تعتبر حوادث السير واحدة من المعضلات التي تؤرق وتستنزف المجتمع المغربي في مقوماته ومكوناته الفاعلة ويصنف المغرب في المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي في نسبة حوادث السير بينما يحتل المرتبة السادسة عالميا بمعدل سنوي لعدد القتلى يتجاوز 3800 قتيلا، بمعدل 10 قتلى يوميا، وجريح واحد كل 7 دقائق، وأكثر من 11 مليار درهم سنويا كخسائر مادية تستنزف ميزانية الدولة.
وتشير الإحصاءات أيضا إلى أن أشد الحوادث مأساوية في المغرب خلال السنوات الأخيرة كان مصدرها حافلات النقل العمومي والتي تلاقي إقبالا كبيرا في العطل والأعياد، وهي مناسبات سجلت عددا كبيرا من الضحايا لتؤجج ضراوة الحوادث والفواجع فوق الطرق المغربية.
لقد جاءت المدونة الجديدة بمجموعة من الإيجابيات التي ساهمت وإن بشكل طفيف في تخفيض نسبة الحوادث حسب الإحصاءات الرسمية، إلا أن تطوير بنية المراقبة وحده غير كاف للحد من حوادث السير إذ يبقى الأمر رهين بتوعية وغرس الثقافة المرورية، حيث أن السلامة المرورية في المغرب لا تتحقق إلا إذا راقب السائق نفسه كشرطي، أما أن يتم الزيادة في الغرامات نتيجة المخالفات المرورية أو تطبيق عقوبات زجرية بصورة عشوائية فلا يمكن تحقيق هدف الردع بصورة نهائية بقدر ما يفتح أشكال أخرى للتحايل على القانون، وهو ما نراه في الواقع حيث نجد معظم المواطنين يلتزمون بقانون المرور أمام الحواجز ورجال الشرطة والدرك الملكي وبمجرد الابتعاد يتغافل عن كل القوانين والأنظمة.
ونشير في الأخير إلى أن أهم ما يسهم في تخفيض حوادث المرور هو التركيز على التوعية والتحسيس وإقناع المواطن بغرس ثقافة مرورية في فكره والعمل على تحمله المسؤولية في الحفاظ على حياته، مع دمج هذه القيم ضمن المقررات الدراسية ومنها مادة التربية الإسلامية، ويبقى دور الإعلام أكثر من فعال في معالجة الظاهرة والعمل على تغيير السلوكات السلبية للأفراد.