عطلة مدرسية في زمن الكورونا

0

الأستاذ: محمد العماري. مهتم بالشأن التربوي

لا يخفى على كل نبيه، أن التحصيل الدراسي يحتاج إلى جهد ومثابرة يومية تأخذ من التلميذ/ الطالب وقتا وطاقة فيشعر بضعف في قوته وتحصيله كلما طالت مدة التحصيل.
ومن ثمة وضع المشرع عطلا بين-دراسية تجعل المتعلم/ الطالب يسترد رغبته في التحصيل ويستدرك ما فاته، فيروح عن النفس عبر خرجات ترفيهية؛ مخيمات، زيارات للأهل أو للأماكن الطبيعية في البوادي والجبال … وهو ما يجعلها تنشط من جديد، فتقبل على التحصيل العلمي أحسن الإقبال..
ولا ننسى أن كثيرا من الأسر تستغل العطل الدراسية لتنمية مهارات الأبناء. لكن كل هذا- وغيره- في حال السواء. فكيف ستتحقق مثل هذه الأهداف في زمن الكورونا؟
لقد كانت المنظومة التربوية والأسر تتمني النفس بعطلة بعد انقشاع الكورونا، لكن أمدها طال، وهو ما استدعى من الجهات المختصة في المغرب أن تبادر إلى إعلان عطلة دراسية لمدة أسبوع.
إنها ليست عطلة بمعنى الكلمة، بل هي توقيف للدروس عن بعد مؤقتا، كي يستعيد التلاميذ أنفاسهم من ثقل التعليم عن بعد.
ولذلك فلهذه العطلة خصوصية، لن تسمح بالترويح عن النفس وممارسة الأعمال والأنشطة التطوعية والرياضية والفنية وغيرها إلا في نطاق ضيق.
ولذلك تحمل الأسر على كاهلها عبئا آخر وهو استثمار هذه الأيام في إنضاج خبرات أبنائهم وبلورة كفاءاتهم كي يكتسبوا مهارات حياتية تعينهم على الريادة في المستقبل.
فكثير من الأسر تَخال أن التفوق الدراسي هو كل شيء، وهذا خطأ فادح ينبغي أن يصحح، ففي كثير من الدول الرائدة في التعليم على المستوى العالمي تعطى الأولوية لهذه المهارات الحياتية، وبلدنا المغرب استيقظ -والحمد لله – من سبات المعرفة الجاهزة النظرية وبدأ يدخل غمار إنتاج مواطن متشبع بالقيم الإنسانية والإسلامية، وما المنهاج الجديد للتربية الإسلامية لسنة 2016 عنا ببعيد. إضافة إلى نظام البكالوريوس الذي تعتزم الدولة العمل به في الجامعات ابتداء من السنة المقبلة. كل هذا في إطار خدمة المهارات الحياتية التي لها من الأهمية ما لا ينبغي أن يخفى على الأسر وهي تعد خطة لقضاء العطلة داخل البيوت في زمن الحجر الصحي.
إن ترك التلميذ/ الطالب يتمتع بفراغه دون أدنى تخطيط من طرفه او من طرف أولياء أمره، سيوقع الجميع في أمر غير محمود، ألا وهو بروز ظواهر سلبية لأن الفراغ قاتل، وهو من الأشياء التي نجد للإسلام فيها فلسفة بديعة، تبرز في الدعوة إلى استغلال وقت الفراغ.
علاوة على ذلك، فالعطلة تأتي بعد مجهود دراسي، فمن الجيد أن تستغل في التقييم بإبراز مدى اكتساب المتعلم للأهداف والكفايات المسطرة، وبالتقويم أي بإصلاح ما انجلى من خلل، حسب الطاقة.
فالعطلة إذن محطة للنظر في الماضي واستشراف المستقبل، -وهي وقت مستقطع بلغة الرياضة- لتوفير متطلبات التفوق والنجاح والعيش الكريم، تتدخل في إنجاحها أطراف متعددة، غير أن العطلة في زمن الحجر الصحي تبقى لها خصوصياتها التي تسلبها كثيرا من تلك الأهداف التي نبهنا عليها.
وقبل أن يجف القلم وترتفع الصحف، أقول: إن العطلة -في حالة السواء- تساهم في بناء شخصية المتعلم/ والطالب وتنمية مهاراته، لكنها في حالة الاستثناء، تصطبغ بصبغة خاصة، وجب على المتدخلين في الشأن التربوي إعداد رسائل توجيهية للأسر والمتعلمين والطلبة تمكنهم من استغلاها أحسن استغلال، مع المحافظة على إجراءات الحجر الصحي.
إنها عطلة بطعم خاص، لم يذق طعمها كاتب المقال ولا قارئه.
للتواصل: majalla1912@gmail.com0

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.