حسن العشاب
سياق هذا التساؤل التسريبات الأخيرة في امتحان الباكالوريا، وهذه نقطة من النقط التي تحتاج إلى التساؤل وإلى وقفة بالنسبة لكل مدبر وسياسي، ماذا عساه أن يفعل إن وقع تحت مسؤوليته ما حدث لوزير التربية الوطنية ووزير الاتصال وغيرهم من الوزراء والمسؤولين كل من موقعه وفي مجال اختصاصه خصوصا إذا كانت هناك نية مبيتة للإيقاع أو هناك توجه عام سياسي خارجي أو داخلي لصناع القرار فيه تعاقدات لرسم رأي عام على منوال معين أو تنفيذ الصفقة ما.
فالإشكال المطروح من يحرس الحراس؟ يتضح من خلال المقدمة أني وجدت المبررات لرفع الحرج عن الحراس– حراس السياسة، حراس البلد، حراس الفكر والقيم والأخلاق، حراس المؤسسات..كلا، فقط أشير هل يمكن أن تحترس ممن يحرسك؟ وهل هو في مأمن من مكرك؟
إذن هناك صعوبة حقيقية وتتعقد المعادلة إذا كان الفاعل الأساسي فيها هو الإنسان، الإنسان وما أدراك ما الإنسان، وسوف أعطي مثالا على صعوبة القضية وتعقيدها. فإذا كان موظفوا الدولة المكلفون بالحراسة والحرص على وثائقها ومعلوماتها يسربون في أعلى مستوى. فماذا يقال أمام تفويت الدول لمهمة الحراسة في مجموعة من القطاعات إلى القطاع الخاص؟هل لأنه أكثر أمان؟ أم لأنه أقل تكلفة؟ إن كان أكثر أمان وأقل تكلفة فلم لا يتم تفويت اقتراح وضع الامتحانات والمباريات والإشراف عليها وحراستهاإلى القطاع الخاص، قريبا، ومستقبلا الاحتفاظ بالمؤسسات العمومية – البناياتوالتعاقد مع شركات خاصة لأداء المهام التربوية والإدارية في المؤسسات العمومية إذا كانت أكثر جودة وفعالية. إن تداخل المهام العامة في الإدارة العمومية والمهام العامة للمؤسسات الخاصة في الإدارات العمومية فتح نقاشا آخر حيويا سيلقي بثقله على السلطة التشريعية في إيجاد السبل الكفيلة لإيجاد الحلول للنوازل المستجدة لعمليات معقدة ومتداخلة بين ما هو إداري وسياسي واقتصادي. إن السياسة والسياسيين بالقدر الذي قدموا خدمات جمة للإنسانية حالة التصالح البيني بينهما وخدمة السياسة أهداف السياسي بالقدر نفسه أو أكثر تصبح السياسة آلة للإبادة والإفساد والمكر والخديعة حالة مخاصمة السياسة لمصالح السياسي. فالسياسي يرتكب أبشع وأفضع الممارسات للاستمرار في موقعه ولخدمة مصالحه ضد خصومه وعلى حساب من وضعوا ثقتهم فيه وهذا بالنسبة له براعة وشجاعة وذكاء ولهذا تجد أن البعض يقوم بفعل شنيع ضد وطنه وبلده ويعتبره بطولة. فعندما تنقلب الموازن ويزن كل واحد بميزانه تفترق السبل والطرق والمناهج وهذا حال السياسة على مر التاريخ.