كن انسانا ، مثقفا ، قائدا ، محفزا وفاعلا ….
ان الجمعية المغربية لأساتذة التربية الاسلامية باشتوكة ايت باها وهي تحتفي باليوم العالمي للمدرس تعتبر ان هذا اليوم يشكل مناسبة سانحة للوقوف وقفة تأمل في واقع مدرس مادة التربية الإسلامية في ظل سياق وطني وعالمي حافل بالمستجدات والمتغيرات، وفرصة أيضا لاستشراف المخارج والحلول الممكنة في سبيل الارتقاء الشخصي والمهني.
فما فتئ المدرسون يبثون الشكوى من واقع مهني صعب واختلالات تنهك الجسد التعليمي، صعوبة تحيل على توترات المهنة بين إرادة نجاح التلاميذ وإخفاقهم النسبي، بين إرادة التربية على القيم والممارسة الفعلية لها داخل فضاء المدرسة وخارجه. بين الاعتزاز بالمهنة وانعدام الاعتراف الاجتماعي بدور المدرس وصعوبة مهمته. ذلك أن النقد الموجه إلى المدرسة وإلى المدرسين في تصاعد فلم تعد المدرسة مؤسسة تملك الحصانة كما كان عليه الحال من قبل. وقد أكد هذا الواقع المرير التقارير الوطنية الصادرة مؤخرا ومنها تقرير تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين2000- 2013: المكتسبات والمعيقات والتحديات، وتقرير التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي (يناير 2017).
وإن مما عمق صعوبة عمل مدرس التربية الإسلامية آلية تعديل وأجرأة المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية الموسومة بالارتباك والاستعجال.
وإن كنا نسجل أن هذا الارتباك الذي حصل في أجرأة المنهاج، قد أفرز دينامية غير مسبوقة على مستوى تدريسية المادة تتمثل فيما يلي:
- إعادة التفكير في أدوار الأستاذ وأدوار المتعلم وأدوار الكتاب المدرسي.
- بداية التأسيس لنقاش تربوي تخصصي والذي يعتبر أكبر مفقود في العملية التربوية، في حين أنه المحرك الأساس لأي تطوير للمارسات الصفية.
- التأسيس لآلية التقويم الذاتي عبر النقاشات الجماعية بين الأساتذة.
- إعادة الاعتبار لدور المجالس التعليمية في اقتراح تعديلات على المقررات الدراسية.
- الوقوف على أهمية التأطير بالمصاحبة والتكوين المستمر.
وفي ظل الواقع الصعب المليء بالتحديات المعبر عنها آنفا، نتوجه إلى مدرس مادة التربية الإسلامية وإلى المدرسين عموما لنقول بثقة وتفاؤل في غد أفضل لمنظومة التربية والتكوين ونحن في السنوات الأولى من تنزيل المشاريع المندمجة لأجرأة الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015/2030.
أيها المدرسون؛ أنتم القلب النابض لمنظومة التربية والتكوين، بكم تُحقق التربية أهدافها وتؤدي وظائفها، أنتم ورثة الأنبياء والمرسلين، جهودكم القيمة والمبتكرة محفوظة في ذاكرة تلامذتكم وفي ذاكرة المنصفين من أبناء شعبكم، أنتم الرهان في أي إصلاح منشود.
إن الارتقاء بكم هو سبيل الإصلاح الأمثل، ولن يتأتى ذلك إلا بالتحقق بالمواصفات التالية:
المدرس الإنسان: لا تربية صحيحة ما لم تصدر عن فلسفة تبلور رسالتها وترسم مسارها وتحدد أهدافها، إن من شأن الصدور عن فلسفة واضحة المعالم أن يوجد المدرس الإنسان صاحب الرسالة السامية في الحياة، وأن ينأى بنا عن تكوين المدرس الآلة.
المدرس المثقف: لا يستطيع المدرس أن يفرض الاحترام إلا إذا تمكن من تخصصه الدقيق وصقل لديه الملكة الإبداعية فيه، مع استحضار لتكامل العلوم والقدرة على مد الجسور مع التخصصات الأخرى. هذا وإن اليقظة والتعبئة الدائمتين والاطلاع الواعي على المخططات والمشاريع التربوية والوثائق المرتبطة بها، من شأنه أن يزيل الغبش وسوء الفهم حول كثير من مشاريع الإصلاح، وهو ضمانة للانخراط الإيجابي فيها، لأن كثيرا من المشاريع إنما فشلت بسبب عدم إدراك كنهها وفحواها وبالتالي تمت مقاومتها وتعطيل فعاليتها.
المدرس قائدا لمجموعة الفصل: إذا كانت المعارف قد فاضت خارج أسوار المدرسة وأصبحت الوسائط التي يأخذ منها المتعلم معارفه ويثق فيها متعددة، فإن دور المدرس اليوم هو التواصل والتوجيه والإرشاد والمصاحبة وتكييف الوسائل الحديثة وابتكار وضعيات التعلم من أجل مساعدة المتعلم على بناء تعلماته. لذا فإنه لا ارتقاء مهني بدون تأطير وتكوين مستمر وتكوين ذاتي، ينطلق من انتظارات وحاجيات المدرس، وتراعي قوة العقل العملي، وتتجاوز بذلك المقاربات الساذجة في التكوين القائمة على أنه يمكن التحكم في جميع السيرورات داخل الفصل الدراسي.
المدرس المحفَز: إن إحساس المدرس بأنه مفيد لتلامذته ولبلاده يلبي لدية الحاجة في التقدير ويعطي لعمله معنى يشكل دافعة للاستمرار في العطاء، ولذا لا بد من إيجاد الآليات الكفيلة بإبراز التجارب التربوية الجيدة والمبتكرة التي تحفل بها المدارس وتثمينها وتسويقها. وتحفيز المدرسين المتميزين وتكريمهم والاعتراف بتضحياتهم.