كلمة المكتب الوطني بمناسبة تكريم المفتشين عز الدين الخمسي وعبد الرحيم أشن

0

                 بسم الله الرحمن الرحيم       

 كلمة المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية

في حفل تكريم الزميلين المفتشين عز الدين الخمسي وعبد الرحيم أشن

بتاريخ 01 07 – 2021

الحضور الكرام

      اسمحوا لي بداية  أن أعبر عن كبير امتناني، وجميل عرفاني،  أصالة عن نفسي، ونيابة عن رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ومكتبها الوطني، عن الدعوة الكريمة التي تلقيناها من اللجنة المنظمة لهذا الحفل التكريمي.

 وشخصيا أجدها لحظة مباركة، وفرصة للتنويه بالجهود المبذولة من طرف زملاء المهنة، كما هي فرصة لتجديد الاتصال والتواصل بزملائي المفتشين، الذين اشتغلنا معهم وبرفقتهم في محطات كثيرة ولسنوات عدة. هذه الوجوه النيرة المستنيرة بنور الله، الحاملة لكتابه العزيز، والداعية إلى التشبث بأخلاقه وقيمه، كوجه من الأوجه التي سخرها الله تعالى وهيأها لحفظ كتابه، مصداقا لقول الحق سبحانه:” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَالحجر9،

  وأيضا هي لحظة للتنويه باللجنة التنظيمية وكل الجهات والشركاء، على المبادرة اللطيفة الخاصة بتكريم زميلين عزيزين، عرفناهما من خلال العمل معهما، ومن خلال العمل الجمعوي في إطار الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ، مؤطرين مخلصين لمهنتهما،  الأستاذين عز الدين الخمسي و عبد الرحيم أشن.

  إذ لا يجادل أحد في أهمية هذه الالتفاتات الرمزية من زملاء العمل، مدرسين ومفتشين وإداريين، واعترافهم بمجهودات إخوانهم وأخواتهم في نفس المهنة، وربما يدخل هذا من باب شكر الناس على عطائهم وجديتهم، وبذلهم ما فيه النفع العام، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله.. وهي نفحة من نفحات تكريم الله تعالى للإنسان المكلف بالخلافة والقيام بهذه الوظيفة الرسالية بما تقتضيه من عدل وقسط ونزاهة وإخلاص. يقول الحق سبحانه : ”  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا  ”   ( الإسراء 70)

    فمن أعمال الخير والإحسان تنظيم هذه اللحظة المتميزة في مسيرة رجلين من رجال المراقبة التربوية . ذلك أن تنظيم مثل هذه اللحظات لفائدة المحتفى بهما، والمجهودات والمعاناة من أجل ذلك، هو دليل على التشبث بثقافة الاعتراف، وله دلالات على الحب والوفاء، وهي مبادرات تشعر المحالين على التقاعد، بأنهما لا زالا في قلوب زملائهما ، مهما تغيرت وضعيتهما، من ممارسين إلى وضعية المستفيدين من التقاعد.

لهذا أعتبر هذه اللحظة غنية بحمولتها الرمزية، وبقيم الاعتراف بالجميل، وحسن الصنيع، وتثمين القيمة الإنسانية للمورد البشري، ولأطر أنهوا خدمتهم بعد مسيرة حافلة بالعطاء في ميدان الشرف ، ميدان التربية والتعليم  والتأطير والمراقبة التربوية.  وأتمنى أن تصبح هذه المبادرة التكريمية،  تقليدا وسنة حميدة في كل الاكاديميات والمديريات ، للاعتراف وتثمين جهود المفتشين والأساتذة الذين توفرت فيهم الإرادة الصادقة للعمل، واتسموا بالنشاط والمثابرة، والمبادرة والفاعلية والإيجابية والتفاني. ونهجوا في عملهم سلوكا مهنيا، نابعا من أخلاقيات المهنة، وسعوا لتلبية الاحتياجات التأطيرية والتكوينية والتدريسية للمنظومة التربوية، فمن خلال هذه القيم المهنية يتميز المجدون عن المهملين. فقد علمنا القرءان الكريم أن ننزل الناس منازلهم، وأن نعرف لذوي الفضل فضلهم، وأن لا نبخسهم حقهم؛ لأن المناصب تزول، والصحة تذبل، والعمر يفنى، ووحدها العلاقات الإنسانية تبقى ولا تنمحي.

السادة الحضور الكرام

     إن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية التي تهدف من خلال قانونها الأساسي إلى التنسيق مع مختلف الأطر المهتمة بتدريس التربية الإسلامية، والعمل على الرفع من مستوى تدريسها ، وتطوير مناهجها وطرقها البيداغوجية ووسائلها التعليمية ، بغية تعزيز مكانتها في المنظومة التعليمية – التربوية، كانت دائما في واجهة الإصلاحات التربوية للمنظومة التعليمية عامة، ولمادة التربية الإسلامية وما تعيشه من إكراهات على وجه الخصوص، من خلال دراسة مداخل الإصلاح وإجراءاته، ومناقشتها وتقويمها، وتتبع ما تتعرض لها من مناوشات…. وإذا كان ذلك من أسباب وأهداف تأسيس جمعيتنا وتحمل مسؤوليتها، فحجم المسؤولية يزداد اليوم أكثر مع النقاشات المفتعلة التي تجاوزت ما هو تربوي مهني إلى التخندق الإيديولوجي الدغمائي، لأننا ندرك حجم التحديات التي تواجه الحقل الديني بالمغرب عامة ومادة التربية الإسلامية خاصة ، ولعل آخر تحد ستواجهه الجمعية هو كيفية التعامل مع مقترحات تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد الذي يقترح ضرورة إغناء منهاج التربية الإسلامية وتجديد طرائق تدريسها؛ حيث نعتبر أن  ما أتى به التقرير في حديثه عن المسألة التعليمية والمدرسة المغربية عموما، وتخصيصه الحديث والاقتراح بخصوص مادة التربية الإسلامية؛ مما يعطي الانطباع بوعي لجنة النموذج التنموي بأهمية القيم والولاء للوطن وهويته في تحقيق تنمية مستدامة.  ولعله استحضر هنا أهمية مادة التربية الإسلامية كمدخل أساس لتحقيق ذلك من خلال ما تمرره من معارف وقيم… كما يعطي إشارات لضرورة إغناء مضامينها، وتجديد التعاطي معها بيداغوجيا وديداكتيكيا، لحفز المتعلمين على الاهتمام بها في انسجام تام مع مرجعية الدولة الدينية والثقافية؛

 فالتحدي يتجلى في كيفية إغناء منهاج المادة لتكون مسهمة إلى حد بعيد في حماية البلاد من التطرف والطائفية، وتعمل على حماية العقيدة وتعزيز الأمن الروحي ، نظرا لما تتميز به من خصائص الأصالة في المصدر والمرجعية، ومن توازن بين التراث والحداثة؛ والانفتاح على القضايا المستجدة في عرضها، وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بها بعقلية منفتحة مقنعة ، وما تتغياه وترسخه من قيم الاعتدال والوسطية في الفكر والسلوك.. خاصة وأن عصرنا وبلدنا في أشد الحاجة إلى تقوية مكانة مادة التربية الإسلامية ، ودعم أكثر للمؤسسات الدينية ، وتشجيع المبادرات في هذا الاتجاه، نظرا لما نلحظه من هزات عنيفة في كل مشروع من مشاريع إصلاح التعليم،  وينصب النقاش حول المسألة الدينية ومادة التربية الإسلامية، وكل ما له صلة بالدين في التعليم، وما نشهده من تهديد الطائفية والغلو ونهج مناهج عقدية أخرى غير عقيدة أهل السنة والجماعة ، والتماهي مع منظومة حقوق الإنسان والحقوق الفردية من نافذة الحداثة والتحديث دون ضوابط ومعايير، وغياب التكامل بين المواد والتخصصات حيث نجد بعض المواد الدراسية لا تستلهم نفس المرجعيات بشكل متجانس، بل هناك تعامل بنوع من الدهاء والتلفيق الإيديولوجي، وذلك بهدف إخراج جيل هجين لا يرتبط بعقيدته الدينية وهويته الحضارية إلا برباط واه أو مشوه،  فيه من التشكيك والنقد أكثر مما فيه من الاقتناع والاعتقاد.

     إن تحقيق مثل هذه الغايات لرفع التحدي المتجدد كان دائما حاضرا في فكر وتفكير ومجهودات زميلينا المحتفى بهما؛ بما عرف عنهما من إخلاص لروح المادة، والاجتهاد في تدريسها وتأطير مدرسيها وإعداد عدتها وعتادها . حيث كانا دائما يحملان هم المادة، وكيفية تجويد مردودها الداخلي والخارجي ، انطلاقا من اقتناعهما بأنهما يتجاوزان ما هو مهني إلى ما هو رسالي .

     مرة أخرى متمنياتي للجنة التنظيمية بالتوفيق والنجاح ، ومزيدا من هذه الأنشطة الاجتماعية والإنسانية الهادفة التي ترسخ قيمة الاعتراف بكل ما ترمز لها من عمق مهني إنساني ، وتحية إكبار وإجلال للمحتفى بهما ، متمنيا لهما كامل الصحة وطول العمر. ولا شك أن ألجمعية لا زالت في حاجة إلى الاستفادة مما راكموه من خبرة في التدريس والتأطير والتقويم والتجديد .

  وفقنا الله لما فيه خير هذا الوطن وأبنائه ،  والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .                                              محمد احساين

                              عضو المكتب الوطني

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.