وفي الخمسينات انتقل العلامة العبادي الى المدرسة العتيقة “إمي الفتايح” ايت اعزا، بجماعة ايت عميرة، ودرس في مجموعة من المدارس العتيقة من بينها مدرسة سيدي محند الشيشاوي ومدرسة ألما باورير حيث تأثر العبادي بطريقة الفقيه محمد الصغير في تشخيص الدروس والاستغناء عن الكتب عند إلقائها من اجل تعلم الحفظ في دماغ الطالب واستحضارها عند الحاجة، كما صادف العبادي اثناء تواجده بالمدرسة نشاط سياسي مكثف للمطالبة بالاستقلال حيث كان الطلبة يقومون بشرح مناشير الحركة الوطنية لسكان الدواوير المجاورة للمدرسة.
ولد العلامة الراحل الحسن العبادي سنة 1934 في شهر صفر بدوار “اخريب علال” بجماعة ايت عميرة باقليم اشتوكة ايت باها، وبدأ العلامة مشواره التعليمي في مسجد الدوار، حيث تلمّذ على يد الققيه الحاج احمد نايت سي علال، قبل ان ينتقل سنة 1948 الى مسجد دوار كحايز بجماعة انشادن حيث ختم القرآن على يد الفقيه الحسن اوليازيد.
وحصل العلامة الراحل على دبلوم الدراسات العليا بدار الحديث الحسنية في بداية السبعينيات من القرن الماضي، حيث أنجز رسالة جامعية حول موضوع “الملك المصلح سيدي محمد بن عبد الله.
وفي يوليوز 1994 حصل على شهادة دكتوراه الدولة من نفس المؤسسة، ناقش من خلالها أطروحته التي تحمل عنوان: ” فقه النوازل في سوس، قضايا وأعلام من القرن التاسع إلى نهاية القرن 14 الهجري”، وهي الأطروحة التي أشرف عليها الفقيه العلامة محمد فاروق النبهان.
وشغل الحسن العبادي قيد حياته مجموعة من الوظائف حيث عمل مدرسا بمعهد محمد الخامس للتعليم الأصيل عند افتتاحه نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي، كما اشتغل منذ سنة 1978 أستاذا محاضرا، ثم أستاذا للتعليم العالي بكلية الشريعة بأكادير، التي تولى فيما بعد ذلك منصب نائب لعميدها إلى أن أحيل على التقاعد الإداري.
وشغل الراحل كذلك مهام رئيس المجلس العلمي لأكادير وتارودانت ابتداء من سنة 2001. وفي سنة 2003 أصبح عضوا بالمجلس العلمي الأعلى، الذي أسندت له فيه عضوية لجنة الفتوى، كما كان عضوا باللجنة الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية التي أصبحت بعد ذلك تسمى “مدونة الأسرة”.
وكان للعلامة الراحل إسهام كبير في إغناء الاجتهادات الخاصة بفقه النوازل، كما كان له الفضل في تأطير وتوجيه عدد كبير من الطلبة الباحثين، الذين أصبحوا فيما بعد من أبرز الأساتذة الباحثين في مختلف الجامعات المغربية.
ووري جثمانه الثرى يوم أمس الخميس 4 مارس 2016،عن سن يناهز الثمانين، بمقبرة تيليلا باكادير.
حسن البربوشي /تربويات شتوكة