في حوار مع الدكتور فؤاد بوعلي
رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية
ملخص السيرة الذاتية:
فؤاد بوعليعالم لسانيات مغربي،
مستشار وزير الاتصال(الإعلام)
حاصل على دكتوراه الدولة في اللسانيات العربية،
رئيس المجلة المغربية لدراسات الترجمة
رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب
الكاتب العام لمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة
عضو المجلس الإداري لمركز الدراسات والأبحاث المعاصرة الرباط
الرئيس الأسبق للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع وجدة.
له دراسات وبحوث منشورة في العديد من المجلات العلمية كما يساهم بمقالات في الصحف العربية والمغربية ويعد من أبرز المدافعين عن اللغة العربية في المغرب.
من مؤلفاته:
الأسس المعرفية والمنهجية للخطاب النحـوي العربي من القرن الأول إلى الخامس الهجريين”، الناشر: عالم الكتب الحديث، 2011
vأبوحيان الأندلسي ومنهجه النحويدار عالم الكتب الحديث، إربد الأردن سنة الطبع: 2013 رقم الطبعة: الأولى
مجالات الاهتمام:
فقه اللغة ـ الترجمة ـ التعريب – المعالجة الآلية للغة العربية – تحقيق التراث اللغوي – التواصل وتقنيات التعبيرـ الفلسفة ـ الدراسات النصية والقرآنية ـ السياحة ـ الفلسفة والفكر الإسلامي ـ فلسفة اللغة ـ الفن والسينما
السؤال01: يرى بعض الكتاب في مجال اللغات بأن احتضان اللغة العربية للقرآن الكريم ليس هو ما يجعلها تصمد إلى الأبد فما ردكم على هذا القول؟
اللغة كائن اجتماعي يتطور وينقرض ويعيش كل مراحل الحياة الاجتماعية. فالعربية بهذا الاعتبار عاشت وتعيش عهودا من التطور ومن التغير سواء في بنائها التركيبي أو الصوتي أو في مفاهيمها والإحالات الدلالية. لكن ما يمنح العربية قيمة إضافية أنها لغة القرآن أي أنها بعد أن غدت الوعاء اللساني لآخر الرسالات السماوية انتقلت من التعبير عن العرق إلى فساحة القرآن فأصبحت لغة قرآنية. فالحقيقة التي لا محيد عنها هي أنه لا يمكن القفز عن هذا الارتباط الأزلي بين النص القرآني والوعاء اللساني العربي. وكل من يطالع كتابات المتخصصين قدامى ومحدثين سيجد نفسه أمام تفسيرات لغوية وعقدية لهذا الترابط. فالعربية في التناول القديم لا تقف عند حدود اعتبارها لغة تواصل وتبليغ عادي تماثل اللغات الطبيعية المتعددة، بل تحمل من الصفات والمميزات ما جعلها محملة بكلام رباني مفارق وخاتم لكل الرسالات. فنزول القرآن الكريم بالعربية دليل أهميتها وأفضليتها وباعث نهضتها، وصاحب الفضل الأكبر والأثر الأظهر في نشرها وخلودها. كما أن نزول القرآن بلغة العرب لم يكن أمرا عفويا أو مصادفة تاريخية أو حتى تحقيقا لقيود الانتماء العرقي، بل الأمر يحمل دلالات متعددة أهمها خصائص العربية التي تمكنها من استيعاب الرسالة السماوية، وكذا تفضيل هذه اللغة عن باقي الألسن، لأنها تحمل وظيفة التبليغ عن رب العالمين. كل هذا دفع الدارسين القدامى إلى محاولة التنظير لعروبة النص والذود عنها حتى يتم الربط الجدلي بين الحقيقتين: الحقيقة الإلهية ممثلة في النص القرآني، والحقيقة العربية كما تبرزها لغته. ومن ثم كان المدخل الطبيعي للنص هو لغة العرب ومعهودهم اللسني كما يعبر الشاطبي إمام المقاصد عن ذلك. لكن قوة العربية لا تقتصر على جانبها الديني إذ ما فتئت المؤسسات الدولية والعربية والوطنية تصدر التقارير تلو الأخرى حول التنمية البشرية في العالم العربي. والتي تؤسس رؤيتها على الارتباط بين العربية كلغة تداول أساسية ومجتمع المعرفة. وهو ما عبر عنه الدكتور علي القاسمي بالقول: “إن النظريات الاقتصادية الحديثة تؤكّد أن التنمية البشرية لم تعُد تتوقف على وجود مجتمع زراعي أو مجتمع صناعي، وإنما على إيجاد ” مجتمع المعرفة ” الذي يمتلك المعلومات العلمية والتقنية ويوظّفها في الإنتاج والخدمات والإدارة، فيمتاز بالتنويع الاقتصادي، وتتكاثر فيه فرص العمل، ويرتفع عنده دخل الفرد. ومجتمع المعرفة لا يكون كذلك إلا بلغة حمالة للمعرفة”. فقوة العربية متعددة الزوايا لكن على رأسها احتواؤها للبلاغ الرباني.
السؤال02: إذا كانت معظم الدراسات عن مميزات اللغة العربية يوضع على رأسها كونها لغة الوحي الخاتم فإن دراسات أخرى لا تعبأ بهذه الخصيصة وترى الربط بينها وبين الدين ينطوي على مجازفات خطيرة بحيث يربط ضعف أحدهما بضعف الآخر فإلى أي حد يصح ذلك؟
كما قلنا إن مقومات قوة العربية عديدة ومتنوعة لكن من أهم مداخل التقديم الاعتباري للغة العربية هو ارتباطها التلازمي بالنص القرآني، مما جعلها تحظى بجملة من المميزات تصل في تصور الباحثين إلى حد التعظيم. حيث اعتبرت العربية المدخل الطبيعي للتدين الصحيح باعتبارها لغة القرآن ولغة العبادة الإسلامية ولغة الثقافة الإسلامية وهي اللسان المشترك بين المسلمين جميعا. وعدت الجسر الحقيقي للشرع ومعرفة الدين، وبدونها لا يمكننا الوصول إلى كنه العقيدة الإسلامية. لذا كان الدفاع عنها مقدمة رئيسية للذود عن قدسية لغته وتميزها عن باقي اللغات الطبيعية. وقد ظل هذا الاعتقاد هو مدار التصور العقدي عند علماء الإسلام، فاللسان العربي لم يكن مجرد أداة تواصلية بين أبناء الجزيرة العربية، بل غدا أحد مقومات الكمال العقدي. فقد قال الإمام الشافعي:”فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويتلو به كتاب الله وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير وأمر به من التسبيح والتشهد”. وكما قال الودغيري” العربية إذن هي لغة القرآن أي لغة الإسلام، وليست لغة قريش ولا لغة العرب وحدهم، والمتكلم أو المثقف بهذه اللغة ليس من الضروري أن يكون عربيا بالعرق أو الأصل، والعربية أيضا هي عنصر توحيد لفكر الشعوب الإسلامية وثقافتها”. وما دام النص القرآني آخر الرسالات وأشملها فإن العربية التي احتضنته قد ارتفع شأنها به، لكن أبعادها متعددة حضارية وبنيوية.
السؤال 03: في الماضي حاول كل من لطفي السيد وطه حسين كتابة العربية بالطريقة القديمة التي تدمج الشكل في الكلمات، فخاب سعيهما!وحاول آخرون الدعوة إلى اعتماد الحروف اللاتينية في كتابة العربية للتخلص من مشكل الشكل في زعمهم، فهل يعتبر فصل الشكل عن الحروف وإدخاله عند الحاجة نقصا أم كمالا في اللغة العربية المتفردة بهذه الخاصية؟
أعتقد أن السؤال الذي ينبغي طرحه على كل هؤلاء هو: هل الإشكال في العربية أم في الطريق الذي تقدم به؟ فقد انطلق كل هؤلاء، مثلهم في ذلك مثل كل دعاة التجديد والتيسير الذين امتلأ بهم فضاء القرون الأخيرة، من أن العربية تحمل في ذاتها إشكالات بنيوية والمطلوب حلها حتى تتمكن من استيعاب الحداثة والمعارف المعاصرة. لكن هذه الأخيرة تتغير والعربية ثابتة في قوتها، فلنقدم مثلا على ذلك بدعوات حذف العوامل التي نادت بها المدرسة الوصفية في بداية القرن العشرين والتي تناسل دعاتها بشكل كبير، والتي دعت إلى الاستغناء عن النظرية العاملية وتصيدت من التراث ما يؤيد طرحها مثل دعوة ابن مضاء القرطبي، لكن ببروز المدرسة التحويلية لتشومسكي غدا العمل النحوي جزءا أصيلا من النظرية اللغوية المؤسسة على المنهج التفسيري. أي أن النظريات اللغوية تتغير واللغة تظل نفسها. وكل محاولات استبعاد الشكل عن العربية وحصر الإشكال فيه هو تجن عليها مادامت العربية هي لغة اشتقاقية تعتمد الشكل في التعبير عن الوظائف بدل الموقع التركيبي كحال اللغات الأخرى. واستبعاد الشكل هو استحضار للغموض بدل الوضوح في المعني. فالإعراب هو الدال على المعنى وفي أحيان كثيرة لا يمكن الاستغناء عنه.
السؤال04: شاع بين الناس اليوم إقحام مفردات فرنسية في التحدث اليومي، وظهرت إذاعات تخلط بين العربية والفرنسية بصورة تبعث على القرف والاشمئزاز ولسان حالها يتهم العربية بالقصور عن التعبير! فمن المسؤول عن هذا التردي؟
منذ تحرير القطاع والترخيص لمجموعة من الإذاعات الخاصة برز هناك إصرار على استعمال كل الأشكال اللسنية إلا اللغة العربية، فاللهجات واللغات الأجنبية غدت هي الآليات التواصلية الرسمية لهذه الإذاعات في إصرار واضح على مواجهة كل دعوات الاعتناء بالعربية وحرب حقيقية ضد النص الدستوري الذي أقر بحمايتها، مما يعني أن الأمر ليس حالة منعزلة بل هو توجه مقصود من نخبة متحكمة في الشأنين الإعلامي والاقتصادي. ونعتقد أن المسؤولية مشتركة بين الحكومة والنخبة والمجتمع المدني، لكن الأولى هو البحث عن سبيل المواجهة والإصلاح. وأولى الخطوات هو إصدار قانون لحماية العربية وتنميتها يفرض اللغة الفصحى في وسائل التداول العمومية.
السؤال 05: إن من يستعرض التدهور الحاصل في استعمال اللغة العربية في وسائل إعلامنا وفي التعبير الشعبي وفي شتى مجالات الحياة الإدارية والاقتصادية ينتابه إحساس باستعصاء عودة العربية الفصحى للحضور بصورة مرضية على لسان المغاربة! فما هو دور المسؤولية الفردية في الخروج من هذا الوضع والتفاؤل بمستقبل واعد للغتنا العربية.
أنا من الناس الذين لا يصرون كثيرا على المسؤولية الفردية لأن الاستعمال اللغوي مرتبط أشد الارتباط بإرادة الدولة في حماية لغتها الرسمية والارتقاء بمستواها العلمي والتعلمي والتنموي.لذا تصر الدول على إصدار القوانين والتشريعات التي تضبط تداول اللغة الرسمية في الفضاءات العامة. ودور الدولة في هذا السياق حاسم، لكن هذا لا ينفي دور الفرد في الدفاع عن حقه في لغته ومتابعة كل تعد عليه وبث الوعي بأهميتها من خلال تشجيع التداول داخل الفضاءات الخاصة وتحبيب العربية للمحيط القريب من أسرة ومدرسة وغيرهما.
السؤال06: تناقلت وسائل الإعلام أخبارا عن إقدام جهات ودول غربية على كتابة معاهدات واتفاقات ووثائق طويلة الأمد باللغة العربية إلى جانب لغاتها الرسمية، وفسر ذلك باعتقادهم أن اللغة العربية لن تموت خلافا لغيرها من اللغات العالمية الأخرى، وبعض الناس يشككون في صدق هذه الأخبار فماذا لديك مما تقوله في هذا الصدد؟
إن وجود اللغة العربية مرتبط بالعلاقة الأزلية بالنص القرآني لذا فوجودها ملازم لوجوده. وحتى في دراسات المؤسسات الدولية لا تدرج العربية في لغات الآيلة للانقراض لكونها حافظت على التداول الرسمي منذ قرون طويلة ولتزايد الاهتمام بها عالميا بالرغم من الحروب عليها. فالعربية لغة المستقبل بامتياز.
السؤال07: يلاحظ المتتبع لقضايا اللغة العربية ظاهرة غريبة تتمثل في بعض من يدعون الغيرة على اللغة العربية أو يكونون أكثر من ذلك فاعلين في مجال الدفاع عنها، لكنهم لا يحسنون التحدث بها، وغالبا ما إذا بدؤوا كلامهم فصيحا أنهوه دارجا، أو تجدهم لا يكلفون أنفسهم عناء تنقية خطابهم من كلمات بالفرنسية والانجليزية والتي تتخلل حديثهم من غير ضرورة سوى أنهم عاجزون عن إعطاء مثال من أنفسهم لما يلزم أن يكون عليه حال المحب للغة العربية بله المدافع عنها والغيور عليها! فهل ترى أي عذر لهؤلاء؟
أعتقد أن ربط العربية بالتداول الفصيح هو خلل في التصور، لأنك لا يمكنك أن تطالب الناس باستعمال الفصحى في فضاء لا تتداول فيه، فأكيد أننا ينبغي أن نجتهد في استعمالها والتواصل بها واستعمالها بشكل متواتر، لكن الإصرار على ربط قضية اللغة العربية بالاستعمال الفصيح هو تقزيم للصورة، فالعربية هي قضية وجود وانتماء وحضارة، ومن هذا المنطلق يكون الدفاع عنها دفاعا عن هذه القيم.
السؤال08: تزايدت في الشهور الأخيرة الجمعيات المتبنية لقضايا اللغة العربية منها الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية الذي كنت من المؤسسين له وصرت رئيسا لمكتبه المسير، فما الذي يتميز به عن غيره، وهل يوجد تنسيق وتعاون بين هذه التنظيمات التي تسعى جميعها لهدف واحد، وما هي التحديات المواجهة لها؟
الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية منسقية شعبية مدنية تسعى إلى التنسيق بين مختلف الفاعلين والمؤمنين بجوهرية العربية في ترسيخ الانتماء الحضاري للشعب المغربي وتعبيرها عن لحمته الاجتماعية والثقافية وقدرتها على نقله نحو مجتمع المعرفة المنشود. ويسعى أساسا إلى خدمة العربية ضمن المقاربة الدستورية وفي نطاق التوافق الوطني. لذا ففكرة الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الذي يضم أزيد من مائة جمعية ومؤسسة، هي محاولة لتأليف وتشبيك كل الطاقات والفعاليات المؤمنة باللغة العربية كيفما كان انتماؤها السياسي أو الفكري. لذا ستجدون تعددا حزبيا وإيديولوجيا في تشكيلة الائتلاف من اليمين إلى اليسار ومن الإسلامي إلى العلماني… لكن الجميع متفق على قضية اللغة العربية والمنافحة عنها في وجه تيارات الفرنكفونية والتغريب واجتثات قيم الهوية المغربية. وبالطبع نحن نصر على جمع كل الفعاليات داخل هذا الإطار إلا من أبى.
السؤال 09: أثارت الدعوة إلى اعتماد اللغة الدارجة في التعليم ردود فعل شاجبة ورافضة مما أكد اعتزاز المغاربة باللغة العربية الفصحى ووعيهم بمخاطر التخلي عنها أو التفريط فيها فما هي في نظرك أهم مخاطر هذه الانتكاسة المفاجئة؟
إن هذه الدعوة التي وصلت المغرب متأخرة، واحتلت مساحة هامة في النقاش الإعلامي والثقافي في الأيام الأخيرة، ليست جديدة كل الجدة على الثقافة العربية بل نجدها حاضرة في الفضاء الثقافي بالمشرق العربي وبنفس المزاعم والمبررات منذ أواخر القرن التاسع عشر. لكن كارثة هذه الدعوة أنها كانت انقلابا ومحاولة للالتفاف على النقاش اللغوي والتربوي الذي فتحه الخطاب الملكي ليوم 20 غشت، ومناقضة لمقتضيات النص الدستوري والقوانين الجاري بها العمل، كما أنها طرحت إشكال لغة التدريس بشكل عرضي وساذج بل الواجب معالجته من خلال الأسئلة الحقيقية. فالعربية عانت لعقود من عراقيل وعقبات أثرت على موقعها الوظيفي ودورها سواء من حيث المقررات أم المناهج أم الموارد المالية والبشرية وتقنيات التدريس… لذا فنسبة الفشل إلى لغة الضاد هي مغالطة إيديولوجية وليست نقاشا علميا. بل إن استعمال اللغة العربية لغة للتدريس قد ساهم في إشاعة المعلومة والثقافة الجماهيرية وساعد على نشر التعليم في الأوساط الشعبية ومكن من تعميم العلم والمعرفة وحارب الهدر المدرسي وكل عودة إلى الوراء هو رهان على نخبوية الثقافة وحصر التقدم في فئة قليلة تمتلك نواصي المعرفة وما يتبعها من استفادة مادية ومعنوية. لذا فالدعوة إلى التلهيج هي محاولة لفرض الفرنسية على التعليم المغربي وإجهاض كل محاولات النهوض والارتقاء باللغات الوطنية.
التعليقات
#1أسماء غنامي2014-02-17 16:46
شكرا أستاذ فؤاد بوعلي على إجاباتك وتمنيت لو كانت مستفيضة بعض الشيء
#2خالد بنحدة2014-02-22 23:19
بداية أعرب عن شكري لموقع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية على اهتمامه المتميز بقضايا اللغة العربية وأشكر أيضا الأستاذ بوعلي على ما أدلى به في هذا الحوار المخصص لتفنيد إدعات قصور اللغة العربية وأرى شخصيا أن لا قصور إطلاقا في اللغة العربية لأن القرآن الكريم الذي يجسد تمام الدين وكماله لايمكن أن يتنزل من فوق سبع سماوات إلا بلغة كاملة خالدة لاينال منها الزمان ومتغيراته شيئاولكن ما يلصق باللغة العربية من نقص وقصور إنما يرجع إلى نقص وتقصير وخذلان المسلمين المعاصرين الذين ضيعوا لغة الدين لما ضيعوا الدين نفسه وتعشقوا لغة المستعمر وطفقوا يتباهون باستعمالها بطريقة أساءوا بها للغة العربية وللغة الأجنبية على السواء فمتى ندرك بأننا لانهين إلا أنفسنا عندما نخلط لغة الضاد بما دونهامكانة وقدرا وأيضا عندما نتجاوز قواعد العربية الإملائية والنحوية واللغوية فهل زادنا تشويه العربية بالفرنسية شيئا غير تشويه أنفسنا واسياقها وراء مخططات المستعمر التي لم يفلح في تنفيذها عندما كانت جيوشه غازية لبلادنابالحديد والنار.
#3ابو إسماعيل2014-02-26 17:00
ما أجمل التعبير العربي الفصيح وما أحلى الأسلوب العربي وخاصة في القرآن الكريم الذي تعد اللغة العربية معجزته الخالدة! لنتذوق حلاوة النظم القرآني في هذه الآيات: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 25 – 29]
مصيبتنا اليوم أننا ما عدنا نتذوق حلاوة اللغة العربية فهان علينا التخلى عنهاوخلطها بتعابير أخرى تفقدنا لذة التحدث بها فصيحة أو دارجة خالصة من ألفاظ الفرنسية.
#4يوسف فاوزي – ورزازات2014-04-19 11:49
السلام عليكم، بارك الله فيكم أستاذي الكريم على إجاباتكم القيمة التي هي إنارات خبير، ولا شك أن الحديث عن لغتنا العربية حديث له قيمته، خصوصا في هذه الفترة التي تعرف فيها الساحة الفكرية المغربية محرقة لغوية، وهجمة شرسة من أبناء جلدتنا قبل أعدائنا، والسؤال الذي يجب طرحه الآن: ما هي الأسباب الكفيلة لحماية لغتنا ورد الاعتبار لها؟ هذا هو السؤال الذي يجب طرحه والبحث له عن إجابات عملية للخروج بلغتنا العربية إلى بر الأمان، وأنا أقترح ما يلي:
1) العودة إلى الطريقة الأم في تعليم اللغة العربية عند المغاربة، وهي تدريس المتون كالآجرومية وقطر الندى والألفية.
2) لا يجب تدريس اي لغة أخرى غير العربية في المرحلة الإبتدائية، حتى يستوعب التلميذ لغته أولا.
3)الرفع من مستوى الاهتمام بالقرآن الكريم الذي هو بلسان عربي مبين، وتشجيع النشء على الاقبال عليه.
4)دعوة الإعلام المغربي إلى الالتزام بما هو مقرر في دستورنا الذي يعتبر اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد، وعليه يجب الحرص على تقديم الوصلات الإشهارية بالعربية.
5)تدريس اللغة العربية في كلية الطب، حتى يتمكن الأطباء من كتابة شهادات طبية بالعربية، وقد رأيت طبيبة عجزت عن قراءة وثيقة بالعربية!!!!، وهي معذورة في ذلك لأنها لم تحظ بتعلم العربية في مدرجات كلية الطب.
هذه بعض الاقتراحات، ولا شك أن أهل الاختصاص أدرى بغيرها أو أفضل منها، وبالله التوفيق.
#5أبو عبد الرحمان2014-04-19 13:06
أصبح موقع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية موقعا غنيا بمواضعه المتنوعة في ميادين الحياة الاجتماعية والتربوية بإثارته قضايا تمس واقعنا الإسلامي العربي عامة والمغربي خاصة ومن بينها ادعاء هؤلاء المغرضين قصور اللغة العربية، وقد تصدى الكثير من الفضلاء لهذه الترهات ومن بينهم الأستاذ الجليل فؤاد بوعلي جزاه الله خيرا من خلال هذا الحوار مع موقع الجمعية.
فأرى والله أعلم أن هؤلاء المفترين لا يعلمون من اللغة العربية إلا القشور، ويتناقضون في أقوالهم، فإسلاميتهم تعترف في كنهها بخصائص هذه اللغة المستمدة من خصائص الإسلام وخصائص القرآن المتعددة والمتمثلة في الربانية والشمولية وغيرها، وقد حاول غيرهم من العرب الأولين المتشبعين بالعربية تكذيب الرسالة ومحاربتها لكنهم وقفوا عاجزين أمام هذا السبك الفريد من نوعه في لغتهم التي ألفوها وتحداهم الله في القرآن للإتيان بمثله فعجزوا واعترفوا رغم عدائهم الشديد للإسلام أن هذا الكلام يفوق الشعر والنثر والسجع إنما هو كلام رب العلمين، معجز في ألفاظه ومعانيه، يساير الزمان والمكان، ولم يكن هذا الكلام إلا بلغتنا العربية، لغة الوحي ولغة أهل الجنة واللغة التي أقنع بها الرسول الأمي سائر المعاندين وبلغ بها دعوته. وما زال التحدي قائما إلى يوم القيامة، فهل يستطيع هؤلاء المدعين أن يأتوا بمثله، أم أن نزوحهم إلى التدريج والتلهيج ولغة العم سام اعتراف بفشلهم، فلينقادواللرشد والحق كما انقاد من سبقهم وليعودوا إلى لغة دينهم وقرآنهم.