كتاب أحكام المواريث بين النظر الفقهي والتطبيق العملي – ج1 – طبع سنة 1998 م (06)

0

    إن للإرث في الإسلام قوانين وتوجهات مذكورة في القرآن الكريم التي تحدد أصول تطبيق الميراث. فلقد أعطى الإسلام الميراث اهتماما كبيرا، وعمل على تحديد الورثة بشكل واضح ليبطل بذلك ما كان يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، كما الآية: ﴿يوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾سورة النساء؛ ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ولِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.

مزايا إرث الإسلام:

      والميراث يعتبر الركن الخامس من أركان تنظيم العلاقة الأسرية، فالميراث تشريع مالي له أهداف اقتصادية ونفسية تساعد على تقوية أواصر الأسرة، وشدّ الرابطة بين أفرادها، وقانون الإرث في الإسلام يحقّق للأسرة والمجتمع أهدافاً كثيرة، أهمها:

1ـ يساعد على تقوية أواصر الودّ والعلاقة بين الأب وأبنائه وزوجته وأفراد أسرته، فهو يشعر أنّهم يرثون جهده وماله، وهم يشعرون بأنّه صاحب الفضل الذي ترك لهم مالاً يعينهم على سدّ حوائجهم، أو يساعدهم على فتح آفاق العمل والحياة المعاشية أمامهم .

2ـ يساعد قانون الإرث على ضبط موازنة التوزيع الاقتصادي، وتقسيم الثروة التي يملكها فرد بين مجموعة من الأفراد، بشكل يساعد على إلغاء التضخّم المالي من جهة، ومكافحة الفقر والحاجة من جهة أخرى.

3ـ قانون الإرث يشجّع الأفراد على الإنتاج، ومضاعفة الجهد، لأن الفرد في هذه الحالة يؤمن بأن أقرب الناس إلى نفسه وأحبّهم إليه، هم الذين يرثونه، بل يحرص على أن يوفّر لهم حاجاتهم ويضمن

لهم مستقبلهم، خصوصاً إذا كانوا صغاراً لا يستطيعون الكسب، بعكس الإنسان الذي يعيش في مجتمع لا يؤمن بالإرث كالمجتمع الاشتراكي مثلاً، فإن الفرد لا يجد مبرّراً إلى لتوفير الإنتاج ومضاعفة الجهد، ما زال هذا المال تصادره الدولة بعد وفاته، ويصير إلى من لا علاقة له بهم، ولا ثواب يلحق منهم.

4 ـ إن عدالة توزيع الميراث بين أقرباء الميت، تشعر الجميع رجالا‍ً ونساء بالمساواة، وتبعد روح الحقد والكراهية، وتحقّق العدالة القانونية والأخلاقية بأفضل صورها، بعكس القوانين التي تعطي الميراث للذكور من دون الإناث، أو تجعل الميراث للابن الأكبر، كما في كثير من القوانين الوضعية، والشرائع المحّرفة. وهكذا يساعد هذا التشريع على بناء الأسرة وتماسكها حتى بعد وفاة المعيل لها، بتوفير الضمان المادي، والأساس النفسي والأخلاقي المتين.

مفهوم الميراث وأركانه وشروطه:

مفهوم الميراث: حق قابل للقسمة لمستحقه بعد وفاة المالك لصلة بينهما أركان الإرث وشروطه.الموروث: هو الهالك الذي ترك مالا ويشترط فيه الوفاة أو حكم القاضي بوفاته مع احتمال حياته كالمفقود.

الوارث: كل من له قرابة بالهالك ويشترط فيه أن يكون حيا ولو كان جنينا وأن لا يوجد مانع من موانع الإرث.

التركة: هو ما تركه الهالك من مال أو حقوق ثابتة ويشترط فيه العلم بجهة الإرث.

أسباب الإرث ومن يستحقه بها:

  الزوجية: وهو العقد الصحيح على الزواج ولو لم يكن دخل بها ويتوارث الزوجان في الطلاق الرجعي والبائن إن طلقها في مرضه الذي مات فيه .

النسب: أي القرابة، بأن يكون الوارث من آباء الموروث أو أبناءه أو إخوته أو عمومته وهم

من البنوة: ابن + ابن ابن + ابن بنت + بنت .

من الأبوة: أب + جد من أب + جدة من أب + أم + جدة من أم .

من الأخوة: أخ شقيق + ابن أخ شقيق + أخت شقيقة + أخ لأب + ابن أخ لأب + أخت لأب + أخ لأم + أخت لأم

من العمومة: عم شقيق + ابن عم شقيق + عم لأب + ابن عم لأب .

موانع الإرث والحقوق المتعلقة بالتركة .

موانع الإرث:

المانع: هو الوصف القائم بالوارث من شأنه حرمانه من الإرث، كلية وموانع الإرث هي :

عدم الاستهلال: فالمولود الذي تصنعه أمه ميتا فلا يستهل صارخا عند الوضع لا يرث ولا يورث.

الشك: الشك في موت المورث أوفي من تقدمت وفاته .

اللمان: فابن اللمان لا يرث والده الذي نفاه ولا يرثه والده .

الرق: فالرقيق لا يرث ولا يورد.

الزنا: فابن الزنا لا يرث والده ولا يرثه والده وإنما يرث أمه وتركه دون أبيه.

القتل: فلا يرث القاتل من قتله، عقوبة له على جنايته إن كان القتل عمدا.

الحقوق المتعلقة بالتركة: الحقوق العينية: هي الحقوق الثابتة في ذمة الهالك كالوديعة والرهن.

2ـ مؤنة التجهيز: وهي كل ما يحتاج إليه الميت من كفن وغسل وحفر قبره وحمله ودفنه.

3ـ الديون: وهي ديون الله تعالى كالزكاة وديون العباد كالأجرة.

4ـ الوصايا: أن يتبرع بجزء من ماله وألا يتجاوز الثلث وأن لا يكون الموصي له وارثا .

5ـ حقوق الورثة: وهو النصيب المستحق لكل وارث حسب ما أقرته الشريعة الإسلامية السمحاء.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.