قراءة في كتاب” تعليم الأطفال القرآن الكريم الفوائد والمنهج” لمؤلفه الدكتور: عبد الرحمان بن محمد بوكيلي

0

إعداد وإنجاز: ذ: عبد الحق لمهى

أولا : تقديم

القرآن الكريم روح هذه الأمة فيه حياتها والأطفال بهم استمرار هاته الأمة، ولا يكون هذا الاستمرار صحيحا وحقيقا نافعا إلا بالقرآن المجيد.

وحيث إن رياحا كثيرة تتجاذب الأطفال لتأخذهم إليها أخذا وربما كان فيه هلاكهم، فإن الحاجة ماسة لمعرفة كيفية تعليم الأطفال القرآن الكريم ـ بما هو وسيلة فعالة لحمل الأطفال على الخير والنفع الكثير المانع من تدفق كل شر عليهم. يستوي في هذه المعرفة المربون والآباء وعموم الأمة لما لهم من دور أساس في عملية التعليم.

والكتاب الذي بين أيدينا مساهمة مهمة في سبيل تعليم الأطفال القرآن الكريم.  فما هدفه ومنهجه؟ وما أهم محتوياته؟ وما المزايا التي تميز بها؟

ثانيا: بيانات الكتاب

 كتاب تعليم الأطفال القرآن الكريم الفوائد والمنهج، لمؤلفه الدكتور: عبد الرحمان بن محمد بوكيلي، [1]صدر عن شمس برينت، سلا، في طبعته الأول ى2020م، عدد صفحاته 114.

ثالثا: هدف ومنهج الكتاب

هدف الكتاب:

يفصح الكاتب عن أهداف الكتاب، وقد جعلها متنوعة متعددة تشمل ما له تعلق بالأطفال ومعلمي القرآن الكريم والآباء والأمهات وعموم الأمة، فالكتاب حسب الكاتب:

  • رسالة دلالة على شرف القرآن الكريم، ومسيس الحاجة إلى الاستمساك به دوما.
  • وهو رسالة تكشف عما في القرآن الكريم من الأثر البليغ في تنشئة الأطفال، لسانا، وقلبا، وعقلا، وعاطفة، وأخلاقا.
  • وهو رسالة منهجية، تدل معلمي القرآن الكريم، على السبل السديدة في تعلمه وتحفيظه وبيانه والتخلق به.
  • وهو رسالة هادية للآباء والأمهات، إلى أهمية العناية بالقرآن الكريم، وتعليمه لأبنائهم، منذ اللحظات الأولى من مسيرة حياتهم.
  • إنه رسالة ترمي إلى الإسهام في تخريج أجيال قرآنية فريدة، تمثل بحق ربيع الأمة وزينتها، كما تعد أملها وحلمها مستقبلا. “[2]

 

منهج الكتاب:

والمقصود بذلك مختلف المناهج البحثية التي وظفت في الكتاب. فمن المعلوم تعدد المناهج البحثية واختلافها، والناظر في الكتاب الذي بين أيدينا يستطيع التوصل إلى مجموعة من المناهج البحثية التي استعملها الكاتب، ومن ذلك ما يلي:

– إذا كان ” المنهج الوصفي يقوم على استقراء المواد العلمية التي تخدم إشكالا ما أو قضية ما وعرضها عرضا مرتبا منهجيا،… “[3]، فإنه يكمن القول بأن الكاتب وهو يبني موضوع تعليم الأطفال  القرآن الكريم  قد اعتمد على جمع المادة العلمية ذات الصلة بالموضوع وعرضها عرضا منهجيا وفق ما يخدم موضوع البحث.

– ومعروف أن المنهج التحليلي يقوم بدراسة الإشكالات العلمية المختلفة، تفكيكا، أو تركيبا، أو تقويما. وضمنه التفسير، النقد، الاستنباط،[4] ومنه يجوز القول بأن الكتاب قد احتفى بهذا المنهج حيث عمل الكاتب على تركيب وتفسير ونقد واستنباط مجموعة من المعارف والقيم المرتبطة بموضوع الكتاب.

رابعا: محتوى الكتاب

انتظم عقد الكتاب، في شكل مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة.

أما المقدمة[5] فقد أشار المؤلف فيها إلى اختصاص الله عز وجل هذه الأمة بالقرآن وجعله ميسرا للجميع، ولذلك كان الإقبال عليه من قبل المكلفين، ومع هذا الإقبال هناك فقرا في مناهج تعليمه، كما تناولت المقدمة أهداف الكتاب ودواعيه والخطى البحثية للكتاب.

وفي المبحث الأول والموسوم ب:” العز كل العز في القرآن الكريم[6]، ففيه جملة العناصر منها: أن القرآن الكريم ميزة الأمة، وسر حفظها، وهو زاد المؤمن، ودستور الحياة، ثم بين المؤلف خطر الإعراض عن القرآن الكريم، وذكر أن الخير كله في القرآن الكريم، ثم عرض لأهمية تنشئة الصغار بالقرآن الكريم.

المبحث الثاني والذي خصصه للحديث حول ” أولوية توجيه البنين والبنات إلى الارتباط بالقرآن الكريم[7]، تناول فيه المؤلف علاقة المؤمن بالقرآن، وكذا الأطفال والقرآن.

وبعدها في المبحث الثالث: ” مقاصد تعليم الأطفال القرآن الكريم”[8]، وذكر فيه المؤلف مجموعة من المقاصد وهي:

  • مقاصد إيمانية.
  • مقاصد خلقية.
  • مقاصد عقلية: وتتوزع إلى ما يتعلق بالذاكرة، وفي هذا يقول المؤلف:” وقد اعتدنا أن نجد حفاظ القرآن الكريم، لا يجدون صعوبة في حفظ المقررات الدراسية الأخرى في مختلف العلوم، الأدبية والعلمية والفنية”[9]. ومنها ما له علاقة بالمعرفة: يقول المؤلف:” عصارة الكلام في هذا المقصد، النص على أن في صحبة كلام الله تعالى، تزود بالعلم الرصين والحق المبين، مما يضفي على الطالب طابع القوة والاطمئنان والثقة؛ كما أن في حفظ كلمات الله جل جلاله، حفظا للذاكرة من همزات الشياطين، وتحصينا للعقل بنور الله سبحانه رب العالمين.”[10]
  • مقاصد تعليمية لغوية: [11]وتتلخص في: إتقان مخارج الحروف، وإتقان العربية، واكتساب الأهلية الممكنة من يسر تعلم اللغات الأخرى.
  • مقاصد فنية: [12]ويدخل فيها ما يلي: الحس الصوتي الغنائي، والتربية على الخيال، والحس القصصي.
  • مقاصد اجتماعية: [13]وهي: تعزيز وحدة المجتمع المسلم، وتعزيز الآمن والمحافظة على الاستقرار، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
  • مقاصد رسالية حضارية: يقول المؤلف:” إن القرآن الكريم يؤهل الطفل ليكون إنسانا عالميا، منفتحا ساعيا لخدمة البشرية كلها.”[14]

أما في المبحث الرابع والموسوم ب:” معالم هادية في التحفيظ والتعليم” [15]فقد تحدث الكاتب عن العلامات الهادية إلى تحقيق هدف حفظ الأطفال للقرآن الكريم، وهي كما يلي:

ـ الأولى: أساس الخير كله المحبة والرغبة فالعزم: [16]وفيه عرض المؤلف واقع المربين والآباء مع هذه المحبة، حيث أشار إلى الطرق المعتمدة عندهم في التحفيز والتحبيب على الحفظ لكتاب الله تعالى، ومن تلك الطرق : التشجيع المادي، وسلاح رضا الوالدين، والتهديد والتخويف والتقريع والعقاب البدني. وكلها حسب المؤلف طرق غير مجدية في تعليم الأطفال القرآن الكريم.

ثم تساءل حول: كيف تتحقق المحبة والرغبة فالعزم؟  وفي إجابته على هذا السؤال يرى المؤلف أن تحقيق ذلك لا يتم إلا من طريق أربعة أوجه، وهي:

أولها: معلمون ربانيون أكفاء: ثم ذكر كيف تكون الأهلية العلمية للمعلم (ة) الفقيه(ة)، فبالنسبة للأهلية العلمية ذهب إلى أنها لا تتحقق إلا بأربعة أنواع من العلم وهي:

  • العلم بقواعد التجويد وأصول الرواية.
  • الحفظ المتقن للقرآن الكريم أو لبعضه.
  • العلم بما يلقن، ولو في حدوده الدنيا.
  • العلم بواقع الطلبة الصغار.

أما عن الأهلية المهارية للمعلم (ة) الفقيه(ة)،

في معرض الحديث عن هذه الأهلية أشار المؤلف إلى أنواع المعلمين والمعلمات، وذكر منهم: المعلم الجامد، والمعلم الخمول، والمعلم الرافض، والمعلم المتبرم، والمعلم المجتهد المنفتح.

وذكر أنواع مهارات التعليم القرآني، وذهب إلى أنها ثلاثة كبرى: ذكر منها الأولى: مهارة التخطيط، والثانية: مهارة التدبير وجعلها على خمسة أنواع: مهارة الاملاء والتسميع، ومهارة التصحيح والرسم، ومهارة البيان والحوار والشرح، ومهارة الحكي والقص، ومهارة إدارة الحلق، وضبط الفصل، فيما لم يذكر الثالثة.

يطرح المؤلف سؤالا: كيف تكتسب هذه المهارات؟ وفي سياق الجواب نبه على المهارات الفطرية الجبلية، والمهارات المكتسبة.

أما عن الأهلية الخلقية للمعلم (ة) الفقيه(ة).

ذكر المؤلف بعض الأخلاق الحميدة العامة التي ينبغي للمعلم التحلي بها مثل الصبر، والعفو،… وأضاف إليها أخرى ترتبط بصميم مهمة التعليم ومن ذلك: حب التعليم، والحرص على نظافة الهندام وجماله، وكذا التواصل المحبوب.

ومما تتحقق به الرغبة والمحبة فالعزم، آباء وأمهات رساليون يحملون هم تعليم الأطفال حفظ وتجويد القرآن الكريم، مع الحرص على التزام الأخلاق الحميدة.

ثالث أمر بعد المعلمين الأكفاء والآباء الرساليين، طلبة منتقون، وفي هذا الإطار بسط المؤلف بعض فوائد الانتقاء [17]نقتصر منها على: توفير البيئة التعليمية المناسبة على التحصيل، واختيار البرنامج المناسب لكل فئة، والطريقة الفعالة الأقرب إلى مستواهم.

الأمر الرابع: فضاء محبوب، فهو مما يساعد على المحبة والرغبة في التعلم، و” مختصر الكلام هاهنا أن تكون مؤسسات تعليم القرآن الكريم في المستوى الرفيع، لا أن نجدها أضعف وأقل شأنا من المؤسسات التعليمية الأخرى.”[18]

ـ الثانية:” التدرج التنويع كما وكيفا”.

لا شك أن التدرج سنة الله عز وجل، فما المراد بالتدرج في تحفيظ القرآن الكريم للصغار؟ “المقصود بالتدرج هنا أمرين: التدرج في الكم، ثم التدرج في الكيف”[19]

  • التدرج حسب الكم: ويكون باعتماد آيات قليلة، وصور قصيرة، وقصر الحصص وكثرتها ويستحسن الحرص على قصر الحصص.
  • التدرج حسب الكيف: ويكون من خلال تنويع الأساليب والطرائق التعليمية، ومنها: التسميع والترديد، النظر في المكتوب، والكتابة، والمزج بين الحفظ الفردي والجماعي.

ـ الثالثة: فهي التحفيز والتشجيع.

 وفي هذه العلامة الثالثة بين المؤلف قيمة وأهمية التشجيع في تعليم القرآن الكريم سواء كان ماديا ومعنويا. ثم ذكر بعض ثمرات التحفيز، ومنها: تقوية الثقة في النفس، والتنبيه على عناصر القوة، وتنميتها، ومما تطرق إليه المؤلف في هذه العلامة أشكال التحفيز، حيث ذكر منها: الترحيب والانشراح، والكلمة الطيبة أثناء العمل، لكن عندما لا يبدي الطفل استعدادا للتعلم نحتاج إلى أمور ذكرها المؤلف وهي : العمل على معالجة الفتور والكسل، ومحاورة الطفل ومفاتحته في الموضوع، ومن أشكال التحفيز : بيان القيمة والأفاق، ويقصد بالأفاق هنا آفاق حفظ القرآن الكريم، ما الوظائف الممكن توليها بهذا الحفظ وغيرها،

ثم رابع أشكال التحفيز التشجيع والتنقيط وإخبار الآباء، ثم خامسها الجوائز والاحتفاء بالحفظة من الطلبة.

ـ والرابعة: التجويد في مواكبة الحفظ.

يقصد بالتجويد هنا تجويد القرآن الكريم، ومما جاء على ذكره المؤلف في هذا الباب بيان فوائد التجويد، ومنها:

  • غرس محبة القرآن الكريم.
  • اكتشاف مهارات الطفل وقدراته الصوتية، مما يزيده تعلقا بكلمات الله سبحانه وتعالى.
  • كيف يدرس التجويد للصغار؟
  • من طرق تدريس التجويد للصغار، ما يلي:
  • التكرار والتسميع.
  • التكرار والإلف.
  • الاستمتاع بالمنظومة، مثل تحفة الأطفال أو الجزرية.
  • التطبيقات المصباحية.

ـ الخامسة: الفهم في مواكبة الحفظ.

وفيها توقف المؤلف عند فوائد الفهم، ومنها:

تيسير الانتفاع والعمل.

تيسير الحفظ.

كيف يقدم الفهم للصغار؟

وحتى يفهم الصغار القرآن الكريم، يتم مساعدته على تحقيق ذلك من خلال:

كلمات منتقاة، ومعاني واضحات، ومقاطع موضوعية للسور، والوقوف عند فضائل السور، والاعتماد على أسباب النزول، والاعتناء بالقصص والفوائد.

ـ السادسة: بين الحفظ والتعهد

” والمختصر المفيد ها هنا بالنسبة للصغار، ضرورة الموازنة والمواكبة بين الحفظ والتعهد، حفظ مستمر، وتعهد مواكب. وذلك وفق الترتيب التالي:

  • التعهد اليومي، للمقطع السابق مع الجديد.
  • التعهد الأسبوعي، لحصيلة الأسبوع.
  • التعهد الشهري، لحصيلة الأسبوع.
  • التعهد الدوري، لحصيلة الدورة. (قبل كل عطلة دورية)
  • التعهد السنوي، لحصيلة العام. عادة ما يخصص شهر بكامله (شهر يوليوز).”[20]

ـ السابعة: هندسة حصة قرآنية

وأهم المحاور المكونة لهندسة حصة قرآنية ثلاثة، في كل محور مراحل:

المكون الأول: افتتاح مبارك محفر، ويكون فيه الترحيب، وبيان فضل القرآن من خلال آية أو قصة، والتذكير بفضل العلم، وكذا الحديث عن آثر القرآن في حياة الطفل (مدتها سبع دقائق).

المكون الثاني: تعهد المقطع السابق، ومدته لا تتجاوز ثلاثين دقيقة. والأفضل فيه البدء بالاستظهار الجماعي، وبعدها الاستظهار الفردي.

المكون الثالث: المقطع الجديد، وخطواته كما يلي:

  • المرحلة الأولى: تقديم المقطع.
  • ـالمرحلة الثانية: التسميع.
  • ـالمرحلة الثالثة ترديد جماعي للمقطع.
  • ـالمرحلة الرابعة: فضائل وفوائد السورة أو المقطع.
  • ـالمرحلة الخامسة: التكرار آية آية :” تسميعا أو قراءة، جماعة أو فرادى، على شكل مجموعات ….”[21]
  • ـالمرحلة السادسة: بيان الكلمات، وتقديم بعض المعاني.
  • ـالمرحلة السابعة: الحفظ آية آية. ” اعتمادا على التكرار…”[22]
  • المرحلة الثامنة: الاستظهار الجماعي: وفيه طريقان:
  • ـالجماعي العتيق: أي استظهار الجميع جماعة مع التكرار.

ـ الجماعي التنافسي: كل مجموعة تستظهر آية بالتناوب…

  • المرحلة التاسعة الختامية: وفيها ما يلي:
  1. التذكير بالمزيد من ضبط المقطع الجديد، استعدادا لاستظهاره بشكل نهائي.
  2. الإشارة إلى المقطع الموالي، والتوجيه إلى قراءته.
  3. توجيه عملي.
  4. الدعاء الصالح.
  5. ثم يليه جدول بياني لحصة قرآنية.[23]

وفي خاتمة الكتاب أتى المؤلف على ذكر أهم ما ورد في الكتاب من القضايا العلمية حول موضوع تعليم الأطفال القرآن الكريم.

                                               خامسا: مزايا الكتاب

تراث المسلمين جزء من حياتهم وكيانهم وحضارتهم، ومن معانيه ما خلفه السابقون من العلوم والمعارف، لكن إزاء العلاقة مع التراث وجهات نظر مختلفة بين داع إلى الوصل معه وداع إلى القطيعة معه[24]، فالملاحظ اعتماد واحتفاء الكتاب بجملة من النصوص التراثية القديمة منها ما كان لابن خلدون مثلا وغيره ممن حفلت نصوص هذا الكتاب بكلامهم. إن استناد الكاتب على أقوال القدامى يجعل القول بأن الكتاب نحا منحى الوفاء وحسن الصلة مع التراث لا القطيعة معه كما هو الأمر عند آخرين، هو القول الصواب في علاقة الكتاب بتراث الأمة المسلمة.

وضع العلامة المرحوم فريد الأنصاري مجموعة من الشروط والضوابط اللازمة في العالم حتى يكون عالما في الحقيقة، وذكر منها: القيادة التربوية الاجتماعية[25]. إذ لا يكون العالم حقيقة حسب رأيه إلا إذا تحقق بمهمة قيادة المجتمع تربويا واجتماعيا، وبتأمل فيما جاء به الكتاب يجوز القول بأن فيه عملا قياديا واضحا لحركة المجتمع، يدل لذلك بشكل واضح أهداف الكتاب التي لم يكن إلا خير معبر على معنى القيادة التربوية الاجتماعية، جاء في أهداف الكتاب:”إنه رسالة ترمي إلى الإسهام في تخريج أجيال قرآنية فريدة، تمثل بحق ربيع الأمة وزينتها، كما تعد أملها وحلمها مستقبلا. “[26]

حضور شخصية الكاتب بقوة يشهد لذلك حجم الكلمات التي تنسب له، وكذا بذل الوسع في تحليل وتفسير ونقد بعض القضايا المثارة في الكتاب.

يعبر الكتاب على مستوى مهم من الانفتاح على الثقافات الأخرى، فإذا كان القرآن يدعو العقل المسلم إلى التعارف والأخذ والعطاء المتبادل مع الآخر، فإن الكاتب لم ينكب عن سواء القرآن بحيث عمل على الاستشهاد ببعض النصوص لباحثين غربيين في سياق مناقشته لبعض قضايا الكتاب[27].

يشكل الكتاب إضافة نوعية لمكتبة التربية والتكوين، ومرجعا مهما في مجال التربية يستفيد منه جميع المتدخلين في شأن التربية سواء معلمين أو مشرفين على إدارة التعليم، أو عموم الأسر والمجتمع، أما بخصوص المعلمين وهم المدبرون للفصول الدراسيةـ فالكتاب وسيلة تسهم في تطوير الممارسات الصفية في تدريس القرآن، كما يمكنهم  الاستفادة منه لأجل الارتقاء المهني بحيث تستثمر محتوياته في الإجابة عن الأسئلة التي ترد في الامتحانات المهنية لمهنة التدريس، خاصة في المواد ذات الصلة بالقرآن الكريم تعليما وتحفيظا، أما فيما يرجع إلى إدارة التعليم، فلما كانت مكلفة بإدارة الشأن التربوي فإن من الضروري أن يكون لها حظ من الإحاطة بتعليم الأطفال القرآن، وفيما يرتبط بعموم الأسر والمجتمع فهم بدورهم يقومون بمهمة التربية فكان من المفيد جدا أخذهم نصيبا مما جاء به الكتاب وغيره من الكتب ذات الصلة بموضوعنا.

سمة الجدة والجودة تطبع الكتاب، فما من شك في أن موضوع تعليم الأطفال القرآن الكريم كان موضوع العلماء من القدامى، يشهد لذلك النصوص الواردة في الكتاب والتي تتحدث حول الموضوع، لكن أين تظهر الجدة في هذا الكتاب؟ إن ملاحظة ” هندسة حصة قرآنية ” [28] تجلي جانب الجدة والجودة بحيث يظهر من خلالها جهد الكتاب في الاستفادة من خبرات التعليم المعاصر وحسن توظيفه علوم التربية في سياق تجويد تعليم الأطفال القرآن الكريم، وذلك باقتراح تلك الهندسة.

انضباط الكتاب لتقنيات البحث العلمي [29]، بحيث تضمن مقدمة، ومباحث، وخاتمة.

 كما أن لغة الكتاب لغة سلسة، تساعد على حسن فهم محتوى الكتاب.

سادسا: خاتمة

ختاما، إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعليم الاطفال القرآن الكريم في وقتنا المعاصر، فإن الكتاب جهد متميز قدم من خلاله صاحبه لعناصر ذات الصلة بالقرآن من خلال بيان أن العز كل العز في القرآن الكريم، والتأكيد على أولوية توجيه البنين والبنات إلى الارتباط بالقرآن الكريم، وإبراز مقاصد تعليم الأطفال القرآن الكريم، ثم عرض أهم الهادية والمعينة على التحفيظ والتعليم.

إن هذه الإضافة النوعية القيمة التي قدمها المؤلف في باب تعلم القرآن الكريم، يمكن استثمارها بغية الاسهام في تقديم إجابات وحلول لقضايا مختلفة منها صعوبة الحفظ عند المتعلمين، وذلك من خلال توجيه بحوث علمية تربوية تعنى بمثل هذه الموضوع وغيره من المواضيع التي تجد جوابها في مجموع القضايا المطروحة في الكتاب

 

 

 

 

[1] ـ أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس

ـ أستاذ زائر بجامعة محمد الخامس بالرباط لطلبة الماستر تخصص العلوم الشرعية (من المواد المدرسة: منهج الدراسة المصطلحية لألفاظ القرآن والحديث/ التفسير الفقهي عند المالكية/ قواعد فقه الحديث النبوي الشريف)

ـ أستاذ سابق لمادة الخطابة بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات بالرباط التابع لجامعة القرويين

خطيب جمعة بمسجد الرحمة بالحاجب وواعظ بمساجدها

ـ حاصل على جائزة المجلس العلمي الأعلى التنويهية التكريمية للخطبة المنبرية بإذن سام من جلالة الملك محمد السادس لسنة 2018م

ـ أستاذ سابق لمادة الخطابة بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات بالرباط التابع لجامعة القرويين

ـ رئيس رابطة الإمام ورش لخدمة القرآن الكريم بالحاجب والمشرف العام على معهدها العتيق.

ـ مشارك ومؤطر في عدة ملتقيات ودورات علمية وتربوية ودعوية وتكوينية في الجامعات وغيرها بالمغرب وأوربا وأمريكا والسعودية وماليزيا

https://abderrahmanboukili.com/ 10/10/2023

[2] ـ تعليم الأطفال القرآن الكريم الفوائد والمنهج، الدكتور: عبد الرحمان بن محمد بوكيلي، شمس برينت ـ سلا، الطبعة الأولى 2020م، ص4

[3]ـ أبجديات البحث في العلوم الشرعية، فريد الأنصاري، دار الكلمة المنصورة، الطبعة الأولى، 1423هـ /2002م. ص 66

[4]ـ نفسه، ص 97 وما بعدها

[5] ـ تعليم الأطفال القرآن الكريم، مرجع سابق، ص3 وما بعدها.

[6] ـ ـ نفسه، ص7 وما بعدها.

[7] ـ نفسه، ص15 وما بعدها.

[8] ـ نفسه، ص 25وما بعدها.

[9] ـ نفسه، ص 38.

[10] ـ نفسه، ص40.

[11] ـ نفسه، ص40ـ 41.

[12] ـ نفسه، ص 42 وما بعدها.

[13] ـ نفسه، ص 49 وما بعدها.

[14] ـ نفسه، ص 51

[15] ـ نفسه، ص53

[16] ـ نفسه، ص 55

[17] ـ نفسه، ص 70ـ 71

[18] ـ نفسه، ص 73

[19] ـ نفسه، ص75

[20] ـ نفسه، ص 97

[21] ـ نفسه، ص 102

[22] ـ نفسه، ص 103

[23] ـ نفسه، ص105

[24] ـ من الكتب التي عالجت هذه قضية العلاقة مع التراث كتاب ” الحوار أفقا للفكر” للدكتور الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان، الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت، الطبعة الثانية 2014م. ناقش المؤلف مسألة العلاقة مع التراث في فصل عنونه ب “الفصل العاشر: كيف تَظْلِم القراءاتُ الحداثية التراثَ الإسلامي؟

[25] ـ مَفْهُومُ العَالِمِيَّة مِنَ الكِتاب إلى الرَّبَّانِيَّةِ ـ دراسة في مفهوم العلم وصفة العالمية وظيفة وبرنامجا من خلال وصية أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي رحمه الله (ت، 474ه)، الدكتور فريد الأنصاري، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة. الطبعة الأولى: 1430ه /2009م.

[26] ـ تعليم الأطفال القرآن الكريم، مرجع سابق، ص75

[27] ـ انظر نص للفيلسوفة هيلين ماري وارنوك، من كتاب تعليم الأطفال القرآن الكريم، مرجع سابق، ص 44

[28] ـ تعليم الأطفال القرآن الكريم، مرجع سابق، ص105

[29] ـ انظر كتاب أبجديات البحث في العلوم الشرعية مرجع سابق.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.