المرأة في الاسلام،مكانة وتكريما

0

ذ. محمد العماري/بنسليمان

1.مكانة المرأة في الإسلام
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد، فقد قيل المناسبة شرط، ولذلك اخترت أن أحدثكم في موضوع مكانة المرآة في الإسلام نظرا لاهتمام العالم بالموضوع بمناسبة 8 مارس. ولا شك أننا نتساءل جميعا عن المكانة التي أولاها الإسلام للمرأة؟.
لا شك أن المرآة قبل الإسلام عانت من كل أنواع الظلم وانتهاك حقوقها وتضييعها إلا في حالات نادرة سجلها التاريخ بمداد فخر، مثل السيدة خديجة رضي الله عنها التي كانت سيدة قبل الإسلام وبعده، إلا أن مجيء الإسلام أعطى للمرأة حقوقا لم تكن في الحسبان.
وهكذا فقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ حيث جعلها شقيقة الرجل ، فلم يفرق بينهما في أركان الإسلام وشرائعه إلا فيما يختص بالطبيعة الخَلقية لكل واحد منهما، وجعل لها من الحقوق مثل ما للرجل، فقال سبحانه: (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم))البقرة: 228
فالإسلام ينظر إلى المرأة على أنها إنسانٌ شريف كريم، ذو عقل وإحساس وأنها سكن للرجل خلقت منه: ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا))الأعراف: 189 وليست مجرد مخلوق للرجل يتمتع به.
لقد كرم الإسلام المرأة بنتا وحث على حسن رعايتها وجعل ذلك سبيلا من سبل دخول الجنة، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : (( من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضم إصبعيه)) رواه مسلم.
وقال: “من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدته – أي طاقته وقدرته – كن له حجاباً من النار”..
أيها السامع الكريم لعلك تتذكر معي قولهم في الجاهلية الذي حكاه لنا القرآن الكريم ((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)) النحل: 58
فالحسرة كل الحسرة على من يهمل تربية بناته، ويعرضهن للضياع والفجور؛ كما هو الحال في كثير من أسرنا اليوم؟
كما جعل الإسلام في إكرام المرأة وخاصة المسكينة والأرملة أعظم الأجر، فقال عليه الصلاة والسلام: “الساعي على الأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم الذي لا يفتر أو كالصائم الذي لا يفطر”. فقد جعل رعايتهن بمنزلة العبادة العظيمة .
وكرمها حين جعل لها حرية الاختيار لزوجها دون إكراه وإجبار، فأوجب على الولي أخذ رأيها في ذلك، ولها الحق في رده، ولو رضيه الأب، قال عليه الصلاة والسلام: “لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن”.
وكرمها الإسلام أيضاً حين أثبت لها حق الملكية والتصرف في مالها، فلا وصاية لأحد عليها مهما كان، مادام تصرفها فيه مشروعاً، فلها أن تتبرع من أموالها، وأن تتصدق منها، وأن توقف منها ما تشاء، ولها أن تبيع وتشتري، وتكفل من تشاء.
بل وشرع الله لها الوصية والإرث كالرجل، وتولى الله -سبحانه- قسمة ذلك بنفسه، فأين هذا من حال من كانوا وما يزالون لا يورثون المرأة شيئاً، بل كانوا يرثونها كالمتاع؟!
أين هذا من قول الله – تعالى : (( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا )) النساء: 7
ولا ظلم على المرأة في الميراث كما يزعم البعض، فقد شرع التفضيل في الميراث بين الذكور والإناث لحكم عظيمة منها.
وضمن لها حق الإنفاق عليها وعلى ولدها، ففرض على الرجل وألزمه أن ينفق عليها وعلى أولادها وإن كانت غنية فالزوج ملزم بالنفقة عليها، وإسكانها ورعايتها، وكسوتها إذا اكتسى.
ومن مظاهر تكريمها أيضا كثرة وصايا النبي – صلى الله عليه وسلم – بها، والإحسان إليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “استوصوا بالنساء خيراً “. بل جعل مقياس خيرية الرجال بحسب إكرام المرأة ولا شك أنه إكرام وإعزاز لها.
ولا يغيب عنا أن المرأة حين تكون أما فإن منزلتها في الإسلام عظيمة، وثوابها جزيل، ولا يخفى عليك أيها القارئ الكريم حديث: أمك ثم أمك ثم أمك، بل جعل الإسلام برها طريقا إلى الجنة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة الذي ترك أمه: “ويحك، إلزم رجلها فثم الجنة”.
أين هذا ممن يتخلى عن أمه ويرميها في دور العجزة. والله المستعان.
أيها القارئ الكريم، لقد أكرم الإسلام المرأة لما أمر بتعليمها أمور دينها، وحثها على ذلك، حتى أصبحت المرأة إماماً تستفتى في أعظم المسائل، يرجع إليها كبار الصحابة، ولنا في السيدة عائشة رضي الله عنها خير مثال فقد كانت من فقهاء الصحابة فكانت تستشار في كثير من أمور الدين، ولا غرابة في ذلك فقد كان نبي الإسلام يستشير زوجاته، وبذلك يظهر فساد قول المغاربة بدارجتهم ( شاروها وما تديرش برأيها).
وما يقع على المرأة من ظلم أو نحوه، فهناك من لا يرحم الضعفاء، ويكلفهم فوق طاقتهم، وهناك الأزواج الجهلة، والآباء القساة، وهناك من يهملون حقوقها، ولا يأبهون بها. ولكنهم أفراد معدودون، والدين منهم بريء.
هذا إذن غيض من فيض في موضوع مكانة المرأة في الإسلام ولا داعي أن نعقد المقارنات بين حالها في الإسلام وحالها في الدول غير المسلمة فلا يخفى علينا جميعا تلك الإهانات التي تحيط بها من كل جانب حيث تكاد تكون سلعة في كثير من الأحيان، إلا عند طوائف أدركت برجاحة عقلها أهمية المرأة فسعت إلى ضمان حقوقها.
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تَسْعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.
ولا يفوتنا في الختام أن ندعو المرأة على اختلاف صفاتها والرجل إلى الرجوع إلى تشريعات الإسلام والالتزام بها لأنها منبع السعادة والعيش الكريم للذكور والإناث.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.