ذ.عبد اللطيف حسايني:ينبغي تعميم التكنلوجيات الحديثة في التعليم

0

إن تعميم التكنولوجيات الحديثة على المؤسسات التعليمية عملية فرضتها التحولات العميقة التي عرفها العالم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وحتى نكون قادرين على مواجهة هذه التحولات, يجب أن تساهم جميع أطراف الجسم التعليمي في إنجاح هذه العملية.

لمناقشة المحاور المرتبطة بالموضوع، استضافت جريدة دليل الانترنيت الأستاذ المجدد عبد اللطيف حسيني. الخبير التربوي في تكنولوجيا المعلومات واجرت معه الحوار الاتي:

– نود في البداية أن نعرف قراء “دليل الانترنيت” بالأستاذ عبد اللطيف حسيني وتكوينه واهتماماته في مجال المعلوميات.

اسمي الكامل عبد اللطيف حسيني من مواليد جماعة آكلو بإقليم تيزنيت حاصل على باكالوريا الآداب العصرية سنة 1997 . خريج مركز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي بالجديدة 1999 وعضو في منتدى الأساتذة المجددين واعمل بإحدى المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية بنيابة تيزنيت.

بدأ اهتمامي بالتكنولوجيا الرقمية عندما اشترى لي والدي حاسوبا تشجيعا لي لحصولي على شهادة الباكالوريا بميزة مشرفة. اهتم بكل ما يتعلق بالبرمجة بواسطة الحاسوب

( (Visuel Basic, C++, Action–SS– pour Flash Player, Delphi, –SS–, HTML …

لدي عدة إنتاجات في هذا المجال, أهمها:

Mes droits d’enfant
Tifinaghe pour tous +

J’apprends l’Amazigh +

Des polices manuscrites amazighes +

كما أشرف على عدة مواقع ومنتديات متخصصة في الموارد الرقمية التربوية واستراتيجيات العمل بتقنيات الإعلام والاتصال في الحقل لتربوي وأعمل حاليا على مشاريع تربوية مختلفة ستتعرفون عليها قريبا.

– كنتم من بين العشرة الفائزين في مسابقة 2006 لإدماج التقنيات الحديثة للإعلام و التواصل في التدريس. فكيف كانت هذه المشاركة؟ وما هو المنتوج الذي شاركتم به؟

لقد كنت من المهتمين منذ خطواتي الأولى في مهنة التعليم بالتكنولوجيات التربوية وبالخصوص تقنيات الإعلام والاتصال التربوية، وعندما أعلن المركز الوطني للتجريب التربوي والتجديد عن المباراة الوطنية لتقنيات الإعلام والاتصال التربوية، لم أتردد في المشاركة فيها بمنتوجي “Tifinaghe pour tous » أو “تيفيناغ للجميع”. بعد خضوع منتوجات المشاركين للدراسة و المبنية على معايير اختيار محددة سلفا، تم الإعلان عن الأساتذة العشر الأوائل, الذين كنت من بينهم. حضورنا “منتدى الأساتذة المجددين” الذي نظمته وزارة التربية الوطنية بشراكة مع شركة مايكروسوفت العالمية، لم يمكني من تبادل الخبرات مع زملائي الأساتذة المجددون فحسب، بل أغنى ثقافتي التربوية والتكنولوجية بشكل يسمح لي بان أحسن أدائي التعليمي ودعاماتي الديداكتيكية , حيث خضعنا لتكوين أطره خبراء من Hewlett-Packard Company , وتضمن هذا التكوين محاور جد مهمة كمنهجية إعداد السيناريوهات البيداغوجية التي توظف تقنيات الإعلام والاتصال وطرق توظيف الدعامات الديداكتيكية المتعددة الوسائط في الممارسة الصفية وغيرها من المحاور. لقد كان ذلك بحق تجربة رائعة ومثمرة.

– ما هو تصوركم إدماج التقنيات الحديثة في الممارسة الصفية بالتعليم الابتدائي، عموما، من حيث الواقع و الآفاق؟

إن إدماج التقنيات الحديثة في الممارسة الصفية بالتعليم الابتدائي له أهمية كبيرة في الرفع من مستوى جودة التعليم، فتوظيف هذه التقنيات يخلق دافعية لدى التلاميذ للتعلم ويساعدهم على التعلم الذاتي وينمي لديهم روح المبادرة كما يتيح لنا نحن كأساتذة ممارسة البيداغوجيا الفارقية La pédagogie différenciée في تجلياتها العميقة بالإضافة إلى ذلك فهذه التقنيات تغير علاقة المتعلم بالأستاذ بشكل ايجابي جدا فضلا عن ذلك فالتقويم التربوي باستعمال هذه التكنولوجيات يصبح أكثر موضوعية . إلا انه رغم الايجابيات المتعددة لهذه الوسائط ، فانه لا يمكن لها أن تكون بديلا عن العلاقة الأصيلة التي يقوم عليها الفعل التربوي, تلك العلاقة الحية القائمة بين المعلم والتلميذ والمبنية على أسس التفاعل والاحترام , خصوصا إذا تعلق الأمر بالمدرسة الابتدائية التي يتميز فيها الطفل بخصوصيات سيكولوجية و حس/ حركية, تستلزم منا الحيطة الحذر.

بمجيء مشروع جيني Projet GENIE أصبح تلاميذ المدارس الابتدائية يستفيدون من هذه التقنيات, بنظام ساعة واحدة على الأقل كل أسبوعين. هذا ينطبق بطبيعة الحال على المؤسسات المجهزة بالعتاد الالكتروني اللازم والتي تدخل ضمن المدارس المسماة ب: Les écoles pilotes , وخلال تلك الحصة يتعرف المتعلم بعض المبادئ الأولية في المعلوميات والإمكانيات التي تتيحها كالكتابة والرسم واستخدام بعض المعاجم الالكترونية ومطالعة القصص (بالصوت والصورة) ..الخ . غير أن توظيف شبكة الانترنيت يبقى جد محدود.

وقد قمت بدراسة ميدانية بمجموعة من المدارس الابتدائية, ولاحظت أن إدماج الزملاء الأساتذة والأستاذات للتقنيات الحديثة في ممارساتهم الصفية أمر لايزال في بدايته, أقول ذلك لأنني خلصت إلى مجموعة من النتائج, اذكر منها على سبيل المثال:

قلة العتاد المعلومياتي
قلة الأساتذة المتمكنين من الوسائط المتعددة Le multimédia

عدم اقتناع بعض الزملاء بضرورة مواكبة التطور التكنولوجي الذي يعرفه العالم والميدان التربوي خصوصا.

و اعتقد أن إنجاح عملية تعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال بالمؤسسات التعليمية يستلزم مجموعة من الإجراءات, منها:

تجهيز المؤسسات التعليمية بما يكفي من الوسائل (حواسيب,طابعات,عاكسات ضوئية..الخ) وربطها بشبكة الانترنيت, ولا يخفى عليكم ما للانترنيت من أهمية خصوصا في التطبيقات التعلمية التي تعتمد البحث الممنهج على الانترنيت أو ما يسمى ب Le web quest
تكوين والتكوين المستمر للأطر التعليمية في ميدان تكنولوجيات الإعلام والاتصال التربوية.

وضع شبكة زمنية تضبط استعمال هذه التقنيات

احترام مبدأ تكافؤ الفرص

تشجيع المبادرات الخلاقة في ميدان تكنولوجيات الإعلام والاتصال التربوية.

خلق مكتبة وطنية للموارد الرقمية التربوية, وبتلك الطريقة نضع رهن إشارة المدرس والمتعلم مراجع رقمية تخدم الأهداف العامة للتعليم ببلدنا.

– كيف ترون توظيف التقنيات الحديثة في تدريس الأمازيغية بمستويات السلك الأول الابتدائي؟

إذا اطلعنا على مقرر اللغة الامازيغية بالمدرسة الابتدائية فسنلاحظ انه غني بالوضعيات التعليمية / التعلمية التي يكون فيها توظيف التقنيات الحديثة ضروريا. ففي التعبير الشفهي مثلا يسهل ـ مع هذه التقنيات ـ اكتساب المتعلم للأنساق والمتحكمات اللغوية الامازيغية, فترى المتعلم يلاحظ ويسمع ويحاكي الشخصيات المعروضة عليه في شكل فيديو, وفي مادة القراءة يمكن للمتعلم الاستماع للحروف والنصوص الامازيغية بشكل واضح وفي ظروف شبيهة بتلك المتوفرة في المختبرات اللسانية في الجامعات, وفي مادة الكتابة يمكن للمتعلم أن يوظف “المصحح التلقائي” لتصحيح وتقويم انجازه , وبالمناسبة فإنني بصدد العمل على برمجية للتصحيح التلقائي للأخطاء الإملائية بالامازيغية واخبر بهذا ,حصريا, جريدتكم “دليل الانترنيت”.

– يشكل انتقال الأمازيغية من المستوى الشفهي إلى المستوى الكتابي قفزة نوعية تفتح آفاقا أمام أنواع عديدة من الإبداعات بالنسبة للناطقين بالأمازيغية وغيرهم من الفوج الجديد من التلاميذ الذين بدؤوا يرون لأول مرة كتابا مدرسيا بالأمازيغية. فماهي ملامح هذه الآفاق؟

شكل تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية حدثا تاريخيا يشهد به جميع المغاربة. وقد كان لهذا المعهد دور كبير في إخراج كم هائل من الأبحاث والإبداعات المتراكمة في الرفوف ونشرها ليطلع عليها الجميع وتعم الفائدة, ولعل سعيه إلى توحيد حروف تيفيناغ من العوامل التي سهلت عملية التدوين هاته, أي ذلك الانتقال من المستوى الشفهي إلى المستوى الكتابي, وهذا لا يفتح آفاقا إبداعية أمام الناطقين بالامازيغية فحسب , بل حتى أمام الأجيال القادمة من غير الناطقين بها, إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تدريس اللغة الامازيغية سيعمم على جميع المدارس المغربية في السنوات القليلة القادمة.

فبدون شك تعتبر الثقافة الامازيغية من التقافات العريقة والغنية ويتمظهر هذا الغنى في المؤلفات الفكرية والفنية والأبحاث المتعددة التي لا نلبث نقرؤها في المكتبات والخزانات , ونتأملها في المعارض والمسارح والسينما ونستعملها في حواسيبنا وإنني من منظور الخلق والإبداع, أتوقع مستقبلا زاهرا للثقافة الامازيغية.

– ما هي الصعوبات التي تواجه عملية توحيد الحروف الأمازيغية. وكيف يتم التوفيق بين الاقتراب من تيفيناغ البدائي من جهة ومتطلبات قابلية التطوير، إذا أخذنا بعين الاعتبار السرعة التي نال بها خط تيفيناغ اعتراف إيزو؟

إذا تأملتم معي حروف تيفيناغ فستحسون بجانبها الإستيطيقي المتميز, ربما لأن من نحتوها ـ في الزمن البعيد ـ كانوا على صلة قوية مع الطبيعة.. وقد بقيت تلك الحروف آلاف السنوات محفورة ومحفوظة في جلاميد صخرية حتى يومنا هذا, ولا تخفى عليكم دلالتها الرمزية العميقة في تحديد مقومات الثقافة المغربية. وستلاحظون معي كذلك أن حرف تيفيناغ يقترب في تركيبته كثيرا من الحرف اللاتيني وهذا يؤهله لأن يأخذ مكانه بين ألفبائيات اللغات العالمية. وقد جاء اعتراف المنظمة العالمية للمقاييس ISO بخط تيفيناغ ليؤكد ذلك وكان من نتائج هذا الاعتراف أن ظهرت خطوط تيفيناغ Les polices Tifinaghe متوافقة مع أشهر البرامج المعلوماتية في العالم من قبيل Windows و MacOs وغيرهما , فمرونته تجعل منه قابلا لمواكبة مستحدثات العصر.

– هل لكم أن توضحوا لأساتذة الأمازيغية كيفية تركيب خط تيفيناغ لجعل الحاسوب يكتب نصوصا بالأمازيغية؟ (هذا علما بأن موقع ircam يوضح ذلك باللغتين العربية و الفرنسية)

سيسهل تثبيت خطوط تيفيناغ في الحاسوب على الأساتذة عملية الكتابة بالأمازيغية كما سيمكنهم من تشغيل البرمجيات التي تتضمن محتويات بالأمازيغية فضلا عن ذلك فسيتمكنون من تصفح المواقع الالكترونية المحررة بالأمازيغية , فالقن الموحد للخطوط Unicode الخاص بخط تيفيناغ متوفر الآن ,وعملية التثبيت هذه ليست بالمعقدة, فيكفي تحميل خطوط تيفيناغ الخاصة بالنظام الذي تشتغل عليه من موقع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية http://www.ircam.ma ووضعها بعد فك ضغطها

(La décompression) في ملف الخطوط Fonts الموجود في ملف Windows .

وهناك طريقة أخرى أسهل ,وأنصح بها المبتدئين , وتعتمد على تحميل برمجية للتثبيت التلقائي وهي متوفرة في نفس الموقع. بعد التثبيت افتح أي برنامج للتحرير وستجد ظهور خطوط Tifinaghe-Ircam

على لائحة الخطوط, وهكذا دواليك في جميع البرمجيات التي تقترح تخصيص الخط أثناء الكتابة, فما عليك إلا اختيار الخط الذي تريده من قائمة الخطوط.

– إضافة إلى البرمجية التجريبية “مدرسة الأمازيغية” وأفوس ديك أفوس” ماهي الإنتاجات التي يمكن أن تستخدم على الحاسوب للتعرف، بطرق تفاعلية على الأمازيغية وكتابة تيفيناغ؟

هناك العديد من البرمجيات التي تساعد على اكتساب اللغة الأمازيغية بكيفية تفاعلية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر , « Tamazighte sans barrières “ ويتضمن عدة محاور تعليمية وقاموس يحتوي على أكثر من 500 كلمة , ونجد كذلك برمجية “أورار ن اسكيلن” وتتضمن قاموسا من 3000 كلمة وتتوفر في اللغتين الانجليزية والفرنسية..فضلا عن البرمجيات فهناك عدة مواقع تقترح الترجمة الآنية من الأمازيغية إلى العربة والفرنسية والانجليزية والعكس ومواقع تعليمية مثل الموقع التعليمي للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية « L’école Amazighe« .

– كلمة أخيرة

إن تعميم التكنولوجيات الحديثة على المؤسسات التعليمية عملية فرضتها التحولات العميقة التي عرفها العالم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وحتى نكون قادرين على مواجهة هذه التحولات, يجب أن تساهم جميع أطراف الجسم التعليمي في إنجاح هذه العملية.

ولا يفوني أن اشكر جزيل الشكر جريدتكم دليل الانترنيت على المجهودات الجبارة التي تبذلها من اجل مواكبة الحدث أينما كان وإغناء الثقافة الرقمية ببلادنا .

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.