أعده للنشر ذ: عبد الرحيم بن بوشعيب مفكير الدكالي
الهدف العام:
الوقوف على أهمية فهم الدين، واستيعاب مقاصد الشريعة السمحة، والتزام الحكمة في الدعوة إلى الله، والابتعاد عن كل مظاهر الغلو والتشدد.
الأهداف الإجرائية:
•العمل على استيعاب مصطلحي ” الغلو” و”الترخص”.
•الوقوف على مظاهر الغلو، وبيان خصائص الترخص.
•البحث عن أسباب الغلو وبواعثه.
•اقتراح بعض طرائق العلاج، والقائمين به.
تقديم:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، الحمد لله خالق الإنسان، معلم البيان، كرم الإنسان، وشرفه بتعليم آدم الأسماء كلها، ليكون أهلا لحمل أمانة التعليم والتبليغ، وأداء الرسالة، فجعل أشرف العمل وأحسن القول، القيام بمهمة البلاغ المبين، ودعوة الناس إلى الحق، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، وممارسة العمل الصالح، والانسلاك بالقافلة المؤمنة، وصبر النفس مع الذين يدعون ربهم بالغذاة والعشي يريدون وجهه. والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وبعد،
إن التطرق إلى موضوع ” التشدد” ” الغلو” ” التطرف” و”الترخص” وعلاقته بعمل المسلم وسلوكه، ورجائه في إصابة الحق وإتباع خير الهدي، أثناء مسيرته في الدنيا إلى أن يلقى ربه ليست بالأمر الهين، بالرغم من تداول مثل هذه المصطلحات على الألسن، ومناقشتها في المحافل، والمدارس ، والمقاهي، والإعلام، وغيره، وذلك راجع للبس الذي ارتبط بالمصطلحات الدينية حيث أريد لها أن تحمل معاني مخالفة لمقصود الشرع
وللوقوف على هذا الأمر وجب التجرد والتزام الحق، والتحقق من المعلومات المقدمة ، بل تدقيقها للوصول إلى الأهداف المرجوة من هذه الدورة التكوينية المباركة بإذن الله.
ولذا نتوخى من كل الأخوة والأخوات لمتابعة هذا الموضوع بدء ما يلي:
– تجديد النية، وإخلاص العمل، وابتغاء وجه الله تعالى واليوم الآخر.
– التجرد أثناء إصدار الأحكام، والصدق في التعامل مع القضايا المطروحة.
– تصحيح كل سلوك مخالف لما عرف من الحق.
– العمل على نقل المفاهيم السليمة وإشاعتها بين الناس، وتصحيح أمر دينهم.
– عدم البخل بالنصيحة، والنقد البناء، والمشاركة الفعلية والجادة
محاولة لتقريب المصطلحات:
سؤال 1 : أجب بكل تلقائية عن السؤال التالي في أسطر.
ماذا تعني لك المصطلحات التالية؟
التطرف
الغلو أو التشدد
الترخص
سؤال 2 : ضع أمام كل تعريف ما يناسبه من المصطلحات السالفة؟
…….. من طرق التشريع، للتيسير ورفع الحرج والمشاق، ودفع العسر، وسبيل من سبل التخفيف.
…….. الوقوف في الطرف، بعيدا عن الوسط، واصله في الحسيات، كالتطرف في الطريق أو الجلوس أو المشي، ثم انتقل
إلى المعنويات، كالتطرف في الدين أو الفكر أو السلوك.
…….. تجاوز الحد ، يقال ذلك إذا كان في السعر غلاء، وإذا كان في القدر والمنزلة …..
الإسلام دين الوسطية والاعتدال: ‘ قاعدة ذهبية’
الإسلام منهج وسط في كل شيء: في التصور والاعتقاد، والتعبد والتنسك، والأخلاق والسلوك، والمعاملة والتشريع.
والوسطية إحدى خصائص هذا الدين.
إن من خصائص هذا الدين التوازن والاعتدال الذي يعني الحرص على تحقيق التوازن المرغوب بين جوانب النمو المختلفة في شخصية الفرد وحياته وفي حياة المجتمع.وتحقيق التوازن في إشباع الحاجات المختلفة للفرد والجماعة، وتحقيق التوازن بين مقتضيات الحفاظ على تراث الماضي، وحاجيات الحاضر ومتطلبات التغلب على مشاكله، وحاجات المستقبل ومتطلباته، دون طغيان جانب على آخر، ودون الاهتمام بجانب على حساب آخر. والصحابة هذا الجيل القرآني الفريد تربٌوا في أحضان بيت النبوة. فجاءت تربيتهم متوازنة تراعي متطلبات الروح والجسد والدنيا والآخرة. قال تعالى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة … الآية”
سؤال 3 : دون في مذكرتك نصا قرآنيا أو حديثيا دالا على مصطلح من المصطلحات السالفة؟
نصوص قرآنية وحديثية مساعدة:
قال تعالى ” قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحق، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل” المائدة 77.
قال عز وجل” لا تغلوا في دينكم” النساء 171.
قال سبحانه ” يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا، واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون” المائدة 87/88.
روى الإمام أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجه في سننهما، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين” والمراد هنا بمن قبلنا: أهل الأديان السابقة، وخاصة أهل الكتاب، وعلى الأخص النصارى واليهود. خاطبهم الله سبحانه وتعالى بقوله ” قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحق، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل” المائدة 77.
وسبب ورود الحديث ينبه إلى أمر مهم ، وهو أن الغلو يبتدئ بشيء صغير، ثم تتسع دائرته، ويتطاير شرره، وذلك أن النبي عليه السلام حين وصل إلى المزدلفة في حجة الوداع قال: لابن عباس: هلم القط لي–أي حصيات ليرمي بها في منى- قال فلقطت له حصيات من حصى الخذف- يعني حصى صغارا مما يخذف به- فلما وضعهن في يده
قال:نعم بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين … الحديث” يعني لا ينبغي أن يتنطعوا فيقولوا: الرمي بكبار الحصى أبلغ من الصغار، فيدخل عليهم الغلو شيئا فشيئا، فلهذا حذرهم
قال ابن تيمية” قوله إياكم والغلو في الدين عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، والغلو: مجاوزة الحد…. والنصارى أكثر غلوا في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن، بقوله تعالى
” لاتغلوا في دينكم” النساء 171.
روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام” هلك المتنطعون” قالها ثلاثا. رواه مسلم، ونسبه السيوطي إلى أحمد وأبي داود أيضا.
قال الإمام النووي: أي المتعمقون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.
والملاحظ أن هذا الحديث والذي قبله جعلا عاقبة ” الغلو والتنطع” الهلاك، وهو يشمل هلاك الدين والدنيا، وأي خسارة أشد من الهلاك، وكفى بهذا زجرا.
روى أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله عليه السلام كان يقول: لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشُدد عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات ( رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم )
سؤال 4 : أذكر بعض مظاهر الغلو؟
سؤال 5 : ميز من خلال التصرفات التالية بين سلوك الغلو والتيسير، والسلوك الصحيح أو اللازم اتخاذه؟
مقترحات خمس يعرضها المشاركون، ويناقشونها :المدة الزمنية المحددة ( 6 دقائق )
بعض مظاهر الغلو:
* التعصب للرأي وعدم الاعتراف بآراء الآخرين. الزعم أنه وحده على الحق، ومن عاداه على الضلال، واتهام الرأي المخالف بالجهل واتباع الهوى، والمخالف في السلوك بالفسوق والعصيان.
” من حقي أن أتكلم… ومن واجبك أن تسمع… ومن حقي أن أقود … ومن واجبك أن تتبع …. رأيي صواب لا يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ لا يحتمل الصواب ….. “
* إلزام الناس بما لم يلزمهم به الله. التزام التشدد دائما، مع قيام موجبات التيسير، وإلزام الآخرين به، حيث يلزمهم الله به،…
* التشديد في غير محله: كأن يكون في غير دار الإسلام، أو مع أناس حديثي العهد بالدين.
* الغلظة في التعامل، والخشونة في الأسلوب، والفظاظة في الدعوة، خلافا للهدي النبوي.
* سوء الظن بالآخرين، والنظر إليهم بمنظار أسود، يخفي حسناتهم، ويضخم سيئاتهم. ولا يلتمس المعاذير.
* تزكية النفس.
* تكفير الناس.
سؤال 6 : ما هي أسباب الغلو في نظرك؟
في البحث عن أسباب الغلو:
– ضعف البصيرة بحقيقة الدين.
– الاتجاه الظاهري في فهم النصوص.
– الاشتغال بالمعارك الجانبية عن القضايا الكبرى.
– الإسراف في التحريم.
– التباس المفاهيم: عدم القدرة على التفريق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، وبين الإسلام الكامل ومجرد الإسلام، وبين الكفر الأكبر المخرج عن الملة، وكفر المعصية، ولا بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر، ولا بين نفاق العقيدة ونفاق العمل، وجعلوا جاهلية الخلق والسلوك كجاهلية العقيدة سواء.
– اتباع المتشابهات من النصوص وترك المحكمات.
– ضعف المعرفة بالتاريخ وسنن الكون والحياة.
سؤال 7: ما العلاج ؟
اقترح بعض الحلول العملية التي تراها مناسبة ؟ واعمل على تطبيقها في نفسك، وأهلك، ومحيطك؟
بعض وسائل العلاج:
– التفقه في الدين.
– فتح حوار جاد ومسؤول، وبالحكمة الحسنة، مع كل حامل لفكر متشدد.
– بناء الأمة وتربيتها على فهم مقاصد العقيدة السمحة.
– بث قيم التسامح والعدل والمساواة، وحرية الفكر، والاستماع للآخر.
– المشاركة الإيجابية والفعالة.
– الاهتمام بأصول الفقه ، وفقه مراتب الأحكام وأدب الاختلاف.
– تقدير ظروف الناس وأعذارهم.
– اعتماد منهج الوسطية والاعتدال، والتيسير ورفع الحرج والمشقة.
– إقرار الرخص في محالها.
– تقديم الترغيب والتبشير.
– اعتماد مبدأ التدرج في تنزيل الأحكام .
– تغليب الإباحة على التحريم.
– مواجهة التكفير بالتفكير ‘ قولة للريسوني”