د.نور الدين عادل
ضمن سلسلة مقالات “”أشكال التقويم المُمكنة زمن كورونا”، وفي سياق عرض السيناريوهات المُتاحة لاجتياز الاختبارات النهائية، خاصة الإشهادية، نقف في هذه المقالة عند “تجارب خليجية” بعد أن عالجنا فيما سبق التجربة الكندية؛ حيث وقفنا عند التعبئة المُجتمعية والخبرة الرقمية المتراكمة التي ضمنت إنشاء “المدرسة المفتوحة” بكل مرافقها مما أعطى مصداقية لقرار إعادة جدولة مواعيد الامتحانات النهائية، وإطلاق حصص الإعداد لها من الآن. وانتهينا إلى طرح أسئلة على “واقع حال التجربة المغربية” الحديثة العهد بالتعليم عن بعد (رغم انطلاق “برنامج جِيني” GENIE المُهتم بإدماج الموارد الرقمية في مجال التربية والتكوين منذ 2006) كان أهمها:
هل يمكن للاختبارات النهائية أن تُغطي كل المقرر الدراسي، رغم الإقرار بعدم المساواة في فرص الاستفادة من حصص التعليم عن بعد؟
إذا قبلنا بالامتحان في 75% من المقرر المُنجزة في الحصص الحُضوريّة (قبل انطلاق التعليم عن بعد) فكيف نستدرك النسبة المُتبقية من حصص التكوين؟
هل ستشمل حصص الدعم والتقويم المنتظرة كل المقرر أو بعضه؟
سنواصل طرح الأسئلة مع كل تجربة، في أُفق بناء خيار واقعي ومسؤول يحقق شرط الإنصاف بين المتعلمين، ويمكّن من تحقيق الوظيفة الإشهادية للامتحانات النهائية رغم الظرف الطارئ.
أ-التعلُّم الذكي:
مشروع “التعلّم الذكي” أسست له وزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال منصّة رقمية، انطلقت قبل جائحة كورونا، تسمح بتواصل المُدرسين والمتعلمين وأولياء أمورهم، كما تتيح التعلّم الالكتروني التفاعلي وفق الأساليب التربوية والتعليمية الحديثة.
وقد شجعت هذه البوابة انتاج الموارد الرقمية التعليمية، وتم تخصيص نشرة “التعلّم الذكي” لعرض التجارب المتميزة في إدماج التطبيقات الذكية ضمن الممارسات الصفيّة (انطلق صدور هذه النشرة الرقمية من يناير 2018 وصدر عددها 21 بتاريخ 6 أبريل 2020).
ب-التعليم عن بعد: مرحلة التجريب
رغم التجربة الإماراتية المحترمة في التعليم الرقمي التفاعلي، إلا أن الجهات الحكومية حين قررت تعطيل طلبة المدارس ومؤسسات التعليم العالي مدة أربعة أسابيع بدءا من الأحد 8 مارس 2020 كإجراء احترازي من انتشار وباء فيروس كورنا، سمحت للمتعلمين بالاستفادة من العطلة الربيعية لمدة أسبوعين على يتم تخصيص الأسبوعين الأخيرين “لتجريب التعلّم عن بعد”، وذلك لضمان “استمرارية العملية التعليمية في المنزل، ودون المساس في عدد أيام الدراسة”. وقد كانت “مرحلة التجريب” فرصة لتعبئة كل الفاعلين، وقياس إمكانية إنجاح هذه التجربة؛ وهكذا تم عقد حصص تكوينية للأطر التربوية والتعليمية، كما تم عقد سلسلة من اللقاءات على مستوى المؤسسات التعليمية مع أولياء الأمور، وهذا ما مكّن من إنشاء “مجتمعات تعلم افتراضية” تولت إدارة المؤسسات التعليمية تأسيسها والاشراف التقني والتربوي عليها، كما تولى “معهد تدريب المعلمين” إعداد “دليل التدريب عن بعد” الهادف إلى رفع مستوى الإدراك لدى موظفي الوزارة بالنظريات والتوجهات والمفاهيم الحديثة في المجالات ذات العلاقة بالتدريب عن بعد.
وهكذا انطلقت حصص “التعلم عن بعد” بساعتين دراستين مسائيتين في اليوم، وأخرى للأنشطة ثم انتقلت لساعتين في الحصة الصباحية لتصل إلى حصة صباحية وأخرى مسائية.
مكّن “تحديد أدوار” المتدخلين من تحقيق نسبة نجاح مشرفة خلال “مرحلة تجريب” التعلُّم عن بعد، كما شجعت على مواصلة التعليم عن بعد إلى نهاية الموسم الدراسي 2020/2019وذلك” لجميع المدارس الحكومية والخاصة، و مؤسسات التعليم العالي”.
ج-مواعيد التقويم والامتحانات النهائية
صرحت المتحدثة عن وزارة التربية والتعليم الإماراتية، الدكتورة آمنة الضحاك بتاريخ: فاتح أبريل 2020 بعزم الوزارة على التطوير المستمر لمنصة “التعلّم الذكي” من خلال إضافة ” حلول ذكية وتطبيقات تفاعلية “، كما نبّهت على الأشغال جارية ل” تحديث آليات التقويم والامتحانات وتطويرها ، لكافة الأنظمة التعليمية في الدولة، سواء التعليم العام والعالي للعام الدراسي الحالي ” (1).
وقد مرّ أسبوعان على هذا التصريح، ولم يتم الإعلان بعد عن هذه الآليات المناسبة للظرف الطارئ.
لكن وزارة التعليم والتعليم العالي بدولة قطر أعلنت منذ 9 أبريل 2020 عن “جدول اختبارات” الفصل الدراسي الثاني لطلبة المدارس برسم العام الدراسي 2020/2019 ، والذي سينطلق من فاتح يونيو 2020 ويستمر لمدة أسبوعين.
وقد أردفت الوزارة هذا الإعلان ب”ضوابط اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني”(2) المرتبطة بالحد من تفشي فيروسا كورونا المستجد، والمتمثلة في :
ألا يزيد عدد الطلبة في قاعات الاختبار لجميع الصفوف في جميع المدارس عن 8 طلاب في الفصول العادية، ولا يزيد عن 40 طالباً في الصالة الرياضية؛
ألا تقل المسافة بين كل طالب وآخر عن (ثلاثة) أمتار؛
تخصص غرف خاصة للعزل لحالات الاشتباه.
معلوم أن لهذا القرار تَكْلُفته الاجتماعية والإدارية؛ إذ يَطلب انخراط الأسر والتزامهم بالإعداد النفسي، ومراعاة ضوابط السلامة الصحية في حركة أبنائهم وبناتهم نحو مراكز الامتحانات، كما يستدعي تعبئة المؤسسات التعليمية لتوفير العدد الكافي من القاعات مع الحرص على “سلامة الطلاب” قبل كل اعتبار، لكنه بالمقابل يضمن “حق المتعلمين” في تتويج مسارهم الدراسي رغم تحدي الوباء المستجد.
هل تقوى مدارسنا وجماعاتنا المحلية وأسرنا على مثل هذا التحدي؟
قد تتعدّد الخيارات الممكنة لإنجاز الامتحانات النهائية، وقد نختلف في ترجيح بعضها على بعض، لكننا سنتفق لا محالة على واجب مدرستنا المغربية في كسب رهان “مواجهة الجائحة” كما تسعى باقي مؤسسات الدولة، وذلك بضمان حق المتعلمات والمتعلمين في تتويج موسم الدراسي بنجاح مزدوج؛ نجاح دراسي ونجاح صحي.
د.نورالدين عادل
منسق فريق البحث في “صيغ التقويم المُمكِنة في زمن كورونا”
سلا-المغرب
Adilnor1@yahoo.fr
الهوامش:
9HYPERLINK “https://www.moe.gov.ae/Ar/MediaCenter/News/Pages/elearning3.aspx” https://www.moe.gov.ae/Ar/MediaCenter/News/Pages/elearning3.aspx 1.
2. HYPERLINK “http://www.edu.gov.qa/Ar/Media/News/Pages/NewsDetails.aspx?NewsID=12500” http://www.edu.gov.qa/Ar/Media/News/Pages/NewsDetails.aspx?NewsID=12500