الجدل القائم حول مادة التربية الاسلامية: ملاحظات في المنهج والرؤية

0

ذ.عبد الله اخواض – بني ملال.

عرفت مادة التربية الإسلامية في الأيام القليلة الماضية حلقات من الحوار والنقاش الجادوالمسؤول والحاد بين المنتسبين إليها  عبر وسائل التواصل الاجتماعي، و عبر لقاءات علمية ومدارسات في قضايا ترتبط بالمنهاج ومنظومة القيم المرجعية المؤطرة لها، أو على المستوى الديداكتيك أو الأطار المرجعي والمهارات المطلوب تحقيقها في نهاية كل طور دراسي، وغيرها من القضايا التي تم تداول الرأي فيها .وهي حلقات مفيدة لاشك للمادة ولمدرسيها في نهاية الحصيلة، على الرغم من الملاحظات والتغرات المنهجية والمعرفية المصاحبة لهذه الحلقات والأنشطة.

لكن أكبر محطة وأقواها هي التي ارتبطت بمرحلة الإمتحانات الإشهادية لمستوى الباكالوريا حين انقسمت الآراء واختلفت حول منهجية تقويم المادة ومستوى الأسئلة وطبيعة الوضعيات التقويمية وهي إشكالات في رأئي قديمة تتكرر في كل محطة ومناسبة،و لم نستطع تحرير القول فيها أو على الأقل التقليل من النزيف الذي يصاحب هذه المحطات ودون أن يكون له أثر على مستوى الممارسة، وبذلك تستمر معاناة المادة بعد كل نقاش حين اعتقدنا بصوابية التوجه الذي يقدم ويشرح ويعزز بالوثائق، بل الأخطر منها حين اعتبرنا مركزية المادة في تعزيز القيم داخل الفضاء المدرسي، فركبنا الغرور فانغلقنا على انفسنا – وهنا لا أعمم- فكثر الكلام من المهتمين وغير المهتمين ،من يحسن ومن لا يحسن فأصبحت المادة مستباحة من الجميع.
من كل هذا نخلص إلى ما يلي:
1.حصيلة هذة النقاشات والردود إيجابية في عمومها على الرغم من بعض الردود المتشنجة من قبل أطراف متعددة أساتذة ومؤطرين .
2.مما لابد منه ضرورة الإعتراف بالنقص المنهجي الحاصل في تدريس المادة وضعف الرؤية المؤطرة والوحدة البيداغوجية بين العاملين فيها وقد أكدت محطة الامتحان الأخير هذا الخلل الفظيع.فالتسيب في التدريس أخل بمخرجات المادة ،ربما يفسره في رأي الإختلافات الأيديولوجية – الفقهية لمدرسيها وهذا اخطر أنواع الضرر على المادة من الوضعيات الهجينة التي نشتكي منها، لأن ضررها قد يزول في لحظة من اللحظات.
3.مادة التربية الإسلامية مادة “مجهرية” داخل المنظومة التربوية،؛ الخطأ هو أننا نحملها ما لاتطيق من المسؤوليات والاعباء وهو ما يزيد من قلق الأستاذ وتوتره حين يشتغل بمنطق أنا الكل في الكل في حين أننا جزء من الكل.
4.ما أثير من الأسئلة والغضب حول الامتحانات الإشهادية برسم موسم 2020/2021 هو غضب معقول وحقيقي وإيجابي في سياق تستهدف فيه المادة من جهات أصبحت معروفة تريد إنهاء مدة صلاحيتها وتكييفها مع ما تشهده الساحة السياسية من تحولات في المشهد الإقليمي والعربي.
5.تشترك المادة مع صويحيباتها من المواد المدرسة في المدرسة المغربية في الأسئلة ذاتها ولا تستثنى، وهو ما يعني أن الأزمة في المدرسة المغربية أزمة بنيوية واصلاح مادة دون أخواتها على اختلاف اللسان عوار منهجي يطيل من عمر الأزمة ويكشف الحقد الايديولوجي لأصحاب المبادرة.
6.أصبح لزاما على المهتمين بالمادة الاستفادة من الخبرات المتاحة اليوم لتطوير الدرس المعرفي والقيمي والمهاري للمادة من خلال الزيادة في منسوب التكوينات الجيدة وليس التكوينات المستعجلة وتحت الطلب فيتحول التكوين إلى مهام الأطفائي وتأجيل الحل والكشف عن الخلل.
7.لم تعد الوضعيات المعتمدة في التقويم ذات جدوى وان كانت خيارا في التدريس هذا لانرفضه من حيت الشكل إنما مرفوضة من حيث المضمون فطبيعة الوضعيات المقترحة أصبحت مبتذلة وغير ذات موضوع بالنسبة للمدرس والتلاميذ معا لأنها لاتغضع المعيار أثناء الصياغة.
8.يعتبر النص القرآني اقوى الوضعيات في شكله ومضمونه وعمق القضايا التي يطرحها، إضافة إلى النص الفكري المتزن فثمة نصوص فكرية تراثية أو معاصرة تحمل مضمونات ذات عمق فكري واستشكالي في غاية الدقة أفضل من الوضعيات الهجينة المقترحة التي يتخيلها الأستاذ أو يصوغها او يصنعها صناعة خرقاء يغيب فيها المنظور الكلي والتكاملي لأسئلة الواقع الذي يحياه المتعلم والاستشرافي المجتمع وغير محفزة في إنتاج المعرفة وبناء الوعي المطلوب نحو قضايا المجتمع والإنسان والدين.
هذه بعض من الملاحظات تعبر عن وجهة نظر تحمل بعضا من هموم المادة وتتقاسمها مع كثير من الزملاء عبرنا عنها في مناسبات ولقاءات متعددة فيها بعض من الصواب غايتها تحويل النقاش إلى مداره السليم والصحيح واغناء محتويات المادة التي تشكو بعضا من الفقر والقلق وهذا طبيعي في مجتمع يشكو هو الآخر من ذات المفاهيم ولم يستقر بعد على اختياراته الكبرى والاستراتيجية في مجال التربية والتكوين.

كل عام وأهل مادة التربية الإسلامية في تطور.

عبد الله اخواض – بني ملال.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.