ذ.محمداحساين
قال الله عز وجل: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ آل عمران، الآية: 18.
الحمد لله الذي جعل في كل فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين . ندعو الله عز وجل أن يجعل لنا نصيباً من علمهم وصبرهم وحسن عملهم، وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
الحضور الكرام :
يأتي تنظيم هّذه المائدة المستديرة في سياق ما يعرفه مجتمعنا من جدل وجدال، أثاره ويثيره موضوع “الحريات الفردية، من خلال رسم حدودها، وعلاقتها بالقيم المؤسسة للمجتمع والأمة، بسبب قوة التمركز حول الذات، واللامبالاة بموضوع علاقة الفرد بالآخر والجماعة والمجتمع، وما زاد من حدة وقوة هذا النقاش مذكرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان موجهة إلى البرلمان بتاريخ 29 أكتوبر 2019 انتصارا منه للحريات الفردية و حماية الحياة الخاصة ، واعتبرت بمثابة توجيهات و توصيات تحت عنوان: “من أجل قانون جنائي يحمي الحريات ويستوفي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية”، ساهمت بها هذه المؤسسة الدستورية في النقاش الدائر حول تعديل القانون الجنائي المغربي، من خلال مراجعة جوانب متعددة منه، خاصة ماله علاقة بحقوق الإنسان.
والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بحكم اهتمامها بالشأن التربوي والقيمي والمهني، وجهودها من أجل بلورته على مستوى تنزيله بيداغوجيا لا يسعها إلا أن تسهم في إثراء النقاش حول الحريات الفردية؛ بما تحمله من دلالة مفاهيمية ذات مرجعية معرفية وقيمية مختلفة، تجعل ممارستها متفاوتة بتفاوت وتمايز أنماطها المجتمعية والثقافية، واختلاف ظروفها التاريخية، وتغاير سياقاتها الحضارية، وذلك من خلال تقييم وتقويم أمر تنزيلها على بعض الظواهر المجتمعية السلبية ؛ والتمييز في ذلك بين البعدين الكوني والمحلي وبين الفردي والاجتماعيّ في علاقة وارتباط بخصوصيتنا وقيمنا وثقافتنا الحقوقية، باعتبار أن الفرد إذا كان هو محورُ الحرية الأساس، فإنه لا يستطيع العيش إلا في مجتمع، والحرية الفردية لا تكون كذلك إلا في إطار الجماعة.
ومن هنا فالجمعية من خلال هذه المائدة تحاول اتخاذ موقف من هذا النقاش المجتمعي المحتدم بين مطالبين بإلغاء تجريم الظواهر السلبية من الحريات الفردية، في نوع من التماهي بمنظومة حقوق الإنسان كما تقررها الأعراف والقوانين الدولية وعدم الاعتبار بالخصوصية المجتمعية بما تحمله من أحكام شرعية وهوية ثقافية وأعراف مجتمعية، وبين
من يناقش أمر تنزيلها انطلاقا من هوية عموم المجتمع المغربي، باعتبارها هوية إسلامية؛ مما يحتم الاحتكام إلى المرجعية الإسلامية، والتي جعلت من مقاصدها تمكين الفرد مـن الاختيار الحر لمـا يعتقده ويؤمن به، مانعة لكـل إكراه في أمور العقيدة والتفكير، اعتبارا لفطرية الحرية، انطلاقا من كون الإنسان في ظل الشريعة الإسلامية حرا على خلاف بقية المخلوقات، حيث تكرّس وجهة النظر الإسلامية هذه التعاطي مع الإنسان باعتباره كائنا رسالياً مفطوراً على الخير ومجبولاً على الانضباط الطوعي لنظام الجماعة،
الجَمْعُ الكريمُ :
إذا كان الإسلام يعتبر الحريات الفردية فطرية فإن تقييدها أمر طارئ في الشريعة الإسلامية، يتم اللجوء إليه لتنظيم الحرية ومنع إلحاق الضرر بالخلق. وتجاوز لحق الخالق، وضرب لأمن المجتمع واستقراره؛ لأن بعض الحريات الفردية كالإجهاض، والعلاقات الرضائية وحرية الجسد، والمثلية… ليست “فردية” بقدر ما هي قضايا تمس جوهر النظام الاجتماعي والعيش الجماعي، مما يحتم دينيا وأخلاقيا وتشريعيا الالتزام بالمساحة التي لا تتجاوز اختيار الأمة وهويتها، لأن الخروج عن الهوية التي ينص عليها القانون الوطني “لا يقل خطورة عن مواجهة كل خروج عن العرف بالقانون، وكل تجاوز للثوابت بالقانون، مما يعطي المشروعية لوضع قيود تشكل المعايير والقيم الضابطة لسلوك الأفراد داخل المجتمع، وعلى الفرد أن يتكيّف مع البنيات الاجتماعية والثقافية والدينية والتشريعية لهذا المجتمع. ومن هنا تطرح الجمعية التساؤلات الآتية على الباحثين الأفاضل المشاركين في هذه الجلسة العلمية الثانية للمائدة :
– ما هي نظرة الدين الإسلامي للحريات الفردية ؟
– وهل تغيير بعض المواد في القانون الجنائي وتوسيع دائرة الحريات الفردية سيحقق الاستقرار النفسي والأسري والاجتماعي؟
– وإلى أي حد يمكن لمؤسسة الأسرة أن تستمر في أداء وظائفها المنوطة بها في ظل هذا النقاش؟
– وإلى أي حد يمكن للمناهج التعليمية المغربية إدماج الفهم السليم لهذا الموضوع ؟
من أجل مناقشة هذه المحاور عبر المداخلات والتعقيبات والمناقشات يحضر معنا فئة من الفضلاء الدكاترة والأساتذة :
– الدكتور عبدالمجيد الصغير – الدكتور إدريس الكنبوري – الدكتور الزايدي طويل
– الدكتور سعيد أوبيد، – الدكتورة مريم البردعي – الدكتور محمد بولوز.
– الأستاذة فاطمة أحدارف – الأستاذ عبدالرحيم أوشن. – الأستاذ محمد علواش.
المداخلات:
الدكتور عبدالمجيد الصغير : أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط رغم تعذر حضوره المائدة المستديرة فقد أبى إلا أن يشارك بمداخلة كتابية ضمنها ملاحظات وتأملات حول الحريات الفردية ، قدمتها بالنيابة الدكتورة فاطمة أباش عضو المكتب الوطني للجمعية
الدكتور إدريس الكنبوري
لا يمكن لأي عاقل رفض قيمة الحداثة إذا كان مضمونها وهدفها التغيير والاجتهاد والابتكار وتحقيق النهضة من خلال إبداع نموذج تنموي نهضوي للمجتمع ؛ إلا أن المتماهين مع هذا المصطلح يركزون على الفردانية، وأولوية العلاقة مع الأشياء مقابل أولوية العلاقة بين البشر، والتمييز المطلق بين الذات والموضوع، .وفصل القيم عن الوقائع والأفكار، والانسلاخ عن المقدس لتأخذ الحرية والحريات الشخصية مكانها المميز في صميم مفهوم الحداثة
والدكتور إدريس الكنبوري : باحث وإعلامي متخصص في الحركات الإسلامية
يحاول في مداخلته تسليط بع الأضواء على مفهوم الحداثة في علاقتها بالحريات الفردية
الدكتور الزايدي طويل
إذا كان النقاش المجتمعي الدائر حول تعديل القانون الجنائي المغربي.من خلال مراجعة جوانب متعددة منه، خاصة ماله علاقة بحقوق الإنسان. فإن تلك الجوانب لها تأثير مباشر على البيئة الاجتماعية والأسرية المغربية ، لما قد تؤدي إليه من انزلاقات على مستوى مدونة الأسرة . والدكتور الزايدي طويل: أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي يعقد مقارنة بين مشروع القانون الجنائي 10.16 ومدونة الأسرة ” نماذج وقضايا”.
الدكتور سعيد أوبيد، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي في محاولة لتأصيل المسائل المتعلقة بالحق في الحياة وحمايتها، من خلال الموازنة والمقارنة القانونية والشرعية، في علاقة بما تطرحه القوانين والمعاهدات الدولية، هادفا من وراء ذلك الخروج بنص واضح بين الدلالة، لا يتعارض مع أصول الشريعة وقواعدها العامة، من خلال المداخلة التي عنونها ب : الحق في الحياة بين الحماية الشرعية والقوانين والمعاهدات الدولية ”
الدكتورة مريم البردعي : طبيبة إخصائية التغذية وأمراض الجلد التدخلية تقدم في مداخلة لها تفسيرا طبيا لإثار ممارسة بعض الحريات الفردية
محمد احساين