يوسف الغفياني
افتتح المحاضر مداخلته بذكر بعض الأهداف المرسومة وأجملها في أربع نقاط :
أولا : الكشف عن الواقع الدلالي لمصطلح الحكمة في اللسان العربي والقرآن الكريم .
ثانيا : إبراز الدلالات السياقية ، والتربوية لمصطلح الحكمة في الآيات القرآنية .
ثالثا : تقويم المفهوم والبرنامج المقترحين للحكمة في المنهاج الجديد في ضوء نتائج البحث .
رابعا : اقتراحات للتجويد والتطوير .
ثم عرج على ذكر بعض التعاريف الموجودة في كتب اللغة لمفهوم الحكمة ثم في الاصطلاح عند الراغب الأصفهاني وغيره ، واقترح تعريفا لهذا المصطلح ” الحكمة ملكة عقلية ووجدانية وعلمية تمكن صاحبها بما يمتلك من علم سديد ومعرفة متقنة ، وعقل راجح وفهم دقيق ، من إصابة الحقيقة قولا وعملا ، مما يؤهله لتحمل المسؤولية ، وأدائها على أحسن وجه “
وذكر بعض الشواهد القرآنية من آيات وربطها بالتربية والتعليم ، أقتصر على مثال واحد وهو قوله تعالى ” ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ” فالمجال التربوي والتعليمي يحتاج إلى المربي الحكيم الذي تظهر عليه بركة المدد الرباني ، فهو المربي الذي يفيض على المتعلمين علما وأدبا وسلوكا قويما .
وعلى الجانب البيداغوجي لمفهوم الحكمة ذكر مجموعة من الدلالات للفظة :
- القدرة على الفهم العميق للدين
- الحكمة تعقل صاحبها عن التورط في المهالك
- آلة للتمييز، وملكة تدرك بها العلوم..
- هي سبب الإصابة في القول والعمل
- هي المعرفة ذاتها بحقائق الأشياء على ما هي عليه
- أسلوب في الوعظ والتنبيه
- هي الأقوال السائرة للعبرة والعظة
- هي العمل الصالح، وعبادة الشكر
كما بين مفهوم الحكمة في المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية : هي إصلاح النفس، وتهذيبها، والسمو بها، وتطهيرها وفق توجيهات الشرع، بما يرفع الفرد إلى مستوى الإيجابية والمبادرة بالأعمال الصالحة للتقرب إلى ربه؛ ولتعميم النفع وتجويد الأعمال وفق قيم الرحمة والتضامن والمبادرة؛ لقوله تعالى: ﴿يوتي الحكمة من يشاء ومن يِوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.وما يذكر إلا أولو الالباب﴾ سورة البقرة الآية 269.
وختم مداخلة بذكر بعض التعقيبات على مواضع يرى أن فيها خللا متعلقا بمدخل الحكمة وهي :
- أن هذا البرنامج لم يركز على استنهاض القدرات العقلية الكفيلة بإنماء حس الإتقان والإصابة والفهم الدقيق، والقدرةِ على المقايسة والترجيح، والتنزه عن الخطأ والالتباس عند المتشابهات.. فتلك عناصر الحكمة المقصودة بالقصد الأول بحسب ما تقرر في الدراسة اللغوية والشرعية.
- اكتفاء البرنامج بالتعريف بتلك القيم ومدحِها وبيان فضلِها فقط، وغيابُ نماذج عملية قابلة للتطبيق، إذ كان من المفروض الانتقالُ من التوصيف إلى التدريب العملي من خلال وضعيات حية للنهوض بالواقع القيمي للمتعلمين.
- غياب تصور نظري وعملي للترسيخ؛ لأن القيم المركزية التي عدت مداخل لم تضبط من الناحية المفهومية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، واتجه الجهد للتكديس بدل التأسيس، وإيرادِ المضامين والمعارف بدل تحليلها، مع غياب شبكات معيارية للتقويم..
- المطلوب جعلُ حصص مدخل الحكمة للتدريب والتجريب، ورسمِ الخطط العملية لإنماء قابليات الحكمة في أنشطة تستهدف أساسا صقل الذكاءات المتعددة عامة، والعقلية والوجدانية والتواصلية المهارية منها خاصة..