سبل إسناد مادة التربية الإسلامية باعتبارها مادة مواطنة

0

الأستاذ / عبد الوهاب الحاجي
يأتي الاحتفاء باليوم الوطني لمادة التربية الإسلامية باعتباره تظاهرة حبلى بالدلالات الدينية والوطنية؛ عرفانا واعترافا بالخدمات الجليلة والأدوار الطلائعية التي قامت وتقوم بها هذه المادة التربوية المواطنة في سياق سعيها لبناء قيم وهوية الأمة المغربية وحماية أمنها الروحي، قصد تحصين الأجيال من عواصف التيارات الثقافية الضارة. فبمكانتها وبأدوارها وأهدافها ومقاصدها حازت مادة التربية الإسلامية الشرف من عدة جوانب:
من حيث اهتمام أعلى سلطة في البلاد بتطويرها في الخطابات الرسمية؛ منها خطاب 30 أبريل 2004 في موضوع إعادة هيكلة الحقل الديني، والذي تحدث فيه جلالة الملك عن التربية الإسلامية بالإسم أكثر من مرة، وأصدر تعليماته للحكومة قصد اتخاذ التدابير اللازمة بأناة وتبصر لعقلنة وتحديث وتوحيد التربية الإسلامية.
من حيث الثغر الذي تقف عليه؛ المتمثل في الإسهام في الحفاظ على الأمن الروحي للناشئة، وتربيتهم وفق مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وفق منهج الوسطية والاعتدال.
ومن حيث الموضوع: فمادتها الأساسية هي نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والسيرة النبوية العطرة؛ تتناولها قراءة وفهما وتدبرا وحفظا وتحليلا واستخلاصا لما فيهم من الأحكام والحكم والقيم والدروس والعبر، كل ذلك في رباط وارتباط بواقع المتعلم المغربي وبيئته وحاجياته الدينية والدنيوية.
لهذا وغيره هيأ الله عز وجل لمادة التربية الإسلامية في السياق المغربي من يخدمها من النساء والرجال الغيورين على هوية وثقافة هذا الوطن، من باب هذه المادة التربوية المباركة؛ وتبرز في المقدمة الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بمكتبها الوطني وفروعها على المستوى الوطني، وهي الجمعية العتيدة التي تبذل مجهودات جبارة لخدمة المادة وأهلها، بالإضافة إلى أساتذة التعليم العالي، والأساتذة المكونين، والمؤطرين التربويين، والأستاذات والأساتذة الممارسين، وطلبتها أيضا.
كما سخر الله تعالى لخدمة هذه المادة التربوية الهامة رجالا ونساء يقفون على ثغر البحث العلمي؛ لتطويرها في الجوانب الشرعية والتربوية والبيداغوجية.
من هذا الجانب يود مركز مداد للأبحاث والدراسات أن يسهم في خدمة مادة التربية الإسلامية من خلال سعيه إلى التواصل مع السادة الباحثين وجمع جهودهم العلمية وترصيدها وإصدارها، إلى جانب مجهودات مراكز بحثية أخرى ومجهودات فردية لباحثين يتحملون شخصيا أعباء البحث والتصفيف والطبع والنشر.
فإن كان لمركز مداد من الفضل المقتصر فقط على كفاية السادة الباحثين صعوبات التواصل والتفاوض والتعاقد مع دور النشر والتوزيع، لاعتبر ذلك جهدا محمودا، فكيف إذا زدنا على هذه الحسنة حسنات أخرى؛ مرتبط بعضها بكون جميع أعضاء المركز أساتذة ودكاترة ومؤطرين درسوا ودرسوا مادة التربية الإسلامية، بل وأسهموا في خدمتها بأعمال علمية وإصدارات مستقلة أو مشتركة أو بمقالات علمية محكمة.
أضف إلى ذلك سعي المركز إلى خدمة الباحثين في هذا الباب بحسب إمكاناته المتواضعة؛ ففي هذا السياق شرف مركز مداد للأبحاث والدراسات بإصدار أعمال جادة لثلة من الباحثين والخبراء المهتمين بتدريسية مادة التربية الإسلامية؛ تعلق بعضها بمسار مادة التربية الإسلامية منذ فجر الاستقلال إلى منهاجها الأخير، واشتغل بعضها الآخر على المنهاج من حيث أسسه العامة، ومن حيث قيمه ومداخله ومقاصده، وقضاياه الديداكتيكية والبيداغوجية. ونشر المركز لباحثين آخرين اشتغلوا على تدريسية المادة، فاشتغل بعضهم على تدريسية القرآن الكريم، والبعض الآخر اشتغل على تدريسية الحديث النبوي الشريف والسيرة النبوية المطهرة. وانفتح بعض الباحثين على دراسة أثر بيداغوجيا الفصل المعكوس على تدريسية المادة.
ووعيا من مركز مداد بالأهمية البالغة للشق التربوي المتعلق بالتقويم في المادة، اشتغل المركز بشراكة مع فريق التربية على القيم بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق مشكورا على إصدار كتاب جامع لأعمال الندوة الوطنية العلمية التي نظماها في موضوع: ” تقويم المنهاج بعد ست سنوات من التنزيل” وانفرد المركز بكتاب آخر يعنى بإشكالية تقويم القيم في مادة التربية الإسلامية، كما صدر لمركز مداد للأبحاث والدراسات تحت الرقم 19 من سلسلة إصداراته كتاب “التقويم في مادة التربية الإسلامية” بشراكة مع فرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بتازة يتضمن ورقات علمية لستة خبراء مؤطرين ومفتشين تربويين.
وتفاعلا مع قضايا المجتمع الراهنة اشتغل المركز وشركاؤه منذ أشهر على موضوع القيم الأسرية في المناهج الدراسية، وقد وصل بفضل الله إلى مراحل التنسيق والتواصل مع المطبعة والمكتبة الوطنية، وستنظم الندوة في شهر ماي 2024 بحول الله.
ويحضر معنا في هذا المحفل المبارك بعض شركاء المركز؛ بالإضافة إلى المكتب الوطني لجمعية المادة وفروع تازة فاس ومكناس مشكورين، بعض الباحثين الذين نشر لهم المركز أعمالهم العلمية، فأغتنم الفرصة لأوجه لهم تحية حب وتقدير على اختيارهم للمركز وتعاونهم معه، وهذه التحية موصولة لكل من يهتم بإصدارات المركز وأنشطته العلمية.
وبعد ندوة القيم الأسرية سينشر المركز ورقة ندوة أخرى تعنى بموضوع أصل له الميثاق، لكنه أسقط من الوثائق التربوية المنبثقة عنه، ولم يطرق بعد حسب علمنا.
لعل هذا وغيره من بركات مادة التربية الإسلامية المواطنة التي كانت إلى عهد قريب فقيرة من حيث الأعمال العلمية الخادمة لها؛ وفي أقل من عقد من الزمن صارت غنية بعشرات الكتب والإصدارات والمقالات التربوية الخادمة لها.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.