تعليقات و تصحيحات و ملاحظات على كتاب التربية الإسلامية للسنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي: نموذج (منار التربية الإسلامية) ج 1

0

طاطا/ محمد بولعياض

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه.

وبعد، فهذه ملاحظات وتعليقات على “منار التربية الإسلامية” للسنة الثالثة من الثانوي الإعدادي علقتها لنفسي بعد تدريس بالكتاب زمنا، وبعد ملا حظات عليه كثيرة جمعتها من مشاركاتي في اختبارات الكفاءة التربوية للعاملين بهذا السلك، وتأكدت لدي أهمية تدوينها لما كلفت بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفرع طاطا فأعددتها وأعدت تنقيحها، واليوم أنشرها لتعميم فائدتها- إن كان فيها ما يفيد- وقد جعلتها مفرقة حسب الدروس ليسهل على المراجع مقابلة كل تعليق بالموضع المتعلق به من الكتاب، ولأن نقل المحتوى المراد التعليق عليه برمته أمر يطول فإني اكتفيت بالإشارة إليه بإيجاز والتنصيص على عنوان الدرس الذي يقع تحته. و أرجو أن تكون هذه الملاحظات إغناء للكتاب إذ ليس القصد منها – بلا شك- التنقيص من قدره وأهميته، وقد قال عبد الرحمان بن علي البيساني وهو يعتذر للأصفهاني عن كلام استدركه عليه- وهو لسان حالي هنا أيضا- “”إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يوم إلا وقال في غده لو غُيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يُستحسن، ولو قُدّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر”1

وسأجعل ما عن لي من الملاحظات والتعقيبات بعد ان أنعمت النظر في هذا الكتاب أجزاء بحول الله وقوته، وسأذكر في آخر جزء منها توثيقا كاملا لما اعتمدته فيها من المصادر:

درس “الإسلام عقيدة وشريعة” :

– وفيه : الشريعة : ما ورد في القرآن والسنة من أحكام وتشريعات.

والصواب ما ورد في القرآن والسنة والاجتهاد من أحكام وتشريعات عملية. لأن الاجتهاد مصدر من مصادر التشريع ولا يحتاج هذا إلى بسط الأدلة عليه2، وسيأتي في درس الاجتهاد والتقليد تعريف الاجتهاد بما يفيد ذلك، والأنسب للتلميذ أن يذكر له الاجتهاد في تعريف الشريعة حتى وإن كان راجعا إلى الكتاب والسنة من جهة الإجمال وإلا وقع التناقض.

– وفيه: أنزل إليه من ربه: الوحي؛ القرآن الكريم. وهو ما في دليل الأستاذ أيضا.

والصواب : الوحي؛ القرآن الكريم والسنة النبوية. فهي وحي بلا مرية إلا عند منكريها قديما وحديثا ولا عبرة بخلافهم. والله تعالى يقول «وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى»3.

– ومن المفاهيم التي تحتاج إلى بيان ولم يتعرض لها الكتاب: “الأهواء” ومفردها هوى ويعرفه الأصوليون بأنه ميل النفس إلى ما تستلذ به من الشهوات من غير داعية الشرع4 وهي بهذا المعنى تخالف الشريعة، وفي معجم مقاييس اللغة “هوى النفس من المعنيين (أي من معنى هواء وهو الخالي، ومن هوى أي سقط) جميعا لأنه خال من كل خير ويهوي بصاحبه فيما لا ينبغي”5.

درس “الإسلام دين الوسطية والاعتدال” :

– السياق العام للدرس بشكله الحالي لا تبدو مبررات إدراجه تحت وحدة التربية الاعتقادية فغالب ما تحته حديث عن الوسطية في الجانب العملي، ورغم أن من أهدافه المسطرة في الكتاب : “الالتزام بالوسطية والاعتدال في التصورات والسلوك” فإن النظر في نصوصه والأسئلة المتعلقة به وكذا ملخصه يبين أن الوسطية فيه قاصرة على مجال السلوك، لذا يستحسن إضافة بعض القضايا التي يظهر من خلالها توسط الإسلام في مجال الاعتقاد ومناقشتها ك:

التوسط بين المغالاة في الأنبياء وتأليههم وبين الحط من قدرهم ووصمهم بالنقص.
التوسط في صفات الله بين التعطيل والتشبيه.
التوسط بين الأمن والإياس؛ بأن يكون العبد خائفا من عذاب ربه راجيا رحمته، وإن الخوف والرجاء بمنزلة الجناحين للعبد في سيره إلى الله.

درس ” آصرة العقيدة أوثق من آصرة القرابة” :

– وفيه : جاهداك : أرغماك على متابعتهما في عصيان الله.

صوابه: بذلا جهدهما وغاية وسعهما لحملك على الشرك .

فالإرغام إجبار وليس للمرء معه حيلة، ولذلك لا يتناسب مع السياق، وإلا لما أمره تعالى بعدم الطاعة في قوله “فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا” ولكان أمره بها أمرا بغير مستطاع وهو محال، فدل أمره بعدم الطاعة على أنه مختار وليس مجبرا، ثم إن القضايا القلبية والإيمانية خاصة لا إجبار فيها؛ يقول تعالى “لا إكراه في الدين” و “لا” نافية؛ أي محال أن تجبر المرء لا على إيمان ولا على كفر أو شرك، غاية ما في هذا الأمر أن يكره المرء على سب معتقده بلسانه أو الإساءة إليه في الظاهر وقلبه مطمئن بالإيمان به ومن هذا قوله تعالى «.. إلا من اكره وقلبه مطئن بالايمان … »6 ثم على فرض صحة الإجبار في هذه المسالة فإن الإنسان غير مؤاخد على ما أجبر عليه لقوله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه” 7

—————

1 – أبجد العلوم 1/70.

2 – قال أبو إسحاق الشاطبي “المفتي شارع من وجه لأن ما يبلغه من الشريعة إما منقول عن صاحبها وإما مستنبط من المنقول فالأول يكون فيه مبلغا والثاني يكون فيه قائما مقامه في إنشاء الأحكام، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده فهو من هذا الوجه شارع واجب الإتباع والعمل على وفق ما قاله وهذه هي الخلافة على التحقيق” الموافقات 2/08.

3 – الآيتان 3-4 سورة النجم.

4 – كشف الأسرار 5/42.

5 – معجم مقاييس اللغة 2/592 مادة(هوي).

6 – الآية 106 سورة النحل.

7 – رواه ابن ماجة في سننه (1/659) برقم 2043 والحاكم في المستدرك 2/216 برقم 2801 وغيرهما، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم 2611.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.