“علاقة المسلم بالغير” في محاضرة بالمركز الجهوي لمهن للتربية والتكوين ـ وجدة

0

benhamza a0ce1

الدكتور مصطفى بن حمزة

 

minassa adb04

 

الدكتور مصطفى بن حمزة

نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بوجدة يومه الأربعاء 27 جمادى الأولى 1436 موافق 18 مارس 2015 على الساعة الرابعة مساء محاضرة بعنوان:” التعامل مع الغير” من إلقاء الدكتور مصطفى بن حمزة.

وقد عرفت المحاضرة في بدايتها كلمة الدكتور قيدة أستاذ مكون بمادة التربية الإسلامية بالمركز وكلمة الدكتور عبد الله بوغوتة مدير المركز  الجهوي حيث رحب بالدكتور المحاضر  شاكرا له صنيعه في مجال الدعوة ورفع راية الإسلام  وتوجيه المسلمين لما فيه خير الدارين و داعيا الأساتذة الحاضرين بتحمل مسؤولية الدعوة.

ثم أخذ الكلمة الدكتور بن حمزة حيث استهل حديثه بشكر مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين والأساتذة المكونين، والأساتذة المتدربين، وجميع الفعاليات الثقافية الحاضرة، نظرا لما يختزله المكان في خاطر ه من الماضي الجميل، باستحضار ه ذكرى محاضرة الدكتورة عائشة بنت الشاطئ في هذا المكان التربوي الثقافي بوجدة، وعرج الشيخ على ذكرياته بالمركز الجهوي لتكوين الأساتذة بفاس، وعلاقته بالجامعة بمدينة العلم وكذلك بصمة الأساتذة طوال مشوار حياته العلمية، سوا الذين قضوا نحبهم  والذين لا زالوا على قيد الحياة.

وبدأ الدكتور بن حمزة حديثه في موضوع المحاضرة بتذكيره الحاضرين سياق الموضوع العام، في مجمل العالم الإسلامي، وغير الإسلامي، سواء ما حدث في تونس صباح يوم المحاضرة، حيث يكيد أعداء الأمة من أجل ضربها، وإفساد العلاقات بين الناس، وتخويفهم منه، حتى لا يتحول الناس الى الإسلام، وينتقلوا ليه بسلاسة ويسر واضح.

ثم أكد على ضرورة وجود موضوع علاقة المسلمين بغيرهم من أهل الأرض في المقررات الدراسية ومناهج التربية والتعليم، حتى يتمكن الأساتذة من أداء مهامهم في هذا المجال على أحسن وجه.

ثم انتقل للحديث عن التحولات التي تعيشها القارة الأوروبية، بجل مشاكلها، والمتغيرات التي عرفها المجتمع الأوروبي، والتي غيرت نظرة الآخر نحو المسلمين، من وقت الرخاء والبناء الاقتصادي، الى زمن الشدة والمحن العالمية، حيث أصبح المسلم ذلك الشبح الذي يهدد استقرار البلاد الغربية، فيجعلها تتخذ مجموعة من الإجراءات والتدابير (حجاب المرأة، العنصرية)، تؤدي الى صعوبة التعايش والعيش بالنسبة للمسلمين في بلاد المهجر.

ثم وضح خطاب الاختلاف في أصول الشرع الإسلامي الحنيف، وأساس الخلق البشري، الذي جعله الله تعالى منبعا لتطوير الحياة الإنسانية، مبينا أنه كلما كان هناك اختلاف في تدبير مناحي الحياة، كانت مجالات العيش متنوعة ومتعددة، حسب الحاجات والرغبات البشرية. وضرب مثالا لذلك بدعاء إبراهيم عليه السلام أثناء بناء البيت الحرام، حيث قال الله تعالى” وارزق أهله من الثمرات” فرفض الله طلبه، ولكن بقي الأساس الذي من أجله خلق البشر، فالرزق مضمون للمؤمن والكافر، قال تعالى:” قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار  وبيس المصير” بدون تمييز في الحياة الدنيا، اما الآخرة فالفوز مضمون للمؤمنين فقط.

وتابع حديثه عن حياة المسلمين على مر العصور، مبينا أنها كانت دائما وثيقة الصلة بالنصارى واليهود، وأن الاختلاف في الدين لا يعني عدم التعايش والعيش معا والتعامل معهم وفق الشرع الحنيف، كيفما كانت أعراقهم وأصول بلادهم. ممثلا لذلك بالتعقيب على من يدعون بنجاسة الكتابيات، حيث وضح بأنها نجاسة معنوية، وليست نجاسة بدنية، وأن الكتابية تشبه تماما المرأة المسلمة في جميع الحالات الجسمية والفيزيولوجية، ليس هناك اختلاف بينهما تماما، وبذلك كانت إباحة الزواج من الكتابية رغم تباثها على دينها، من دون حرج على المسلم.

hodor 55b71

 

كما تحدث الدكتور عن بعض الأحكام الخاصة بوجود غير المسلمين في بلاد الإسلام، مما يستوجب معه على هؤلاء احترام دين البلاد التي يقيم عيلها، والمساهمة بموجب مواطنته، في تنمية البلاد، ويجب على المسلم احترامهم، والتعامل معهم وفق القانون الذي ينضم العلاقات بين الناس في البلاد بشكل عام.

حيث أن التعامل معهم يكون وفق المعاهدات والاتفاقات المبرمة التي تأطر  هاته العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين من البلاد الغربية والتي هي مشتركة بينهم، كي تحفظ مصالح الناس جميعا.

وخص بقوله السياح والطلاب والتجار، حيث اعتبرهم من الأجانب المستأمنين على دينهم وعقيدتهم وحياتهم الخاصة، تتكفل الدولة نيابة عن أفراد المجتمع في كفالة حق هؤلاء الناس، لأن التعامل معهم لا يتم الا من طرف السلطات المختصة، وأن الاعتداء عليهم ليس من الدين في شيء وهو ظلم كبير لهم وللمسلمين الذين يعيشون في بلاد الغربة جميعا.

واستشهد على ذلك بحديث كتاب الله، عن غير المسلمين، من أهل الكتاب بالضبط، حيث بين أن فيه وصف لجميع الطوائف والمكونات، التي تحفظ الحقوق منهم والتي تسعى بين الناس بالمكر والخداع، في إنصاف جميل ودقيق لجميع التصنيفات المغايرة، لدين الإسلام.

وبين أن القرآن الكريم دافع عن الأنبياء جميعا، وحث المسلمين على الايمان بهم، وجعله من صميم الايمان الكلي للمسلم، ودعانا المولى عز وجل، الى عدم ممارسة الفعل نفسه مع هؤلاء الأنبياء (خصوصا موسى وعيسى / اليهود والنصارى)، مثلما فعل معهم قومهم الذين خرجوا فيهم للدعوة الى الله.

وتابع حديثه عن واجبات المسلم تجاه غيره من المسلمين، حيث أكد على الإحسان إليهم كيفما كانت معتقداتهم، الذين لا يقاتلون المسلمين أو يساعدوا على الاعتداء عليهم، في جميع أوجه الخير، والبر، كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب يوم فتح بيت المقدس بإيليا، حيث تتم مبادلة غير المسلمين الضيافة مع المسلمين، وفق أعراف الدين الكريم.

ثم طرح أسئلة استفزازية من أجل خلخلة مفاهيم الحضور ودعوتهم للتفكير في الطريق الصحيح للتعامل مع الغير: كيف يمكن للنبي، أن يتعامل مع غير المسلمين، في حياته اليومية، ويأمر في نفس الوقت بأن دعوته قائمة على مقاتلة الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟، أي إذا كانت حياته قائمة على القتال، وكتب السيرة تخبرنا أن درعه بقيت مرهونة عند يهودي، فكيف يستقيم هذا الأمر، بين مبادلة قمح للنبي، مقابل درع حربي بقي رهنا عند الكتابي؟، كيف يجتمع أن يوصي بأهل الكتاب خيرا ويأمر بقتلهم، كيف يبرم النبي المعاهدات مع اليهود في المدينة، وهو مأمور بقتلهم، لا إبقائهم على الحياة؟.

ثم بين بأن عواقب الفهم المغلوط لهذا الحديث، هو الذي جعل الناس يفتون أنفسهم بالجهاد الفردي، والاعتداء على الغير من أهل الكتاب، مهما كان الموقف منهم، ثم صحح الفهم قائلا أن التعامل معهم، يجب أن يتم وفق الشرع الحنيف وقانون البلد المضيف للمسلم، بديار المهجر، فلا يجوز سرقة أو قتل أو نهب، ولا اعتداء على غير المسلمين.

وذكر النماذج التي زخرت بهم أمة الإسلام على مر العصور، وكيف تم الاهتمام بالمعابد والبيع والكنائس، والتعايش والتعامل مع غير المسلمين، حيث أثرت علاقة المسلمين بغيرهم، وساهمت في تطوير العالقات الإنسانية بين البشر جميعا.

وفي آخر محاضرته الشيقة أكد على أن المسلمين حماة أخلاق وقيم ومبادئ الإنسانية، التي تنبني على التعايش والحوار والسلام، وحب الخير للجميع، دون النظر الى عرق، أو أصل، أو عقيدة. وأن حرية الاختيار أساس الدخول الى الإسلام والعيش فيه، بما يتفق مع أعراف الناس في المجتمع، ويربط عيش غير المسلمين بأداء الواجبات وأخذ الحقوق، بين مختلف أطياف المجتمع كافة.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.