الأكاديمي الياباني اتسوشي أوكودا يحاضر عن القيم اليابانية وحاجتها إلى التعاليم الإسلامية.

0

د. عبد السلام الاحمر

بدعوة من المعهد العالمي للفكر الإسلامي/​مكتب الأردن، ألقى الأستاذ الدكتور “كمال” اتسوشي أوكودا محاضرة في قاعة المعهد بعنوان: “القيم اليابانية وحاجتها إلى التعاليم الإسلامية” وذلك مساء يوم السبت 8 ذي الحجة 1437هـ (10 سبتمبر 2016)، حضرها حوالي ستين من أساتذة الجامعات والمهتمين.

عرّف الدكتور فتحي حسن ملكاوي المدير الإقليمي للمعهد بالضيف المحاضر، فذكر أن الدكتور أوكودا هو أستاذ كلية إدارة السياسات في جامعة كيو باليابان، وأستاذ الأنظمة السياسية، ومدير برنامج الحوكمة العالمية والاستراتيجية الإقليمية، ورئيس مخبر الدراسات الإسلامية في الجامعة. وهو مفكر ياباني مسلم، وأستاذ متخصص في حقول الفقه الإسلامي واللغة العربية.

في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي استمع الدكتور أوكودا إلى محاضرة عن الإسلام، وأعجب بما سمع، فبدأ يقرأ بعمق عن الإسلام، ولا سيما عن أصول الفقه الإسلامي، فترجم كتاب “الموافقات”، وكتاب “الاعتصام”، للإمام الشاطبي . ثم رحل إلى حلب لإتقان دراسة اللغة العربية، فتعرف إلى أحد العلماء وقرأ على يديه” علم التوحيد”، وهناك بدأ يفكر في الدخول في الإسلام، عندما رأى أن أستاذه كان صورة حقيقية عن الإسلام، وتطبيقا عمليا لتوجيهات القرآن. يقول: “كانت لحظة دخولي في الإسلام أكبر نعمة إلهية في حياتي.”

ونقل الدكتور ملكاوي قول الدكتور أوكودا: “صحيح أن عندنا في اليابان أخلاق جيدة، لكنها غير كاملة، لقد وجدت أن الإسلام هو الذي يكمل هذه الأخلاق” وكأنه يروي حديث النبي صلى الله عليه وسلّم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. ومن هنا جاء اختياره لعنوان محاضرته: القيم اليابانية وحاجتها إلى التعاليم الإسلامية.

بدأ الدكتور أوكودا حديثه عن الجامعة التي يعمل فيها “جامعة كيو”، فذكر أنها الجامعة الثانية في اليابان، وأنها تتيح حرية أكاديمية واسعة، وتهتم بسبل التواصل بين المجتمعات ولا سيما المجتمعات العربية والإسلامية .والطلبة الذين يأتون إليها هم الذين يرغبون في العمل في الوزارات أو السفارات أو البنوك. ومع ذلك فثلث الطلبة فقط هم الجادون في الدراسة. وذكر أنه يزور الأردن مرتين في العام لمدة أسبوعين في كل مرة مع مجموعة من طلابه من أجل دراسة مكثفة في اللغة العربية.

ثم تحدث الدكتور أوكودا عن بعض مظاهر القيم اليابانية في الأسرة والمدرسة والحياة العامة، وعلاقة القيم باللغة، وطبيعة التوجهات الروحية للياباني بغض النظر عن الدين. ولاحظ أن الإنسان الياباني يستمد قيمه من البيئة الاجتماعية، فهو ينظر حوله ويختار ما هو أنسب، وتتكرس القيم بالتنشئة والممارسة. ويلاحظ أن هذه القيم كانت في الفترة السابقة متصلة بحوافز التقدم الصناعي، لكن هذه المرحلة انتهت الآن، فالقيم حاليا آخذة في التغيير نحو الفردية، تحت تأثير شعور الفرد بحاجته إلى الإجابة عن الأسئلة الوجودية من أين جئت وإلى أين المصير؟ فمعظم اليابانيين يعيشون في خوف لعدم معرفتهم بإجابات هذه الأسئلة .وأصبح الياباني يبحث عن نفسه من خلال ارتباطاته الفردية بالآخرين من خلال الهاتف الذكي مثلا ، فيرسل للآخرين صورة أو عبارة تقول إنني هنا، والآخرون يردون عليه بإشارة تعني أنهم لاحظوه . وهذه الفردية خطيرة جدا . ومن هنا تأتي أهمية الدعوة الإسلامية في اليابان، وضرورة إعطاء المثل والقدوة في التعبير عن الإسلام كما هو، وليس الإسلام الذي تعكسه المجتمعات الإسلامية المختلفة، الهندية أو التركية أو العربية…

وتطرق إلى مرجعية القيم وصلتها بالعلاقات بين الناس، فذكر أن القيم كانت تتأسس على المصالح بين الناس. ولكنها الآن تتوجه إلى الاختيار الفردي، فعندما يواجه الإنسان بمسألة الحكم على الخير أو الشر، فإنه يتوجه إلى نفسه لأن أثر الأسرة ليس موجودا، والله سبحانه ليس له في نفس ذلك الإنسان مكانة. لكن مرجعية القيم في الإسلام تقوم على التقوى أي الرغبة في الاستقامة، فالله سبحانه رب العالمين جميعا وليس رب المسلمين فقط، لذلك فلا بد من التعاون بين المسلمين وغير المسلمين في الأخلاق التي تحقق للناس الكرامة دون خلافات وحروب. أما الصلة برب العالمين فإنما تكون من خلال التعليم والدراسة كما جاء في الآية الكريمة “ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون” . والمسجد في الإسلام مكان تتحقق فيه منظومة عظيمة من القيم فهومكان الوحدة والنظام والكرامة، تأتي إليه جميع فئات المجتمع، فليس هناك مسجد لفئة خاصة.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.