تحت إشراف المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية وبتعاون مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، والمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية بتطوان،نظم فرع آسفي بتنسيق مع النيابة الإقليمية بأسفي ندوة تربوية وطنية تحت عنوان: دور التربية على القيم الإسلامية في تعزيز قيم المواطنة وترسيخ الهوية الحضارية، وذلك يوم الخميس 20 ربيع الآخر 1430 موافق 16 أبريل 2009 . بالمركز التربوي الجهوي محمد الخامس. بمدينة آسفي
وتميزت هذه الندوة بحضور مكثف بلغحوالي 240 مشاركا ويتكونون من الفئات التالية:
1. أساتذة التربية الإسلامية بالتعليم الثانوي الإعدادي الذين يشتغلون بنيابة أسفي.
2. أساتذة التربية الإسلامية بالتعليم الثانوي التأهيلي بنفس النيابة
3. الطلبة الأساتذة بالمركز التربوي الجهوي محمد الخامس بآسفي.
4. فعاليات تربوية محلية ووطنية.
الجلسة الافتتاحية
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم، من طرف الأستاذ مصطفى السليمي (أستاذ بالمركز التربوي الجهوي محمد الخامس بآسفي).
قدم رئيس فرع الجمعية بآسفي الأستاذ سعيد لعريض كلمة ترحيبية شكر فيها الحضورونوه بالهيئات المشاركة في هذه الندوة الوطنية، وعلى رأسها المجلس العلمي المحلي بأسفي الذي تربطه بفرع الجمعية شراكة عمل من أجل خدمة الشأن الديني.كما شكر النيابة الإقليمية بأسفي التي تربطها بفرع الجمعية اتفاقية شراكة تمت ترجمتها إلى خطط عمل، ثم ثمن التعاون البناء والمتواصل مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
وفي كلمة رئيس المجلس العلمي المحلي السيد عبد الرزاق الوزكيتي أكد أهمية التربية في بناء الأجيال ونوه بالتوافق والانسجام التام الحاصل بين المجلس العلمي وفرع الجمعية.
أما كلمة النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، فألقاها بالنيابة الدكتور محمد منصف العسري مفتش التعليم الثانوي.
ثم أخذ الكلمة الدكتور خالد الصمدي المستشارالأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي فتحدث عن تميز موضوع الندوة واشتداد الحاجة لتنظيم ملتقيات علمية حوله، وأن التربية على القيم من التحديات الكبرى التي تواجهها المجتمعات في زمن هيمنة ثقافة العولمة.
وفي الأخير ألقى كلمة المكتب الوطني للجمعية الأستاذ علي الأصبحي.
رحب في بدايتها بكافة الحاضرين، وشكر فرع الجمعية بنيابة آسفي على حيويته المعهودة مذكرا بأهداف الجمعية منذ تأسيسها سنة 1992 ثم أوضح أهمية موضوع الندوة في دعم الإصلاح التربوي في ظل التحديات التي تواجهها منظومة القيم الإسلامية في بعدها الحضاري المتعلق بترسيخ الهوية الوطنية وتنشئة المواطن الصالح المحب لوطنه المخلص له، مبينا أن هذا لن يتم إلا بتعاون جميع الفعاليات والمؤسسات التربوية المعنية لتحقيقه.
وختم بتجديد الشكر لكل من أسهم في تنظيم هذا اللقاء وإنجاحه من قريب أو من بعيد.
الجلسة الصباحية:
وبعد حفلة شاي على شرف الحضور انعقدت جلسة العروض الصباحية والتي اشتملت على المواضيع الآتية:
العرض الأول:
القيم في المنظومة التربوية: تأسيس نظري وتطبيقات علمية
للدكتور خالد الصمدي
(المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ورئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية بتطوان)
وقد بدأ تدخله بتحديد خصائص القيم وهي:
1) أنها معايير عقابية ووجدانية، 2) تستند إلى مرجعية، 3) تمكن صاحبها من الاختيار بإرادة حرة، 4) يتم تمثيلها بصورة متكررة لحديث ما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق…5) تمثل نشاطا إنسانيا يتسق فيه الفكر والقول والفعل، 6) يرجحها العقل على ما عداها، 7) يستغرق في… 8) يتحمل فيها ومن أجلها أكثر ما يتحمل في غيرها، ثم ( يضحي) في سبيلها ولاينتظر من ذلك منفعة ذاتية.
وبعد ذلك انتقل لضبط مفاهيم بعض المصطلحات ومن بينها. المرجعية القيمية، المفهوم، المؤشرات، حيث أكد أن القيمة واحدة بخلاف المفهوم الذي يتغير، وأن الاختلاف في مفهوم القيمة راجع إلى الاختلاف في المرجعية. أما من حيث المؤشرات فالقيم قضايا وجدانية غير قابلة للقياس، كتأدية الصلاة بخشوع مثلا، غير أن هناك بعض المؤشرات التقريبية، كما جاء في الحديث “إدا رأيتم الرجل بعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان” فالاعتياد هنا يعني المداومة، وذكر المساجد بصيغة الجمع بدل المفرد دال على التكرار في الزمن والمكان.
وبعد ذلك سيشرع في ذكر العلاقة بين الأحكام والقيم ضمن نقطة معنونة ب ” القيم في المرجعية الإسلامية” حيث خرج بخلاصة مفادها أن الأحكام وسيلة والقيم غاية.
ثم أورد مقارنة بين بعض الدول الإسلامية والعربية فيما يخص حضور القيم في المقاصد الكبرى للأنظمة التربوية والتعليمية في العالم الإسلامي، وملخصها: أن حضور القيم بسوريا يغلب عليه الطابع القومي وليس الإسلامي.
وأن الإمارات العربية المتحدة تستند في إنتاج القيم إلى الدول الغربية.
في حين أن المملكة العربية السعودية تحضر فيها القيم الإسلامية بشكل بارز. وبعد فراغه من هذه المقارنة أوضح أن القيم آليات بحيث أكد أن هناك قيم مركزية كالعدل والحرية، وهناك قيم فرعية، والذي يحدد هذه المركزية هو الواقع، فمثلا في العراق اليوم القيمة المركزية هي الأمن.أما عن المجال القيمي، فقد قسمه إلى أربع دوائر، وهي:
1) البعد الذاتي في المرحلة الإبتدائية 2) البعد المجتمعي في المرحلة الإعدادية 3) البعد الوطني في المرحلة الثانوية 4) البعد الإنساني في مرحلة الباكالوريا فما فوق.
تم ختم تدخله بالخطوات العلمية لبناء مشروع التربية على القيم الإسلامية في المنظومة التربوية والتي يثمثل أهمها فيما يلي:
تحديد مقاصد الإدماج- تحديد مرجعيات ومنطلقات الإدماج- بناء شبكة للقيم المراد إدماجها في تأليف الكتاب المدرسي بإدماج القيم الإسلامية- تصحيح برنامج الأنشطة التعليمية الصفية واللاصفية.
وضع معايير للتقويم: وأهمها 1) مؤشرات التقويم ( سلوكات ايجابية- الانفعال المتوازن معرفة مراحل تطور القيمة لدى المتعلم ) سلم المراقي الستة(الانتباه- الاهتمام الإقناع-الدفاع- نقل القيمة- تحديد فضاءات التقويم).
العرض الثاني:
التربية على القيم ومقاربة الإدماج.
للدكتور أحمد دكار (أستاذ بالمركز التربوي الجهوي بفاس، باحث في علوم التربية)
وقد بدأ موضوعه بتقديم موجز بأنه سيتناول ثلاث نقاط وهي:
(1) القيم والتربية على القيم (2) التربية على القيم والتربية بالقيم (3) التربية على القيم ومقارنة الإدماج.
1)التربية على القيم:
قدم تعريفا موجزا للقيم، بأنها نسق من المبادئ والمثل، والأفكار الموجهة لسلوك الفرد وتصرفاته، ومواقفه واتجاهاته.
ولا قيمة للقيم إذا وظفت في شعارات مجردة ولم تتجسد في مواقف الأفراد والجماعات وسلوكاتهم، كما أنها لا تنحصر في الأخلاق الدينية كالصدق والأمانة، بل تتسع لتشمل مجموعة من المجالات، حيث نجد القيم الأخلاقية، والإنسانية كالتسامح والإحترام، والإجتماعية كالتضامن، والوطنية كالتضحية في سبيل الوطن، والشخصية كالصبر والشجاعة… إلى غير ذلك.
والمدرسة من المؤسسات المعنية بإكساب القيم والتنشئة عليها في إطار عملية التربية على القيم، وهذه العملية تتطلب وسائل تربوية متنوعة كما تحتاج إلى الاجتهاد في اختيار أحسنها وأنسبها.
2)التربية على القيم والتربية بالقيم:
وأثار في هذه النقطة تجاوز التوجهات المتمركزة حول المدرس والمحتويات، لأنها تنتهي بالناشيء إلى حالة من الخمول العقلي وتعزز لديه أمراض التعصب، والانغلاق على الرأي، خلاف التوجهات التي تتبنى وظيفة المحتوى وفعالية المتعلم، والتي تدفعه إلى تطوير الكفايات واكتساب القيم من خلال مشاركته في بناء التعلمات عن طريق الاكتشاف والفعالية، عن طريق الاستماع والمحاكاة، مما يساعده على الانفتاح، وتقبل رأي المخالفين.
3)التربية على القيم ومقاربة الإدماج:
وفي هذه النقطة تعرض لمسألة تبني وزارة التربية الوطنية لبيداغوجية الإدماج حيث أحال على المشروع الثامن من المخطط الاستعجالي. ثم قدم تعريفا موجزا للإدماج يتمثل في كونه” تعبئة لمجموعة من المعارف والقدرات وتوظيفها بشكل متكامل من أجل حل وضعية مشكلة”.
وأكد أن بيداغوجية الادماج تتناسب والتربية على القيم لأن هذه البيداغوجية تفتح المجال لتوظيف وتفعيل المعارف والمهارات التي تم اكتسابها. كما أنها تضفي على القيم واقعية إذ تقدمها في سياق عملي.
العرض الثالث:
البعد العقدي لقيم المواطنة.
الدكتور أحمد العمراني (أستاذ بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، عضو المجلس العلمي بالجديدة)
حاول هذا العرض تأكيد أن قيم المواطنة مبنية على أساس عقائدي، فتحقيق العبادة والخلافة والعمارة من أهم مقتضيات المواطنة، إذ بتحقيق العقيدة يتحقق البناء ويتحقق الحب وتتحقق الاستمرارية في الوجود، وبدون عقيدة لا توجد دوافع حقيقية للبناء والإعمار واستمرارية الحياة.
وأبرز العرض أن العقيدة تقوم بدور إيجابي وفعال في ترسيخ قيم المواطنة إلى جانب المجهودات التي تقوم بها المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني.
وخلص العرض إلى أن الاعتقاد الديني هو رأس مال كل القيم ومصدرها الروحي الذي يحركها.
وخلص إلى كون المواطنة الفاعلة مبنية على ثلاث عناصر أساسية :
– الإنسان (المواطن) وتلبية حاجياته المادية والروحية.
– الأرض ( الموطن) .
– (الشرع والمنهاج) الذي يضبط ويحكم العلاقة بين الفرد وبيئته، والفرد وأخيه، والفرد وأعراف بلده وقوانينه .
فالمواطنة إذن تتشكل من خلال حركية المجتمع وتحولاته التاريخية، الهادفة لنسج العلاقات، وتبادل المنافع، وخلق الحاجات. مما يسهم في تجلية الحقوق الواجبات وتحديد المسؤوليات. ومن مجموع هذه العناصر المتفاعلة يتولد موروث مشترك من القيم؛ يسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميزها عن غيرها. وبهذا يصبح الموروث المشترك حماية وأمنا للوطن وللمواطن.
وتطرق في عرضه إلى المحاور التالية:
– تحديد مفهوم الوطن والمواطن والمواطنة.
– تحديد مفهوم القيم.
– نماذج من القيم المواطنة مع أبعادها العقدية وسبل تفعيلها: وهي العبادة والخلافة والعمارة والأمانة والعدل.
وربط تعريف القيم بالذات البشرية فقال إذن فلينظر أحدنا إلى اهتماماته ليعلم حقا ما هي قيمه؟.
ولعل أهم هذه النصوص التي يمكن أن نستمد منها حقيقة المواطنة ومقوماتها، نصوص الوحيين، ومستفيدين من وثيقتين أساسيتين: وثيقة حجة الوداع ووثيقة المدينة. اللتين يستحقان وقفات خاصة غير هذه الوقفة العابرة .
وربطا للمواطنة الحقة بأداء الواجبات وتحمل المسؤولية، حدد تجلياتها فيما يلي:
– إتقان العمل والإخلاص فيه.
– البناء لا الهدم.
– الحرص على الرفع من قيمته وقدره بحسن السلوك .
– حسن الإنتاج.
– البيئة السليمة.
كما اعتبر المواطنة ممارسة لمقتضى الاستخلاف في الأرض والتي أوضح أبعاده كما يلي:
وحقيقة هذا الاستخلاف تستغرق النشاط الإنساني كله. فما تكاد تستقر في القلب حتى تعلن عن نفسها في صورة عمل ونشاط موجه كله إلى الله، فهو الإيمان الذي يستغرق خواطر نفس الانسان، وخلجات قلبه، وحركات جسمه، وسلوكه مع ربه في أهله ومع الناس جميعا.
العرض الرابع:
قيم الواجب وتربية المواطن الصالح.
الأستاذ عبد السلام الأحمر (مفتش ممتاز سابقا، ومدير مجلة تربيتنا)
بداية حدد سبب اختياره لهذا الموضوع، في اعتقاده بأن كل إصلاح لاينطلق من استراتيجية إصلاح المواطن سينتهي إلى فشل كبير مصداقا الآية الكريمة:””إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ“ واعتبرالإحساس بالواجب وتقديره هو أعظم محرك للطاقة البشرية نحو البناء والصلاح والسلوك الحميد، وعرج على تعريف الواجب في الإسلام وعلاقته بالالتزام الذاتي والدوافع الإيمانية الحافزة على القيام به، وأيضا الواجب في الفكر الوضعي وعلاقته بالالتزام القانوني، فبين تميز الواجب الشرعي بكونه يقتضي اقتناع النفس بضرورة قيامها به لدافعين اثنين:
– أولهما وأهمهما إعتقادي فالله هو المراقب والمحاسب للمكلف الذي يسعى لنيل رضى الله واستحقاق الخلود في جنات النعيم، والنجاة من عذاب النار .
– ثانيهما سعي المكلف لتحقيق السعادة المجتمعية وتجنب العقوبات الشرعية التى تلاحق المتهاونين في أداء الواجبات.
وخلص إلى كون الواجب الشرعي يحقق أعلى قدرة على تربية الالتزام الذاتي
وبناء الإنسان المسؤول والمواطن الصالح!
ثم بين كيفية تربية المواطن على أساس قيم الواجب، والتي ذكر أنها هي كل القيم التي تعين الإنسان على أداء الواجب بتلقائية وإيمان واقتدار والتذاذ وسرور مثل: الإخلاص ، النزاهة، العدل، الوفاء ، الصدق ، الإتقان، حب العمل، الأمانة، التضحية، وغيرها من القيم المشابهة. وبخصوص التربية على قيم الواجب في الإطار المدرسي دعا إلى صياغة رؤية تربوية على أساس بناء المواطن الصالح القوي الأمين استلهاما للشرط القرآني في بناء المسلم المقتدر على النهوض بأعباء الاستخلاف في الأرض، وإعداد بيئة اجتماعية تربوية تساهم فيها جميع مكونات المجتمع، إذ لا وجود لتربية فعالة في غياب بيئة اجتماعية تربوية تساهم فيها جميع مكونات المجتمع الحكومية والشعبية والإعلام والثقافة والقوانين والعادات والتقاليد السائدة مع تقديم قدوات في حب الوطن والقيام بما يتعين من الواجبات في حقه من طرف المسؤولين بمختلف قطاعات المجتمع .
أما على مستوى البرامج التعليمية عموما وبرامج التربية الإسلامية خصوصا باعتبارها الأصل في ترسيخ ذلك. فيرى محورة جميع المضامين الفكرية والتربوية في البرامج التعليمية حول قيم المسؤولية والواجب حتى يكون بمقدورها فعلا وواقعا تنشئة الأجيال على التشبع بحب الله ورسوله وحب الإسلام وحب الأمة الإسلامية وضمن هذا الحب الاعتقادي حب الوطن باعتباره مجالا لعبادة الله والالتزام بدينه والعمل على تقدم الوطن دينيا ودنيويا والحفاظ على هويته الإسلامية في وجه مد العولمة المدمرللخصوصيات الدينية والحضارية.
بعد هذه العروض فتح باب النقاش، فكانت مشاركة المتدخلين قيمة بما اشتملت عليه من وعي كبير بالتحديات التربوية التي باتت مطروحة على المنظومة التعليمية في ضوء ما يلاحظ من تدن متصاعد في الإحساس بالانتماء للوطن وتراجع صارخ في القيام بالمسؤوليات.
الجلسة المسائية:
وبعد تناول المشاركين لوجبة الغذاء بمطعم المؤسسة عاد الجميع لمتابعة عروض الفترة المسائية، وكان أولها عرض: “أهمية القيم الإسلامية في تعزيز قيم المواطنة”
للدكتور محمد بولوز (مفتش التربية الإسلامية بنيابة آسفي)
وقد تطرق فيه إلى مجموعة من النقط وهي كالتالي:
– المقصود بقيم المواطنة؟ ومصطلحات: الوطن، المواطن، المواطنة، ثم العلاقة بين المواطنة والمدنية.
وركز على بيان مفهوم المواطنة في الإسلامي من خلال النقط التالية:
– حب الأوطان فطرة أصيلة في الإنسان.
– حب الدين وإقامته مقدم على حب الوطن والإقامة فيه.
- · قيم المواطنة في الإسلام واجبات وليس مجرد حقوق:
فالتصور الإسلامي للحقوق والواجبات يتميز بخاصيتين اثنتين:
الأولى: إن الإسلام يأمر بأداء الحقوق باعتبارها واجبا دينيا بينه وبين ربه قبل أن يكون التزاما بينه وبين غيره.
ومن المؤكد أن إضافة الجزاء الديني والحافز الديني إلى الحوافز السياسية والدوافع الطبيعية يشكل ضمانا إضافيا إلى ضمانات الحرية المعروفة.
الثانية: أن الإسلام ينظر إلى الحقوق من زاوية المكلف بأدائها لا من زاوية المطالب بها، ولهذا فان تعاليمه في هذا الشأن مجموعة من التوجيهات التي تأمر بأداء الحقوق إلى أصحابها، والتأمل في النصوص القرآنية يكشف عن إطراء هذا الأسلوب وساق الأمثلة التالية: قال تعالى ” واتوا حقه يوم حصاده ” (الإنعام- 141) “وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” (الذاريات – 19 ) “وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين” (البقرة – 241).
– ولهذا التوجه قيمة اجتماعية وإنسانية كبرى لان مؤداه بان يتسابق الناس إلى إعطاء الحقوق بدلا من تسابقهم إلى أخذها فتسود روح المودة والإيثار بدلا من روح الأثرة والمنافسة ويعمم هذا تشجيع العفو والإحسان بمثل قوله تعالى “وان تعفوا اقرب للتقوى” ( البقرة – 237).
بعد ذلك طرح مجموعة من التساؤلات من مثل: بأي وسيلة تتحقق المواطنة؟
وكيف نقوي قيم المواطنة في التربية الإسلامية ؟
فذكر في هذا الصدد، ضرورة توفير مناخ المواطنة من الحرية والعدل والمساواة والأمن وإحلال السلام والنظام، وتوفير مناخ العمل المنتج والمبدع النافع للفرد والمجتمع. وإعداد دروس عملية لتدريب النشء على ممارسة المواطنة من خلال أنشطة هادفة للنفع العام داخل المجتمع.
العرض الثاني:
القيم الإسلامية وأثرها في بناء الشخصية والهوية.
للدكتور محمد منصف العسري (مفتش التربية الإسلامية بنيابة أسفي)
بدأ الدكتور مداخلته بتقديم بين فيه التحولات التي طالت حياة المجتمعات المعاصرة وما أسفر عنه ذلك من تناقضات لافتة بين القيم الغربية التي نشرتها الثورة المعلوماتية وبين القيم الإسلامية الأصيلة لينتقل بعدها للحديث عن القيم الإسلامية من حيث مفهومها وعلاقتها بمقاصد الشريعة من حيث كون هذه القيم هي القواعد التي تبنى عليها المقاصد بعدها انتقل للكلام عن أصول هذه القيم وشموليتها لكل مجالات الحياة الإنسانية من فكر واعتقاد وسلوك وغيرها من الجانب الفردي والجماعي ليصل في آخر المداخلة إلى بيان أثر هذه القيم على شخصية الفرد وبنائها من خلال تقوية صلته بالله تبارك وتعالى وزرع الطمأنينة في النفس، الشيء الذي يدفعه إلى القيام بدور فعال في الحياة بناء وإصلاحا.
وتحدث أيضا عن أثرها كذلك في بناء المجتمع وترسيخ هويته من خلال التعاون واحترام التشريعات المنظمة للعلاقات الاجتماعية ونشر روح التآلف والتسامح.
ثم ختم مداخلته ببيان أهمية نظام القيم الإسلامية في بناء الشخصية والمجتمع وتعزيز الحب والغيرة على الوطن والانتماء إليه، وآثار غيابها أي القيم في تداعي وانهيار الأمم في جميع جوانبها.
وتلى العرضين مناقشة عميقة عرفت تدخلات كثيفة أغنت العرضين واتجهت بهما نحو التطبيق في حدود الظروف الجارية.
وختمت الندوة بتوزيع جوائز رمزية وشهادات تقديرية للفعاليات المشاركة في الندوة والتقاط صور تذكارية.