ذ/محمد ماجي
تحتفل الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية– ومعها أستاذات وأساتذة المادة ومفتشاتها ومفتشوها – باليوم الوطني لمادة التربية الإسلامية ، الذي حدد له يوم 03 أبريل من كل سنة ، بداية من السنة الجارية 2022 م . وهو اليوم الذي عرفت فيه المادة المذكورة منعرجا مهما على الساحة
الوطنية .
ففي الثلاثين من شهر أبريل من سنة 2004 م ألقى جلا لة الملك حفظه الله خطابا ساميا ، دعا فيه إلى إصلاح الشأن الديني بالمملكة، بما ينسجم مع التوجهات العليا لإمارة المؤمنين، ويحقق المصالح العليا للمواطنات والمواطنين في الحال وفي المآل.
وقد جاء هذا الخطاب عقب ما عرفته الساحتان الدولية والوطنية من أحداث ؛
فدوليا حدثت تفجيرات 11 شتنبر 2001 م بأمريكا ، ووطنيا تعرضت بعض الفضاءات العامة بمدينة الدار البيضاء لأحداث دامية ، راح ضحيتها مجموعة من المواطنين ، وذلك يوم 11 ماي 2003 م . في ظل هذين الحدثين يأتي هذا الخطاب الملكي السامي مستهدفا إصلاح الشأن الديني .
وما دامت مادة التربية الاسلامية هي السبيل الوحيد لتحقيق التدين السليم للناشئة المغربية ، عبر بوابة المدرسة ، فأمر طبيعي أن تكون في صلب اهتمامات مهندسيه .
ومنذ ذلك الحين عرفت مادة التربية الإسلامية مجموعة من التغييرات الجذرية ، والتعديلات في مناهجها وبرامجها ، إذ رأى القائمون على إصلاحها أنها كفيلة بخلخلة الفكر المجتمعي ليتلقى تربية إسلامية سليمة .
فهل تحقق الإصلاح المنشود الذي يستهدف مادة التربية الاسلامية بشكل فعال ؟
هذا الإشكال يسائل القائمين على هذا االاصلاح منذ منتصف العقد ما قبل الماضي ، فهم الذين يفترض أن يملكوا آليات التتبع والتقويم .
لكن هناك جهة أخرى كان ينبغي أن تكون على رأس أي إصلاح ، يروم تجويد مناهج وبرامج مادة التربية الاسلامية ، ويسعى إلى الارتقاء بها لتستجيب لحاجيات الفرد والمجتمع ، إنها هيئة تدريس هذه المادة ، وإطرها ، فهم الأدرى بشؤونها ، نظرا لما راكموه من تجارب وخبرات ، عبر عشرات السنين ، في حجرات الدرس ، ومراكز التكوين ، وعبر العديد من المحاضرات والندوات والمؤتمرات واللقاءات التي تم تنظيمها على مدار السنوات، وفي كافة ربوع الوطن .
ولعل الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ، باعتبارها جمعية مهنية تعنى بقضايا المادة ، على الصعيد الوطني والجهوي والاقليمي ، عبر مكتبها الوطني وفروعها الجهوية والاقليمة التي تقارب الخمسين فرعا ، تعتبر في طليعة من ينبغي إشراكهم في كل إصلاح يستهدف المادة .
فمنذ تأسيسها سنة 1992 م قامت الجمعية بأعمال جبارة ، وأسدت خدمات جليلة ، في سبيل
تطوير وتجويد تدريس مادة التربية الإسلامية ، على مختلف الأصعدة والمستويات ، وأسهمت بشكل واضح في الرفع من قيمتها شكلا ومضمونا ؛ فعملت على :
– عقد شركات مع مجموعة من المؤسسات ذات الاهتمام المشترك ؛
– تنظيم مجموعة من المحاضرات والندوات المحلية والجهوية والوطنية والدولية في مواضيع مختلفة ؛
– القيام بالعديد من العروض التحسيسية التوعوية في عدة مجالات حسب المناسبات الدينية والوطنية ؛
– تقديم مجموعة من المقترحات للوزارة الوصية عن قطاع التربية والتعليم ؛
– إصدار الكثير من الكتب والمذكرات والبيانات والبلاغات في العديد من القضايا التربوية ؛
– تنظيم مجموعة من الملتقيات عبر ربوع المملكة ؛
– تنظيم عدة مسابقات في تجويد القرآن الكريم والسيرة النبوية ومسائل الإرث وغيرها ؛
– الدفاع عن القضايا الوطنية ، كان آخرها زيارة معبر الكركرات …
واليوم ، وتتويجا لهذه المجهودات الجبارة ، وبعد حوالي 30 سنة على تأسيسها ، تتخذ الجمعية من 30 أبريل يوما وطنيا لمادة التربية الإسلامية ، تسعى من خلاله إلى التعريف أكثر بمناهجها وبرامجها ، وتهدف إلى النهوض بالعطاء الحضاري لها ، لتكون فعلا المنهل العذب الذي يغدق على ناشئتنا بفيضه الغزير .
وتجدر الاشارة إلى أن المكتب الوطني ، الناطق الرسمي باسم هذه الجمعية ، سبق أن أعلن احتفاله بهذا اليوم الوطني ألاول مرة عشية 30 أبريل من سنة 2022م، على أن تستمر فعالياته طيلة شهر ماي.
وقد اتخذ له شعار ” التربية الإسلامية بين رهانات التحصين وتحديات التطوير والتمكين ” ، وهو الشعار الذي ينسجم مع الظرفية الراهنة ، التي تسعى خلالها الحكومة إلى تنزيل مضامين النموذج التنموي.