“تنزيل التعليم الأصيل في صيغته الجديدة” في لقاء تواصلي لفائدة أطر الإدارة التربوية في التعليم الابتدائي بتزنيت

0

teznit 7bce0

 

  

     احتضن فضاء المركز الإقليمي للتكوينات والملتقيات التابع للنيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بتيزنيت صباح يوم الخميس16 ابريل 2015 ابتداء من الساعة 9 صباحا، اشغال اللقاء التواصلي والتحسيسي الذي نظمته النيابة الإقليمية لفائدة السادة أطر الإدارة التربوية بعدد من المؤسسات التعليمية الابتدائية ببلدية تيزنيت وبعض المراكز بالإقليم تحت شعار: “التعليم الأصيل في صيغته الجديدة، آفاق واعدة للعلم والمعرفة وحصن حصين لقيمنا الإسلامية وهويتنا الحضارية”.

     ترأس أشغال اللقاء الذي أشرف على إعداده أعضاء اللجنة الإقليمية لإرساء التعليم الابتدائي الأصيل في صيغته الجديدة، السيدان رئيسا مصلحتي الشؤون التربوية والموارد البشرية نيابة عن السيد النائب الاقليمي، بحضور أعضاء اللجنة الإقليمية المكونة من ممثل مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية وممثل المجلس العلمي المحلي وممثل عن جمعية أساتذة مادة التربية الإسلامية، إضافة إلى ممثلين عن أطر المراقبة التربوية ومكاتب الخريطة المدرسية والإعلام والتوجيه والاتصال بالنيابة.

     استهل اللقاء كالعادة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ألقاها على مسامع الحاضرين مسجلة، التلميذ المقرئ محمد بوشكوش من تلامذة التعليم الأصيل بالصيغة الجديدة بالمركب التربوي “القلم” بأكادير والحاصل على الجائزة الدولية الأولى للقرآن الكريم، ليقدّم بعده السيد رئيس المصلحة التربوية كلمة افتتاحية باسم السيد النائب الإقليمي(رئيس اللجنة) ضمّنها سردا كرونولوجيا للأشواط التي قطعتها اللجنة الإقليمية لإرساء التعليم الأصيل بالتعليم الابتدائي بالمنظور الجديد الذي سطّرته الوزارة  عبر مختلف المراسلات والمذكرات الوزارية والأكاديمية وتوصيات اللجن المركزية والجهوية، بدءا بأحداث اللجن الإقليمية وتتبعها وكذا توسيع شبكات مؤسسات التعليم الابتدائي الأصيل في صيغته الجديدة، متحدثا عن أهمية هذا النوع من التعليم في الحفاظ على اللغة العربية والثقافة المغربية والهوية الوطنية العربية والإسلامية، متمنيا لأشغال اللقاء النجاح وأن تتمخض عنه توصيات هامة تدفع بعجلة الإرساء وتنزيل التعليم الأصيل في المسارات الدراسية الموازية للتعليم العام، وتلبي حاجيات المنظومة التعليمية وتحقق رغبات التلاميذ الراغبين في ولوج هذا النوع من التعليم الذي يرتكز على اللغة العربية والمواد الإسلامية من قرآن وعقيدة وفقه وحديث شريف وسيرة نبوية، وينفتح على الرياضيات والعلوم واللغات. ويشكل قسيما للتعليم العام النظامي.

     برنامج اللقاء الذي أشرف على تسييره وتنشيّطه الأستاذ محمد العبدي منسق اللجنة الاقليمية، تضمن كذلك عرضا للأستاذ إبراهيم فال ولد كردنا مدير مدرسة الوفاء وعضو اللجنة الإقليمية عبارة عن ورقة تعريفية حول التعليم الأصيل في صيغته الجديدة، تحدّث فيها عن تاريخ إنشاء التعليم الأصيل قبل فترة الاستقلال وبعده، معرّجا على أهم المراحل التي تؤرخ لبروز هذا النوع من التعليم وأهدافه الوطنية والدينية ونتائجه التربوية حيث ساهم في مد المجتمع بخيرة الأطر وأكفأها، ساهمت في تنمية البلاد وهي من خريجي مدارس ومعاهد التعليم الأصيل المعروفة وطنيا، كما تحدث بإسهاب عن الاختيارات والتوجهات الكبرى لهذا النوع من التعليم، والتنظيم البيداغوجي للمواد من خلال الغلاف الزمني المخصص لها، إضافة إلى مؤشرات التمدرس وبعض الإحصائيات حول عدد المؤسسات التعليمية التي يدرّس بها التعليم الأصيل في جميع مراحله وعدد التلاميذ المتمدرسين به، وختم عرضه بالإشارة إلى مكونات لجنة المتابعة الجهوية المشتركة لملف التعليم الأصيل بتعاون مع جمعية العلماء بالمغرب وجمعية علماء سوس والأكاديمية الجهوية والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، كما ذكّر الحاضرين بأعضاء اللجنة الإقليمية لتتبع التعليم الأصيل بإقليم تيزنيت صاحبة مبادرة عقد هذا اللقاء التحسيسي.

     مفتش التعليم الثانوي لمادة التربية الإسلامية وعضو اللجنة الأستاذ لحسن أوصغير، تناول في مداخلته بعنوان: “أهمية التعليم الأصيل ودوره القيمي والاستراتيجي”، خطورة الظرفية التي يعيش فيها التعليم الأصيل ببلادنا حتى أصبح مهددا بالانقراض، رغم الدور الهام الذي اضطلع به منذ فترة الاستعمار للدفاع عن وحدة البلاد واستقلالها وترسيخ مبادىء الثقافة والحضارةالمغربية الأصيلة وصون الهوية العربية والإسلامية وإمداد البلاد بما تحتاجه من أطر متوسطة وعالية في مجال العلوم والشريعة والقانون، والمواطن المعتدل المتسامح والمتمكن من التواصل باللغة العربية والمنفتح على اللغات الاكثر انتشارا في العالم، معتبرا أن السنوات العجاف التي مر بها التعليم الأصيل في العقدين الأخيرين قضت على روافده الحقيقية تدريجيا، وجعلت القيم الإسلامية وقيم الهوية التي يرسخها تؤول للاندثار من مؤسساتنا التعليمية بما فيها المؤسسات التي كانت محصنا للتعليم الأصيل. ودعا إلى إحياء هذا الدور الريادي الذي يقوم به التعليم الأصيل في المجتمع من خلال مصدريه الخالدين القران والسنة، وجعله تعليما عصريا بصيغة جديدة يحافظ على اللغة العربية والعلوم الاسلامية وينفتح على المواد الأخرى من علوم ولغات وتكنولوجيات حديثة، من شأنه إنقاذ فلذات أكبادنا من التوغل في ظلمات الانحراف واليأس والتشدد. ولن يتأتى ذلك حسبه سوى بتطوير الوسائل والمناهج الدراسية المناسبة للعصر وهي مهمة القائمين على الشأن التربوي في كل مستويات القرار.

     مداخلة الأستاذ محمد عبدي عضو اللجنة وممثل الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع تيزنيت، تمحورت حول منهاج التعليم الأصيل في صيغته الجديدة وإجراءات التنزيل. وبين في مستهلها الحاجة الملحّة للتعليم الأصيل بمجتمعنا من أجل التشبت بوحدة البلاد عقيدة وشريعة وسلوكا وصونا له من كل أشكال الانحراف والتفسخ والتطرق والتفرق، وكذا حاجة البلاد إلى المواطن القوي مواطن وصفه الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالاستقامة والصلاح المتّسم بالاعتدال والتسامح “المتمكّن” من التواصل باللغة العربية لغة البلاد الرسمية تعبيرا وكتابة، المنفتح على اللغات والعلوم. كما تحدّث في ذات العرض عن الغلاف الزمني للمواد الأساسية في التعليم الأصيل قسيم التعليم العام، والمواد المدرّسة والكتب المدرسية المقرّرة في المواد الإسلامية (القران الكريم، السيرة النبوية، الحديث، الفقه..)، فضلا عن إعداد مواضيع الامتحانات الموحدة وفق الأطر المرجعية وتحديد عناصر التقويم والامتحانات والتأطير التربوي. وقدم في ختام عرضه بعض المقترحات الكفيلة بتسريع وثيرة التنزيل، منها القيام بحملات تحسيسية في صفوف الآباء والأولياء والتلاميذ والفاعلين التربويين للتعريف بمزايا هذا التعليم وعدم اختلافه عن التعليم العام سوى ببعض مواده الأساسية التي تميزه. والانطلاق في التنزيل من حقائق ومعطيات نابعة من الواقع بدل افتراض عراقيل منفّرة غير موجودة أصلا إلا في عقول بعض الرافضين لتعدد أنماط التعليم وحرية اختيار التعليم البديل حسب الرغبات والميولات والمؤهلات. وأكد على عزم اللجنة العمل مع كافة الفاعلين للسير بالمشروع إلى غاية إرسائه وفق توجيهات المذكرات الوزارية والاكاديمية الصادرة في الموضوع.

     ولتقريب السادة الحاضرين من واقع التعليم الأصيل في الصيغة الجديدة بمدارسنا التعليمية، تم عرض أشرطة لتجارب رائدة لهذا النوع من التعليم في بعض المؤسسات التعليمية ببعض الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لتقاسم معطياتها من خلال “نافذة على التجارب”، شملت مدارس عمومية وخاصة بأكاديميات جهة طنجة تطوان وفاس بولمان ومكناس تافيلالت وتادلة أزيلال وسوس ماسة درعة، إضافة إلى الاطلاع على التجربة المحلية للنيابة الإقليمية بمدرسة الوفاء الابتدائية بمدينة تيزنيت التي انطلق بها التعليم الأصيل منذ بضع سنوات، والتي توسع السيد مدير المؤسسة في التفصيل فيها وإبراز الاستراتيجية المتّبعة من لدن جميع الفاعلين بالمؤسسة في التنزيل والتعميم.

     وفي ختام هذه العروض والاشرطة، تمت دعوة السادة رؤساء المؤسسات التعليمية ورؤساء جمعيات الآباء والأولياء للانخراط في هذا الورش الوطني لمحاولة إحياء التعليم الأصيل في صيغته الجديدة باعتباره تجربة مغربية مميزة ينبغي الحفاظ عليها ودعمها، وباعتباره كذلك خيارا استراتيجيا تم التنصيص عليه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، من خلال التواصل مع الأسر والأساتذة والتلاميذ وتحفيز المتعلمين من الملتحقين الجدد للالتحاق بهذا الصنف من التعليم.

     تم فتح باب المناقشة لتدارس صيغ التنزيل على مستوى المؤسسات التعليمية الابتدائية، فأجمعت مختلف التدخلات التي لامست مختلف الجوانب المتعلقة بالموضوع، على أهمية هذا التعليم في الحفاظ على الهوية الإسلامية وعلى اللغة العربية والثقافة المغربية، لكن ثمة صعوبات تعترض أطر الإدارة التربوية للإرساء منها شيوع أفكار خاطئة لدى الآباء وعامة المجتمع حول نوعية التلاميذ الذين يلتحقون بالتعليم الأصيل ومستواهم التحصيلي، وصعوبة إقناع الآباء والأولياء في غياب ترسانة قانونية واضحة المعالم ومحفّزة لتشجيع التعليم الأصيل بالمدرسة الابتدائية وإدراجه ضمن الاختيارات المطلوبة لدى التلاميذ عند ولوج المدرسة الابتدائية لأول مرة. وطالب المتدخلون بإجراءات عملية على مستوى الخريطة المدرسية والموارد البشرية المؤهلة والمقررات والكتب والدعم الاجتماعي وإعداد بنيات الاستقبال الكفيلة باستقطاب التلاميذ خاصة في حالة وجود تسجيلات ضعيفة في بعض المؤسسات وتجميعها في مؤسسة معينة، كما طالبوا الجهات المسؤولة مركزيا أو جهويا أو إقليميا بإصدار قرار صريح يتم على أساسه إدراج التعليم الأصيل في الابتدائي وفتح باب التسجيل أمام المتعلمين لاختيار نوع العرض التربوي الذي يرغبون فيه (تعليم عام أو تعليم أصيل)، ويقوم السادة المديرون بالتعبئة والتحسيس حوله في صفوف الأباء والأولياء والتلاميذ من خلال عرض التجارب الناجحة أو حضور الأبواب المفتوحة لبعض المؤسسات التعليمية بالإقليم أو الجهة للتعرف على هذا النموذج التربوي الأصيل في منظوره الجديد. واقترحوا في الأخير إصدار مذكرة محلية من مصلحة التخطيط للإخبار بطريقة تنزيل التعليم الأصيل بالمدارس الابتدائية وأخذه بعين الاعتبار ضمن الخريطة المدرسية من خلال تحديد عدد الأقسام والتلاميذ وتحديد الروافد، بما يحقق الانطلاقة الصحيحة للتعليم الأصيل بالمدرسة المغربية ويحقق قيمة مضافة للنظام التربوي.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.