ذ.عبد الحق لمهى
موضوع التخطيط التربوي، ليس موضوعا جديدا في الحقل التربوي، بل هو من المواضيع التي تناولتها كتابات كثيرة، مبرزة جوانب عديدة منه سواء تعلق الامر ببيان مفهومه، أو أهميته، أو أنواعه،…وغيرها من المباحث ذات الصلة بهذا الموضوع الحيوي الهام.
وعليه فالحديث عن التخطيط التربوي في هذا الصدد، لن يكون وفق منحى بحثي علمي دقيق، وإنما هو عبارة عن خواطر تربوية أحسب أن لها تعلق بموضوع المقال.
أتجه بشكل مباشر إلى جوهر ما يرمي إليه المقال وهو الحديث عن إعداد بطاقة درس باعتبارها من أدوات التخطيط على المدى القريب.
السؤال المطروح، هل يحقق التخطيط على المدى القريب. أثارا على العملية التربوية.
جوابا على السؤال السالف الذكر، يحاول المقال تقديم وجهة نظر عبارة عن خواطر تربوية، تقارب بعض الأثار الإيجابية على المنظومة التربوية.
ـ الفاعل الأساس في عملية إعداد بطاقة هو المدرس أساسا، ومن شأن اتخاذه قرار مواصلة عملية التجديد الدائم والمستمر وتقليب النظر في المنتجات التربوية/ جذاذات الدروس التي يشتغل بها، في الممارسة الصفية، أن تعود بالأثر الإيجابي على الممارسة المهنية للمدرس. فالتجديد المستمر يضمن إحداث التغير الإيجابي للمدرس باعتباره أحد أركان العملية التربوية.
أضف إلى ما سبق، أنه إذا كانت الكفاءة المهنية تستهدف في جزء منها اختبار المترشح في الشق الخاص بمدى قدرته على تقديم منتج أكثر تخطيطا، فإن من شأن بذل الجهد واستفراغ الوسع من قبل المدرس في عملية إعداد بطاقة دروس، ضمان حظ أكبر في الظفر بالنجاح في مباريات الكفاءة المهنية.
ـ الارتقاء بالأمن التربوي للقسم: حسن التخطيط عامل فعال في تجاوز كل الاشكال والممارسات التي من شأنها، التشويش على مسار الدرس، سواء منها الشغب، أو العنف، … وما في معناهما، مما يكون له الأثر السلبي على سيرورة التعلم داخل الفصل. فالدرس الجيد ضمانة أساسية للتخفيف من احتمالات وقوع حالات الانفلات التي تؤثر على الآمن التربوي داخل فضاء الفصل. بعبارة أخرى قوة التخطيط وإعداد الدرس تسهم في ملء الفراغات التي قد تؤدي إلى توسيع دائرة العوامل المسببة لكل ما من شأنه التأثير سلبا على هذا الأمن المذكور.
ـ إنتاج المقررات الدراسية: من الاوراش التربوية التي يرجى أن تكون مدخلا من مداخل تجويد العملية التربوية، ومعلوم أن هذه المهمة التربوية يشرف عليها أطر متخصصة في كل مادة دراسية على حدة بجانب أطر أخرى ذات صلة بالحقل التربوي. في هذا الصدد يمكن القول بأن العمل المتواصل في سبيل تنويع وتطوير مختلف منتجات بطاقة بناء درس في مادة ما، يعد من الوسائل الفعالة لإعداد جيل كبير من الكفاءات المتخصصة والمؤهلة بشكل أكبر، لتولي مهمة إنتاج أكبر عدد من الموارد والكتب المدرسية الأكثر جودة، الأمر الذي يحقق بدون شك نماء تربويا بصفة عامة. والعكس بالعكس، متى كان عدد الكفاءات قليلا كان أفق التجويد التربوي أقل.
ـ مجالس المؤسسة: سواء تعلق الأمر بمجلس التدبير أو المجلس التربوي، أو المجالس التعليمية، كلها ذات صلة بالشأن التربوي، ويعول عليها في اقتراح وتفعيل خطط تسعى إلى الرقي بالفعل التربوي، لكن ما العلاقة بينها وبين ما نحن بصدده من الحديث عن التخطيط، يمكن من خلالها إقرار آلية لتبادل التجارب والانتاجات التربوية المختلفة، خاصة بين المواد المتقاربة ( عربية، تربية إسلامية، فلسفة،..) علما أن هناك مهارات عرضانية تلتقي في تدريسها بالمواد المذكورة، فعلى سبيل المثال هناك مهارة التعريف، وهي جزء من مراحل بناء الدرس، فيمكن تبادل التجارب حول كيفية استثمار النصوص بمختلف أنواعها، سعيا للوصول إلى غاية جعل النصوص وظيفية لا غاية في حد ذاتها. وهكذا في باقي مستويات بناء الدرس وخاصة في القواسم المشتركة بين مختلف المواد.
ـ الفرق التربوية: يلاحظ ضعف تشكيل هذه الفرق، والتقدير أن لها دورا فعالا في حسن تجويد العمل التربوي، الدليل على ذلك وجود تجارب أكثر نجاحا في التخطيط عبر المدى القريب ( بناء بطاقة درس). ومتى تحقق إنشاء هذه الفرق التربوية، أمكن الوصول إلى إحداث ألية تربوية لتلاقح التجارب وتجويد العمل التربوي. وفي الأخير إنتاج وسائط تربوية أكثر اقترابا من المطلوب لتجويد العمل التربوي.
ـ الانتاجات التربوية: من خلال تتبع مختلف الانتاجات التربوية، وخاصة منتجات ودروس مادة التربية الإسلامية، يلاحظ أنها تتميز بخصائص يجمعها كونها أعمال جليلة مكنت العمل التربوي من الوصول إلى غنية تربوية، لا ينكر أحد من الممارسين لمهنة التدريس الأثر الإيجابي في تقوية العمل التربوي.
إن شئت الوقوف على مزايا الانتاجات التربوية / جذاذات الدروس، قد لا يصل المقال إلى إعطائها حقها من الوصف والإبراز لها.
لكن ما قد يشير الاهتمام في تلك المنتجات، هو بعض الضعف في الشق الخاص بمختلف مراحل التقويم بمختلف أنواعه، ومعلوم ما للتقويم من الأهمية البالغة في سبيل الارتقاء بالمنظومة التربوية. لذلك يكمن أهمية التخطيط في هذا الباب في ما يمكن أن يقدمه من النقلة النوعية الكبيرة في باب العناية أكثر بمجال التقويم التربوي المرتبط بمراحل بناء الدرس. ولم هذا كله؟ لأن التركيز على التقويم في مراحل إعداد بطاقة درس معين، له الأثر الفعال على الرفع من مستوى النجاح في مختلف أنواع التقويم التربوي الأخرى مثل التقويمات الإشهادية، بعبارة جامعة رفع مستوى النجاح رهين في جزء منه بمدى التركيز على تثبيت عنصر التقويم في بطاقة بناء درس معين في المواد الدراسية، وفي مادة التربية الإسلامية خاصة.
التداريب التربوية: من الإجراءات التربوية الهادفة إلى صقل كفاءة الأطر المقبلة على مهنة التدريس، تخصيص مدة زمنية لتكوين هؤلاء الأطر من خلال التداريب التي يتلقونها داخل أقسام المؤسسات التعليمية، وما من شك أن التخطيط الجيد للأستاذ الممارس، يعود بالأثر الإيجابي على الارتقاء بجودة تكوين الأطر التي تخضع للتكوين والتدريب. حيث يكون ملاحظا وقد يجعل من مادة التخطيط المتوفرة، مادة العمل بالنسبة إليه في المستقبل، يطورها وينقحها للعمل بها في مهمته التي سيستقبلها في قابل الأيام.
ـ الاقتراب أكثر من التخطيط التربوي، سبيل قويم إلى تجاوز حالة العدمية التي تظهر أحيانا، عند الممارس لمهمة التدريس، بقدر ما هناك وضعية مقلقة على المستوى التربوي في بعض مستويات المنظومة التربوية، بالقدر الذي يكون جزء من حلها، خوض معركة قوية في الاقتناع والاقناع بأهمية التخطيط وفاعليته في التغلب على بعض إشكالات المنظومة، خاصة في شق التخطيط التربوي وبناء الدروس خاصة. يمكن أن نتفق على أنه متى حصل التعاون الجماعي على إشاعة نفس أكبر نحو التخطيط، سيحصل تجويد العملية التربوية.
مستجدات الجمعية
- في مجلسها الوطني الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية تناقش “تحديات الحاضر ورهانات المستقبل”
- مدخل الكفايات واشكالية الملاءمة بين اساليب التقويم ومرجعياتها
- مادة التربية الإسلامية في المنهاج الدراسي المغربي – محاولة في التحقيب
- مدخل الكفايات واشكالية الملاءمة بين اساليب التقويم ومرجعياتها
- مادة التربية الإسلامية من تدريس المحتوى إلى المداخل القيمية مفهوم (المدخل) بين التوظيف المنهاجي والنسق المفاهيمي والدلالي دراسة تحليلة نقدية
- اطلاق جائزة محمد بلبشير الحسني الوطنية للإبداع والتجديد في التربية الإسلامية
- قراءة وصفية لكتاب مراجعات فقهية وأصولية لمؤلفه الدكتور أحمد الريسوني
- العقيدة الإسلامية- الاصول الوحيانية ومنطق المعرفة مقاربة ابستمولوجية
- تصريحات مستفرة تطعن في أساتذة مادة التربية الإسلامية بالمغرب وتثير موجة من الاستياء بينهم
- حقوق الطفل في القرآن الكريم
قد يعجبك ايضا