اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من إتمام الصيام والقيام فإن ذلك من أكبر النعم واسألوه أن يتقبل ذلك منكم ويتجاوز عما حصل من التفريط والإهمال فإنه تعالى أكرم الأكرمين وأجود الأجودين. ( الله أكبر 3 مرات)
عباد الله: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع أفراد المسلمين كباراً وصغاراَ رجالاً ونساء بالخروج لصلاة العيد قصد حضور الجماعة ومشاهدة الخير، والفوز بدعاء المؤمنين، فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يُخْرِجُ الأَبْكَارَ وَالْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ، فَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى، وَيَشْهَدْنَ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. وفي رواية للبخاري: فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وفي رواية مسلم ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، فصلاة العيد من أعاظم شعائر الإسلام الظاهرة ، لم يكن يتخلف عنها أحد من أصحاب رسول الله رضي الله عنهم ولا تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة كما نقل ابن القيم في “الهدي” عليه رحمة الله.
الله عز وجل كرم الإنسان وجعله خليفة في الأرض وأخبر بذلك الملائكة فقال:{وإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة 30] وقال مخاطباً نبي الله داود عليه السلام{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }[ص 26] وخاطب بني آدم جميعاً فقال{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }[الأنعام 165]{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }[يونس 14]{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا}[فاطر 39]{ فكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ }[يونس 73] الخلافة تعني: الأهلية الكاملة، تعني الاستقلالية، تعني الأفضلية، تعني المسؤولية، تعني أن تبدأ الطريق من حيث توقف الآخرون، تعني التحول والتكوين والتطور، تعني الحذر والحيطة والفطنة، تعني ما ذا سيقول الأجيال بعدي عني، الخلافة تعني أن استقرارك على الأرض يقوم محل الآخرين وسيقوم الآخرون مكانك، هذا التكريم الإنساني يشمل جميع بني آدم رجالا ونساء دون تفريق، وإن من مقتضيات التكريم حماية الإنسان من كل ما يمس حياته او كرامته أو يهدر طاقته العقلية أو يضعف صحته، أو يستغل ضعفه لهضم حقوقه أو الاعتداء عليه.
إن دين الله الإسلام أولى البعد الاجتماعي اهتماما خاصا، ودعا إلى الرحمة والتعاون والتكافل والأخوة، وإن هذه القيم الأخلاقية العامة مما يتأكد في حق الوالدين والأقارب والجيران، وفي حق الفقراء والمحتاجين والمرضى والمسّنين، من جميع بني البشر على اختلاف معتقداتهم وأصولهم.
إن الإسلام ينادي بالمساواة الإنسانية بين الرجل والمرأة في إطار من الإحترام المتبادل، ويرى أن الحياة الإنسانية المتوازنة، هي التي تقوم على أساس التكامل والإنسجام بين الرجل والمرأة، وينبذ كل فكر أو تصرف ينتقص من المرأة أو يهضم حقوقها المشروعة، مهما كان لذلك من شواهد في بعض عادات المسلمين وتقاليدهم الخاطئة، والاسلام اذ يعترف للمرأة بدورها الضروري في المجتمع، يناهض استغلالها أو التعامل معها من منطلق أنها متاع للذة.
يعتبر الإسلام أن الأسرة المتماسكة القائمة على آصرة الزواج بين الرجل والمرأة، هي المحضن الطبيعي والضروري لتنشئة الأجيال، وهي الأساس في سعادة الفرد واستقرار المجتمع، ومن هنا فإن الإسلام يؤكد على اتخاذ جميع التدابير والوسائل لتدعيم كيانها وحماية بنائها من كل الأسباب المؤدية إلى ضعفها أو تهميش دورها.
إن الإسلام يحترم حقوق الإنسان وينادي بالمساواة بين جميع البشر، ويناهض كل أشكال الميز العنصري، ويُعَلِّي من شأن الحرية، كما يرفض الإكراه في الدين، ويعطي للإنسان حق الاختيار في اعتقاد ما يريد، وهو إلى جانب ذلك ينظر إلى الحرية نظرة متوازنة، فكل حرية ينبغي أن تحكمها قيم أخلاقية، حتى لا تتحول إلى اعتداء على الذات أو على الغير.
إن الإسلام يدعو إلى التعارف بين الناس، وإلى الحوار والتواصل والتعاون بين الأمم والشعوب، من أجل تحقيق التعايش وضمان السلام العالمي. فالمنهج الإسلامي يرفض العنف والإرهاب، ويناصر القضايا العادلة ، ويقر حق الناس جميعا في الدفاع عن حقوقهم بالأساليب المشروعة، بعيدا عن الإنحياز والظلم.
إن الإسلام يدعو المسلم إلى الأمانة وإلى الوفاء بالعهود ويحرم عليه الخيانة والغدر، ويأمره بالإحسان في التعامل مع الناس، بل مع سائر الكائنات في هذا الكون.
إن الإسلام يدعو الإنسان لاستثمار الكون الذي سخر لمصلحته، استثمارا يراعي فيه المحافظة على البيئة وضرورة حمايتها من أسباب التلوث والإندثار، ومن كل ما يؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي، كما يدعو إلى العناية بالمكونات الطبيعية، ويحث على الرفق بالحيوان، وينهى عن التبذير والإسراف.
إن المسلمين في أوروبا، على اختلاف أصولهم العرقية والثقافية وعلى تنوع انتماءاتهم المذهبية والفقهية، يشكلون في إطار ثوابت الإسلام، فئة دينية واحدة تجمعها الأخوة الإسلامية، كما يربط بينهم في كل بلد أوروبي، انتماؤهم إلى كيان وطني واحد، وكل تفرقة بينهم على أساس عرقي تعتبر منافية لقيم الإسلام الداعي إلى الوحدة الجامعة.
هذا وأستغفر الله لي ولكم ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، و صل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وعلى كافة الأنبياء والمرسلين في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت، رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك آمنا بالله وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ قلنا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ، رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ .
اللهم لا تخرجنا من طاعتك، ولا تدخلنا في معصيتك، ولا في عذابك ونقمتك، واجعلنا من أهل رحمتك وكرامتك فأنت أجود الأجود ين وأنت أكرم الأكرمين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً واجعلنا فيه من الآمنين، واجعل اللهم كل مواطن مسلم في هذه البلاد رسول خير وأمن، وحقق اللهم لكافة المواطنين الحرية والمساواة والأخوة، في ظل مبادئ العدل والاحترام.
وصلي اللهم على كل رسول أرسلته بالحق بشيراً ونذيراً