قراءة في كتاب:” مستجدات منهاج التربية الإسلامية مقاربات إبستمولوجية وبيداغوجية وديداكتيكية”

0

بقلم/ذ. عبد الحق لمهى
أولا: بيانات الكتاب
• عنوان الكتاب: ” مستجدات منهاج التربية الإسلامية مقاربات إبستمولوجية وبيداغوجية وديداكتيكية”.
• اسم الكاتبين: محمد لهوير ــ مصطفى فاتيحي.
• أجزاء الكتاب: مجلد واحد.
• عدد الصفحات: 238.
• النشر: دار إحياء العلوم الزاهرة.
• الطبعة: الأولى 2020م.
ثانيا: نبذة عن المؤلفين
محمد لهوير: خريج المدرسة العليا للأساتذة، باحث بسلك الدكتوراه جامعة سيدي محمد بن عبد الله، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي بالدار البيضاء. له مجموعة من المشاركات في ندوات ولقاءات تأطيرية وعلمية، عضو في مراكز علمية وبحثية.
مصطفى فاتيحي: دكتوراه من جامعة القاضي عياض مراكش، شهادة الأهلية التربوية بالمدرسة العليا للأساتذة بالدار البيضاء، طالب مفتش بمركز المفتشين الرباط، شارك في العديد من الكتب الجماعية المحكمة والندوات الدولية والوطنية، عضو في مراكز علمية وبحثية.
ثالثا: مقدمة
من المتعارف عليه أن فن تدريس مادة التربية الإسلامية يتطلب إلماما ومعرفة بالمعارف المدرَّسة، وكذا بالطرائق البيداغوجية، والديداكتيكية، الموجهة لحسن تدريس المادة، وجدير بالذكر ثراء الكتب التي تضمنت المعارف المرتبطة بالمادة، بينما يلاحظ قلة المؤلفات التي عنيت بطريقة تعليم المعارف التي جاءت في الوحي وكتب التراث، والكتاب الذي بين أيدينا محاولة إبداعية تسهم في إغناء المكتبة التربوية للمادة، خاصة بعد صدور المنهاج الجديد للمادة سنة 2016م. فما محتوى الكتاب؟ وما الهدف منه ومنهجه الذي اعتمده؟ وهل هناك مزايا تميزه عن غيره من الكتابات؟ وما بعض الملاحظات التي ظهرت من خلال قراءة الكتاب؟ .
رابعا :محتوى الكتاب
يشتمل الكتاب الذي بين أيدينا على تقديم ومقدمة وثلاثة فصول وتحت كل فصل مباحث.
• التقديم : تناول التقديم الذي قدمه المفتش التربوي مصطفى المتاقي، دواعي صدور المنهاج الجديد لمادة التربية وما تلاه من إشكالات في تنزيله وتصريفه الصفي في ظل عدم صدور وثيقة التوجيهات التربوية الموجهة لحسن تنزيله، كما أبرز التقديم أن هذا الكتاب يأتي مساهمة من الأستاذين في الإجابة عن تلك الإشكالات، وبين في الأخير أهداف الدراسة.
• مقدمة : وفيها تبيان للمسار الذي قطعه تأليف الكتاب، ودواعي هذا التأليف المرتبطة أساسا بصدور المنهاج الجديد للمادة (منهاج 2016م)، إضافة لإبراز المقاربات المعتمدة في الكتاب وهي: المقاربة الإبستمولوجية، والمقاربة البيداغوجية، والمقاربة الديداكتيكية.
• الفصل الأول: والموسوم بـــــــ” مقاربات إبستمولوجية للمنهاج الجديد المفهوم والتأصيل والفلسفة”.
في مستهل هذا الفصل تمهيد ألمح فيه الكتاب إلى ردود بعض ردود فعل المهتمين بالمنهاج الجديد، وأشار إلى أهمية التكوين المستمر، كما نبه إلى الحاجة للاستناد إلى البعد الوظيفي للمعرفة في كل المداخل الخمس للمادة، فيكون التركيز على المعرفة لما تحققه من أثر عملي في مسار المتعلم وواقعه.
واشتمل الفصل الأول على مجموعة من المباحث نذكرها كالآتي:
– المبحث الأول : مداخل المنهاج: المفهوم والـتأصيل؛ ومجمل ما ورد فيه تعريف بـــــــ” المفهوم” من خلال استدعاء بعض التعاريف الواردة عند بعض الكتاب، وذلك لما للمفهوم من أهمية تؤدي إلى فهم باقي التفاصيل والجزئيات المرتبطة به. وبعدها وقف الكتاب عند تعريف المداخل مستندا في ذلك إلى كتب التراث وما تضمنته من معان حول التزكية، والاقتداء، والاستجابة، والقسط، والحكمة، ومستحضرا منهاج مادة التربية الإسلامية الجديد وكيف عرَّف المداخل كذلك.
– المبحث الثاني : المقاصد الأربعة للمنهاج وعلاقتها بالمداخل؛ في هذا الصدد تناول الكتاب المقاصد الأربعة للمنهاج وهي كما يلي: المقصد الوجودي، والمقصد الكوني، والمقصد الحقوقي، والمقصد الجودي، وبذل الكاتبان جهدا في تبين وبيان معاني المقاصد السالفة الذكر معتمدين في ذلك على أقوال ونصوص من كتب التراث للتوصل إلى تأصيل معرفي للمقاصد من خلال تلك الكتابات، مع مقارنة ما تم التوصل إليه من خلالها بما ورد من تعريف المنهاج لكل مقصد على حدة. إضافة إلى إبراز الكتاب وجه الترابط بين المداخل الخمس للمادة والمقاصد الأربعة لها، متوصلا إلى نتيجة نجملها في أن فيما ذهب إليه التأليف من أن التعالق موجود بين المقصد الوجودي ومدخلي التزكية والاستجابة، وبين المقصد الكوني ومدخل الاقتداء، وبين المقصد الحقوقي ومدخل القسط، وأخيرا بين المقصد الجودي ومدخل الحكمة.
– المبحث الثالث : القيمة المركزية والقيم الفرعية الناظمة وعلاقتها بالمداخل؛ وقف الكتاب عند معاني القيم الآتية : التوحيد، والحرية، والاستقامة، والمحبة والإحسان. وحاول الربط بين تلك القيم ومداخل المادة بحيث جعل الرابط وثيقا بين قيمتي التوحيد والحرية ومدخل التزكية، وبين قيمة الاستقامة ومدخلي الاستجابة والاقتداء، وبين قيمتي المحبة والإحسان بمدخلي القسط والحكمة.
– المبحث الرابع : قراءة للدرس الحسني في ضوء المنهاج الجديد؛ تعليم الدرس في مدارس المملكة المغربية ومقاصده الكونية للأستاذ أحمد .
في تمهيد المبحث توضيح لمبررات اختيار هذا الدرس الحسني في علاقته بالمادة. وقد حاول الكتاب الاستفادة من هذا الدرس الحسني في مجمل جوانبه المتعلقة بتدريس مادة التربية الإسلامية وسبل تجويدها، انطلاق من عموم الدرس وتفاصيله، وفي هذا السياق قدم الكتابان قراءة تحليلية واسعة لمضمون الدرس مع استخلاص ما يكون عونا على الإسهام في الارتقاء بتعليم الدين في ضوء المنهاج الجديد للمادة.
• الفصل الثاني : مقاربات بيداغوجية للمنهاج الجديد في ضوء التدريس بالكفايات؛ تناول المؤلفان في هذا الفصل من الكتاب جملة قضايا تهم الجانب البيداغوجي للمنهاج الجديد، ومن ذلك علاقة المنهاج الجديد بالوضعية المشكلة، بحيث إن تدريس المادة صار من ضرورياته اعتماد الوضعية المشكلة في مختلف مراحل تدريس المادة، واقترحا نموذجا لبناء درس وفق الوضعية الدامجة من عرض مختلف الإجراءات البيداغوجية لذلك، ووقفا عند المنهاج الجديد وتمثلات المتعلم. ومن أهم ما جاءا به في هذا الصدد التركيز على بيداغوجيا الخطأ باعتبارها من البيداغوجيات النشطة في التدريس، وأفرد المؤلفان، وفي مبحث آخر، قضية المفاهيم في ضوء المنهاج الجديد بحيز من صفحات الكتاب فتناولا المفاهيم تعريفا وكيفية، بناء لها في ضوء المنهاج الجديد وقدما لذلك تصورا بيداغوجيا يكون نبراسا لتجويد الممارسة الصفية، كما لم يفتهما الوقوف على مسألة بناء القيم وفق تصور المنهاج الجديد، وفي مبحث ما، قبل الأخير في الفصل الثاني، نبه الباحثان عن أهمية التمهير وإكساب المتعلم المهارات الأساسية التي يحتاجها في مسار التعلم للمادة، ليختما حديثهما بالتطرق إلى موضوع التقويم في ضوء المنهاج إبرازا لأهم وظائفه وتنبيها لأهم معاييره، انطلاقا من الوثائق التربوية المؤطرة للتقويم.
• الفصل الثالث : مقاربات ديداكتيكية للمنهاج الجديد
عني هذا الفصل من فصول الكتاب بالمقاربة الديداكتيكية للمنهاج إلى جانب المقاربتين الإبستمولوجية والبيداغوجية في الفصول السابقة، وفي أجرأة وتنزيل مضامين المنهاج قدم الكتاب خطة أو مقترحات ديداكتيكية للمداخل الخامس، مستحضرا خصوصية كل مدخل على حدة، وقد اعتبر المؤلفان ما قدماه من اجتهاد في هذا السياق وجهة نظر تكون مساعدة على حسن تنزيل المنهاج، يمكن للمدرس الاستفادة من هذا المنتوج في سياق تدريس المادة مع التجويد والإضافة والتعديل والإبداع فيما يراه مناسبا لتطوير تدريس المداخل الخامس.
ثم ختم الكتاب هذا الفصل بنموذج للتدريس بوضعية مشكلة دامجة، جامعة لبعض دروس المداخل الخمس.
تلا الفصول الثلاثة للكتاب، عشرة ملاحق هي الآتي:
 الملحق الأول : الدرس الحسني للأستاذ أحمد أيت إعزة، وفيه عرض لمتن الدرس الحسني كما ألقاه المحاضر أمام جلاله الملك أعزه الله ونصره.
 الملحق الثاني : منهاج مادة التربية الإسلامية للسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، كما صدر عن الوزارة الوصية سنة 2016م .
 الملحق الثالث : الإطار المرجعي للامتحان الموحد الجهوي لنيل شهادة السلك الإعدادي، كما صدر عن الوزارة الوصية.
 الملحق الرابع : الإطار المرجعي للامتحان الموحد الجهوي للسنة الأولى من سلك الباكالوريا، كما صدر عن الوزارة الوصية.
 الملحق الخامس : الإطار المرجعي لمستوى الثانية بكالوريا تأهيلي أحرار، كما صدر عن الوزارة الوصية.
 الملحق السادس : مقترح إطار مرجعي لمستوى الجذع مشترك ثانوي تأهيلي، وهو اجتهاد من المؤلفين بناء على الوثائق التربوية المؤطرة للمادة، خاصة في الثانوي التأهيلي وبالأخص مستوى الجذع المشترك، وقد حرصا على تضمنيه مجمل العناصر الأساسية كما هي في وثيقة الأطر المرجعية للمستويات الأخرى (الأولى والثانية بكالوريا).
 الملحق السابع : مذكرة التقويم لمستوى الثانوي الإعدادي، كما صدرت عن الوزارة الوصية.
 الملحق الثامن : مذكرة التقويم لمستوى الثانوي التأهيلي، كما صدرت عن الوزارة الوصية.
 الملحق التاسع : نموذج فرض في المراقبة المستمرة وفق الإطار المرجعي (السنة أولى بكالوريا)، تضمن دروس الفرض وسياقه، مع تعليمات عبارة عن أسئلة لمقترح الفرض.
 الملحق العاشر : امتحانات مهنية، تنوعت بين نماذج امتحانات الكفاءة المهنية لولوج الدرجة الأولى، ومباراة الدخول إلى مسالك التكوين بمركز تكوين مفتشي التعليم، مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الثانوي الـتأهيلي من الدرجة الأولى.
خامسا: هدف الكتاب ومنهجه
أ- هدف الكتاب
من خلال إمعان النظر في الكتاب يمكن القول بأن القصد من تأليفه هو الإسهام في تقديم إجابات بمختلف المقاربات (إبستمولوجية، بيداغوجية،وديداكتيكية) على أهم الإشكالات التي اعترت عملية التنزيل الديداكتيكي أثناء الممارسة الصفية بعد صدور وثيقة المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية.
ب- منهج الكتاب
 المنهج التوثيقي : ويظهر من خلال كون الكتاب جمع المادة الكتاب من مصادر ومراجع مختلفة، وعمل على إعادة تركيبها تركيبا متناسقا، بما ينسجم وطبيعة المؤَّلَّف.
المنهج التحليلي الوصفي : جمع الكتاب بين المنهج الوصفي والتحليلي، فأما الوصفي فيفهم من خلال إيراد جملة من المعارف وتضمنيها الكتاب كما هي في متونها ومظانها الأصلية دونما تصرف فيها بيانا وشرحا وتفصيلا، وأما المنهج التحليلي، فيبدو جليا من خلال عملية التفكيك والتحليل والنقد التي حفل بها الكتاب.
سادسا: مزايا الكتاب
الناظر في الكتاب يجده متميزا بمجموعة من الميزات شكلا ومضمونا:
على مستوى المضمون:
 الكتاب الذي بين أيدينا ثمرة جهد علمي وخبرة ميدانية في مجال تدريس مادة التربية الإسلامية، فالمؤلفان أستاذان ممارسان لمهنة تدريس المادة مدة معينة، مما مكنهما من اكتساب خبرة بفن تدريس المادة والإحاطة بفلسفة وثائقها التربوية ومنها المنهاج الجديد، أضف إلى ذلك المشاركات العديدة التي تقدما بها وقدماها في ندوة مختلفة ذات الصلة بتدريس المادة، علاوة على كونهما من الكفاءات العلمية بحصولهما على شواهد عليا، (دكتوراه) لأحدهما والآخر في طور التكوين للحصول على الشهادة المذكورة.
 تميز الكتاب بالإضافة النوعية التي قدمها تحديدا في الفصل الأول من الكتاب، من خلال المقاربة المعرفية (الإبستمية) للمداخل الخمس للمنهاج، فإذا كان المنهاج اكتفى بوضع تعاريف لمفاهيم التزكية، والاقتداء، والاستجابة، والقسط، والحكمة، فإن الكتاب عمل على الاجتهاد لتأصيل تلك المفاهيم من خلال الوقوف على تلك المعاني انطلاقا من مرجعية القرآن والسنة، تأكيدا لما تضمنه المنهاج. وبالرجوع إلى كتب التراث وما تضمنته من المعاني المفيدة في سبيل مزيدا من تعميق التأصيل لهذه المفاهيم من جهة، ومن جهة أخرى دفعا لكل شبهة أو التباس يدعي عدم أصالة المفاهيم في الحقل المعرفي الإسلامي، أو التعسف في ابتكار المداخل بناء على مرجعية الإسلام وهديه.
 حضور ذات المؤلفين في متن الكتاب: لم يكتف الكتاب بجمع معلومات وتضمينها صفحاته، بل تجد من كَتب ورسم كلماته حاضرا من خلال التحليل والتفكيك والمقارنة والنقد لما يحتاج إلى واحدة من تلك المهارات. خاصة في الفصول الثلاثة من الكتاب.
 لغة الكتاب: القارئ للكتاب من المتخصصين والمشتغلين بحقل التربية خاصة، يستطيع مواصلة مسار مطالعة الكتاب بسلاسة ذلك أن الأسلوب واللغة التي صيغ بها الكتاب في متناول القارئ لا صعوبة فيها.
 البعد التكاملي: يلاحظ أن الكتاب استثمر مجموعة من المعارف المرتبطة بحقل معرفي آخر، مما يشير إلى التكامل المعرفي في تأليف الكتاب.
 الدعامات: الملاحظ للكتاب يجد حضورا مهما للدعامات (نصوص شرعية أو فكرية)، ولا شك أن هذا الإبداع الديداكتيكي ينسجم مع بيداغوجيا الكفايات، بحيث تحمل المتعلم على بذل جهد في استنباط واستخراج ما تضمنته الدعامات من المعاني والحكم والأحكام والقيم والعبر، بتوجيه من المدرس، عكس ما يعرف بالطرق التقليدية التي تلقن المتعلم كل ما سبق أكثر مما تساعده على بناء المعرفة واكتساب مهارة التعلم والفعل.
على مستوى الشكل:
 حضور الألوان و الرسومات مما يضفي نوعا من التنوع على مستوى الفني للكتاب، فلم يخرج الكتاب كله كلمات فقط بما تحمله لفظة كلمة من معنى ( اسم ، وفعل، ثم حرف الكلم)، كعادة كثير من الكتب والمؤلفات، والدليل على ما قيل في هذا السياق مثلا واجهة الكتاب التي تضمنت رسم تخطيطا دائريا يضم ويوضح القيمة المركزية والقيم الناظمة للمنهاج الجديد ووجه التعالق بينهما، بحيث جعلت القيمة المركزية في الوسط وأحاطت بها القيم الفرعية الأخرى.
سابعا: ملحوظات
المجهود العلمي والتربوي الذي بين أيدينا لا يكاد يخلو من ملاحظات حوله، ومنها:
 عنوان الكتاب مستجدات منهاج التربية الإسلامية، أرى أنه يحتاج إلى إعادة صياغة حتى يكون أكثر انسجاما مع مضمون الكتاب الذي يدور حول مادة التربية الإسلامية، فيكون العنوان هو: “مستجدات منهاج مادة التربية الإسلامية”، وجدير بالذكر أن هذه الملاحظة لا تهم الكتاب فقط، وإنما تتعداه إلى واضعي المنهاج بغية إعادة تسميته بدلا من تسميته التي هو عليها الآن ” منهاج مادة التربية الإسلامية” والذي لا يتميز عن منهاج التربية الإسلامية بمعناها العام الذي يشترك فيه الفاعل التربوي المدرسي وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تعنى بالتربية الإسلامية كذلك، ولا أظن هذا الأمر يخفى على أهل صناعة القرار التربوي ومختلف الفاعلين والمهتمين بهذا المجال.
 في المبحث الأول من الفصل الأول والذي جاء تحت عنوان” مداخل المنهاج : المفهوم والـتأصيل”، يلاحظ أن الكتاب عند تعريفه للمداخل الخامس، ولنأخذ على سبيل المثال تعريف مدخل التزكية، ففيه تعريفا للتزكية مفردة فقط وليس تعريف مدخل التزكية مركبا، وقس على ذلك تعريف باقي المداخل، وإن كان الكتاب توقف عند تعريف المدخل، لكنه لم يخلص إلى صياغة تعريف للمركب ” مدخل التزكية” .
 عندما يقف القارئ عند المبحث الثالث من الفصل الثالث، وتحديدا عندما يقرأ بعض العناوين ” استنباط حكم الطلاق” يخيل إليه أو يختلط عليه الأمر خاصة غير المتخصصين، ولذلك يقترح شكل العبارتين دفعا لكل خلط أو لبس بينهما. والتعبير الصحيح هو ” استنباط حُكْمِ الطلاق ” و” استنباط حِكَمِ الطلاق” .
 من حسنات الكتاب أن تقدم بمقترح وضعية مشكلة دامجة لجملة من الدروس، وإن كان من الأفضل لو قدمت مع الدروس التي قدمها الكتاب في المبحث الأول والثاني والثالث والرابع والخامس من الفصل الثالث، بحيث فصل الكتاب من خلالها في التدبير الديداكتيكي لنماذج من الدروس، ولم يقدم وضعية مشكلة دامجة لهذته الدروس، كما عمل الباحثان على تقديم مقترح إطار مرجعي لمستوى الجذع مشترك ثانوي تأهيلي ، محاولة لسد الفراغ التشريعي فيما يخص هذا المستوى التعليمي، بحيث لا يوجد وثيقة تربوية رسمية تؤطره إلى حدود الآن .
 يعتبر درس المؤلفات عنصرا من عناصر مادة التربية الإسلامية خاصة في شعبة العلوم الإنسانية لمستوى الثانية بكالوريا. والقارئ للكتاب يلحظ غياب التطرق لطريقة تدريس كتاب تدريس السيرة النبوية دروس وعبر للدكتور مصطفى السباعي، وإن كانت هناك كتابات توضيحية لطريقة التدبير الديداكتيكي للمؤلفات، ولكن لما صدر المنهاج الجديد يطرح السؤال: ما العمل وما موقع المؤلفات؟ خاصة وأن السيرة النبوية صارت أكثر حضورا في المنهاج الجديد، وتحديدا في مدخل الاقتداء الذي كان غالب مادته العلمية حول السيرة النبوية العطرة.
 موضوع الكتاب هو مستجدات منهاج التربية الإسلامية، ومعلوم أن المنهاج يشمل السلكين الإعدادي والتأهيلي، والمتأمل لأغلب مادته العلمية يستطيع القول بأنها مفيدة لأساتذة السلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، إلا أن ما تناوله المؤلفان في الفصل الثالث من مقاربة ديداكتيكية مقتصرين فيها على دروس الثانوي التأهيلي، يستفيد منه أساتذة السلك التأهيلي أكثر من السلك الإعدادي للتركيز الحاصل على دورس التأهيلي كما سبق الذكر.
 إذا كانت الخاتمة واحدة من هندسة البحوث العلمية والكتابات، فإنه يلاحظ غياب خاتمة للكتاب.
 بعض الأخطاء المطبعية في الملاحق وتحديدا الملحقين الرابع والخامس، حيث جاء الملحق الرابع على الشكل الآتي: “الإطار المرجعي للامتحان الموحد الجهوي لنيل شهادة السلك الإعدادي “، والصواب هو :” الإطار المرجعي للامتحان الموحد الجهوي للسنة الأولى من سلك الباكالوريا”. والدليل على هذا التصويب ما جاء في متن الكتاب. أما الملحق الخامس والذي جاء في الكتاب كما يلي: “الإطار المرجعي للامتحان الموحد الجهوي للسنة الأولى من سلك الباكالوريا “فالصواب فيه هو: ” الإطار المرجعي لمستوى الثانية بكالوريا تأهيلي أحرار”، والدليل على صحة التصويب ما جاء في ثنايا الكتاب.
ثامنا: خاتمة
صفوة القول، إن تدريس مادة التربية الإسلامية يتطلب مواصلة الجهود في إبداع السيناريوهات الديداكتيكية بغية تيسير فهم المعرفة الشرعية أكثر، وإكساب المتعلم مهارات حياتية انطلاقا من دروس المادة، وإحسان عملية التمهير لتسهيل التعامل مع التقويم بمختلف أنواعه، ذلك أن التقويم واحد من مخرجات التدريس.
كما أن الواقع يتجدد، وهو ما يتطلب من الفاعل التربوي للمادة التكوين المستمر في فنون التدريس، وخاصة ما تعلق بطرائق الإقناع بصوابية المعرفة الشرعية، في ظل تجدد الشبهات والوضعيات المشكلة في واقع المتعلمين، الشيء الذي يتوجب معه العمل على تمكين المتعلم من أدوات ومهارات تدفع إلى الاقتناع أولا بالمعرفة التي يدرس في أفق تبنيها والدفاع عنها بكل قواعد المعرفة والعلم.
بقلم: عبد الحق لمهى.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.