هل وفق منهاج التربية الاسلامية في اختيار سورة “ق”؟

0

ذ. عبد الله كوعلي/الثانوية الاعدادية الموحدين -شتوكة ابت باها

طرح أحد الأساتذة أطروحة مفادها أن منهاج التربية الإسلامية لم يكن موفقا إذ قرر سورة “ق” لتلاميذ السنة الأولى إعدادي، وعلق عليه أساتذة كثيرون، لكن هناك تعليق لفت إنتباهي جاء فيه أن أحد الآباء اشتكى تأثير مضامين السورة على ابنه بكيفية سلبية،

وهنا أود توضيح بعض الأمور المتعلقة بهذا الأمر من وجة نظري:

1- منهاج التربية الأسلامية موفق جدا في تقرير هذه السورة، لما تتضمنه من ترسيخ أحد أهم أركان الإيمان وهو الإيمان بالبعث والجزاء، وجميل أن تغرس مثل هذه الأمور في فترة متقدمة من سن المتعلم.

2- لقد درس تلميذ الأولى إعدادي حين كان في الإبتدائي سورة تحمل نفس مضامين سورة “ق” وكان آنذاك أصغر سنا، ولم يشتك أحد من الأمر، ومن تلك السور: الحاقة والواقعة والقارعة والتكاثر والمسد… فما الجديد إذن؟!

3- لا ينبغي للأستاذ أن يجعل حصة القرآن الكريم حصة للتفسير والتعمق في المعاني الجزئية للآيات، وتصوير أحداث القيامة، خاصة الجانب المرعب فيها وما يتعلق بجهنم. إن أقصى ما ينبغي فعله الإشارة إلى أهم المعاني بغرض تأكيد البعث والجزاء.

4- من الأخطاء التي يقع فيها بعض المدرسين وأيضا غيرهم من الدعاة في هذا الجانب أنهم يجعلون مثل هذه الآيات تخاطب الصغار مباشرة! فمثلا في قوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد) يجعل بعضهم الآيه أثناء الدرس تخاطب التلميذ الصغير مباشرة!، والحقيقة والحكمة الدعوية تقتضي أن تربط الآية بمن أنزلت فيهم وهم مشركو مكة (قريش) الذين كذبوا بالبعث، فعلى الأستاذ أن يربط أغلب مضامين هذه السورة بمشركي مكة، والتلميذ في هذه الحال سيكون نفسيا في مأمن من ذلك الفزع لأنه يعرف أن أولئك يستحقون ما حصل لهم، وهو بريئ من أفعالهم. إنما ندرس ذلك لأخذ العبر وتجنب أفعالهم.

5- ففي الشطر الثاني مثلا ركزتُ شخصيا على قوله تعالى: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) حيث استخرجت بمعية تلامذتي تلك الأسباب الستة المؤدية إلى العذاب المذكورة في الحديث ثم استفدنا أن عكسها من الأعمال الصالحة يؤدي إلى الجنة، فترسم أمام التلميذ طريقين واضحين في ذهنه أحدهما سئ والآخر حسن. فتَنفي عنه الغموض المؤدي إلى الخوف والفزع من شيء لم يفعله. والله أعلم.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.