تقرير الندوة التربوية: “القيم واستراتيجية تدريسها في مادة التربية الاسلامية”

0

إعداد/ إسماعيل مرجي- عبد الله اد اجنان 

نظمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية-المكتب الوطني-،  ندوة تربوية عن بعد، وعبرمنصة زووم وعلى صفحتها الرسمية بالفايس بوك، يوم السبت 18 رمضان 1442هـ/ 01 ماي 2021م في موضوع: “القيم واستراتيجية تدريسها في مادة التربية الاسلامية”

من تأطير الأستاذ أحمد عروبي مفتش مادة التربية الإسلامية بمديرية فاس، وبتسيير من الأستاذ رشيد لخضر، وتابع فعاليات الندوة التربوية مجموعة من السادة أساتذة ومفتشي مادة التربية الإسلامية والمهتمين بتدريسية المادة عموما.

رابط الندوة التربوية على صفحة الجمعية بالفايس بوك:

https://web.facebook.com/110790647216096/videos/928323711318184/

افتتح الندوة التربوية المقرئ الأستاذ علي الخلاني بتلاوة آيات بينات من سورة يونس، وهو المقرئ الحاصل على جائزة محمد السادس الوطنية لتجويد القرآن الكريم.

استهل الأستاذ المسير الأستاذ رشيد الخضر كلمته ببيان موضوع الندوة وأهميته، مبينا أن القيم عند رجوعنا إلى الوثائق التربوية المؤطرة للعملية التعليمية التعلمية، نجد التنصيص عليها من خلال التربية على القيم، باعتبارها إحدى مداخل المنهاج التربوي المغربي (مدخل التربية على القيم)، منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى الرؤية الاستراتيجية، إلى القانون الإطار، وبعد المراجعة التي عرفها منهاج مادة التربية الإسلامية يونيو 2016  نجد القيم حاضرة فيه، محددا قيمة مركزية هي التوحيد، وقيما ناظمة الحرية والمحبة  والاستقامة والإحسان؛ لكن الإشكال الذي لا يزال مطروحا، هو كيف يمكن اعتماد منهجية واضحة تحقق الأهداف المرجوة من التربية الإسلامية التي تجمع بين بناء المعرفة والتدريب على المهارات وبناء القيم.

ومن أجل توضيح هذه الإشكالية، وبيان استراتيجية تدريس القيم في مادة التربية الإسلامية، جاء هذه الندوة التربوية التي يؤطرها الأستاذ أحمد عروبي، وهو مفتش جهوي تخصصي لمادة التربية الإسلامية بمديرية فاس …

بعد التعريف بالأستاذ الفاضل، أعطى له الأستاذ المسير الكلمة، مفتتحا إياها بتقديم الشكر والثناء لأعضاء المكتب الوطني للجمعية، والتنويه بمجهوداتهم في الإسهام في تطوير تدريسية مادة التربية الإسلامية، منطلقا من التذكير بأهمية موضوع الندوة، وأن اختيار هذا الموضوع كان نتيجة ما لاحظه خلال إشرافه التربوي والنقاش الذي يثار حول تدريسية القيم في الندوات واللقاءات، والمعاناة  والإشكالات الحقيقية التي يجدها المدرسون أثناء تدريس القيم، والتي صاغها على شكل سؤالين، تتشكل الإجابة عنهما موضوع ومحاور مدارسته لاستراتيجية تدريس القيم في مادة التربية الإسلامية وهما:

  • ماهي حدود مسؤولية المدرس في مسألة تدريس القيم ؟
  • كيف يمكن للمدرس أن يؤدي هذه المسؤولية بنجاح على مستوى تدريس مادة التربية الإسلامية؟

عرف الأستاذ عروبي القيم بكونها:” مجموع التصورات والمعتقدات التي يضمرها الفرد، لتشكل معايير تحكم تصرفاته التلقائية، وردود أفعاله تجاه ما يقابله من مواقف ردا أو قبولا”، ثم وقف بعد ذلك وقفتين اثنتين هما بمثابة وضعية انطلاق، أبرز خلالهما أن الارتباط بين  القيم والسلوك ليس ضروريا، فالسلوكات كثيرا لا تعبر عن القيم؛ ولما كان الأمر كذلك،  فعلى ماذا ينبغي أن يركز المدرس؟ هل يركز على السلوك أم يركز على القيمة التي تؤثر في السلوك ؟ مؤكدا أنه ينبغي التركيز على التصور وتعديله.

ونبه الأستاذ إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أن الصراع الحقيقي والواقعي في مسألة القيم يتوجه إلى المرجعيات، ممثلا لذلك بالحرية الفردية، فهي قيمة مركزية يترتب عليها الكثير، أدناها الانحصار حول الفرد وشهواته، وأعلاها إهمال ما يسمى بحق الله والحق العام وحق المجتمع، فالجهود إذا ينبغي أن توجه إلى المرجعيات.

انطلق الأستاذ بعد هذا التقديم من منطلقات ثلاث وهي بمثابة أصول :

الأصل الأول: الخير أصلي والشر عارض: فالمقرر عندنا في الفكر الإسلامي ونصوص الشريعة الإسلامية أن كل مولود يولد على الفطرة، وعليه فالخير أصل في الإنسان والشر عارض.

الأصل الثاني: أصل قيم الخير موجود في النفس البشرية، فالإنسان في نفسه قدر من الخير، والمشكل في العوارض والموانع، والتركيز هنا ينبغي أن يتوجه إلى العوارض ويصحح تصور الإنسان لهذه الموانع، بنقلها من المباح إلى المحرمات، فنفهم الفرد أن هذه العوارض تؤدي إلى الألم وليس اللذة اللحظية الزائلة.

الأصل الثالث: مصادر قيم الخير متعددة: الدين، العرف، الفطرة…، فمصادر القيمة لا تنحصر في الدين وحده كما يعتقد البعض؛ وإنما من مصادرها: الأعراف والعادات والفطرة…

ومن خلال ذلك تساءل سؤلا جوهريا وهو: ما المطلوب من المربي إذا ؟ المطلوب منه أن يفهم المعادلة التي يعانيها الإنسان، وهي تلك الحالة من التنازع بين الدوافع والموانع، وعلى المدرس ان يعرف أن ذلك هو الابتلاء الحقيقي لدى المتعلم، فدور المربي هنا أن يزيل الغشوات، ويذكر المتعلم بالدوافع التي هي فيه، ملخصا أهداف المربي في بنائه للقيم في خمسة أهداف أساسية وهي:

  • أن يظهر القيم المخفية لدى المتعلم ويجليها؛ فينقلها من الجفاء إلى الجلاء، فبعض القيم قد تكون موجودة لدى المتعلم فيحتاج المدرس إلى إبرازها وإظهارها.
  • أن يقوي القيم المضمورة ليقويها فينقلها من الضمور إلى القوة، فقد يمتلك المتعلم قيمة فيحتاج إلى تقويتها من طرف المربي.
  • أن يؤصل للقيم الغير المؤصلة لدى المتعلم فينقلها من عدم التأصيل إلى التأصيل، فالمتعلم بناء على مصادر القيمة السالفة الذكر قد يتمثل قيمة لكنها غير مؤصلة، فيؤصلها المدرس.
  • أن يوسع مجال تطبيق القيمة فينقلها من التضيق إلى التوسيع، فالمتعلم قد يكتفي بتطبيق قيمة معينة في المجال الأسري فحسب، كقيمة الاحترام مثلا، قد يحترم الأبوين فقط، فيحاول المدرس أن يعمم هذه القيمة ويوسع مجالها ليحترم المتعلم الجميع.
  • أن يوضح القيمة لدى المتعلم فينقلها من التشويش إلى الوضوح، فالمتعلم قد يعرف قيمة معينة لكن تختلط له مع قيم أخرى؛ فدور المدرس هنا أن يوضحها ويبرز حدودها والعلاقة بينها وبين غيرها…

وبناء على ما سبق خرج الأستاذ بمقترحات تهم السؤال الأول ( ما حدود مسؤولية المدرس ؟) أبرزها:

  • على المدرس حينما يأتيه المتعلم أن يعرف مستوى القيمة لديه، هل هي مخفية أم غير مؤصلة… وهذا يدركه من خلال الوضعية المشكلة التي ينطلق منها فتمثلات المتعلمين هي مستوى القيم لديهم.
  • التركيز على الاعتقاد أولا والسلوك ثانيا؛
  • أن ينطلق من الأهداف الخمسة المقترحة لتدريسية القيم ؛
  • معرفة الأصول الثلاثة وأن الأصل في الإنسان الخير؛
  • معرفة أن مصادر القيم متعددة ومتنوعة.

وبخصوص السؤال الثاني كيف يمكن للمدرس أن يؤدي هذه المسؤولية بنجاح على مستوى تدريس مادة التربية الإسلامية؟

فقد حدد الأستاذ أحمد عروبي مجالات بناء القيم، مبينا أن على المدرس في بنائها أن يركز على أمور منها:

  • الأستاذ قدوة للمتعلمين؛
  • أن يوظف أنشطة مندمجة ومتنوعة تسهم في بناء القيم؛
  • أن يعدد المداخل لترسيخ القيم؛
  • أن يعرف أن بناء القيم يتم عبر محطات: أولاها الدرس، ثم الوحدة، فالأسدس، فالسنة الدراسية. ففي مدخل الحكمة مثلا تبنى قيم الوحدة، وفي نهاية الموسم الدراسي تظهر بناء قيم السنة الدراسية كما في دروس : السبعة الذين يظلهم الله بالنسبة الأولى بكالوريا.

وختم بخلاصات عامة وهي:

  • أن القيم مسؤولية الجميع؛
  • حدود مسؤولية المدرس ترتكز على مستوى الاعتقاد؛
  • استحضار المنطلقات الثلاثة في البناء؛
  • استحضار الأهداف الخمسة في الاشتغال؛
  • محطات بناء القيم على مستوى البرنامج: الدرس والوحدة والأسدس ثم السنة.
  • علاقة المتعلم بالمدرس علاقة قيمية بالأساس.

وفتح باب النقاش من طرف المسير فتدخل المفتش التربوي محمد فارس مقدما توجيهات مفيدة أغنى بها الموضوع نجملها في الآتي:

  • أن المجتمع ينظر إلى مادة التربية الإسلامية أن وظيفتها قيمية؛
  • تدريسية القيم نابع من بعدها الوجداني؛
  • أولى محطة في القيم معرفية، عن طريق بناء مفهوم القيمة وهو أخطر ما في القيمة؛ فإذا اختل المفهوم فالبناء يكون معوجا؛
  • بناء القيمة سواء في بعدها المعرفي أو الوجداني لا يتم إلا عبر أنشطة مندمجة ومتكاملة ومترابطة بشكل حلزوني؛
  • تدريسية القيم ينطلق من التخطيط، تخطيطا زائدا عن التخطيط المعرفي والعلمي ، يستحضر من خلالها محطات طويلة النفس وبعيدة المدى -محطات بناء القيم-.

تفاعل الأستاذ المحاضر مع أسئلة المتفاعلين، مسجلا بعض ثغرات المنهاج كعدم إبرازه لمعايير اختيار القيم، و العلاقة بين المقاصد والقيم والمداخل، وحذر الأستاذ في نهاية مداخلته من تقليص وظيفة المادة في القيم فوظيفتها في ثلاثة أمور:

– ترسيخ القيم؛

-بناء المفاهيم العقدية؛

– بناء المعرفة الشرعية.

ونظرا لكون الندوة فتحت آفاقا للتساؤل والمباحثة؛ فإننا جمعنا أبرز الإشكالات والتساؤلات التي طرحها المتتبعون لهذه الندوة، لعلها تكون أرضية لندوات مقبلة وآفاقا لبحوث تربوية تعود بالنفع على المادة وأهلها ومن أبرزها:

  • العلاقة بين القيم والأخلاق والمبدأ والسلوك ؟
  • هل في القيم قيم إيجابية وسلبية أم إيجابية فقط ؟ ولماذا في الامتحانات نطلب من المتعلمين استخراج فقط قيم إيجابية ؟
  • ما الفرق والعلاقة بين القيم والمفهوم؟وبين القيم والعبر؟
  • هل يمكن الاشتغال على أكثر من قيمة في الدرس الواحد ؟
  • هل ما يقابل القيمة يمكن أن نطلق عليه قيمة ؟
  • ماهي المنهجية المتبعة في استخلاص هذه القيم من خلال دروس مادة التربية الإسلامية ؟
  • ما هي الصنافة المناسبة لتقويم القيم؟
  • هل الصلاة قيمة؟
  • إذاكان الخير هو الأصل والشر طارئ فلماذا بدا القرآن بالفجور أي الشر في قول الله تعالى (فالهمها فجورها وتقواها) وحديث الفطرة محمول على الإيمان لا على الخير. وفكرة وجود الخير في الإنسان في أصل خلقه لا يحتاج إلى تقرير يقلب حقيقة ابتداء الآية بالشر؟
  • ما الحد الفاصل بين القيم والأخلاق في مدخل الحكمة؟
  • ما هي معايير التمييز بين القيم والمفاهيم والمعارف في منهاج التربية الإسلامية؟
  • القيم الخمسة التي تحدث عنها منهاج المادة هل هذا يعني أنها محصورة في هذه الخمس أم أن الأمر للتمثيل فقط؟
  • المدرسة في حدود الزمن المتاح لا يمكن أن يناط بها أكثر من الجانب المعرفي بالقيم والتوعية بأهميتها والتحذير من آثار غيابها. وبعد ذلك يبقى دور المجتمع والإعلام التربوي والأسرة …
  • كيف يمكن الحديث عن استدماج القيم بعيدا عن الجانب العملي التطبيقي .. ألا يمكن القول في هذه الحالة .. ان المستشرقين أكثر باعا منا وأقوى حظا باعتبار ما يستجمعون دون طائل عملي من المعارف حول الإسلام ؟!.

رابط تحميل التقرير بصيغة pdf:

https://drive.google.com/file/d/1WASD19DZpAFpAcf7ZLRlcWVgmksUMjZE/view?usp=sharing

إعداد:

ذ. اد اجنان عبد الله

ذ. اسماعيل مرجي

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.