ذ. هشام الرافعي
بعد التغييرات التي أقدمت عليها اللجنة المكلفة بمراجعة منهاج مادة التربية الإسلامية بجميع الأسلاك التعليمية بالمغرب والتي همت تغيير محتويات ومفردات المقررات وكذا مجالاتها بحيث تم القطع بشكل نهائي مع نظام المجزوءات والوحدات و التخلص من التوزيع السابق للدروس(نظري وتطبيقي وأنشطة) و تعويضها بمسمى جديد وهو “المدخل” وارتأت هذه اللجنة تفييئ المقرر برمته – من الابتدائي إلى السنة الختامية من سنوات الباكالوريا- إلى خمسة مداخل ( التزكية؛ الاقتداء؛ الاستجابة؛ القسط؛ الحكمة) وخصصت لكل مدخل جملة من الدروس كما هو مبين في تفاصيل المنهاج الذي نشرته الوزارة بموقعها الرسمي منذ شهر يونيو الماضي.
الإشكال ليس في التعديلات والتسميات؛ لكنه يكمن عند أساتذة المادة بالثانوي التأهيلي- خاصة منهم الذين أسندت لهم مستويات الثانية باكالوريا العلمية والتقنية وتخصص العلوم الإنسانية- في كيفية تنفيذ مقرر فصل وأعد لينجز في حصتين أسبوعيتين بمعدل 32 ساعة في الأسدس مع مستويات الشعب العلمية والتقنية بكل تخصصاتها؛ وهي الشعب التي برمج لها في الغلاف الزمني الأسبوعي حصة واحدة أسبوعيا بمعدل 16ساعة في الأسدس، فما هي المداخل التي سيدرس الأستاذ لمتعلمي هذه الشعب؟ وما هي الدروس التي سيشتغل عليها مع تلامذته؟ وإذا كنا في المنهاج القديم نضحي بالجانب التطبيقي والأنشطة حتى نتمكن من التوفيق بين الغلاف الزمني المخصص لهذه الشعب وبين الدروس المقررة؛ فأي المداخل وما هي الدروس التي ستكون الضحية في المنهاج الجديد؟ وكيف سنتعامل اليوم مع هذه المداخل ودروسها التي أريد لها أن تتكامل وتتجانس؟ هذا فيما يتعلق بالشعب العلمية.
أما شعبة العلوم الإنسانية – التي خصص لها المنهاج القديم ثلاث حصص دراسية أسبوعيا بما معدله 48 ساعة في الأسدس؛ حصتان منها للدروس المقررة عند باقي الشعب وحصة مُمَيِّزَة لدراسة المؤلفات – فقد حافظ لها المنهاج الحالي على نفس الغلاف الزمني؛ مع العلم أن السيرة النبوية التي كانت تمييزها عن غيرها قد أدرجت في المنهاج الحالي ضمن مدخل الاقتداء- وهو أمر عام لدى جميع الشعب- ما يدفعنا إلى السؤال عما ستخصص له هذه الساعة؟ وبم ميز المنهاج الجديد شعبة العلوم الإنسانية ؟
هذا مع العلم أننا ما زلنا ننادي بمضاعفة الغلاف الزمني المخصص لمادة التربية الإسلامية ضمن المنهاج الدراسي في المدرسة المغربية.
مما سبق يتبين التخبط الذي وقعت فيه الوزارة، و يؤكد ذلك أنها في بداية الأمر نصت على أن هذا البرنامج سينفذ بمعدل ساعتين في الأسبوع بكافة المستويات وفصلت الغلاف الزمني والحيز المخصص منه لكل مدخل قبل أن تتراجع عنه وتستثني مستوى الثانية بكالوريا العلمية والتقنية والعلوم الإنسانية وتؤكد أن الأولى ينفذ برنامجها في ساعة أسبوعية والثانية في ثلاث ساعات من غير أن تكلف نفسها عناء بيان كيفية التنفيذ وتفصيلها كما بينت البرنامج التفصيلي لشعبة الآداب.
هذا التخبط يفسر بالارتجالية والتسرع الذي طبع عملية المراجعة برمتها كأننا في أزمة خانقة في مادة التربية الإسلامية اقتربت من السكتة القلبيةـ أو كأن المقررات القديمة تشكل قنبلة على وشك الانفجار أو لغما أرضيا دنى منه المشاة، كما يفسر أيضا بتهميش أهل الاختصاص والتعامل معهم كأجانب وغرباء عن الميدان أو كأعداء للمادة فَهُرٍّبَ عنهم “الإصلاح” أو أبعدوا عنه حتى حيك وأخرج ليفرض عليهم تنفيذه كما صيغ ووضع بحسناته وهناته…………………
فمتى سنقطع مع سياسة الارتجال والاستعجال وإسناد الأمور لغير أهلها في هذا المجال الحيوي الذي يعتبر قضية وطنية ودعامة مركزية لنهضة الأمة المغربية؟؟؟؟