بدعوة من اللجنة المشرفة على تنظيم الملتقى الثاني حول التعليم الأصيل بجهة سوس ماسة درعة، شارك أعضاء من المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية في شخص ذ. محمد الزباخ رئيسا للجمعية، وذ. محمد احساين نائبا له، وذ. محمد الوادي وذ. الحسين أبو الوقار مستشارين، إضافة إلى أعضاء مكتب الفرع بأكادير، في الملتقى المنظم تحت شعار:” التعليم الأصيل بالمغرب، الواقع المشهود والأمل المنشود “
السياق العام للملتقى:
يدخل الملتقى في إطار إرساء التعليم الأصيل في المسارات الدراسية الموازية للتعليم العام، انطلاقا من التوجهات والاختيارات الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتفعيلا للمذكرات الوزارية الصادرة بشأن تطبيق وأجرأة تلك التوجهات على الصعيدين المركزي والجهوي، بمشاركة وتنسيق مع لجنة المتابعة الممثلة لجمعيات العلماء بالمغرب، بهدف الارتقاء بالتعليم الأصيل باعتباره قسيما للتعليم العام، ومكونا من مكونات النظام التربوي الوطني، وسعيا وراء الوقوف على المنجزات في هذا الموضوع على مستوى التعليم الابتدائي، من أجل تبادل التجارب والخبرات المتراكمة لدى بعض المؤسسات وتقويمها ….تم تنظيم الملتقى الوطني الثاني لمؤسسات التعليم الاصيل بجهة سوس ماسة درعة يومي 22 و 23 مارس 2013م، بمشاركة وتنسيق بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة، والمركب التربوي القلم بأكادير، وجمعية العلماء بالمغرب، وفرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بأكادير؛ حضره جمع غفير من المسؤولين التربويين والإداريين، ورؤساء المجالس العلمية، وممثلي اللجن الجهوية لدعم التعليم الأصيل، وبعض الجمعيات والنقابات ووسائل الإعلام والأساتذة والمهتمين بالشأن التربوي … وكان حضور الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بارزا من خلال أربعة أعضاء من المكتب الوطني والفرع المحلي للجمعية بأكدير والذي أسهم بكل فاعلية في كل المراحل الإعدادية للملتقى وبكل إخلاص وتفان وروح جمعوية عالية.
وقد عرف الملتقى محطتين رئيستين على مدى يومين كالآتي :
المحطة الأولى ( اليوم الأول ): تميزت بثلاث جلسات :
الجلسة الأولى وكانت جلسة افتتاحية، استمع فيها الحاضرون بعد آيات من الذكر الحكيم إلى كلمة السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين باسم الجهة المحتضنة،والذي رحب فيها بالحاضرين والمشاركين، مشيرا إلى أهم المنجزات التي حققتها الأكاديمية في مجال التعليم الأصيل وفق المذكرات الوزارية الصادرة بشأنه، وتتبع مدى تطبيقها على مستوى نيابات الجهة، مثمنا دور اللجنة الجهوية لدعم التعليم الأصيل، وفرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية في إعداد وإنجاح الملتقى … تلته كلمة الدكتور خالد الصمدي باعتباره مستشارا وممثلا لرئيس الحكومة؛ حيث عبر عن أهمية الاهتمام بالتعليم الأصيل، نظرا لحاجة منظومتنا التربوية إليه، ولقيمته المضافة على مستوى تعزيز قيم الهوية والانتماء لدى ناشئتنا، مشيرا إلى الاهتمام الشخصي لرئيس الحكومة بهذا النوع من التعليم، تطبيقا لما طرحه الميثاق الوطني للتربية والتكوين، خاصة في المادة 88 منه، مؤكدا على ضرورة إشراك الجميع في إنجاح هذا المشروع الوطني، دون إغفال بعض الإشكالات التي يطرحها هذا التعليم، موجها الجميع إلى دراسة ومناقشة الموضوع لبلورة تصورات عملية فيما يخص التكوين والدعم ومراجعة البرامج والتقويم، وسبل حفز الآباء وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على الانخراط في هذا الورش …
الجلسة الثانية وقد خصصت للاستماع إلى عرضين قيميين :
العرض الأول قدمه ذ. عبد الرزاق العمراني رئيس قسم التعليم الأصيل بوزارة التربية الوطنية، حمل عنوان ” واقع التعليم الأصيل وأفاق الارتقاء به ” استعرض من خلاله المرجعيات المؤطرة لمشروع التعليم الأصيل في صيغته الجديدة، انطلاقا من الاختيارات والتوجهات على مستوى الأهداف ومد الجسور مع التعليم العام، مبرزا الهيكلة الجديدة لهذا التعليم، ونظام التقويم والامتحانات، ووضعية التأليف المدرسي، مشيرا إلى آفاق تطويره والارتقاء به، على مستوى الخريطة المدرسية، وتطوير التعليم الأولي، وتشجيع إقبال التعليم الخصوصي عليه، والعمل على نشره بالسلكين الإعدادي والتأهيلي …
العرض الثاني قدمه د. الشاهد البوشيخي المنسق العام للجنة الوطنية الممثلة لجمعية العلماء، اختار له موضوع ” التعليم الأصيل بين المحقق والمعلق” والذي استهل مداخلته بأهمية تنظيم هذا الملتقى الثاني تواصلا مع اللقاء الاول قبل سنة بالدار البيضاء، من حيث اعتبار الجهة المحتضنة ذخيرة الأمة في الأصالة بما تحمله من خلق وعلم… مشيرا إلى مميزات وطبيعة هذا النوع من التعليم، والذي يختلف في مضمونه عما كان يعرف بالتعليم الأصيل؛ حيث هناك تجديد للتصور والمفهوم، وحاجة البلد إليه نظرا لحال التعليم العصري وما آل إليه على مستوى القيم، وهزالة المادة الإسلامية به، وقصوره عن تكوين الإنسان الرسالي، كما اعتبر هذا التعليم الجديد يختلف عن التعليم العتيق المتخصص في تكوين وتخريج العلماء بالشريعة، وبذلك يكون التعليم الأصيل الجديد – يقول الدكتور البوشيخي- وسط بين العصري، ليحقق طابع العصرنة، كما يأخذ من العتيق لتحقيق أصالته، وليعيد ربط الإنسان المغربي بذاته وهويته الحضارية، مذكرا في نهاية مداخلته بالتوصيات العشر التي انتهى إليها الملتقى الأول وبقيت في غالبيتها معلقة.
الجلسة الثالثة: خصصت للإطلاع على المنجزات في مجال التعليم الأصيل، من خلال عرض شريط تركيبي للتجارب الوطنية في مجال إرساء التعليم الأصيل بالتعليم الابتدائي في صيغته الجديدة؛ حيث تضمن الشريط لقطات معبرة عن تجربة تشهدها خمس مؤسسات تعليمية هي: مدرسة بن سودة بفاس(جهة فاس بولمان ) ومدرسة أبي هريرة بطنجة (جهة طنجة تطوان) ومؤسسة مركب القلم بأكادير ( بجهة سوس ماسة درعة ) ومؤسسة العرفان الخصوصية ( بجهة الدار البيضاء الكبرى ) ومؤسسة الائتلاف الخصوصية (بجهة تادلة أزيلال ).
المحطة الثانية( اليوم الثاني): عرفت لحظات للاشتغال في ورشات موضوعاتية ولحظة للجلسة الختامية .
أشغال الورشات: انطلقت أشغال الورشات صباح اليوم الثاني حيث توزع المشاركون إلى أربع ورشات:
الورشة الأولى:خصصت لدراسة ومناقشة موضوع المناهج والبرامج وآفاق تلاميذ التعليم الابتدائي والإعدادي الأصيل.
الورشة الثانية:خصصت للكتاب المدرسي وطرق الدعم والتقوية في التعليم الأصيل.
الورشة الثالثة:كانت في موضوع التكوين المستمر ودعم قدرات الموارد البشرية العاملة بالتعليم الأصيل.
الورشة الرابعة:خصصت لمناقشة سبل التعبئة والتواصل والشراكة حول التعليم الأصيل.
الجلسة الختامية:تم فيها عرض تقارير أشغال الورشات، وإبراز أهم المقترحات، والتي عمل المقرر العام للملتقى على استثمارها في صياغة مجموعة من التوصيات التي انبثقت عن الملتقى الثاني حول التعليم الأصيل، وكانت أهم المقترحات التي صاغتها الورشات الأربع ركزت على النقط الآتية:
– تعزيز التواصل والشراكة وتشجيع الانخراط في مشروع التعليم الأصيل في ثوبه الجديد،
– الاهتمام ببرامج التكوين الأساس والمستمر وإعطاء الأهمية للتعليم الاصيل في هذا المجال،
– ضرورة إعادة النظر في اللجن الجهوية لدعم التعليم الأصيل،
– تعميم الكتاب المدرسي بما فيه دليل الأستاذ، وكتاب التلميذ تأليفا وتوزيعا، وفتح باب المنافسة فيه للارتقاء به شكلا ومضمونا،
– تفعيل التوصيات السابقة التي بقيت معلقة،
– تنظيم دورات تكوينية هادفة لتنزيل الكتب المدرسية وتتبعها وتقويمها،
– الاهتمام بالموارد الرقمية الداعمة لتدريس مواد التعليم الأصيل،
– إعادة النظر في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لإدراجأقسام أو وحدات أو مجزوءات خاصة بالتعليم الأصيل،
– إنشاء موقع خاص يهتم بشؤون التعليم الأصيل،
– تأسيس خلية للسهر على التكوين المستمر، والإشراف على التأطير البيداغوجي والديداكتيكي،
– تفعيل عملية التنسيق بين الوزارة الوصية ومختلف اللجن الجهوية والفاعلين التربويين في مجال التربية الإسلامية والتعليم الاصيل، مركزيا وجهويا واقليميا،
–تحيين المذكرات الوزارية الصادرة بشأن التعليم الأصيل، وتعميمها، والمطالبة بتنفيذها، وتتبع إجراءات التنفيذ مركزيا وجهويا وإقليميا،
– مراجعة قضية إقصاء المادة الإسلامية من كثير من المباريات التي تنظمها الإدارات العمومية، خاصة وأن الحاجة ضاغطة لتخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد انطلاقا من التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية لكل من يتولى شأن الأمة في كل المستويات والمجالات،
– التعميم التدريجي لمشروع التعليم الأصيل، وترصيد التجارب، ومواكبتها ودعمها واستثمارها وطنيا…
لينتهي اللقاء بكلمة ختامية وبالدعاء الصالح للجميع، وكان من نصيب الأستاذ محمد الرزكي مدير التعليم الأصيل بوزارة التربية الوطنية سابقا .
انطباع الجمعية حول الملتقى:
سجل أعضاء الجمعية المشاركون ما تميز به الملتقى من كثرة الحضور، وتنوع المشاركين، خاصة المسؤولين الحكوميين والمسؤولين الإداريين بالجهة، ومسؤولين عن التعليم الأصيل، ورؤساء بعض المجالس العلمية، ولجنة العلماء، وبعض مدراء وأساتذة مؤسسات التعليم الأصيل، وتنسيق محكم بين مجموعة من الشركاء منها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، والمركب التربوي القلم، والمجلس العلمي المحلي، وفرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بأكادير … مما أعطى الملتقى دفعة قوية نحو النجاح، والذي سيؤدي لا محالة إلى الارتقاء بمستوى التعليم الأصيل شكلا ومضمونا .
كما تسجل الجمعية بكامل الارتياح انخراط التعليم الخصوصي في مجال التعليم الأصيل، وتعتز أيما اعتزاز بأريحية المؤسسة الخاصة ” المركب التربوي القلم ” في شخص رئيسها الوطني الغيور ميلود الشعبي، والمشرفين على التسيير التربوي والإداري للمؤسسة، والتي نظمت حفل استقبال على شرف الحاضرين، عملت من خلاله على تكريم ثلة من الفاعلين الذين أبلوا البلاء الحسن في رص لبنات مشروع التعليم الأصيل في صيغته الجديدة، تلك المؤسسات الخصوصية التي أبت إلا أن تأخذ على عاتقها خوض غمار تجربة التعليم الأصيل، متجاوزة في ذلك ما تراكم من خلفيات حول التعليم الخصوصي وسعيه للربح المادي الصرف، والتضحية بالقيم من أجله … وكأن التاريخ يعيد نفسه، وينقلنا عبر هذه التجربة إلى رحاب المدارس الحرة الوطنية الأصيلة، التي أنشئت خلال الاستعمار وبعده، لأهداف وغايات وطنية، تضع في أولوياتها القيم الوطنية والهوية الحضارية للبلاد والعباد،
ـ حفل تكريم المشاركين بمؤسسة ” المركب التربوي القلم “.
إنجاز: محمد احساين