حوار مع رئيس المجلس العلمي لتارودانت: زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث

0

أوضح الدكتور اليزيد الراضي، رئيس المجلس العلمي لتارودانت، ورئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة، أن شهر رمضان فرصة إذا استغلت تترك آثارا إيجابية في المجتمع، وأن هذا الشهر بمثابة مدرسة وموسم للخير وتدارك ما كان هناك من نقص.

وأضاف الراضي في حوار خص به pjd.ma ، أن هذا الشهر نسب الله تعالى جزاءه لنفسه جل وعلا، وقال فيه الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ” قد جاءكم شهر مبارك تضاعف فيه الأعمال “…وختمه الله تعالى بزكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.

وفي ما يلي نص الحوار :

ماهي مجمل التغييرات التي يتركها هذا الشهر الفضيل في المجتمع ؟

بسم الله الرحمن الرحيم، التغييرات تتعلق بحسن استغلال رمضان وسوء استغلال رمضان إذا كان حسن الاستغلال من حيث الأجواء واستغلت فيه الروحانيات وتعرض فيه الناس لنفحات هذا الشهر أفرادا وجماعات هذا يترك أثرا جيدا بحيث يشحن فيه الناس بالإيمان وبالمحبة والتقوى وبالاستقامة وبالأخلاق الفاضلة …إذن إذا استغل رمضان وصامه الانسان بكل جوارحه ليس فقط بالمعدة وحدها، صام بالعين صام بالأذن صام باللسان صام بالفكر صام بالبطن …وارتفع إلى المستوى الذي أراده فيه الاسلام ، ” وإن سابه أحد أو شتمه فليقل إني صائم ” ” ما صام من ظل يأكل لحوم الناس ” ” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” إذن إذا صيم رمضان بهذا المعنى فهو يترك أثرا طيبا وبعيدا قد يطول هذا الأثر إلى السنة المقبلة، كالسيارة عندما تملؤها بالوقود لن ينقضي الوقود إلا بعد أن تبلغ المحطة الموالية، أما إذا استغل رمضان بشكل سلبي ومر كبقية الشهور من الناس من يقتله بالنوم وبالكلام الفارغ وبالأكل متغاضين عن الجانب الروحي هنا يمر رمضان كبقية الشهور بل بالعكس يترك أثرا سلبيا، إذن المسألة هنا كما قال الفقهاء في رمضان، “واعلم أنك لن تنال ثوابه حتى تصوه وتصونه ” إذن المسألة تتعلق بطريقة صيام رمضان واستغلال أجوائه.

إلى أي حد يمكن القول إن شهر رمضان مدرسة أراد فيها رب العزة جل وعلا أن تكون فرصة للفوز بالجنة ؟

هذا صحيح، هذا موسم خير أكرم به الله سبحانه وتعالى الأمة المحمدية، هذا شهر استنفر فيه الناس لطاعة الله عز وجل ولتدارك ما كان هنالك من نقص، لما يدخل رمضان يقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ” قد جاءكم شهر مبارك تضاعف فيه الأعمال” وهذا الشهر نسبه الله تعالى لنفسه ” كل عمل بني آدم فهو له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به ” ، ثم تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، إذن هذه المسائل كلها هي التي تجعل من رمضان مدرسة متميزة، إذن الانسان إذا ولج هذه المدرسة يجب أن يخرج منها بنجاح، أما إذا دخل إليها وتكاسل فسيفشل ويضحى راسبا.

عقب الصوم تأتي زكاة الفطر …ما الحكمة الإلاهية من ذلك ؟

زكاة الفطر هذه عبادة أخرى تعقب عبادة الصوم لأن الاسلام هو هذا ينقل المسلم من عبادة إلى أخرى ليشعر الانسان أن العبادة مسترسلة مع أيام الانسان ” واعبد ربك حتى يأتيك اليقين “، وانتهاء رمضان ليس هو انتهاء العبادات، ومن تم أتى الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر، وحكمها فرض على كل مسلم لأن هنا لا تقبل من كافر، بشرط للقادر عليها، والقادر عليها عند الفقهاء هو من فضلت عن قوته وقوت عياله يوم العيد…،أما إن كان الانسان لا يتوفر إلا على القدر الذي سيعيد به هو وأبناؤه فلا تجب عليه.

الوقت المفضل لزكاة الفطر حدده الرسول صلى الله عليه وسلم من طلوع فجر يوم العيد إلى أن يخرج الناس من المصلى بعد أداء صلاة العيد، إذا أخرجت في هذا الوقت فهي زكاة مقبولة أما إذا لم تخرج إلى أن صلى الناس فهي صدقة من الصدقات، بمعنى أنها لا ترتفع إلى درجة زكاة الفطر، وأورد الفقهاء كما ورد عند الصحابة الكرام أنه ممكن أن يسبقها الانسان بيوم أو يومين قبل العيد، وذلك ليتوصل بها المستفيد قبل العيد ليشتري ما سيحتاجه يوم العيد، أما مقدار هذه الزكاة فهو صاع أي أربعة أمداد والمد هو ملئ اليدين المتوسطتين للرجل المتوسط يملأ مده بالشعير أو القمح أو التمر حسب قوت أهل البلد، والأصل في هذا تعطى من المواد التي يعيش منها الناس، الامام مالك والامام أحمد والشافعي لم يقبلوا القيمة فيما أباح أبوحنيفة القيمة وأجازها لكن العلماء اليوم ينظرون إلى مصلحة المسكين المستفيد وظروفه ويقولون بجواز القيمة بل بأن هذا أحسن، ولهذا من أراد أن يدعها على الأصل يخرج الزكاة حبوبا ومن فضل القيمة لا حرج…

والحكمة من فرضية هذه الزكاة ورد في الحديث هي طهرة للصائم من اللغو والرفث واللغو هو الكلام غير المقصود ولم تعقد عليه النية والرفث هو الفحش من الكلام…والله تعالى بهذه الزكاة يطهره من هذا الأثر السلبي الذي قد يصدر عنه وهو صائم، وهي من جهة أخرى طعمة للمساكين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أُغنوهم عن السّؤال في هذا اليوم”.

ينشط طلبة المدارس العتيقة في رمضان ويكون عليهم الاقبال لإتحاف المصلين بقراءات كتاب الله تعالى …كيف تنظرون أستاذي إلى ذلك ؟

رمضان كما قلنا يستنفر فيه المسلمون للإقبال على الله والإكثار من أعمال الطاعات …ولذلك المجتمع كله تظهر فيه نعمة رمضان ويظهر فيه سر رمضان والمدارس العتيقة جزء من المجتمع، هذه المدارس كما نعرفها يقرؤون القرآن والمتون العلمية وأثناء رمضان أغلب هذه المدارس تخصص هذا الشهر لسرد صحيح البخاري وهذا ما يقومون به في المدارس العتيقة سنويا ، هناك من يبدأ في الخامس عشر من شعبان ويتمه في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وهناك من يبدأه في رجب …إذن هناك ذوق خاص برمضان يشعر فيه طالب المدرسة العتيقة ويشعر به جميع المسلمين وما يشرح ذلك امتلاء المساجد بالمصلين في رمضان وإقبال الناس على دروس الوعظ والإرشاد ورغبة المصلين للتراويح حيث يحضرون لقراءة القرآن الكريم وتجويده …هذا كله من بركات رمضان، وبالطبع طلبة التعليم العتيق متفوقون في حفظ كتاب الله تعالى، وهناك مدارس يدرسون فيها التجويد وهناك من تكتفي بحفظ القرآن الكريم، والتجويد ليس صعبا فالحفظ هو الأصعب أما التجويد فقد يكتسبه الطالب بطموحه ورغبته في وقت وجيز ومن تم فقد أدرك الطلبة بأهمية هذا التجويد فانكبوا على إضافة حصص لذلك فجمعوا بين الحسنيين ، ومن تم يكون عليهم الاقبال – كما تفضلتم – ففي رمضان يتوزعون على المساجد في المدن والبوادي ليتحفوا المصلين بقراءاتهم ويحسنهم الناس من حين لآخر ليتموا دراستهم فيكون الأخذ والعطاء من الطرفين.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.