” التدريس بين المهنية والرسالية ” في لقاء تواصلي تربوي بمراكش

0

mor1 bbc43   

      نظمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع مراكش يوم السبت 26 ربيع الأول 1436 الموافق 17 يناير 2015 بمقر “نادي المدرس”، بداية من الساعة الثانية والنصف بعد الزوال لقاء تواصليا مع أساتذة المادة بالمدينة وخارجها، حضره ما يفوق 50 أستاذا وأستاذة، كما عرف اللقاء حضور بعض أساتذة المادة من التعليم الخصوصي وأستاذ عن مادة العربية، وعرف أيضا حضورا لا بأس به للأساتذة المتدربين  بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش.

وقد أطر اللقاء كل من:

ـ    المؤطر التربوي بأكاديمية الرباط والنائب الثاني لرئيس الجمعية الأستاذ محمد احساين

ـ    المؤطر التربوي بمدينة فاس الأستاذ أحمد عروبي

ـ    المؤطر التربوي بنيابة قلعة السراغنة الأستاذ كمال وجاد

هذا وقد قسم اللقاء التواصلي الى شقين:

الشق النظري: وشمل مداخلتين:

 

mor2 e3e09

المداخلة الأولى:

         تفضل بعرضها المؤطر التربوي الاستاذ محمد احساين بعنوان: “مهنة التدريس وشرط الرغبة

ابتدأها بتساؤلات عميقة في وصفها للأزمة التعليمية التربوية بالمنظمومة التعليمية في المغرب، ومنها:

 – لماذا ينفر المتعلم من الحصص الدراسية؟ إذ تراه يدخل إلى القسم متكاسلا، ثم يخرج منه مندفعا وكأنه كان مسجونا؟

ـ     لماذا يحب مادة ويكره أخرى؟

ـ     لماذا ينخر الوهن منظومتنا التربوية؟

ـ     لماذا تسيطر علينا فكرة الوظيفة وتغيب قيمة الرسالية؟

وغيرها من التساؤلات التي تضع اليد على الداء.

      والإشكال في رأي الأستاذ محمد احساين يكمن في بعد الفعل التربوي عن دلالته ومعناه من خلال مجموعة من المعيقات الأخرى من بينها: غياب النموذج والذي يعني غياب الوضع الاعتباري لرجل التعليم – وجود سلوكيات مضادة لمعنى التربية – غياب قيمة القدوة …. ليحاول أشكلة الموضوع من خلال سؤال عريض:

 –  كيف يمكن تأمين نجاح الانتقال من ضيق الوظيفة إلى رحابة الرسالة ؟؟

    للإجابة عن هذا التساؤل ناقش الأستاذ محمد احساين قواعد إصلاح المنظومة التربوية ومن بين القواعد التي وقف عندها:

   – ضرورة إصلاح العنصر البشري الذي هو إصلاح معنوي، وفي بيان هذا تحدث عن علاقة التربية بالعلم مستشهدا بقوله تعالى على لسان يوسف” اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم” وبقوله تعالى على لسان ابنة شعيب: “ياأبت استاجره إن خير من استاجرت القوي الأمين

وبين الفينة والأخرى كان الأستاذ يردد مفهوم الرسالة، وأن رجل التعليم يجب أن يكون – فوق كونه موظفا يجمعه بالدولة عقد يملي على الطرفين حقوقا وواجبات وتحمل مسؤوليات – رجلا رساليا يحمل هما تربويا إنسانيا، وفي هذا المساق عرج على بيان الفوارق بين الوظيفة والرسالية، وأن هذه الأخيرة تحمل البعد الإنساني الذي يدفع إلى الإحسان، وأنها تهتم بالجانب الكيفي والأخلاقي في إنجاز المهام الوظيفية في حين أن الأولى كمية وتهتم بكم المهام المنجزة.

ومن أجل أن يكون رجل التعليم رساليا اقترح الأستاذ احساين “شرط الرغبة” والذي نظمه في مثلث سماه: “مثلث قيم مهنة التدريس” ويقوم على ثلاثة عناصر أساسية: – الحب والتضحية – الإخلاص والتقوى – المسؤولية والإحسان.

ومن أجل تعزيز هذه القيم المهنية اقترح الوسائل الآتية:

ـ     الإيمان بالرسالة

ـ     التطوير الذاتي

ـ     تحقيق الرضى المهني

وقد كان الأستاذ محمد احساين محاصرا بالوقت مما اضطره للاختصار، والاقتصار على الومضات والإشارات.

mor3 d560e

المداخلة الثانية: عرضها المؤطر التربوي الاستاذ احمد عروبي تحت عنوان:

درس التربية الاسلامية وتحديات التجديد… “

وهي مداخلة في عمومها اتسمت بالجرأة في الطرح، والدقة في التنزيل، والعلمية في التأسيس، ولنقل إن الرسالية التي تحدث عنها الأستاذ احساين فككها الأستاذ عروبي وأبرزها، مجليا مقاصدها.

وتحقيقا للموضوعية والتواضع أيضا فقد قال المتدخل عن عرضه إنه لا يعدو أن يكون عبارة عن مجموعة من الأفكار، والخواطر النابعة من التجربة، والحوارات مع الأساتذة.

وانطلق المحاضر من نقطة إشكالية ملخصها “ضعف الحضارة الإسلامية…وسياق المد والهجوم والغزو العلمي…”ووضع علامة استفهام كبيرة لها دلالتها.

ولنقاش الموضوع اقترح ثلاثة تحديات:

1ـ    التحدي الأول: المقاصد والأهداف، ولا يخفى ما في تسمية “المقاصد” من أبعاد تأسيسية إذ الهدف كمفهوم لا يحيل على القيمة التربوية، والغائية كما تحيل عليه المقاصد.

     التحدي الثاني: المعارف

     التحدي الثالث: الوسائل وطرق التدريس، ويسميه التدريسية.

وأضاف إلى هذه الثلاثة عنصرا رابعا هو “المعلم” ولمح الى أن التعلم يجب أن يعيد النظر في تمثلاته تجاه ذاته وهي تمثلات تمليها النظرة التقليدية للمعلم، ووضح هذا التمثل بشبكة سماها” شبكة المعلم التقليدي” واقترح شبكة أخرى بديلة سماها “شبكة المعلم المتصل” وهي شبكة تحكمه – حسب المحاضر – معايير ثلاثة: معيار الانفتاح، والتواصل، والاندفاعية.

وحرص الأستاذ أحمد عروبي أن يسميه ب”المعلم” ولا يخفى ما تحمله فكرته هذه من أصالة مفهوميه.

وفي بيان التحديات وقف الأستاذ عروبي مع المبدإ الأول المرتبط بالمقاصد والأهداف متسائلا تساؤلا إشكاليا أثار واستثار، ولكنه أبان عن جودة بنائية منطقية في ذهن صاحبه  صاغه في العبارة الآتية:

ما هو الأولى بأن يركز عليه هل الاعتقاد والتصور أم السلوك؟

mor4 f96d2

    وللإجابة عن التساؤل قال: إن الجل يركز على السلوك، في حين أن كل سلوك وراءه تصور، ونظر لفكرته هذه بالدرس الأصولي حيث قال: “الحكم الشرعي قبل أن نعمل به أي قبل أن يصبح سلوكا لا بد أن نعتقده، أي أن هناك قصدا وعزيمة، وهي بنى ذهنية داخلية قلبية تصورية ثم يأتي الفعل، وهذه محطة أخرى رأينا فيها الأستاذ عروبي يبحث لفكرته عن معاضد  من داخل الحقل المعرفي الذي أنتج الدرس الإسلامي نظرا وتربية، وهو أولى من البدائل المقترحة.

ثم بين أهمية التركيز على التصور قائلا” إن الهجوم العولمي يتوجه إلى التصور والاعتقاد

وخلص إلى أن ما يعتمد ويتم التركيز عليه هو أن نعلم المتعلم كيف يفكر، لأنك تضمن بذلك تحقيق المهارة التحليلية التي تستطيع فهم الشبهات…ولا يعدو أن يكون التركيز على التصور حسب فكرة الأستاذ عروبي وسيلة سبقية لبناء السلوك التعبدي الهادف إلى إحقاق المخلوقية لله، ردا على الكونية الغربية، وربطا للدنيا بالآخرة، وردا للفكر العبثي الذي جاءت به قيم العولمة حتى لم يعد للوجود معنى”ما بعد الحداثة”، ولا يعدو أن يكون السلوك التعبدي وسيلة سبقية لمقصد الاستخلاف الضامن للتكليف والقصدية، ولا يمكن أن نفهم من هذه الثلاثية المترابطة منطقيا إلا غاية واحدة ” دعه يفكر ليفهم الوجود، ويفهم ذاته، ويفهم الأفكار “دعه يفكر” دعه يعبر

أما تحدي المعرفي وهو التحدي الثاني فقد وضع الأستاذ عروبي حياله سؤالين.

ـ     أي معرفة لأي متعلم؟

ـ    ما هي مصادر المعرفة؟

وجمع السؤالين في عبارة واحدة هي “المعرفة بين التقادم والتقدم” وكحل لهذا التحدي المعيق قدم المقترحات الآتية:

ـ     انتقاء المعرفة

ـ     الوحي والكون

ـ     المطلق والنسبي

وفي النهاية وقف مع التحدي الثالث موضحا إياه بالمقارنة بين نوعين من البيداغوجيات

الأولى: بيداغوجيا الجواب، والتي تكون المعارف داخلها جاهزة، والمعلم هو المصدر الوحيد الذي يلقن، ويلقم.

الثانية: بيداغوجا المشكل: والمتعلم فيها بان لمعرفته، والمعلم ليس هو المصدر الوحيد.

لينهي المؤطر التربوي أحمد عروبي مداخلته مقدما خلاصتها لتعقب بمجموعة من مداخلات الأساتذة الذين تفاعلوا بشكل قوي مع العرضين، ثم تعقيبات المؤطرين التربويين، بعدها انصرف الجميع لتأدية صلاة العصر ثم حفل شاي مرفوقا بورشة عمل من تأطير من سبقت الإشارة إلى  أسمائهم، وتفرق الجمع وكلنا يحمل هم المادة في قلبه وعقله على أمل أن يجتمع في القريب.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.