باحثون يقاربون “فقه الجهاد من خلال الكتب السماوية”في ندوة دولية

0

هل الكتب السماوية (التوراة والإنجيل والقرآن) تأمر بالقتل دون دافع مشروع إلى ذلك من عقوبة أو دفاع عن النفس؟

للإجابة عن سؤال يشغل العالم الذي يعيش الآن على وقع عمليات سفك الدماء والنهب باسم الدين سواء في المنطقة الإسلامية أو حتى في العالم الغربي نفسه، نظم مركز “حوار العقائد والرسالات” بشراكة مع فريق البحث “الشباب والتحولات المجتمعية والتربية” وجامعة “جورج تاون” الأمريكية ندوة دولية تحت عنوان “فقه الجهاد من خلال الكتب السماوية”.

وانطلق المتدخلون من أن موضوع الجهاد فرض نفسه من خلال تأويلات معينة للنصوص الدينية، ففي التوراة خاض الإسرائيليون حروبا طاحنة ضد أمم سابقة، وعلى ضوء الإنجيل وبمباركة البابا قامت الحروب الصليبية ضد المسلمين وسال دم كثير على إثر ذلك، وبعض المسلمين بدورهم فسروا نصوص الجهاد في القرآن الكريم بأنها دعوة إلى القتال وغزو الآخرين، وتقطع الآن الرؤوس في بلاد الشام وغيرها باسم الدين.

وأجمع المشاركون على أنه لا أحد من الأنبياء عليهم السلام فسر نصوص الوحي على انها آمرة بالقتل وسفك الدماء، وأكد الدكتور “محمد أمين الإسماعيلي” في تدخله أن النبي عليه السلام “لم يقم ولو بغزوة واحدة في حياته”، وإنما ما قام به من جهاد كان كله للدفاع عن النفس.

وبدوره أكد الدكتور “عبد السلام بن زروع”، في عرض عنوانه “مفهوم الجهاد بين نص الوحي والتطبيق البشري”، أن المبدأ العام للجهاد هو الدفاع عن النفس، فآيات القرآن التي جاء فيها الإذن به نزلت من أجل الدفاع عن دولة الإسلام التي بناها الرسول، والمفهوم اللغوي للجهاد يدعم هذا الطرح باعتبار أن اللغة هي مفتاح فهم الوحي.

لكن لماذا حاد بعض السلف عن هذا المفهوم القرآني؟ يقول “بن زروع” إن بعض المسلمين بعد النبي عليه السلام ألبسوا مفهوم الجهاد ما كان سائدا أيام العرب قبل الإسلام من عوائد الاشتغال بالحرب والإغارة والتباهي بذلك، لكن في مقابل ذلك هناك من قارب التأويل الصحيح للمصطلح مثل الأحناف الذين يرون بأن الجهاد ليس فرضا بل هو تطوع، و”سحنون” من أئمة المذهب المالكي الذي أكد بأنه ليس بالواجب بعد الفتح إلا بأمر الحاكم، وابن رشد (الجد) الذي قال إذا حميت أطراف البلاد لم يعد هناك جهاد..

من جهة أخرى، رفض الدكتور “مصطفى زرهار” أن يقتصر الحديث عن الجهاد فقط داخل الإسلام، مؤكدا أن كلمة السيف موجودة في الإنجيل والتوراة، فالقتل والنهب والسبي خاضه اليهود ضد غيرهم، والمسيحيون شنوا الحروب الصليبية أو ما يسمى بالحرب المقدسة ضد المسليمن، وفي وقتنا الحالي هناك عصابات إجرامية تقوم بالقتل الممنهج أيضا باسم الإسلام.

بل ذهب “زرهار” إلى أن بعض الدول الغربية تستحضر الخلفية الدينية في حروبها اليوم، ضاربا المثل بالرئيس الحالي لروسيا “فلاديمير بوتين” الذي لم يشن الحرب في سوريا إلا بمباركة وموافقة “الأرتذوكس”.

وخلص إلى أن “القتال” في الإسلام ما هو إلا نوع من الجهاد، وقد شرعه الله تعالى لظروف طارئة حينما يكون هناك غزو أو اعتداء على الأمة.

ومن أبرز الخلاصات التي خرجت بها الندوة الدولية ضرورة معاودة النظر في نصوص الوحي بمناهج العصر المختلفة وتحرير مفهوم الجهاد من التأويلات التي علقت به والتي استغلها البعض في إلحاق الأذى بالغير، هذا مع ضمان حق الدولة والأفراد في الدفاع عن النفس.

وقارن “بول هيك” paul heck من جامعة جروج تاون في كلمة عنونها بـ “الجهاد والخلاص أية علاقة؟” بين مفهوم الجهاد في الإسلام والمسيحية قائلا إن “الجهاد” في الإسلام يقابله في المسيحية مفهوم “الخلاص”، أي مجاهدة النفس وتقوى الله وتقوية الإيمان وتطهير القلب، وهو مفهوم تتشارك فيه الأديان السماوية جميعها، وفي جميع الأحوال ليس هو “مواجهة الشر بالشر”.

وكان مدرجا أن تشهد ندوة “فقه الجهاد” تدخلات أخرى من قبل أساتذة وباحثين وإعلاميين مثل ادريس الكنبوري ومصطفى السحيمي وجمال براوي وزكريا حشلاف.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.