صدر عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو كتاب جديد حول:
“ثقافة الأمة الوسط” لمؤلفه الأستاذ عبد السلام الأحمر، عضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء. يقع في 88 صفحة، الطبعة الأولى 1430هـ/ 2009م.
ويقدم هذا الكتاب للقارئ الكريم تعريفا بالأمة الوسط، وما يرتكز عليه فكرها من توازن واعتدال يمثل هويتها الحقيقية الرافضة للتعصب والظلم والاعتداء، والداعية إلى وسطية الإسلام واعتداله، ونبذ التطرف والغلو والتشدد وأضدادها من التقصير والتفريط والتسيب. وقد استطاع مؤلفه الأستاذ عبد السلام الأحمر أن يعيش مع ثقافة الأمة الوسط، وأن يجمع من أزهارها باقة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وأن يجد في تراث الأمة ما يغني به كتابه هذا.
ومما جاء في تقديم الدكتور عبد العزيز التويجري ـ المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ للكتاب، أن الوسطية تعد من أبرز خصائص الأمة الإسلامية، التي تمّزت بها على الأمم جميعا، بفضل من الله تعالى، وجعلها أمة الشهادة على الناس. والتوسط هنا بمفهومه الإيجابي الذي يعني الاعتدال في كل الأمور، كما نصّ على ذلك الأثر الكريم القائل “خير الأمور أوسطها”، انطلاقا من أن الوسطية فضيلة بين رذيلتين، كالشجاعة التي هي وسط بين الجبن والتهور، والكرم الذي هو وسط بين الإسراف والبخل، وهو الممدوح في قوله تعالى: “ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا”. وقد مدح الله الأمة الإسلامية بكونها أمة الوسط الذي هو الاعتدال والتوازن، وبأنها الاختيار الأجود والأقوم، فقال عز من قائل: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
ولم يكن العالم أكثر حاجة إلى الوسطية في وقت من الأوقات منه في هذه المرحلة من التاريخ التي تشهد فيها الإنسانية ما يصنعه التطرف والغلو والتعصب من الأزمات والفتن. وليس أحدٌ أقدر من المؤمنين بالوسطية على الدعوة إلى الاعتدال، وتقريب وجهات النظر بين المتطرفين على مختلف الأصعدة ومن جميع الجهات. ومن ثَمَّ كانت الأمة الوسط مؤهلة لإرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح ومقاومة الظلم الناجم عن الأنانية وإقصاء الآخر واحتقاره، ولمحاربة الكراهية والعنصرية بالمنهج الأقوم وبالتي هي أحسن.
وفي مقدمته لكتابه أكد الأستاذ الأحمر أن هذه الدراسة حول موضوع” ثقافة الأمة الوسط” تأتي في إطار الجهود الطيبة التي ما فتئت تبذلها جهات ومؤسسات عتيدة في العالم الإسلامي، تفاعلا مع حاجات الأمة اليوم، ترسيخ ثقافة الوسطية والاعتدال، والتي من شأنها إبراز ما يمكن أن تقدمه الثقافة الإسلامية، من حقائق الدين الإسلامي الحنيف، دين التوازن والاعتدال والسلام والمحبة، لترد الاتهامات التي أخذت في وصمه بالتطرف والإرهاب انطلاقا من سلوك أفراد معدودين لا يمثلون إلا أنفسهم، لكن خصوم الأمة لا يريدون الإنصاف والوضوح، وإنما انتهزوا كل ما تهيأ لهم من أحداث مشبوهة لممارسة التلبيس وقلب الحقائق والتعميم والغلو في وصف الوقائع الاستثنائية وتهويلها، لإنعاش التطرف وتنميته وصب الزيت في ناره.
ولعل منحة هذه المحنة التي تجتازها الأمة، يضيف الأستاذ الأحمر، هي أن تدفع العلماء، والمفكرين إلى تجديد الثقافة الإسلامية بما يعيد لروح الإسلام توازنه واعتداله وسماحته، ويذكر الأمة بوظيفتها الخالدة، وهي الشهادة على العالمين، القائمة على الوسطية في العقيدة والعبادة والأخلاق والفكر والثقافة.
ولا ريب أن ما تحتاجه الأمة اليوم بعد صدور دراسات نظرية حول وسطية الإسلام، هو أن تنجر بحوث حول كيفية إدماج نهج الوسطية في الفكر والسلوك لتيسير ممارستها، وليكون ذلك وسيلة فعالة في الرد على افتراءات الخصوم، وتحصينا للأجيال من الغلو والتنطع والشذوذ الفكري والسلوكي.
ونحسب أن هذه الدراسة خطوة على طريق بناء منهج سلوكي وسطي يقود إلى تبين مواقع الوسطية في شتى مجالات الحياة، ويقلل من إمكانات الجهل بها والميل عنها إلى التفريط أو الإفراط، ويعين على تمثلها في المعاملات بين المسلمين أنفسهم وفي تعاملهم مع غيرهم من أصحاب الديانات والثقافات والحضارات الأخرى.
تاريخ النشر : 28-05-2009