خص رئيس الجمعية المغربية لاساتذة الاسلامية الاستاذ محمد الزباخ اسبوعية الايام بحوار شامل حول رؤية الجمعية لمناهج التربية الاسلامية ومجالات تجديدها وتطويرها ومدى اسهامها في مواكبة المستجدات الراهنة .وقال تعليقا على الدعوة الملكية الى النظر في مناهج التربية الدينية بالمملكة باننا نتعامل بجدية مع هذه الدعوة، فالملك هو أمير المومنين، والضامن لوحدة المغاربة جميعهم – ومادة التربة الإسلامية مهتمة بالشأن الديني في شقه التعليمي التعلمي- ونحن مستعدون للانخراط في عملية الإصلاح بما يحقق الخيرية والنفع للمجتمع المغربي المسلم . وحول ما اذا كانت التربية الاسلامية حاملة لمفاهيم ارهابية كما يدعي البعض شدد الاستاذ على ان الجمعية بجميع هياكلها وأعضائها ترفضه وتحاربه . وفيما يلي نص الحوار :
1- ما هي وجهة نظركم بخصوص ضرورة تغيير المناهج الدراسية في مادة التربية الإسلامية ؟
– أولا أريد أن أؤكد لكم أن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية هي جمعية مهنية تربوية مستقلة، تشتغل على المنهاج التربوي للمادة المصادق عليه من طرف وزارة التربية الوطنية وفق المساطر المتعارف عليها ، وأساتذة المادة ومؤطروها متعاقدون مع الوزارة على تطبيق هذا المنهاج وما ترتبط به من مذكرات ووثائق تصريفه. ودور الجمعية هو الدفاع عن المادة وتعزيز مكانتها في المنظومة التعليمية المغربية نظرا لأهميتها واستراتيجتها، وكذا تذليل الصعاب والعراقل التي تعترض المدرسين والمتعلمين في عملية التعليم والتعلم، من خلال دورات تكوينية وتأطيرية في المجال البيداغوجي والديداكتيكي بهدف تمهير الأداء المهني للمدرسين، وتجويد التعلمات من جهة، وتحقيق الكفايات المنصوص عليها من جهة أخرى. أما بخصوص سؤالكم فأقول: – إن التغيير إذا كان فعلا يتغيى التطوير، وتجويد المناهج وجعلها مواكبة للمستجدات فهذا أمر محبذ وإيجابي، بل وواجب، ولكن إذا كان بقصد إفراغها من محتواها أو استهدافها بالحذف أو التهميش، استجابة لنداءات الأهواء، فهذا ما نتحفظ عليه، بل ويتحفظ الرأي العام المغربي عليه . فنحن إذن مع التغيير والتطوير، وجعل المتعلم يساير التقدم الحضاري في مجالاته المتعددة العلمية والتكنلوجية والتواصلية. لكن في إطار مقومات وضوابط الهوية المغربية، وثوابت الأمة المغربية المنصوص عليها في الدستور والتي في مقدمتها الإسلام، والمذهب السني المالكي، والعقيدة الأشعرية، وإمارة المومنين… والمنطلقات والثوابت السابقة تجسد قيم الإسلام السمحة ومن بينها الوسطية والاعتدال والمرونة والاحترام والإتقان والصدق والإخلاص في النية والعمل، وتبادل المنافع والمصالح ،وغيرها من القيم الفاعلة في بناء مجتمع مسلم أصيل ومنفتح…
ولكن هناك مناهج للتدريس يمكن أن تساهم في انتشار مفاهيم الإرهاب ؟
الإرهاب بجميع أنواعه (العقدي \الفكري، والمادي\السلوكي ..)، كما هو مجمع عليه، ليس له دين ولا وطن، وبالتالي لا يسع الجمعية بجميع هياكلها وأعضائها إلا أن ترفضه وتحاربه . ومنهاج مادة التربية الإسلامية بكل مكوناته ووثائقه المصرفة والمنزلة له بما فيها الكتب المدرسية لا تشير إلى الإرهاب آو تحرض عليه من قريب أو بعيد . وأساتذة ومؤطرو المادة ملتزمون بالمنهاج الحالي، وبالكتب المدرسية الحالية المصادق عليها من طرف وزارة التربية الوطنية من خلال لجن متعددة: لجنة القيم، اللجن العلمية المتخصصة واللجن التقنية، ولا يوجد في هذا المنهاج أو في هذه الكتب ما يتعارض والثوابت السابقة، أو ما يحول أو يمنع تحقق الانفتاح والتطور والتقدم المنشود لهذا البلد الأمين .
إذن ليس لديكم مانع من إعادة النظر في النصوص الدينية التي تحرض على الإرهاب في مناهج التدريس؟ المشكل ليس في النصوص، بل في الموقف منها، وفي فهمها وتوظيفها. والذي يعتقد أو يتوهم أنها كذلك تحكمه خلفيات متسمة إما بالجهل بحقيقة الأمر- ومن جهل شيئا عاداه – وإما بالعداء والكراهية فيسقط في التناقض بين ما يعتقد وبين ما ينادي به من انفتاح وحرية واحترام . فالنصوص القرآنية يجب ان توضع في سياقها الحقيقي، وهي لا تقبل تغييرا ولا تبديلا بمعنى أنه ليس كل نص فيه ذكر للقتال آو إشارة لسنة التدافع يحرض على الإرهاب أو على الكراهية للغير. فالإسلام مشتق من السلام ومن السلم وجاء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين لغرس وتحقيق هذا السلام بين بني البشر وتحقيق الأمن الروحي والمادي\ الفردي والجماعي ( الأمن بمفهومه العام )
هل تقبلون بفتح النقاش حول تغيير المناهج الدراسية في التربية الإسلامية ؟
النقاش جول تغيير المناهج الدراسية في التربية الإسلامية قديم جديد، ومن حيث المبدأ فالجمعية لم ولن تعارض أي نقاش حول تغيير المناهج تحت مفهوم الإصلاح، ولكن نتساءل كما يتساءل الجميع أي إصلاح نريد؟ وبأي تكلفة ؟ وبأي رؤية ؟ وبأي ضوابط ؟ إن التغيير الرامي إلى خدمة الناشئة فكريا وعمليا ومهنيا وتواصليا، الرامي إلى مواكبة المستجدات والانفتاح عليها فيما ينفعه وينفع الوطن بوسطية واعتدال دون استلاب آو انجراف وراء الآخر، ودون تزمت أو انغلاق، أمل منشود ونقاش مقبول ومحمود. ولا يسعنا إلا أن نشجع عليه لأن هذه البراعم خلقت لزمن غير زمان سابقينا وغير زماننا لكن يبقى دور مادة التربية الإسلامية مهما في ترسيخ قيم الهوية المغربية، وتحصين المتعلمين ضد آفة العنف والتطرف والغلو والانحلال. كما عبرنا عن ذلك في بيانات متعددة وفي توصيات آخر ملتقى بفاس، حيث تم اعتبار مادة التربية الإسلامية بكل مكوناتها أحد المداخل الأساس لتوفير الأمن الروحي والاجتماعي والاستقرار النفسي لفلذات أكبادنا، مستقبل هذا البلد الأمين، والعمل على تظافر جهود جميع المسؤولين كل من موقعه، والجمعيات التربوية\المهنية، وجمعيات المجتمع المدني لتحقيق هذا الهدف. كما تمت المطالبة بالتشبث بمصطلح “مادة التربية الإسلامية” في المنهاج التعليمي المغربي في كل أطواره انسجاما مع الدستور، وكافة المرجعيات المؤطرة للمنهاج التعليمي في فلسفته العامة وغاياته الكبرى وأهدافه المختلفة، مراعاة للمصلحة العامة للبلد، ودرءا لمفسدة الفتنة والطائفية، وتعميم تدريسها في كل مستويات البكالوريا المهنية ومختلف مراكزالتكوين.
كيف سوف تتعاملون مع الدعوة التي أطلقها الملك؟
لا يسعنا إلا أن نتعامل بجدية مع هذه الدعوة، فالملك هو أمير المومنين، والضامن لوحدة المغاربة جميعهم – ومادة التربة الإسلامية مهتمة بالشأن الديني في شقه التعليمي التعلمي- ونحن مستعدون للانخراط في عملية الإصلاح بما يحقق الخيرية والنفع للمجتمع المغربي المسلم . وبشكل عام فتوجه الجمعية واضح، فهي جمعية مهنية تربوية، تهتم بالمادة كما هي في المنظومة التعليمية المغربية، مركزة على طرق تدريسها وتكوين أساتذتها، وتدليل الصعوبات التي يمكن أن تعترض المدرسين والمتعلمين، مستحضرة البعد الوظيفي والبعد الرسالي . وهذا هو دور الجمعية، وإذا كانت هناك مستجدات، فالجمعية سوف تتعامل معها بالمرونة المطلوبة .
نقاش تغيير المناهج قديم جديد، لكن مع التحدي الذي بدأت تطرحه تيارات التطرف والإرهاب فرض نفسه؟ كيف ذلك؟
سبق أن قلت بأن الإرهاب مرفوض جملة وتفصيلا، وانه لا يوجد في منهاج التربية الإسلامية الحالي – خاصة وأنه منتوج ثلة من الخبراء والجامعيين والمفتشين وأساتذة متخصصين، وقد واكبت شخصيا وساهمت في بناء هذه المناهج، ومقررات مادة التربية الإسلامية بدءا بالكتاب الأبيض، إلى التأليف المدرسي إلى المذكرات الخاصة بالمادة تدريسا وتقويما – فلا يوجد فيها ما يخوف المغاربة من مادة التربية الإسلامية، فمواضيعها عامة تقيس مختلف المجالات الحياتية الدينية والدنيوية، تخدم المتعلم وتخدم البلد. والحديث من هذا الجانب أو ذاك عن كونها تولد الكراهية وتحرض على الإرهاب، حديث باطل ينم عن أمور أخرى، خاصة وأن المادة ومناهجها، تخضع لرقابة جهات أخرى مسؤولة زيادة على وزارة التربية الوطنية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،والمجلس العلمي الأعلى للعلماء، وجمعيات العلماء، ولعل الإشكالية المطروحة ليست إشكالية المناهج والبرامج بل إشكالية العنصر البشري أداء وتحملا – فبالنسبة للأداء قد تسجل اختلالات في تمرير مضمون المادة لعينات استثنائية شاذة في الفكر والسلوك لكن لا يمكن احتسابها على مادة التربية الإسلامية لضعف في التكوين الذاتي الأساسي والمستمر أوللإديلوجية التي يمكن أن يحملها، وهذا يقتضي نوعا من الحزم في التتبع والمراقبة من طرف الجهات المختصة، أما الغالبية العظمى فهي ملتزمة بمنهاج الوزارة والتوجيهات الرسمية الخاصة بها . أما من حيث التحمل، تحمل التلاميذ والتلميذات، فلا يخفى على أحد ما أصبح يشكله تنوع وسائل التنشئة الاجتماعية، ومصادر تلقي المعرفة، من تشويش وحيرة وارتباك لدى الطفل المغربي، ناهيك عن الظروف التي تعرفه الساحة العالمية ، لهذا نعتبر تعزيز مادة التربية الإسلامية في المنظومة التعليمية المغربية صمام الأمان للأطفال المتعلمين وللراشدين الكبار أيضا لتحقيق التوازن الروحي والفكري والسلوكي والأمن الاجتماعي للمغاربة وأي انحراف أو زيغ عن هذه الأهداف فمادة التربية الإسلامية كباقي المواد المكونة للمنظومة التعليمية بالمغرب ليست مسؤولة عنه لأن الإشكالية الكبرى ليست في المواد ومناهجها، بل في العنصر البشري الممرر لها . ( مع الشكر الجزيل للمسؤولين عن أسبوعية الأيام)