المجالس التعليمية وأدوار الفاعلين التربويين في تفعيلها

0

كتبه/ذ. عبد الحق لمهى

يهدف هذا المقال إلى الوقوف على مهام المجالس التعليمية، مهامها وسبل تفعيلها، وخاصة في مادة التربية الإسلامية في السلكين الثانوي الاعدادي والتأهيلي.

 المجالس التعليمية

لا يخفى على كل فاعل في الحقل التربوي التعليمي :  يتكون المجلس التعليمي في المدرسة الابتدائية والمدرسة الثانوية الإعدادية من مدير المؤسسة بصفته رئيسا، وجميع مدرسي المواد الدراسية. وبالنسبة للمدرسة الثانوية التأهيلية فيتكون من مدير المؤسسة بصفته رئيسا ومدير الدراسة وجميع مدرسي المواد الدراسية.

 

 اختصاصات ومهام المجلس التعليمي:

نص التشريع التربوي والتسيير الإداري الخاص بالمنظومة التربوية التعليمية بالمغرب على هذه الاختصاصات والمهام، وهي كما يلي:

دراسة وضعية تدريس المادة الدراسية المعين.

تحديد الحاجيات التربوية.

مناقشة المشاكل والصعوبات الديداكتيكية.

التنسيق بين أساتذة المادة الواحدة.

التنسيق بين أساتذة المواد المتكاملة.

وضع برمجة للعمليات التقويمية الخاصة بالمادة الدراسية.

اختيار الكتب المدرسية لتدريس المادة وعرضها على المجلس التربوي ومجلس التدبير قصد المصادقة عليها.

تحديد الحاجيات من التكوين لفائدة المدرسين.

اقتراح برنامج الأنشطة التربوية الخاصة بكل مادة دراسية.

التنسيق والتعاون مع المشرف التربوي.

تتبع نتائج التحصيل الدراسي في المادة المعينة.

البحث في أساليب تطوير تدريس المادة الدراسية.

اقتراح توزيع الحصص الخاصة بكل مادة دراسية لإعداد استعمالات الزمن.

إنجاز تقارير دورية حول النشاط التربوي الخاص بالمادة الدراسية وعرضها على المجلس التربوي وعلى المفتش ومجلس التدبير.

 سبل تفعيل مهام المجالس التعليمية محليا:

1ـ الممارسة الصفية عمل اجتهادي تخطيطا تدريسا، وتقويما وهذا الأمر يختلف بين من مؤطر إلى آخر، والمجلس التعليمي يكون فرصة لمدارسة وضعية المادة في الجوانب السالفة الذكر ولا شك أن القدرات والمهارات تختلف من مدرس لآخر أضف إليها تنوع الخبرة وتراكم التجربة قد يكون عاملا مساعدا على تطوير تدريسية المادة المدرسة كما أن الكفاءات الحديثة العهد  بمهمة التدريس تحمل جديدا ومستجدات تربوية ربما غابت عن الآخرين مما يمكن من الارتقاء بالمادة من جوانبها المختلفة، والعكس كذلك فقد تحمل تجربة سابقة مفيدا لأعضاء المجلس.

2ـ عضوية باقي الفاعلين التربويين في المجلس ـ مديرا ومديرا للدراسة ـ تضفي عليه حيوية أخرى تنضاف إلى قدرات المدرسين للمادة الواحدة، فإذا علمنا على سبيل المثال أن رئيس المجلس له تكوين تربوي إلى جانب التكوين الإداري فلا شك أن هذا الأمر سيكون له أثر في اقتراح أهم الحاجيات التربوية، ولا شك أن الوسائل التعليمية متعددة منها: صور / بيانات / رسومات/ وثائق / خطاطات/ مقطع سمعي / مقطع سمعي بصري/…” وهنا يمكن من خلال المجلس تقاسم التجارب في كيفية استثمار تلك الوسائل في الممارسة الصفية.

3ـ الصعوبات التي قد تعترض المادة عند مدرس وقد تختلف عن مدرس آخر لنفس المادة، والمجلس التعليمي قد يكون وسيلة لتجاوز تلك الصعوبات في أدنى مستوى ـ  المؤسسة التعليمية ـ دونما حاجة إلى غيرها من المجالس أو المسؤوليات العليا.

4ـ من الأمور التي قد تسبب في ضعف الارتقاء بالمادة الواحدة هو غياب التنسيق بين المدرسين، وبالتالي عدم الإستفادة من الخبرات المتنوعة، والاسهام في ضعف تجديد الممارسة الصفية وتجاوز بعض إشكالاتها الديداكتيكية. في المقابل المجلس الذي يحرص على التنسيق لا شك يضمن للمدرسين تكوينا مستمرا من خلال الاجتماعات الدورية التي يعقدها.  كما أنه يمكن تقريب الرؤى بين المدرسين حول تحديد التقديرات المتعلقة بنقطة الأنشطة المندمجة، اعتمادا على مذكرات التقويم، ضمانا لمزيد من تكافؤ الفرص بين المتعلمين.

5ـ في هذا السياق نعلم ان المواد تتكامل فيما بينها لكونها ذات طابع تعليمي، مؤطرة بمنهاج دراسي مغربي موحد يضمن التقائية المواد في العديد من الأهداف والمقاصد والكفايات والمهارات المستهدفة تدريسا وتقويما. ومنه يكون التنسيق مسهما في الارتقائية بمختلف المواد وافادة بعضها من بعض. جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين ” اعتماد مبدا التنسيق والتكامل بين مختلف المواد لتحقيق كفايات التعلم ومواصفات التخرج.

6ـ لا يختلف العاملون في الحقل التربوي عامة والمدرسون للمادة الواحدة خاصة حول أهمية التخطيط والبرمجة لانجاز التقويمات وما له من أثر على نتائج المتعلمين والمتعلمات، ففي غياب البرمجة يمكن ان تكون النتائج الدراسية اقل مما لو كان التنسيق قائما، وذلك لما ينتج عن تراكم الفروض من ضعط نفسي وزمني قد يؤثر سلبا على النتائج الدراسية، ويحبط نفسية المتعلم وبالتالي تفقد العملية التعليمية التعليمة جاذبيتها، وقد ذلك على حساب النتائج السنوية مما قد يؤدي الى ارتفاع نسب الهدر المدرسي.

7ـ معلوم أن الكتب المدرسية متعددة العناوين فمثلا هناك كتابان اثنان في الأولى بكالوريا جميع الشعب، ” منار التربية الإسلامية” و ” في رحاب التربية الإسلامية” لهما مضمونان مختلفان في بعض الدروس، والمرجع الذي يعتمد عليه هو الاطار المرجعي، لامتحان الأولى باك ففيه المضامين الفرعية  المتعلقة بكل درس على حدا، وفي هذه الحالة يكون من مهام المجلس النظر في هذه الكتب واقتراح انسبها، للمتعلمين.

8 ـ بناء على خلاصات المناقشات التي تجري في المجالس التعليمية، وسبل تجاوز صعوبات التدريس وتجويد الممارسة الصفية يقترح المجلس التكوينات الممكنة من اجل تطوير العمل التربوي للمادة المدرسة، وفي إطار التعاون مع المؤطرين التربويين تحال عليهم هذه المقترحات من اجل بلورتها في إطار ندوات تربوية.

9ـ من طرق الارتقاء بالمدرسة المغربية الأنشطة الصفية وغير الصفية وكلما كانت الأنشطة خادمة وداعمة للتعلم كلما تحققت مردودية أفضل على المتعلمين، ولا يمكن اقتراح أنشطة هادفة معينة على تجاوز الصعوبات الصفية لدى المتعلمين. كثيرا ما تبذل جهود في تنظيم أنشطة مدرسية لكن إذا لم تكن نابعة من مقترحات المجالس التعليمية وباقي مجالس المؤسسة فإنها قد تكلف المؤسسات جهدا كبيرا بدون مردودية.

10ـ تدريس المادة الواحدة فيه متدخلون عدة منهم المشرفون التربويون، لهم خبرة مستمدة من تكويناتهم التي راكموها في مراكز التفتيش، إذا حصل التعاون بين الأساتذة وهذه الهيئة التربوية الفاعلة في الحقل التربوي لابد أن يثمر هذا تبادل الإشكالات والاكراهات المتعلقة بتدريسية المادة، ومتى حل التصادم بين الأطر التربوية العاملة داخل القسم والمشرفين التربويين، كلما كانت انعكاسات هذا الامر سلبية على المنظومة التربوية في كل مستوياتها.

11ـ التحصيل الدراسي نتيجة عملية تدريس وتقويم يقوم بها المدرس، غايتها المتعلم. هذه النتائج تكون متفاوتة بين مدرس واخر، وعند تتبع مناقشتها يصل أعضاء المجلس التعليمي إلى خلاصات معينة، ولا شك أن الاجتماع تتبادل فيه الخبرات والتجارب التربوية يمكن أن يكون في بعضها حل لبعض المشاكل التي أسفر عنها النقاش، وبالتالي يتم تجاوز تلك الإشكالات تدريجبا في افق تجويد النتائج الدراسية في دورات او سنوات مقبلة.

12ـ من أساليب تطوير تدريس مادة التربية الإسلامية الاطلاع على مختلف تجارب المدرسين والاستفادة منها، وفي هذا الصدد قد يقترح المجلس حضور حصص دراسية داخل الأقسام يحضرها أعضاء المجلس يشاهدون طريقة اشتغال كل أستاذ ومنه يستفيد كل مدرس من مختلف الممارسات النشطة. فان تنوع الأساليب التربوية يغني ويجود الممارسة الصفية وبالتالي تستطيع المادة تحقق التطور، وبالتي تحقيق جودة أفضل من اجل مدرسة فاعلة ومتفاعلة.  وفي هذا الصدد نشير الى ” تنوع طرق التدريس بين حوارية، استنتاجية، استقرائية، وطريقة حل المشكلات، والتدريس الفعال يقوم على تنويع الطرائق التعليمية التعلمية. ”

13ـ في هذه النقطة قد تعرض لبعض المدرسين أحوال وظروف يتوقع أن تحول بينهم وبين إنجاز المقرر الدراسي لبعض الأقسام خاصة الاشهادية منها، فيكون من الصواب أخذ هذا المعطى مهما في نجاح سير العملية التعليمية التعلمية للمادة الدراسية من خلال توزيع الحصص الدراسية بما يضمن تحقيق إنجاز للمقرر في ظروف عادية وجيدة دونما اضطرار الى احداث تغيير في منتصف السنة، الشيء الذي يؤدي أحيانا إلى هدر الزمن المدرسي وبالتالي ضعف المردودية، في حين لو تم أخذ تلك الوضعيات بعين الاعتبار لكانت النتائج أجود وأحسن.

14ـ المؤسسات التعليمية تتكون من مجالس مختلفة منها مجلس التدبير والمجلس التربوي، الذي توكل إليهما مهام المصادقة على البرامج السنوية للانشطة، وما لم يتم اقتراح أنشطة من قبل المجالس التعليمية، نكون أمام مقترحات غير ذات جدوى على المواد الدراسية وبالتالي تقرير برامج وأنشطة بعيدة عن دعم التعلمات والارتقاء بالمؤسسة عبر البرامج المصادق عليها من قبل المجلس. ولا ننسى في الصدد أن تقديم التقارير إلى السادة المفتشين يسعى إلى تحقيق أهداف أكثر دقة وفاعلية في سياق الرقي بالمادة المدرسة.

سبل تفعيل مهام المجالس جهويا:

تحدثنا فيما سبق عن بعض المقترحات الإجرائية لتفعيل مهام المجلس التعليمي محليا أي على مستوى المؤسسات التعليمية، والان نعرج على ما يمكن القيام به من الإجراءات على المستوى الجهوي، ومنها:

ـ تحليل تقارير المجالس التعليمية من طرف منسقية التفتيش التربوي الجهوي واعداد تقارير تركيبية تتضمن:

ـ الإجراءات التي يمكن القيام بها على مستوى الجهة للاستجابة للحاجات القابلة للحل جهويا؛

ـ الحاجات والمقترحات التي يقتضي حلها إجراءات على مستوى.

ـ موافاة الإدارة المركزية بالتقارير التركيبية لاستثمارها وفق ما هو ملائم.

ـ اتخاذ الحاجات والمشكلات التربوية المتواترة في تقارير المجالس التعليمية محاور للندوات التي ينظمها المفتشون بالمؤسسات التعليمية.

ـ ادماج الأنشطة التربوية الخاصة التي تتقاطع فيها المواد ضمن الأنشطة المشتركة التي يعدها المجلس التربوي .

ـ تنظيم ورشات دورية للتقاسم والتعميق والتصويب بين المجالس التعليمية للمؤسسة.

ـ الدعم المعنوي والمهني بتخصيص شهادات تقديرية تسلمها الاكاديمية سنويا لأعضاء المجلس المنخرطين بفعالية في تطوير تدريس المواد ومشاريع المؤسسة. وذلك لاستعمالها حسب الحاجة عند الاقتضاء.

خاتمة :

إن من شان استيعاب الفاعلين التربويين والمتدخلين المباشرين في المجالس في التعليمية لهذه المهام وسبل تفعيلها في كافة المستويات، وكذا وجود الإرادة القوية من أجل جودة المدرسة المغربية، أن ينعكس إيجابا على تدريسية المادة وكذا الرفع من جودة التعلمات وتحقيق شعار مدرسة النجاح. من أجل جيل قادر على مجابهة تحديات الحياة.

 

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.