خواطر عبد الحق لمهى /الطفل – الأسرة ـ المدرسة.

0

ذ. عبد الحق لمهى / استاذ التعليم الثانوي

تعد الأسرة نواة المجتمع وأساسه المكين، الذي تقع عليها مسؤولية تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية؛ تضمن التوازن المطلوب في الاستجابة لمختلف حاجيات الطفل المادية والنفسية والروحية، منذ نعومة أظافره حتى يبلغ أشده ورشده، كي يستطيع المجتمع إنجاب أناس أسوياء صالحين قادرين على مواجهة كل التحديات التي تعرض أمامهم، في عصر يطبعه التعقيد في كل سياقاته ومجالاته. ولعل من أهم شروط نجاح الأسرة في هذه المهمة، حصول مستوى عال من التوافق بين الآباء، قطبي هذه الأسرة، حول كيفية تحقيق هذه التنشئة المتوازنة، سواء على مستوى التصور والمنهج أو الأدوات، وكلما ضعفت نسبة هذا التوافق والانسجام بينها، كان لذلك أثر عكسي في بلورة هذه الغاية وتحقيق هذا المبتغى المنشود، فتتيه الأسرة وتضيع الناشئة ويفسد المجتمع، وهذا لعمري هو الخسران المبين الذي يصعب تداركه ومعالجته، إذ يحتاج الأمر بعد ذلك إلى عقود من الزمن.
المدرسة هي الأخرى مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، التي تعنى بمهمة التربية والتعليم للأجيال الصاعدة في كل مجتمع إلى جانب الأسرة. وينبري للقيام بهذا الدور الجليل في كل مجتمع عدد من الأطر الإدارية والتربوية، يتولون الإشراف على الشأن التربوي التعليمي لأبناء هذا المجتمع؛ كل من موقعه وبحسب مسؤوليته. ولمّا كانت المدرسة هي المحضن الثاني لفلذات أكبادنا بعد الأسرة، استدعى نجاح المؤسسة التعليمية في القيام بالأدوار المنوطة بها تحقق مستوى آخر عال من التوافق والانسجام بين كل هؤلاء المتدخلين على مستوى التصور والمناهج والغايات، توافق وانسجام حقيقي يتجلى أثره في روح العلاقات والعمليات المنزلة على أرض الواقع، توافق وانسجام يثمر حيوية ودينامية فاعلة من الإبداع والعطاء لدى كل هؤلاء؛ بما يستجيب لحاجيات وتطلعات أبنائنا، وليس توافقا صوريا وانسجاما ظاهريا، يبقى حبيس الوثائق الرسمية الضابطة و المنظمة للشأن التربوي بهذه المؤسسات.
فاذا حصل الوفاق بين قادة الأسرة التعليمية أثمر ذلك خيرا عميما عليها، بما يحصل لهم من الراحة والطمأنينة التي يتطلبها الاستمرار في أداء المهام بحيوية وشغف متواصل. أضف الى ذلك تطوير كفاءاتهم بما يؤهلهم إلى الارتقاء المهني في المستقبل. أما المتعلمون فيدركون حظهم من ذلك الانسجام بما يحققون من النجاح في الحياة الدراسية، واكتساب مهارات حياتية تمكنهم من الاندماج الإيجابي في حياتهم بعد المدرسة. والعكس يكون لو لم يحصل بين هؤلاء القادة ما ذكرناه من التوافق، فلا هم استفادوا ولا استراحوا، ولا المتعلمون ظفروا بشيء من الفوائد في ذلك كله.
وعليه فالمطلوب هو السعي نحو الانسجام في الأسرة والمدرسة، سواء بين الوالدين أو بين القائمين على شؤون المدرسة، كل ذلك لضمان تحقيق معادلة رابح رابح للجميع.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.