خواطر من وحي قصة يوسف عليه السلام

0

ذ. عبد الحق لمهى

علمتنا قصة يوسف عليه السلام أن الانسان المؤمن معرض لشتى صنوف الابتلاءات والمحن من قبل الأقارب والأباعد، حصل هذا لنبي الله يوسف عليه السلام ولم يصدر منه ما يسيء إلى هؤلاء المتآمرين عليه، “فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ” سورة يوسف ، 15. توالت الابتلاءات على ابن يعقوب عليه السلام من قبل امرأة العزيز التي راودته عن نفسه، قال تعالى “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون” يوسف 23. وكانت سبب دخوله السجن ظلما وجورا مع وجود القرائن الدالة على براءته؛ وهي شهادة الشاهد من أهلها. قال تعالى ” ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ ” يوسف 35. بعد هذا كله يمن الله عليه بالمكانة العالية بين أهل الأرض، ويجعله على خزائن مصر يسهم في إنقاذها من محنتها، ” وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ” يوسف 54. فلعل من كانوا وراء المؤامرات لم يتنبهوا إلى هذا الأمر وخفي عليهم؛ بل لم يخطر ببالهم أن تقع هذه النتائج الربانية العجيبة، لأنهم كانوا يحكمون عقلهم الخالص فقط، وينظرون إلى ظاهر الأشياء، وقصروا عن إدراك الأسباب الخفية وراء ذلك كله.” قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ” يوسف 90. من خلال هذه القصة نرى أن نبي الله يوسف عليه السلام ما بدل ولا غير من عقيدته ومذهبه من بداية الأمر والمحن إلى أن صار إلى العلا. ومكن له في أرض مصر. ألا فليحرص أهل الدعوة والصلاح والإصلاح على الثبات على دينهم، والتمسك بمبادئهم رغم ما يجدونه من صعاب ومحن في سبيل التمكين لشريعة الله، وليكن ديدنهم ألا يتعرضوا لأحد بالأذى ولا يكونوا سببا فيه، فإن النبي يوسف عليه السلام كان صاحب قلب كبير، نقي السريرة، عفا عمن أساء إليه عطفا عليهم، لم يبدل من هذا النهج رغم ما أتيح له من فرص الثأر لنفسه

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.