ذ.محمد حساين/ خبير وباحث في قضايا التربية
بادر المغرب إلى بسط سيادته على معبر الكركرات لإنهاء مناوشات خصوم وحدتنا الترابية على المعبر الحدودي لإنهاء مناوشات خصوم وحدتنا الترابية وتأمين الحركة التجارية والسياحية بين المغرب ودول الجنوب، فراينا مواقف وعايشنا مظاهر التأييد والارتياح من قبل الشعب المغربي بكل هيئاته ومؤسساته… وكلها تصب في حقيبة صيانة الوطن ورفعته وحمايته وسلامته خاصة وأننا نواجه اليوم آثار وسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات، الهادفة إلى تطويع عقول أجيالنا وتوجيه أفكارهم، نتيجة الثورات الصناعية والعلمية، والتغيرات السريعة المتلاحقة، والثورة المعرفية التي تجتاح العالم…تجعل قضية الانتماء إلى الوطن في أمتنا تمر بأزمة خطيرة معقدة، من مظاهرها ضَعف الانتماء والولاء لدى الأجيال الجديدة، وما لها من آثار مباشرة على الوحدة الوطنية والمنظومة الاجتماعية، والأمن القومي، مما يدعو إلى التوقف عندها، والتوجس منها، من أجل الإسهام في مسؤولية تحصين أجيالنا المقبلة، وتنمية مداركهم، وتوجيه عقولهم نحو الولاء للوطن، والاعتزاز بالانتماء له، من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة للمجتمع في ظل ما يتهدده من أخطار العولمة، ومؤسساتها بالتركيز على أهمية المواطنة في علاقتها بالهوية الدينية والثقافية للوطن والمواطن، وما يستلزم من انتماء وولاء.
فالملاحظ أن هناك خلط كبير بين كل مشتقات فعل ” وطن ” في مفاهيمها وأبعادها الفلسفية والتشريعية والتربوية… عند كثير من الأفراد والمجتمعات، خلط بين الانتماء والولاء ، وبين المواطنة والوطنية، وبين المواطنة والهوية، مما يطرح الاختلاف والتنوع في الرؤية في دلالاتها وآثارها، انطلاقا من الخلفيات الثقافية والسياسية والفلسفية والدينية والأيديولوجية … باعتبار أن ” كَثِيرًا مِنْ نِزَاعِ النَّاسِ سَبَبُهُ أَلْفَاظٌ مُجْمَلَةٌ مُبْتَدَعَةٌ وَمَعَانٍ مُشْتَبِهَةٌ ” ( ابن تيمية في مجموع فتاويه) ويرى بعض المهتمين إن التنوع الثقافي واقع إنساني عالمي، من مظاهره (تنوّع القيم)، أي (تنوع المعايير)، و(تنوع المفاهيم)، و(تنوع المعتقدات). ولذلك كان فرض قيم ثقافية وحضارية واحدة على الشعوب كافة باعتبارها (قيم كونية)، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وللعدالة الإنسانية. وتأسيساً على ذلك، فإن مصطلح (قيم كونية) ليس مصطلحاً بريئاً، لأنه ينطوي على تزييف لحقائق الحياة، وتضليل للوعي الإنساني.( عبد القادر الإدريسي جريدة العلم يوم 01 – 08 – 2009 ) مما يعطي مشروعية تحديد المفاهيم المرتبطة بالوطن: المواطن- الوطنية- المواطنة- الانتماء -والولاء…
وباعتبار دور المدرسة كمؤسسة عمومية موكلة للإسهام في تنشئة الأجيال على حب الوطن وترسيخ قيم المواطنة ، فإن الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم والتكوين ما فتئت تراهن على إرساء مدرسة المواطنة من أجل التربية على المواطنة كمدخل لتعزيز منظومة القيم بالمؤسسات التعليمية لذلك اتخذت من عبارة : “من أجل مدرسة متجددة ومنصفة ومواطنة ودامجة” شعارا للموسم الدراسي 2020 – 2021
ونظرا لما يعرفه مفهوم المواطنة من جدل في مداه وأبعاده التربوية والهوياتية نتيجة ارتباطه بخلفيات فلسفية ثقافية اجتماعية سياسية وقيمية، فالتعرض له في هذه الورقة لا يروم مناقشة موضوع المواطنة في كل تلك الأبعاد والخلفيات، بقدر ما يركز على بعده التربوي، من خلال رصد موقعه من منظومة التربية والتكوين في بلدنا، كما أن هذا التركيز سوف لا يتناول الموضوع في المناهج التعليمية والبرامج والكتب المدرسية والتي تعرف بدورها تنوعا في التناول والتنزيل بل من خلال الوثائق الرسمية المؤطرة لتلك المناهج والبرامج والكتب وما تفرع عنها من مذكرات توجيهية والتي تحاول الإجابة عن سؤال أي مواطن وأية مواطنة يتغياه نظامنا التعليمي ؟
وعليه سيكون التركيز في هذه الورقة على البعد التربوي في منظومتنا التعليمية من خلال مدى حضورها في الوثائق الرسمية المؤطرة للمناهج والبرامج والكتب المدرسية ببلادنا والتي جاءت منسجمة والمبادئ التي سطرها دستور 2011 الذي ينص في كثير من فصوله على مقتضيات تهم ترسيخ ثوابت الأمة ومنظومتها القيمية؛ محددا مجموعة مبادئ تخص المواطنة، وما تستلزمه من قيم الانتماء والولاء للوطن وهويته، كمدخل أساس للمواطنة؛ حيث أفرد عناية خاصة لمنظومة القيم المشتركة التي على مختلف مكونات الأمة التشبع بها والتحلي بفضائلها، سواء في ديباجته أو في العديد من فصوله، وفي مقدمتها:
– ارتكاز الحياة الاجتماعية على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحرية والكرامة والمساواة بين الجنسين، والمواطنة المسؤولة؛
– إعطاء الدين الإسلامي مكانة الصدارة في الهوية المغربية؛
– التشبث بالوحدة الوطنية والترابية، وتلاحم مقومات هويتها المتعددة المكونات والمتنوعة الروافد؛
– التشبث بقيم الانفتاح والاعتدال والوسطية والتسامح والإبداع والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية دستور المملكة.
افتح الرابط لقراءة الموضوع كاملا :