خلال الحفل الديني الذي ترأسه أمير المؤمنين الملك محمد السادس إحياء لليلة ذكرى المولد النبوي الشريف، ألقى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، عرضا، حول التقرير السنوي لحصيلة أنشطة المجلس العلمي الأعلى والشأن الديني، ويتضمن ملخص التقرير السنوي المرفوع إلى أمير المؤمنين من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حصيلة أنشطة المجالس العلمية والشأن الديني.
وتضمن التقرير بيان التدابير المستجدة في مجال حماية الشأن الديني، ونشاط العالمات والعلماء، والخطوط الكبرى لهذه المستجدات، عبر خدمة القرآن الكريم، ونشاط العلماء، وإقامة المساجد، ورعاية القيمين الدينيين، وتنمية التعليم الديني العتيق.
وفي مجال القرآن الكريم، فحسب الوزير، تتواصل خدمة التحفيظ في خمسة عشر ألفا من الكتاتيب، يرتادها حوالي أربعمائة ألف متمدرس، وقد بلغت الترخيصات لكتاتيب المدررين الخواص هذا العام، 220 ترخيصا إلى غاية شهر نونبر، يضاف إلى ما ذكر ما يتحصل من الحفظ الكامل في السنوات التسع الأولى من الدراسة في التعليم العتيق، ومن أوجه هذه العناية بالقرآن طبع مليون مصحف في مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، ومائتا ألف من المصاحف المرفقة بالترجمة، هذا إلى جانب عدد من الجوائز التشجيعية، أما الدراسات القرآنية فلها مكانها البارز في مؤسسات جامعة القرويين؛ وهكذا فبقدر ما تنهض هذه التدابير بتقاليد المغاربة في التعلق بالقرآن الكريم، بقدر ما تقطع السبل على كل استغلال لكتاب الله للنيل من ثوابت الأمة.
أما عمل العلماء، حسب مداخلة التوفيق، فهو حافل في تأطير الناس بمختلف الأنشطة التي ينص القانون على أن يقدم تقرير مفصل عنها لجنابكم السامي، ولكن الإنجاز الأكبر للعلماء يتمثل في الترسيخ الفكري والعملي لمفهوم عالم الأمة، في ارتباطه بالإمامة العظمى، وهذا النموذج الذي تتفرد به مملكتكم الشريفة، هو النموذج المتوافق مع أمانتكم في حماية الملة والدين، حيث يعينكم العلماء على التبليغ من جهة، وعلى نفي ما حذر منه الحديث الشريف من أنواع الجهل والانتحال والتطرف من جهة أخرى، الأمر الذي يجعل حماية المساجد من الفتنة الهاجس الأول لدى العلماء، وقد أصدروا في هذا الشأن وثائق مبينة في الأعوام الماضية، وقاموا هذا العام بإصدار وثيقة مصححة لمفهوم السلفية، كما وضع فضلاء من بينهم مشروع وثيقة تصف سبيل العلماء، وهي ثمرة ما استنبطوه من ممارستهم الفكرية والعملية في عهدكم الزاهر، ومن منجزات المجلس العلمي الأعلى هذا العام استكمال اللجنة الشرعية المكلفة بالنظر في منتوجات المالية التشاركية استعدادها لمعالجة النوازل التي ستطرح عليها.
أما على صعيد العناية بالمساجد، فقد واصلت الوزارة مختلف برامجها، حيث خصصت 750.000.000 درهم للبناء والصيانة والترميم والتجهيز والهدم وإعادة البناء. ويتطلب الأمر مجهودا استثنائيا على صعيد إصلاح ما تبقى من المساجد المغلقة، ولمواجهة ما لا يقل عن مائتي حالة إصلاح كل عام، وكذا مواجهة الطلب المتزايد على بناء المساجد في أحياء المدن الجديدة، وفي المجموعات السكنية القروية التي هي في تشتت متزايد.
أما القيمون الدينيون فهم يعملون إلى جانب العلماء في الوظائف الشرعية، ويتلقون على أيدي العلماء تكوينا مستمرا تزداد به مناعتهم ضد أنواع التلوث العقدي والفكري المتربص بالمساجد، وهم يتعززون بأفواج الخريجين من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات، هذا المعهد الذي يتلقى مزيدا من الطلبات الخارجية للاستفادة من تكوينه، ومن علامات رسوخ الوعي بالطبيعة الأخلاقية البناءة للخطاب الديني، أن الخطب المنبرية، ويزيد عددها عن المليون كل عام، تجري وفق الضوابط السنية، هذا بالرغم من الصعوبات الوقتية لتنزيل أحكام الدين على الوقائع، وقد وقع لأول مرة تفعيل الظهير الشريف المحدث لجائزة المجلس العلمي الأعلى للخطبة المنبرية، حيث سيكرم من خلالها ثلاثة وتسعون خطيبا في مختلف جهات المملكة، وفي سياق ما تحرصون عليه يا مولاي من حفظ تقاليد المغرب في وظائف التدين، صدر الظهير الشريف المنظم لجائزة الأذان والتهليل.
أما في جانب تحسين الأحوال المادية لهؤلاء القيمين، فقد رصد اعتماد إضافي من أجل تعميم المكافآت على الخطباء والمؤذنين، وبلغ المستفيدون من التغطية الصحية 240.000، كما قدمت مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين خدماتها لصالح 82.000 مستفيد.
أما التعليم العتيق فيتواصل الطلب على إنشاء مؤسساته، وهو طلب يفسره ارتباط هذا التعليم في الأذهان بجانب أصيل من الهوية، وتحرص الوزارة على دعمه بمنشآت تيسر في بعض الأقاليم تطبيق المناهج المقررة، لاسيما في الحلقات التي جرت العادة على أن يؤطرها شيخ واحد على صعيد مدارس بعض القبائل، ومن مستجدات تطوير التعليم العتيق إحداث العالمية العليا في جامعة القرويين، وتنفيذ توجيهاتكم السامية بمراجعة برامج المواد الشرعية من زاوية إبراز الربط بين مضامينها وبين مقاصد الدين، الأمر الذي تحقق بهيكلة المادة الشرعية حول أربعة مفاهيم، هي مفهوم الوجود، أي التوحيد، ومفهوم الكون، أي التعدد، ومفهوم الحق المتجلي في القسط، ومفهوم الجود المفضي إلى خلق الصبر والتضامن.
ي.ف. – الإصلاح