ذ.عبد العزيز الادريسي
يعتبر الشهيد إسماعيل راجي الفاروقي من أهم وأبرز الشخصيات التي بصمت مسيرة الإصلاح الفكري بمنهج تجديدي تأصيلي قل نظيره ،وبرؤية تأسيسية استشرافية قل مثيلها ،بل استلهم الكثير من المصلحين والمفكرين-مدارس وأشخاص- منه بعض
أدبيات التفكير والتجديد والإصلاح والانبعاث.
ولذلك فالنموذج المعرفي والمشروع الإصلاحي للعلامة الفاروقي يعد اليوم سفرا مفتوحا أما الباحثين والدارسين لاكتشاف السنن الحضارية و استلهام القوانين الاجتماعية والدروس التربوية للإصلاح والنهوض والانبعاث الحضاري.
تسعى هذه الورقة البحثية إلى معالجة قضية من أهم القضايا التي تميز النموذج المعرفي الذي أبدعه الشهيد إسماعيل الفاروقي، وهي قضية مراعاة الفكر السنني في الإصلاح والتغير والنهضة والانبعاث، وذلك من خلال بيان مفهومه عند الفاروقي وتوضيح أهميته في مشروعه المعرفي التجديدي ، ورؤيته الإصلاحية المنبثقة من الذات الحضارية، وبيان أن المنظور السنني هو لب وجوهر المشروع العملاق الذي أطلقه الفاروقي:”أسلمة المعرفة”،بمعنى إعادة صياغة المعرفة على أسس الرؤية الإسلامية، و التي تعد جانبا أساسيا في بناء الأمة الإسلامية في الفكر والفعل والتصور والسلوك.
إن استحضار المنظور السنني في النموذج المعرفي للفاروقي قمين بإعادة بعث هذا الفكر الرائد والرؤية المتميزة وتفعيله على أرض الواقع ، والذي سيسهم لا محالة في تكوين عقلية علمية منهجية مقاصدية، وتقديم معارف وقيم ونماذج وحلول جديدة لمشكلاتنا المعاصرة، يقول عمر عبيد حسنة”وأن محاولة التعرف على السنن وحسن التعامل معها هو الكفيل بالعودة إلى الموقع المفقود واسترداد الشهادة والقيادة التي نيطت بالأمة المسلمة” ، وفي ذات السياق نجد مترجم و مقدم كتاب” التوحيد مضامينه على الفكر والحياة” يؤكد هذا المعنى بقوله:” وتلخص الدراسة أمر التغيير السننى الرشيد والفعال كله ، فى مقولة أن الأمة كانت ولا تزال بحاجة إلى حركة تغيير إصلاحية نابعة منها، تنقب فى عمقها ، وتتحلى بالوسطية ، وتعير الجوانب الروحية اعتبارا أكبر ، وتعاير البعد المادى ذاته من مرجعية توحيدية ، وتتجاوز مستوى العمل النخبوى ، إلى مستوى تأهيل الأمة كلها لتمثل مشروع الإصلاح الحضارى” .
بل إن العلامة إسماعيل الفاروقي يؤكد بأن فهم مشروعه التجديدي لا يكون إلا باستيعاب ثلة من الأوليات ، التى يعد الوعى بها شرطا لتفهم الطرح المقدم ، والوقوف على مبرراته، ومن أهم تلك الأوليات والتي جعلها الثانية في الترتيب بقوله: ” أما الأولية الثانية ، فهى: تلك السنة الإلهية الثابتة التى لا تعرف التبديل ولا التغيير ، التى تكاد تمثل القانون الحاكم لتاريخ الإنسان على الأرض ، الواردة فى قول الله تعالى :” ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ، وقوله تعالى : {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } .
إن هذا المنظور السنني المستلهم من الرؤية القرآنية، والمؤسس للنموذج المعرفي للفاروقي نجده مبثوثا في كل كتاباته وإنتاجاته،يقول رحمه الله تعالى:” فإن سنن الله تعالى فى الخلق ، ومنطق الخلق ، يقتضى إمكانية تحقيق غايته فى الزمان والمكان فى هذه الحياة الدنيا ، فيما بين الخلق واليوم الآخر . ولابد أن يكون الإنسان بوصفه فاعل الفعل الأخلاقى قادرا على تغيير ما بنفسه ، وعلى تغيير رفاقه ومجتمعه ، وعلى تغيير بيئته الطبيعية ، وأن تكون النفس والرفاق والمجتمع والطبيعة بالمقابل ، قابلين للتغيير بتلقى الفعل الإنسانى المؤثر. فهذه القدرة ، وتلك القابلية هى شرط تجسيد السنن الإلهية أو الأمر الإلهى التكليفى فى النفس وفى الغير على حد سواء . ودون القدرة الإنسانية الأخلاقية تستحيل قدرة الإنسان على التصرف الأخلاقى ، وتنخرم الطبيعة الغائية للوجود ” .
2-عناصر البحث وخطته:
المقدمة: أهمية الموضوع، وأهداف البحث و أسئلته.
المبحث الأول: حياة الفاروقي ومفهوم السنن و أهمية المنظور السنني عند الفاروقي.
المبحث الثاني: المقولات المنهجية المؤطرة لاعتماد المنظور السنني في المشروع الإصلاحي لدى الفاروقي.
المبحث الثالث: منظومات فقه السنن وتفعيلها عند الفاروقي.
الخاتمة :وتشمل النتائج والتوصيات.
المقال كاملا بصيغة pdf:
الفكر السنني عند الشهيد اسماعيل الفاروقيf
مستجدات الجمعية
- في مجلسها الوطني الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية تناقش “تحديات الحاضر ورهانات المستقبل”
- مدخل الكفايات واشكالية الملاءمة بين اساليب التقويم ومرجعياتها
- مادة التربية الإسلامية في المنهاج الدراسي المغربي – محاولة في التحقيب
- مدخل الكفايات واشكالية الملاءمة بين اساليب التقويم ومرجعياتها
- مادة التربية الإسلامية من تدريس المحتوى إلى المداخل القيمية مفهوم (المدخل) بين التوظيف المنهاجي والنسق المفاهيمي والدلالي دراسة تحليلة نقدية
- اطلاق جائزة محمد بلبشير الحسني الوطنية للإبداع والتجديد في التربية الإسلامية
- قراءة وصفية لكتاب مراجعات فقهية وأصولية لمؤلفه الدكتور أحمد الريسوني
- العقيدة الإسلامية- الاصول الوحيانية ومنطق المعرفة مقاربة ابستمولوجية
- تصريحات مستفرة تطعن في أساتذة مادة التربية الإسلامية بالمغرب وتثير موجة من الاستياء بينهم
- حقوق الطفل في القرآن الكريم
المقال السابق
المقال التالي
قد يعجبك ايضا