضافة إلى ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص، في الولوج إلى المهن والمباريات والوظائف، لأن الغش هو النقيض الموضوعي لتكافؤ الفرص، يفيد الصمدي.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.