مادة التربية الإسلامية وحاجتها إلى البحث الميداني التدخلي

0

hssain 1141f

الأستاذ محمد احساين

 

hssain 1141f

     في إطار البحث الميداني المتعلق بمادة التربية الإسلامية، ونظرا لقلة البحوث المؤسساتية والأكاديمية المرتبطة بالموضوع، ونظرا لما يكتسيه الموضوع من أهمية في خدمة مادة التربية الإسلامية والارتقاء بأدائها وتطوير تدريسيتها وتنمية الكفايات المستهدفة بها من معارف ومهارات وقيم…. تعمل الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية من خلال موقعها على رصد بعض البحوث التربوية الميدانية ونشرها، بهدف تقريبها لمدرسي المادة والمهتمين بها للاستفادة من مضامينها، والبناء عليها في إنجاز البحوث والدروس والدراسات…

    فلا شك أن البحوث المتعلقة بمادة التربية الاسلامية في جانبها الميداني التطبيقي التدخلي تعد ضئيلة قياسا بما هو موجود على المستوى النظري رغم قلته، فقد كانت لي فرصة حضور جلسات ولقاءات مع دكاترة الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الخامس من تنظيم شعبة ومنسقية الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط حيث اطلعت على مجموعة من مشاريع البحوث المسجلة في سلك الدكتوراة فوجدت أغلب عناوينها موجهة توجيها نظريا تتعلق بالبحث في الجوانب الفقهية والشرعية والفكرية… قد تسفر عن نتائج وخلاصات واقتراحات متجاوزة، لا تخدم قضية، ولا تعالج مشكلة، فثار انتباهي غياب شبه تام لمشاريع مرتبطة بقضايا التربية الإسلامية وإشكالاتها الديداكتيكية والتقويمية والقيمية والمهاراتية، ومما زاد في استغرابي أن أغلبية الطلبة المسجلين في سلك الدكتوراة من الأساتذة الممارسين لمهام تدريس التربية الإسلامية والذين كان بإمكانهم تطوير مؤهلاتهم التدريسية  وإفادة زملائهم وإعطاء نفس تجديدي في تدريس المادة من خلال تقصي قضاياها في الواقع المعيش وإكراهاتها بالنسبة لكل المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية، والبحث فيها، وتحديد اشكالياتها، ومحاولة اقتراح بدائل لتجاوزها… وهذه ملاحظة سبق لي أن وجهتها لبعض الأساتذة والمفتشين المشتغلين بالبحث الأكاديمي في جانبه التربوي؛ ذلك أن البحوث من هذا الصنف قد لا نجد لها أثرا في الدراسات الإسلامية العليا؛ مما يجعلنا أمام انعدام دكاترة متخصصين في ديداكتيك مادة التربية الإسلامية وهو ما يحرم المادة وأساتذتها من سلك التبريز ويعتبر المبرر الذي  تعتمده الوزارة لإقصاء أساتذة المادة من التبريز إسوة بغيرهم من أساتذة المواد الأخرى، وهنا أجد بعض المؤسسات التأهيلية تشجع مثل هذه المحاولات كما كانت كلية علوم التربية والمركز الوطني لتكوين مفتشي التعليم والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في شعب الدراسات والتربية الإسلامية، وأمام هذا النقص الملاحظ تحاول الجمعية ووفق أهداف تأسيسها العمل على خدمة المادة وتطوير أدائها  من خلال تأهيل أطرها والانفتاح على الحياة المدرسية من أجل تحبيب المادة لدى متعلميها وتقريب مضامينها وتفعيل قيمها، وترسيخ كونها مادة هوية وحياة ومصير بأهدافها وكفاياتها ومبادئها وقيمها… ومن هنا تأتي مبادرة تشجيع الباحثين الشباب المتخرجين في مراكز التكوين على نشر إنجازاتهم البحثية. ولعل البحث الذي بين أيدينا والمتعلق ب ضعف مشاركة المتعلم في مادة التربية الإسلامية والمنجز من طرف الأستاذين المتدربين: محمد الڭرني ورشيد مراد، إحدى هذه المبادرات التي نتمنى لها الدوام والاستمرار.

      فالبحث يتناول علاقة المتعلم بمادة التربية الاسلامية ونحن هنا لسنا بصدد الإنابة عن متصفح موقعنا في قراءة البحث وتحليله ومناقشته وإغنائه؛ بقدر ما نضعه في سياقه العام بالنسبة لجهود الجمعية في تطوير مادة التربية الاسلامية،  فالبحث يحاول الإجابة عن تساؤل أساس مرتبط بأسباب ضعف مشاركة المتعلمين في حصة التربية الإسلامية منطلقا من بعض الفرضيات المتعلقة بالمقرر الدراسي والمدرس والمتعلم… مركزا أساسا على بعض العوامل السيكولوجية المؤثرة في تحصيل المتعلم في مادة التربية الاسلامية. والبحث في حدود إمكاناته وظروفه جد متواضع حيث يعتبر تدريبا على البحث ومقدمة للبحوث التربوية التدخلية التي نحتاجها في الميدان التربوي لمعالجة كثير من القضايا والإشكالات المرتبطة بالتعلم والتعليم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تجاوز ضعف التحصيل لدى المتعلم قد يتجاوز العوامل النفسية إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية… والأهم من ذلك العوامل الديداكتيكية والعلاقات التواصلية والخطاب التربوي وإشكاليات التعاقد الديداكتيكي، ومدى تأهيل أطر التدريس واستمرارية تكوينهم، ومدى قابليتهم   الانفتاح على المستجدات التربوية والبيداغوجية، والاجتهاد في إبداع  أنشطة تعليمية تعلمية وتقويمية…. مما يسهم في تحبيب المادة لدى المتعلم وتشجيعه على الإقبال على الدراسة والبحث والتفكير في أنشطتها وواجباتها والجدية في تقويمها… وكل هذا ينعكس إيجابيا على أثرها القيمي والسلوكي لدى المستهدفين بها.

                                                                     محمد احساين

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.