نظمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي وماستر التربية والدراسات الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان ندوة دولية في موضوع:
“التربية على القيم الإسلامية ودورها في دعم الحوار والتقارب بين الثقافات والحضارات”، أيام 08 و09 محرم الحرام 1434 موافق 23و24 نونبر2012 بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان.
وقد انتظمت هذه الندوة في جلسة افتتاحية وتكريمية تلتها محاضرة افتتاحية ثم ثلاث جلسات علمية، وتميزت بمشاركة وازنة لشخصيات علمية من خارج البلد، د. ماجد زكي الجلاد من جامعة اليرموك بالأردن ود.نوزاد صواش رئيس القسم العربي في مؤسسة البحوث الأكاديمية والانترنيت في استنبول بتركيا، ود. مسفر بن علي القحطاني من جامعة البترول بالسعودية.
ومن المغرب شارك بتقديم عروض في محاور الندوة أحدعشر من الأساتذة والباحثين، وكان على رأس الحاضرين أعضاء المكتب الوطني والمجلس الوطني المكون من كتاب فروع الجمعية البالغة ثمانية وثلاثين فرعا تغطي مجموع التراب الوطني من الداخلة إلى طنجة، وعدد من الأعضاء السابقين في المكتب الوطني، كما شارك طلبة ماستر التربية والدراسات الإسلامية وعشرات من أساتذة التربية الإسلامية وأطر الإشراف التربوي وجمهور المهتمين حيث كانت القاعة غاصة بالحاضرين الذين حرصوا على متابعة جلسات الندوة إلى نهايتها.
الجلسة الافتتاحية:
بدأت أشغال الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الأستاذ عبد السلام الأحمر نائب رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم تلتها كلمة الأستاذ محمد الزباخ رئيس الجمعية، الذي رحب بالهيآت المشاركة في الندوة وشكر مختلف الجهات المتعاونة والداعمة لها ماديا ومعنويا، كما رحب بجميع الأساتذةأصحاب العروض الوافدين من الخارج والداخل وكذا الحاضرين من المهتمين وكتاب فروع الجمعية وأعضائها من أساتذة ومشرفين تربويين، وحدد في كلمته الإطار العام لتنظيم هذه الندوة وأهدافها وأهم المحاور التي ستتدارسها، وفي الأخير جدد شكره لكل من ساهم في إعدادها وتنظيمها.
ثم تناول الكلمة السيد نائب مدير المدرسة العليا للأساتذة، فرحب بدوره بالجهات المنظمة والمشاركين في هذه الندوة القيمة وتمنى لهم تمام التوفيق والنجاح، وبعده أخذ الكلمة د.خالد الصمدي باعتباره المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بالمغرب، فأبرز أهم الأهداف التي تشترك فيها الهيآت المنظمة لهذه الندوة مذكرا بأهم الأنشطة التي ساهمت فيها، كما اغتنم الفرصة ليقدم شكره الخالص للمشاركين والمساهمين متمنيا لهم مقاما طيبا. وأما السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان. فقد اعتذر عن الحضور لانشغاله باجتماع المجلس الإداري.
وكانت أقوى لحظات الجلسة الافتتاحية تكريم د محمد بلبشير الحسني عميد شعب الدراسات الإسلامية بالمغرب وأستاذ الأجيال حيث قدم رئيس الجلسة ذ عبد السلام الأحمر كلمة نوه فيها بجهود الأستاذ الكبير مبرزا أهم المحطات التي ميزت مشواره العلمي والثقافي والسياسي والجمعوي والأكاديمي والبحث العلمي، كما تطرق لأهم انجازاته وإنتاجاته العلمية وقدم له رئيس الجمعية بعض الهدايا الرمزية بهذه المناسبة.
المحاضرة الافتتاحية:
وبعد استراحة شاي. ألقى الأستاذ المحتفى به د. محمد بلبشير الحسني محاضرة افتتاحية في موضوع “الحوار والمناظرة انطلاقا من التوجيه القرآني” أثار فيها قضايا تتعلق بالقيم وفي طليعتها قيمة الإنسان باعتباره مكرما يتحمل مسؤولية الاستخلاف عن الله تعالى، من أجل عمارة الأرض وبناء الحضارة واكتشاف مكنوزات المعمور واستثمارها.
وتحدث عن كون الخطاب الإلهي حوارا مفتوحا مع الإنسان وباقي المخلوقات، ليقدم عرضا موجزا عن القيم القرآنية – وأهميتها في الأفراد والمجتمعات وعلى جميع المستويات وأنه قلما يختلف الناس حول القيم الأساسية (الحق/الحرية/ العدالة…)- من مثل: الإعلان عن استخلاف الله للإنسان وتكريمه، والإقرار بمبادئ التوحيد والعدل والمساواة بين البشر، وتثمين قيم العقل والعلم والعمل، ونبذ أنواع الظلم والتعدي والاستبداد، وتأكيد سنة التدافع والتنافسية بين الناس، وفي ختام محاضرته أورد جهود المملكة المغربية على مستوى إمارة المؤمنين في دعم الحوار والتواصل بين الحضارات والثقافات.
الجلسة الأولى: قيم الحوار والتقارب في المنظور الإسلامي
رئيس الجلسة: الدكتور ماجد زكي الجلاد والمقرر: الأستاذ محمد الوادي
المداخلة الأولى: (تجربة الأستاذ فتح الله كولن في حوار الحضارات والثقافات النظرية والتطبيق) للدكتور نورزاد صواش، رئيس القسم العربي في مؤسسة البحوث الأكاديمية.
قدم تجربة العالم المفكر التركي فتح الله كولن في مجال حوار الثقافات والحضارات باعتبارها تجربة فريدة من نوعها ولاسيما وأنها لم تبق في الإطار النظري فقط بل تجاوزت ذلك إلى المجال التطبيقي.
المداخلة الثانية: التربية على القيم الإنسانية من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية ودورها في دعم الحوار والتقارب، للدكتور أحمد كافي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء، ونائب رئيس تحرير مجلة الفرقان المغربية، تعرض فيها إلى بيان مفهوم القيم والآفات من الناحية الاصطلاحية، وكذا مفهوم الإنسانية التي تشمل الخلق جميعا من غير استثناء، كما ركز على قيمتين عظيمتين في القرآن الكريم وهما قيمة الحرية الإنسانية وقيمة العدل، كما ركزت مداخلته على أصول القيم الإنسانية في القرآن والسنة الداعمة للحوار والتقارب. وأشار كذلك إلى أننا نواجه صناعة للانحراف القيمي ينبغي أن يواجه بصناعة مضادة، وفي معرض حديثه عن الحوار أكد على أن الأمر بالحوار ورد في سياق الوجوب ومن تركه يعد آثما، وأن الإسلام يدعو إلى الكلمة السواء (العدل/ النصفة…) من أجل صيانة الضروريات الخمس، وأن الحوار في المفهوم القرآني هو الرشد، وترك الناس لقناعاتهم، وأن الفطرة هي ضمانة الحرية لتوجه الناس إلى الحق.
المداخلة الثالثة: التواصل والحوار بين الثقافات والحضارات متطلباته ومعالمه، للدكتور محمد منصف العسري، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط.
حاول بيان جوانب من المنهج الإسلامي في أهم متطلبات ومعالم التواصل والحوار المنشود بين الثقافات والحضارات مساهمة في تأصيل الدعوة إلى الحوار الحضاري واعتماد مبدأ التواصل والتفاعل بين الثقافات والحضارات المتنوعة في سبيل النهوض الحضاري لجميع الأمم. وقد عرض لورقته هاته في قالب تربوي تطبيقي يرمي غرس قيم التواصل والحوار بين الناشئة.
بعد المداخلات فتح نقاش حول مضامين العروض تميز بإيضاحات وردود حول قضايا متعددة منها الحوار والحرية والتواصل وغيرها مما جاء في المداخلات.
الجلسة الثانية: معطيات القيم الإسلامية لدعم الحوار والتقارب، والواقع القيمي للفكر الإنساني.
رئيس الجلسة: الدكتور محمد بلبشير الحسني والمقرر: ذ محمد الحضراتي
المداخلة الأولى: البناء المقاصدي للحوار مع الآخر دراسة في أصول التدافع السلمي القرآني، المنهج القصصي القرآني ودوره في تنمية قيم الحوار والتعايش. عرض مشترك للأستاذين ،عماد المرزوق ومونعيم مزغاب، أستاذي التعليم الثانوي التأهيلي وباحثين في سلك الدكتوراة.
استطاعا أن يجيبا من خلال مداخلتهما على الهدف العام الذي حدداه والذي يقوم على أساس تحسيس المتحاورين بإدراك مركزية الحوار لدفع الاختلاف الفكري من خلال المنهج التربوي القرآني.
المداخلة الثانية: الحوار الحضاري والقيم الإنسانية في مرحلة ما بعد الحداثة، للدكتور مسفر بن علي القحطاني، أستاذ مشارك بقسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأستاذ زائر في المعهد الأوربي للدراسات الإنسانية بفرنسا لمادة الأصول والبحث العلمي.
بعد أن أعطى صورة عامة عن القيم والمبادئ الإنسانية التي سادت العالم وتراكمت عبر أجياله والحال التي وصلت له، تحدث عن مشهد القيم في ظل عولمة السلع كما تناول الحديث عن القيم في مرحلة ما بعد الحداثة برصد القيم في هذه المرحلة وبيان الهوة السحيقة التي وصلت إليها، واختتم مداخلته بالحديث عن الحوار مع الغرب بين المدافعة والمصادمة مستدلا برؤى بعض المفكرين في الغرب
ورؤى بعض المسلمين.
المداخلة الثالثة: نماذج من اللقاء على مبادئ المروءة وقيم السماء، للدكتور نور الدين عادل، أستاذ الثانوي التأهيلي لمادة التربية الإسلامية، وأستاذ زائر بجامعة محمد الخامس بالرباط.
ركز في مداخلته على أرضية “المشترك الإنساني” الذي حاول إبرازه بنماذج طيلة تاريخ المسلمين الممتد من زمن الرسالة، والمتشبع بقيم الحوار والتواصل، ومنه تم استخلاص مدى وعي المجتمع المسلم بقيم الحوار. وختم حديثه بمجموعة من المقترحات هدفها إدماج قيم الحوار وترسيخها في سلوك المسلمين.
المداخلة الرابعة: معيقات الحوار لدى أهل الكتاب دراسة في نصوص العهد القديم، للدكتور مصطفى صادقي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بوجدة.
استطاع الكشف عن أثر النص الديني لدى أهل الكتاب في إعاقة الحوار وتضييق آفاقه الرحبة ، وذلك من خلال دراسة نصوص التوراة وما بعدها والوقوف عند جملة من النصوص التي تعكس نفسية الغالين الذين يؤججون الصراعات ويقفلون أبواب الحوار.
المداخلة الخامسة: دور المناهج الدراسية الغربية في بناء تمثل المثقف الأوربي المعاصر للحضارة الإسلامية، للأستاذ عبد الرحيم مجوش، أستاذ التربية الإسلامية بالثانوي التأهيلي، فاعل ثقافي وتربوي وجمعوي بجهة مراكش تنسيفت الحوز.
ركز في مداخلته على حقيقة تمثل المثقف والإنسان الأوربي لقضايا ورموز حضارتنا الإسلامية ، واقتصر على بعض المقررات الأوربية في السلك الابتدائي والمتعلقة بمادة التاريخ والاجتماع ليستخرج منها تصورهم للمرأة المسلمة، واكتشف الخلط الواضح عندهم بين الدين الإسلامي وبين العادات والتقاليد السائدة قبل الإسلام كما اكتشف مجموعة من الأوصاف للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين غايتها تشويه حقائق تاريخية وطمس وتزييف حقائق علمية.
أرجئت مناقشة هذه الجلسة إلى ما بعد الجلسة الثالثة التي انطلقت إثر استراحة شاي.
الجلسة الثالثة: مقاربات تطبيقية لإدماج قيم الحوار والتقارب في مجال التربية.
رئيس الجلسة: الدكتور مسفر بن علي القحطاني والمقرر: ذ.محمد احساين
المداخلة الأولى: بحث آليات إدماج قيم الحوار والتقارب بين الثقافات في منهاج التربية الإسلامية، للدكتور ماجد زكي الجلاد،أستاذ في مناهج التربية الإسلامية وأساليب تدريسها بكلية التربية جامعة اليرموك.
تحدث عن المراحل المتعددة التي مرت منها مناهج التربية الإسلامية، كما تطرق إلى أسباب تصميم مناهج التربية الإسلامية التي اعتمدت مدخلا جديدا يقوم على تحقيق نتاجاتها التعلمية، ويعكس التطور والتحديث الذي يساير العملية التعليمية كافة، ويؤهل المتعلمين لامتلاك مهارات التفكير الإبداعي والنقدي والمشاركة الفعالة في اقتصاد المعرفة.
كما عرض تصورا مقترحا لتصميم مناهج التربية الإسلامية من منظور قيمي مع التركيز على قيمة الحوار.
المداخلة الثانية: التربية على قيم تدبير الاختلاف وأثرها في البناء الحضاري تأسيس نظري وتطبيقات عملية، للدكتور خالد الصمدي أستاذ التعليم العالي، رئيس ماستر التربية والدراسات الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان، ورئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية.
ركز في مداخلته على دور الطبقة المثقفة في قيادة حركة التغيير الثقافي والاجتماعي، فإذا آمنت هذه الطبقة بقيم التعايش والتساكن والحوار، وكانت قادرة على تدبير الاختلاف في بناء ونشر مواقفها وآرائها وتصوراتها واجتهاداتها في المحيط، فإن ذلك سيشكل الإطار الخصب لنقل هذه الخبرة والتجربة إلى جيل الشباب.
كما تعرض إلى ثلاث جوانب للتربية على قيم تدبير الاختلاف المتمثلة في الجانب المعرفي والجانب القيمي والجانب المهاري.
المداخلة الثالثة: قيمة المسؤولية في التواصل الإسلامي مع الآخر مقاربة تنظيرية تربوية، للأستاذ عبد السلام الأحمر، عضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء، ونائب رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية.
ابتدأ عرضه بالحديث عن التواصل في التصور الإسلامي باعتباره مسؤولية شرعية، متفرعة عن أمانة الاستخلاف في الأرض التي هي المقصد الأسمى للوجود البشري واستدل على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأكد افتقار جميع القيم وضمنها التواصلية إلى قيمة المسؤولية التي تحمل على تقدير القيمة والالتزام بها فكريا ووجدانيا وسلوكيا. ثم اعتبر بعد ذلك الحوار أجدى أنواع التواصل، شريطة أن يكون مدعوما بالأخلاق الفاضلة، وجامعا بين العلم والعمل، ليخلص إلى أن الحوار والتقارب مسؤولية يلزمنا بها انتماؤنا لأمة الشهادة والرسالة الإلهية الخاتمة ، وأنهى مداخلته باقتراح إمكانية صياغة منهج للتربية على القيم التواصلية التي يتصدرها الحوار وتتوجه بنسق قيمي حدده في قيمة المسؤولية الشرعية.
المداخلة الرابعة: قيم الحوار الحضاري والثقافي، نحو مقاربة تربوية، للأستاذ عمر بيشو، أستاذ مادة التربية الإسلامية، وباحث في سلك الدكتوراة بكلية علوم التربية.
ابتدأ حديثه بضرورة إيجاد تحديد لمفهوم قيم الحوار الحضاري والثقافي وكذا إبراز خصائصه وتصنيفه، ثم تطرق إلى الأسس المعرفية والنظرية لهذه القيم، من حيث دواعي النظر القيمي المشترك، المنطلق من المعرفة الدينية والمعرفة الإنسانية معا وبعد حديثه النظري تم تناول الموضوع من جوانب تطبيقية كشف فيها جوانب بحث تربوي عن مجموعة من التقاطعات بين النظري والتطبيقي.
المداخلة الخامسة : مركزية القيم في حوار الحضارات، للأستاذ بلال التليدي، باحث متخصص في الحركات الإسلامية، ومدير الشؤون العلمية بمركز نماء للبحوث والدراسات بالمملكة العربية السعودية.
استدل على وضعية غياب الأمن في العالم وبروز مؤشرات الصراع الحضاري بدل حوار الثقافات إلى وجود اختلاف بين رؤيتين متقابلتين
ولا يخرج الداعي الأساسي لحوار الحضارات حسب الرؤيتين عن قيمتين اثنتين هما الأمن والعدل، الغرب يريد الأمن والشرق يريد العدل.
وخلص إلى أن الحوار لا يكون له أي معنى إن لم يكن قصده الوقوف على أزمة المرجعية والمنظومة المعرفية التي يعاني منها المشروع السائد، والمساهمة في تجاوز هذه الأعطاب إما بإصلاح اختلالات المنظومة السائدة أو بتغييرها من أساسها بمنظومة تربوية أخرى بمفاهيم ورؤى جديدة تؤسس لعالمية جديدة لا تقود إلى نفس المصير الذي انتهت إليه المنظومة السائدة.
الجلسة الختامية:
في البداية تمت قراءة التقرير العام للندوة من قبل المقرر العام للندوة الأستاذ محمد الوادي ثم تناول الكلمة الدكتور ماجد زكي الجلاد باسم المشاركين أصحاب العروض تلاه الدكتور خالد الصمدي باسم اللجنة المنظمة، ليتم ختم الجلسة بكلمة لمنسق اللجنة التنظيمية الأستاذ عبد السلام الأحمر، وتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم.