حين نخاف النقد وسؤال المراجعة

0

ذ.عبدالله أخواص/استاذ التربية الاسلامية وباحث في الفكر الاسلامي
خلق الله العقل الإنساني وزوده بمهارات خارقة لتدبير الحياة
واشكالاتها وتقويم مساراتها نحو الأفضل،لكن البعض يصر على عدم استثمار تلك المهارات وارغام العقل على البقاء في دائرة الاصغاء الجيد وامتثال الأوامر ولا يتحرك الا مع صفار الانطلاق وفي الحدود المرسومة والمعلومة. وهو ما يجعل العقل في هذه الحالات يصاب بتشنجات وردات فعل غير طبيعية لأنه منع من ممارسة حق طبيعي جبل عليه ويشترك فيه مع الإنسانية جمعاء.
النقد عملية علمية غايتها الارتقاء وتجويد الممارسات والسلوكات والمؤسسات ومعالجة الاختلالات التي تصيبها فالخوف من هذا النقد تعبير عن ضيق الأفق وضعف قيم التسامح مع الاخر وعدم الاستعداد لتقبل وجهات نظر في التحليل تستند إلى وقائع ومنظورات مغايرة قد تغيب عند البعض، فينقلب هذا النقد الذي غاياته ما ذكرنا آنفا إلى نوع من التخوين والتفسيق عند الطرف المقابل لانه لا يطيق ما يسمع حتى لو افترضنا جدلا عدم صوابيته.
الخوف من النقد علامة أن الفكرة التي ندافع عنها تحمل بذور تلاشيها أو اننا لا نملك أدوات الدفاع عنها وتداولها بين الناس
لا أحد يملك الحق في احتكار الأفكار أو ينوب عن المجموع ويحرم الآخر من هذا الحق أو على الاقل جزء منه.
الحق في الاختلاف إغناء للحياة وتزويدها بقدرات إضافية في الإنتاج والعطاء. ويمثل الوحي ثورة في مجال النقد الصادق الذي يعترف بالفضل لأهله لكن يأتي بأدلة مشفعة ومقنعة ويفسح المجال واسعا للحوار وإبداء وجهات النظر في قضايا المصير والكينونة كما كان رسول صلى الله عليه وسلم نموذجا عمليا في الاصغاء لشكوك الكفار والمشركين واعتراضاتهم وهو يعلم مقالاتهم.
يقول الله تعالى:”والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” فالتواصي بالحق هو عين المراجعة الناقدة الهادفة مع وجوب تحمل ثقلها ومسؤولية ممارستها فالايمان والعمل الصالح مقرونان بالمراجعة الدائمة لأن عمل الإنسان نسبي يدور بين الخطأ والصواب وليس بين الحق والباطل. ذلك لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد.
لنرتقي جميعا في حواراتنا ونتسامح ونتغافر ويعذر بعضنا بعضا.
مع جميل المودة والتقدير.
عبد الله اخواض

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.