المداخل الرئيسة في بناء منهاج التربية الإسلامية الجديد بالثانوي الإعدادي والتأهيلي مقاربة تحليلية توجيهية
ذ.عثمان صولحي
أثارت التوجيهات الملكية حول مراجعة مناهج التربية الإسلامية نقاشا واسعا يدل على أهمية المسألة الدينية في المغرب، والتي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أهمية كبرى لبناء الإنسان المغربي المتصف بالوسطية والاعتدال، والتسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية؛ وقد أغفلنا لفترة طويلة مكونا أساسيا من مكونات ديننا ألا وهو الإحسان، وما فيه من التزكية والصلة الدائمة بالله. فإليه توجه العارفون، وفيه يتنافس المتنافسون، أهل هذا المقام أسعد الناس قلوبًا، وأهدأهم نفوسًا، وأصفاهم أرواحًا، يوجب المحبة والأنس، مع الخشية والتعظيم، ويوجب النصح في أداء العبادة، وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها.
وإن التربية الإسلامية، مادة العلم والقيم، تجدد في المتعلم إسلامه الوسطي المعتدل، وتوجهه إلى الخير والمحبة والعدل والسلام، ليمارس حياته الوجودية في تجانس مع القيم الكونية التي تحتفي بإنسانية الإنسان المؤيد بالوحي:(القرآن والسنة) والذي يتميز بالرحمة في الرسالة، والاعتدال في الفعل والممارسة من منطلق إيماني يسهل عليه القيام بأدواره في الحياة؛ ولا نريد أن تتحول المادة إلى مشروع أخروي يحتفي بمفاهيم الخلاص والنجاة في الآخرة من دون أن يكون له أثر على حياة الإنسان الدنيوية.
ولما كانت خطابات الشريعة الإسلامية الموجهة للجماعة المسلمة أكثر من الموجهة للأفراد، فإن ذلك يفرض علينا التفكير جماعيا في قضية لها راهنيتها في مجتمعنا المغربي.
وقد انطلقنا في هذه المقاربة من مجموعة من التساؤلات والاشكاليات نطرحها على الشكل الآتي:
- هل يقدم المنهاج الجديد تصورا متكاملا عن غاية الوجود الإنساني ليس بالمنظور الفلسفي، وإنما بالمنظور القرآني:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(1) ودلالة المعرفة الإحسانية؟
- وهل تمتلك هذه المداخل مقومات إحداث التغيير المنشود في المتعلم؟
- وهل يمكن تغيير تشوف المتعلم(ة)/ الإنسان في طلب أفضل العوالم من خلال هذه المداخل؟
- وهل تفتح هذه المداخل مدركات العقل لديه؟
- وهل توسع لديه -كذلك-مدركات العلم والتفكير من مدخل الاستجابة التي تقتضي الممارسة والتوظيف؟
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقاربة التحليلية لم تتوجه إلى عقد مقارنة مع مفردات البرامج السابقة الذي اشتغل عليها أساتذة التربية الإسلامية، والتي لم تحظ -فيما أعلم -بأية دراسة تقويمية علمية.
- مباحث المقاربة التحليلية التوجيهية:
- مداخل بناء المنهاج الجديد: (التزكية-الاقتداء-الاستجابة-القسط-الحكمة)؛
- المقاربة الديداكتيكية للمداخل الرئيسة في بناء منهاج التربية الإسلامية؛
- توجيهات ديداكتيكية حول الاشتغال على المداخل؛
- المداخل ومفردات المنهاج الجديد بالسنة الثالثة إعدادي،( التزكية في سورة الحشر)؛
- خطاطة: التزكية ومفردات المنهاج الجديد في سورة الحشر؛
- المداخل ومفردات المنهاج الجديد بالسنة الأولى بكالوريا (التزكية في سورة يوسف)؛
- خطاطة: التزكية ومفردات المنهاج الجديد في قصة يوسف عليه السلام؛
- سورة يوسف والمنهج التزكوي؛
- مدرس التربية الإسلامية والمنهاج الجديد؛
1.1. مداخل بناء المنهاج الجديد لمادة الربية الإسلامية
تعتبر المداخل الخمسة التي بني على أساسها منهاج التربية الإسلامية بالسلك الابتدائي والإعدادي والتأهيلي تجديدا في تدريسية التربية الإسلامية، والانتقال من المعرفة النظرية إلى المعرفة التطبيقية المحدثة للتحول في فكر وسلوك المتعلم، حيث كانت الإشكالية – وما تزال- هذا الانفصال المريع بين القول والعمل، ولقد احتفى الإمام مالك رحمه الله بالسنة العملية ممثلة في عمل أهل المدينة واعتبرها من أسس المذهب، ثم تحول مركز الاهتمام إلى السنة القولية في اشتغال الفقهاء والعلماء “ومفاد هذا أن الفقهاء تركوا طريق التأييد العملي الذي كان يميز الفقه الحي، وأخذوا بطريق التجريد العقلي الذي سيؤدي، عن قريب، إلى إنشاء الفقه التقديري، ثم في نهاية المطاف إلى الإغراق في الفقه الفروعي” (2)، وإن التربية العملية، التي غيبت في المناهج التعليمية، تَقْلِبُ جوهر المتعلم وتبدل حاله من حال إلى حال، ويظهر بمظهر جديد، كما أن مقاصد هذه المداخل هي إحداث هذا التحول في شخصية المتعلم ، وهي القضية الأساس التي نبه إليها الشيخ العارف بالله سيدي الحاح على الدرقاوي في نقاشه مع الفقهاء أصحاب الفقه التقديري حين قال لهم: ” فيا إخواننا الفقهاء لماذا لا نلتقي نحن وأنتم في الوسط لتدركوا ما عندنا مثل ما أدركنا ما عندكم، فنتعاون على نفع العباد أنتم بتربية ونحن بتربية، أنتم بتربية ظواهرهم ونحن بتربية بواطنهم، فإن ذلك أقرب وأسهل لإتمام ما نريده جميعا؛ وقد أمر الله بالتعاون على البر والتقوى” (3)
- 1 -الذاريات/56
- 2- د. طه عبد الرحمن، روح الدين الإسلامي من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب، ط(2) 2012، ص: 404
- 3- المختار السوسي، المعسول، مطبعة فضالة (بدون تاريخ)، (1/205)
تحميل المقال كاملا على الرايط: