قيمة التسامح في منهاج التربية الإسلامية المفترى عليه

0

محمد احساين
  شاهد المقال بصغة pdf قيمة التسامح في مادة التربية الإسلامية

تقديم:

التسامح كلمه تشير إلى الممارسات التي تقضي بنبذ التطرف أو ملاحقة كل من يعتقد أو يتصرف بطريقة مخالفة قد لا يوافق عليها المرء.( – موسوعة وكيبيديا الحرة : تعريف التسامح ) فهو يحمل دلالة قبول اختلاف الآخرين – سواء في الدين أم العرق أم السياسة …. أو عدم منع الآخرين من أن يكونوا آخرين أو إكراههم على التخلي عن آخريتهم كما عبر عنه “إعلان مبادئ التسامح” الصادرعن المؤتمر العام لليونسكو في عام 1995 . وضد التسامح التعصب الذي يعني عدم قبول الحق عند ظهور الدليل ، بناء على ميل إلى جهة أو طرف أو جماعة أومذهب أوفكر أو طائفة …وهو من العصبية المتجلية في ارتباط الشخص بفكر أو جماعة ، والانغلاق على مبادئها ؛ حيث الشخص المتعصب يرفض الحق الثابت ، ويصادر الفكر الآخر، ولا يعترف بوجود كل ما هو آخر أصلا ( عصام عبد الله – التسامح وقبول الاخر – مشروع السلام العالمي – من منشورات مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية ص 14 )
و يتشابك مفهوم التسامح مع مفاهيم أخرى عديدة مثل مفهوم التنوع والخصوصية والمواطنة والجماعة السياسية الواحدة، حيث يفترض التسامح أن هناك تنوعًا وتعددًا فى المجتمع أيًا كانت طبيعته، وأن هذا التنوع تتم ترجمته فى صورة آراء وممارسات، ولعل أساس هذه الفكرة يكمن فى ارتباط النشأة التاريخية للتسامح بتعدد الفرق والطوائف الدينية والسياسية المتناحرة … ولمحاولة إيجاد طريقة بمقتضاها تتمكن هذه الطوائف والشيع المختلفة من التعايش معًا.
فالحديث عن التسامح، أو الحث عليه مرتبط بالتعددية المجتمعية وحتمية الاختلاف، كضرورة كونية طبيعية اقتضتها حقيقة الوجود الإنساني وما يتطلبه من تنوع واختلاف ، وبذلك يصبح التسامح بين المختلفين سنة كونية، ” ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا ” ( فاطر 43)، مصداقا لقوله تعالى :” ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ . ( المائدة 48 )”. وقوله تعالى:” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( هود 118 – 119 ) وقوله تعالى” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس 99 ) فالمبدأ القرآني يدل صراحة على ان من طبيعة الأشياء وسنة الحياة أن تتنوع الأفكار وتتعدد الحضارات وتتباين الثقافات؛ لأن الخالق سبحانه خلق البشر مفطورين على هذه الطبيعة، مما يجعل كل عمل أو سعي أو محاولة لتغيير هذه الطبيعة بقوة الفكر أو سطوة النفوذ السياسي أو بهيمنة التأثير الاقتصادي او بفرض الفكرة الواحدة هو مما يتعارض وطبائع الأشياء ( في البناء الحضاري للعالم الاسلامي – منشورات الاسيسكو – عثمان التويجري ص159 ) إذ الإنسان مفطور على الاختلاف ، ومرهون بالمغايرة وعدم التطابق، ولا معنى للتعارف والتقارب إذا كانت الأمور كلها تستدعي التماثل سواء في الفكر أو العقيدة … وربما كان التسامح هو الوئام في سياق الاختلاف والتباين ( عصام عبد الله – التسامح وقبول الاخر – مرجع سابق ص 18 )

التسامح قيمة مركزية في الثقافة الإسلامية
اعتبر الإسلام الناس جميعًا أسرة واحدة يرجع نسبهم إلى أب واحد وأم واحدة.. ورسالته السمحة رسالة شاملة موجهة إلى جميع الناس، وصان الإسلام الكرامة الإنسانية، ونبذ العنصرية والتعصب الدينى ، وقام على العدل والمساواة التامة، فقد دعا القرآن الكريم إلى التقوى والتشاور والتآزر والتواصى والتراحم والتعارف، وكلها من صفات التسامح، مؤكدًا حق الاختلاف بين البشر ، كم تعتبر قيمة «التسامح» تشير إلى إحدى خصائص المجتمع المسلم، وتعتبر فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، والإسلام بعالميته وشموليته وقيمه يأمر بالعدل وينهى عن الظلم ويرسي دعائم السلام في الأرض، ويدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. فالجميع ينحدرون من (نفس واحدة)، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾.(النساء 1) ويعترف بوجود الغير المخالف فرداً كان أو جماعة، وبشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصور والممارسة .
والإسلام دين يسعى من خلال مبادئه وتعاليمه إلى تربية أتباعه على السماحة و التسامح إزاء كل الأديان والثقافات. فقد جعل الله الناس جميعاً خلفاء في الأرض ، وجعلهم شركاء في المسئولية عنها، ومسئولين عن عمارتها مادياً ومعنوياً ، يقول القرآن الكريم: ” هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ” (هود 62. ) ومن أجل ذلك ميّز الله الإنسان بالعقل وسلّحه بالعلم حتى يكون قادراً على أداء مهمته وتحمل مسئولياته في هذه الحياة.
ويعتبر الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله السماحة أول أوصاف الشريعة وأكبر مقاصدها:
حيث يقول رحمه الله : ” فالسماحة هي السهولة المحمودة في ما يظن الناس التشديد فيه ، ومعنى كونها محمودة أنها لا تفضي إلى ضرر وفساد. …و حكمة السماحة في الشريعة أنها دين الفطرة ، وأمور الفطرة راجعة إلى الجبلة ، فهي كائنة في النفوس، سهل عليها قبولها، ومن الفطرة النفور من الشدة والإعنات، وقد أراد الله تعالى أن تكون شريعة الإسلام عامة ودائمة فاقتضى ذلك أن يكون تنفيذها بين الأمة سهلا فلا يكون ذلك إلا إذا انتفى عنها الإعنات فكانت سماحتها أشد ملاءمة للنفوس لأن فيها راحة لها” ) محمد الطاهر بن عاشور. مقاصد الشريعة الصفحات 60، 61، 62 ( بتصرف )
ويقوم التسامح في الإسلام على الاعتراف بحرية وكرامة كل إنسان، ومع كل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والثقافية والدينية والأيديولوجية.

قيمة التسامح مدخل للسلم والتفاعل الحضاري
كان سلوك التسامح بين المسلم وغيره سبيل للتبادل الثقافي والتلاقح الحضاري ، ويشهد التاريخ أن قاعدة التسامح التي يقوم عليها الإسلام فتحت أمام الأمة الإسلامية السبيل إلى الاحتكاك الواسع بالأمم والشعوب ، وشجعت الحضارة الإسلامية على التفاعل مع الثقافات والحضارات جميعا. وإذا نظرنا إلى الإسلام من حيث مبادئه وتعاليمه الأصيلة نجده أرقى الأديان في تحقيق مبدإ التسامح الذي هو القاعدة الأولى للتفاعل الحضاري ( أحمد أمين – يوم الإسلام – دار الكتاب العربي – بيروت 1952 ص 180 – 181 ) و يوضح هاني أحمد فقيه أنَّ أصل علاقة المسلمين بغيرهم هو السِّلم والتسامح بقوله : ” لقد ذهَب المسلمون الأوَّلون في تسامحهم الدِّيني، واعترافهم بالآخَر، حدَّ أنَّهم عندما فتَحوا بلادَ الأندلس واستقرُّوا بها، لم يكتفوا بمنح السُّكَّان الأصليِّين – من اليهود والنصارى – حقَّهم في العيش بأمان، وفي حرية التعبُّد، وبِناء الكنائس والبِيَع، والبقاء على عاداتهم الموروثة، بل لقد قرَّبوهم، وقلَّدوهم أرفعَ الوظائف والمهامِّ في الدولة، لا فَرْقَ بينهم وبين غيرهم من أبناء المسلمين). خُطواتٌ في فِقه التعايُش والتَّجديد – دار الفتح للدراسات والنشر – عمان الأردن الطبعة: الأولى: 1431 هـ – 2010م صص: 28 – 31 معتبرين أن قيمة التسامح وحسن تصريفها مفتاح للتفاعل الحضاري وهذا التفاعل الحضاري هو الذي يجنب الإنسانية السقوط الحضاري أو ازمة الحضارة بما يستوجبه من التزام قاعدة التسامح كقيمة مركزية للتعامل البشري ، وعندما يتحول التسامح الى احترام متبادل كقيمة ناتجة عنه فان نوعية العلاقات ترتقي بشكل واضح ، باعتبار أن هذا الاحترام المتبادل يشكل أساسا لإقامة مجتمع تعددي لا يتميز بالاستقرار فحسب ؛ بل باحترام تنوعه الذي يغنيه ( جيران في عالم واحد – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – ع 201 ص 72 ) . ولعل هذا ما كان يطمح إليه ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص في ديباجته على ” تصميم شعوب العالم على أن تأخذ أنفسها بالتسامح وأن تعيش معا في سلام وحسن جوار خاصة في الوقت الذي تتصاعد فيه موجات التحريض والتشويه التي تنشر روح الكراهية والخوف وتؤثر على استقرار الأوضاع العالمية والعلاقات بين الشعوب؛ حيث يصبح مفروضا على المجتمع العالمي أن يؤكد من جديد أهمية التسامح واحترام الآخر، احترام الأشخاص الآخرين والأجناس الاخرى والمعتقدات الأخرى والثقافات الأخرى، كما ينبغي أن يعقد العزم على دعم هذه القيم وتوفير الحماية ضد الأعمال التي يقوم بها أولائك الذين يدنسونها ( جيران في عالم واحد – مرجع سابق ص 73 )

أهمية التسامح في التربية الإسلامية :
– تعزيز الوحدة الوطنية والاجتماعية ، فوحدتنا الاجتماعية والوطنية اليوم، بحاجة إلى غرس قيم ومتطلبات التسامح في فضائنا الاجتماعي والثقافي والسياسي
– تعزيز المنظومة الحقوقية : فالتسامح يفتح آفاقاً جديدة في فهم حقوق الآخرين وواجباتهم تجاه غيرهم وعدم فرض قيود على الآخرين .
– تحقيق العدالة: التسامح يكرس مفهوماً تكاملياً جديداً للعدالة في المجتمع ويضيف أبعاداً أكثر أهمية من خلال المناصفة وتوزيع الحقوق على الجميع بشكل عادل ومساوٍ.
– التسامح الاجتماعي مجال خصب لصناعة الأفكار وتأصيل الوعي : يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرفق رأس الحكمة). كما يدعو لفهم الأفكار واستيعابها ويعمل على استحواذ انتباهنا لخلفيات كافة الأفكار المحيطة بنا وخاصة أفكار الآخرين المنافسين أو الأنداد، ويشكل خلفية ثقافية تثري الساحة الثقافية وتحدث موجة من التلاقح الفكري والحيوي والثقافي مما يؤسس لإحداث تجديد فكري وثقافي في الأمة
– التسامح تدريب على ممارسة النقد الذاتي: من خلال توجيه التفكير نحو الحقيقة والوصول إلى جوهر الفكرة وأصالتها، ، والبحث عن الحقيقة و نصرة الحق.لا التفكير بنزعات النفس والهوى الملازم للفكرة
– التسامح ضرورة وجودية: التسامح ( خاصة الديني ) ذو بُعد وُجودي، ذلك أن سُنّة الوجود قد اقتضت أن يكون وجود الناس على الأرض في شكل تجمّعات بشرية، والحرص على البقاء والرغبة في التّمكّن من مقوّمات الحياة والسّعي في إقامة التمدّن. وقد صرّح القرآن بهذه الحقيقة الوجودية فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13)

قيمة التسامح والمعرفة المدرسية
للمدرسة والمعرفة التي تقدمها أهميتها في بناء وترسيخ القيم ، وتعتبر الممارسة التربوية سبيل لإنتاج وإعادة انتاج القيم التي من خلالها يتم تحويل الفرد من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي؛ ذلك أن إرساء القيم بالمدرسة تكتسي أهمية خاصة توازي بل تفوق أهمية المعرفة المدرسية ؛ لأن جميع المعارف المدرسية يجب أن تخضع للقيم وتتضمنها كما يجب تضمين القيم في كل الأنشطة التربوية المدرسية (عبد الرحيم الحسناوي – الثقافة المدرسية – مجلة علوم التربية – ع 40 ماي 2009 ص 36) ولذلك يعتبر موضوع التربية على القيم إشكالية وانشغالا مستمرا بالمدرسة المغربية يتمحور في كيفية تحويل القيم باعتبارها مكونات نفسية مكتسبة توجه الفكر والسلوك لدى الفرد إلى اقتناع والتزام وممارسة (محمد بلهادي – إشكالية القيم في المنظومة التربوية– مجلة علوم التربية – ع 12 يونيو 2012 ص 54 ) ذلك أن المدرسة تقوم بوظيفة نقل القيم موازاة مع وظيفتها التعليمية ؛ بل إن التربية والقيم وجهان لعملة واحدة ، يشكلان علاقة تكاملية وتلازمية في نفس الآن، مما يعمل على تشكيل المعنى في العملية التربوية، وترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديموقراطية، باعتبارها:
– مؤسسة اجتماعية وقناة إيديولوجية رسمية.
– ليست فضاء محايدا اجتماعيا تنقل فيه المعارف العلمية فقط
– مجال لترسيخ القيم باعتبارها معايير وغايات وجود؛
– تثبيت الإطار القيمي حفاظا على توازن المجتمع واستقراره
وقد عرفت المناهج الدراسية تغييرا في اتجاه استهداف العديد من المفاهيم الحاملة للقيم من خلال اعتمادها بيداغوجيا الكفايات ومدخل القيم و تركيزها على المتعلم – الإنسان في علاقته مع نفسه وخالقه وغيره بترسيخ مجموعة من القيم والاتجاهات التي ركز عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والوثائق الصادرة بشأن تفعيلها،
فالميثاق الوطني ينطلق من غاية قيمية كبرى تتجلى في “ تكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة.. / تنشئة المتعلم على الاندماج الاجتماعي ، واستيعاب القيم الدينية والوطنية والمجتمعية…ومن أجل ذلك ينص ويحدد القيم التي تشتغل عليها منظومة التربية والتكوين كالآتي :
– قيم العقيدة الإسلامية؛
– قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية؛
– قيم المواطنة ؛
– قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية؛
وهي قيم مركزية ينبغي التركيز عليها أثناء وضع البرامج والمناهج وإنتاج الكتب المدرسية واختيار المدخلات البيداغوجية .. ” حيث تنطلق من منظور يراعي مواصفات المتعلمين ويعتبر المدرسة مجالا خصبا يتحقق ضمنه التفاعل الإيجابي بين المدرسة والمجتمع، ويسمح بترسيخ القيم الإسلامية، وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية ( وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية وزارة التربية الوطنية 2006 ص 4 ) ويركز على الكفايات الثقافية باعتبارها الجانب الرمزي المرتبط بتنمية الرصيد الثقافي للمتعلم ، وتوسيع دائرة إحساساته وتصوراته ورؤيته للعالم وللحضارة البشرية بتناغم مع تفتح شخصيته بكل مكوناتها، وبترسيخ هويته كمواطن مغربي وكإنسان منسجم مع ذاته ومع بيئته ومع العالم؛ ( نفس الوثيقة ص7 )
وبذلك تتحدد مواصفات المتعلم المغربي في كل المراحل الدراسية وعبر مجموعة من الوثائق كالآتي :

الوثيقة المرجعية المواصفات المرتبطة بالقيم

الكتاب الأبيض
2002 ج1) جعل المتعلم:
متشبعا بالقيم الدينية والخلقية والوطنية والإنسانية؛
متشبعا بروح التضامن والتسامح والنزاهة؛
متشبعا بمبادئ الوقاية الصحية وحماية البيئة؛
قادرا على اكتشاف المفاهيم والنظم والتقنيات الأساسية التي تنطبق على محيطه الطبيعي والاجتماعي والثقافي المباشر.( ص22)
ترسيخ الهوية المغربية الحضارية والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها؛
– تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛
– تنمية الوعي بالواجبات والحقوق؛
– التربية على المواطنة وممارسة الديمقراطية؛
– التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛
– ترسيخ قيم المعاصرة والحداثة
– التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه؛
تنمية القدرة على المشاركة الإيجابية في الشأن المحلي والوطني.( ص13)
وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية للسلك الإعدادي والتأهيلي
2006 إضافة ومع مراعاة ما ورد في الكتاب الابيض ،
يركز في السلكين الإعدادي والتأهيلي على :
– التربية على المواطنة وممارسة الديموقراطية؛
– التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛
– ترسيخ قيم المعاصرة ( ص 5 )

دفاتر التحملات
الخاصة بإنتاج
الكتب المدرسية
لمادة التربية الإسلامية
يوليوز 2004 “بناء الكتاب انطلاقا من القيم والكفايات المستهدفة إلى جانب “
– مساهمة الكتاب في إنماء شخصية إسلامية وطنية أصيلة حفاظا على خصوصيات الأمة المغربية ووحدتها ،
– “احترام الكتاب مباديء الإنصاف والمساواة ومحاربة العنف”
– “احترام الدين الإسلامي، والمباديء والحقوق المعترف بها للأفراد والجماعات، والمعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية ” ( .صص 14 – 15 – 16 )
– “يجب أن يتفادى الكتاب المدرسي السقوط في النزعة التمييزية على أساس الجنس أو العرق، أو في كل ما يوحي إلى تكريسها ( ص 18 )

وعلى هذه المواصفات بنيت البرامج الدراسية لمادة التربية الإسلامية حيث ركزت على مجموعة من الفضائل التي تخدم قيمة التسامح وتسهم في اكتسابها وترسيخها وتنميتها ،
صنافة للقيم البانية لفضيلة التسامح في البرامج الدراسية
السلك المستوى الوحدة الدروس الحاملة لقيم التسامح

في السلك
الإعدادي
الأولى
إعدادي – التربية الأسرية والاجتماعية
– أثر الفضائل في المجتمع (الصدق –الأمانة-الحياء)
– أثر الرذائل في المجتمع ( الكذب – الغيبة – النميمة)

– التربية التواصلية والإعلامية
– التعارف والتواصل ضرورة بشرية
– لأمانة في تلقي الخبر ونقله
– حواس التواصل نعمة إلهية
– أدب التواصل مع الغير

الثانية
إعدادي – التربية الاعتقادية – صفات المؤمن الاجتماعية
– التربية العقلية والمنهجية – أدب الحوار والتشاور في الإسلام
– التربية الأسرية والاجتماعية
-أثر الفضائل في المجتمع، الإيثار– التواضع
– معاشرة الأخيار
– التربية الحقوقية
– حقوق ذوي الأرحام والجيران .
– حق الطريق .
– التربية الفنية والجمالية – عناية الإسلام بجمال السلوك

الثالثة
إعدادي – التربية الاعتقادية
– الإسلام دين الوسطية والاعتدال
– عالمية الإسلام
– التربية العقلية والمنهجية – منهج الرسول (ص) في تبليغ الدعوة الإسلامية
– التربية الأسرية والاجتماعية – حسن الجوار
– التربية التواصلية والإعلامية – أساليب التواصل من خلال سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم (نماذج ومواقف )

في السلك
التأهيلي الجذع
المشترك
التربية الاعتقادية – علاقة الاسلام بالشرائع السماوية السابقة
– الخصائص العامة للإسلام
– القيم الروحية في الاسلام
الأولى
تأهيلي – التواصلية والإعلامية – قيم التواصل وضوابطه
– من أساليب الحوار في القرآن الكريم والسنة النبوية
– الاختلاف وآدابه وتدبيره
الثانية
تأهيلي – الحقوقية – حقوق الإنسان في الإسلام ( الخصائص والمقاصد )
– دراسة المؤلفات السيرة النبوية دروس وعبر

التربية على قيم التسامح في المنهاج الدراسي بين التنظير والتطبيق
لا يكفي لأية مؤسسة تربوية أن تحقق الهدف من القيم المسطرة من زاوية التصور والتفكير والتنظير بقدر ما تحتاج إلى حسن تصريف ذلك وجعلها ممارسة داخل الأسرة والمدرسة ووسائل الاتصال … كما لا يمكن الوقوف فقط في الممارسة التربوية على الجانب الوعظي وإلقاء الدروس في القيم والتسامح وما يجب وما لا يجب؛ بل الأمر يتطلب الممارسة العملية لخلق التسامح من خلال السلوكات البينية ، إذ المشكل من زاوية المعرفة المدرسية على مستوى القيم يتمثل في ما نلاحظه من شخصنة المادة الدراسية ونقلها من منطقها الداخلي ومبادئها وقيمها، وأهمية إدراجها في المنظومة التربوية، إلى ذاتية المدرس ومحاولة شخصنتها عندما يتعامل معها المدرس وفقا لخلفياته الإيديولوجية والمذهبية والسياسية والثقافية …مما يوقع المتعلم في شرخ كبير بين المعرفة المدرسية والمعرفة الممدرسة ويؤثر سلبا على منظومة القيم التي تستهدفها المنظومة التربوية ويغيب أثر قيمة التسامح لدى شخصية المتعلم .
وإبرازا لمدى اهتمام منهاج مادة التربية الإسلامية بترسيخ القيم وتنميتها ( خاصة في التأهيلي ) يمكن الإشارة إلى كونه يتميز ب :
– اعتماد الكفايات مدخلا بيداغوجيا وما يستدعيه من جعل المتعلم قادرا على تعبئة مجموعة من المعارف والمهارات والقيم في مواجهته لوضعيات من واقعه المعيش.
– اعتماده مركزية القيم في التعامل مع المادة الدراسية.
– اعتماده الوضعيات الديداكتيكية والتقويمية وما تستلزمه في بنائها من قيم إيجابية.
– تغليب أسلوب المناقشة والحوار في العملية التدريسية مما يعمل على بناء القيم وممارستها.
– اعتماد حصص تطبيقية تمرن المتعلم على ممارسة جملة من المهارات والقيم
– إدراج حصص قارة للأنشطة الموجهة إعدادا وإنجازا ، تتغيى التمرن على تطبيق مجموعة من القيم بين المتعلمين في عروضهم وحواراتهم وندواتهم وبحوثهم ومناقشاتهم وتواصلهم … ولعل أهمها قيمة التسامح وما تتطلبه من مكارم الأخلاق وفضائل الأقوال والأفعال .
– محمد احساين

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.