كتبه/ذ-امحمد بلفضيل
في عيد ميلاد المسيح الذي يحتفل به المسيحيون كل سنة يتجدد معه النقاش والجدال ويتكرر هذا السؤال” هل يجوز مشاركة المسيحين في الاحتفال بهذا العيد وتقديم التهاني والتبريكات لهم؟
ان الناس في الإجابة على هذا السؤال طائفتان:
طائفة ترى انه لايوجد أي حرج في المشاركة في الاحتفال بهذا العيد مادام انه مجرد احتفال بميلاد نبي من انبياء الله ولا حرج كذلك في توجيه التهاني والتبريكات للمسيحين لان ذلك يدخل في باب المجاملة والبر الذي أوصى به الله في حق اهل الكتاب.
وطائفة اخرى ترى انه لايجوز باي شكل من الاشكال مشاركة المسيحيين في الاحتفال بما في ذلك توجيه التهاني والتبريكات لهم .
من وجهة نظر شخصية أرى ان الحسم في هذه الموضوع والانتصار لهذا الموقف اوذاك يقوم على أساس الإجابة على السؤال التالي:
هل المسيحيون يحتفلون بميلاد المسيح كما يحتفل أي واحد منا باليوم الذي ولد فيه ام انه احتفال من نوع خاص ؟
الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا تقديم التوضيح التالي:
تقوم المسيحية على قضية أساسية تعتبر هي جوهر العقيدة المسيحية وهي قضية التثليت فالمسيحيون يؤمنون-بجميع طوائفهم- بان الله الواحد الاحد يتكون من ثلاثة اقانيم هي: الاب والابن وروح القدس.
فالاب عندهم ولُدَ الابن ثم انبثق عنه اوعنهما روح القدس -على اختلاف بين الطوائف المسيحية في مصدر انبثاق روح القدس هل هو من الاب او من الاب والابن معا-، ويقولون بان الابن، اللوغوس، اوكلمة الله-كما يسمونه- حل من السماء في مريم العذراء وكون من دمها ولحمها كائنا امتزج به امتزاجا كاملا ثم ولدت مريم العذراء المسيح الذي ولد على طبيعتين الهية وبشرية، لاهوت وناسوت.
ويعتبرون نزول الله او الاقنوم الثاني الابن من السماء وتجسده في صورة بشرية كان من اجل الصلب والفداء لتخليص الناس من الخطيئة الكبرى التي ارتكبها ادم والتي ورثها عنه أبناؤه.
لنقرا ماكتبه احد ابائهم:
” ان مخلصنا الذي تنازل من السماء والذي صار بشرا قد وحد نفسه مع الناس مشاركا في الحياة والطبيعة الانسانيتين.فالمبادرة لم تكن الهية فقط، بل ان زعيم الخلاص كان شخصا الهيا. وكمال طبيعة المسيح الإنسانية يشير الى حقيقة هذا الاتحاد الخلاصي واستقامته أي ان الله دخل التاريخ البشري وصار شخصا تاريخيا”.
ان احتفال المسيحيين بعيد الميلاد هو احتفال بنزول الله من السماء وتجسده في صوره انسان ليتم قتله وصلبه من اجل ان ينال الانسان خلاصه من الخطيئة الموروثة، انه احتفال بتضحيه الله بنفسه من اجل خلاص الانسان….
هذه العقيدة بهذه الصورة تختلف تمام الاختلاف عن عقيدة المسلم الذي يؤمن بان الله الواحد الاحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد والذي ليس كمثله شيء.
وبعد هذا التوضيح البسيط يحق لنا ان نتساءل:
اليس من حق المسلم ان يرفض المشاركة باي شكل من الاشكال في الاحتفال بعيد يصادم عقيدته ومبادئه الدينية؟
ان الاحتفال بعيد الميلاد ليس طقسا اجتماعيا او فلكورا او عادات تقليدية، انه دين وعقيدة…
ان منطق الحرية يفرض علينا ان نحترم موقف الذين يرفضون المشاركة في الاحتفالات كما نحترم موقف الذين يشاركون فيها، اننا نحن المسلمين لن نعاتب مسيحيا على عدم الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف ولن نعاتبه على عدم مجاملته ايانا بالتهاني والتبريكات، ان الناس احرار.
على انه عندنا في المغرب الناس يحتلفون ” بالبوناني” الذي لايعدو ان يكون عندهم تلك الحلوة التي يلتهمونها في راس السنة ويعتبرون ذلك فرصة للفرح والمرح والترويح عن النفس، عيد الميلاد عند هؤلاء ليس الا لهو ولعب منزه عن كل مايرتبط بهذا العيد من معتقدات.
وفي الأخير اقول اننا لما ندافع عن الذين يرفضون الاحتفال بعيد الميلاد ونعتبر ذلك حقا لهم لايجوز لاي كان ان يصادره منهم، نرفض في المقابل اتهام فئة عريضة من المغاربة الذين قلنا بان عيد الميلاد عندهم ليس الا اكل وشرب ولهو ومرح أقول نرفض ان يتهمهم أي كان بالكفر او الشرك اواي اتهام اخر يمس عقيدتهم وايمانهم.
والله ولي التوفيق