سعد الدين العثماني
في هذا العصر المتميز بالسرعة وكثرة الضغوط وأنواع القلق تزداد المخاطر على استقرار الإنسان وطمأنينته، وبالتالي على صحة نفسه، وفي هذا السياق يرى الدكتور سعد الدين العثماني، أن الشخص صاحب الصحة النفسية الجيدة هو شخص يحس بما يكفي من الثقة ليتكيف مع وضعية لا يملك أن يغيرها أو ليعمل على تغييرها إن أمكن، هذا الشخص وفق المتخصص في الطب النفسي، يعيش متحررا من المخاوف والجراحات القديمة التي كان من الممكن أن تربك حاضره أو تؤدي إلى اضطراب رؤيته للعالم.
والشخص ذو الصحة النفسية الجيدة حسب الدكتور العثماني، هو القادر على الشعور بالمتعة في علاقاته بالآخرين، مشيرا إلى أنه كما نتحدث عن اللياقة البدنية كذلك نتحدث عن اللياقة النفسية فهي الأخرى تحتاج إلى سمات ومواصفات على قدر تحققها تكون الصحة النفسية أفضل وأليق، فالشخص غير الناجح في علاقاته مع الآخرين، والذي تتسم حياته بالاضطراب وسوء التكيف لا يمكن أن يوصف بأنه يتمتع بصحة نفسية سليمة، وذلك على الرغم من خلوه من أعراض المرض النفسي.
ثم إن الصحة النفسية، يقول الدكتور العثماني، ليست حالة ساكنة بل هي حالة ديناميكية تشهد صعودا وهبوطا وتنتج عن جهد متواصل وبحث مستمر عن استقلالية الشخصية وعن سعادتها وليس فيهما كمال أو خط نهاية، والسبب في ذلك أن حالة الصحة النفسية هي نتيجة لعدد من العوامل الوراثية والبيولوجية والعضوية والنفسية وتلك المرتبطة بالمحيط.
وهكذا عندما تكون لدى الفرد صحة نفسية جيدة فيمكنه على العموم أن يؤدي عمله بانتظام، وأن يتكيف مع الظروف الخارجية، ويربط علاقات اجتماعية، أما عندما يختل التوازن فإن كل شيء يصبح صعبا ويصبح حملا ثقيلا على النفس وعلى الناس، يقول الدكتور العثماني.
ويعتبر المتخصص في الطب النفسي، أن الكثيرين لا يحسون بالسعادة ولا بالاستقرار النفسي، لكن الناس المحيطين بهم لا يدركون ذلك، وإن أدركوه لا يعرفون كيف يقدمون لهم العون والدعم، لذلك فهي لا تعني الفرد وحده، ولكنها تعتبر شأنا جماعيا، كما تعتبر العناية بها وتحسينها غنى للمجتمع بأكمله، لأن ضعفها أو تضررها لا يؤثر على الفرد وحده، بل يسبب مفاسد جماعية ومجتمعية بعيدة المدى.